يعرف الفقه السياسي حالة "دي فاكتو" نقلا عن مصطلح فرنسي للتعامل مع الواقع كما هو، سواء مع قوات احتلال أجنبي او اتفاقات سياسية بين أحزاب تقود جبهة معارضة تضم جماعات مسلحة لتغيير النظام السياسي وما يحصل بعد التغيير يوصف بحالة المشروعية الثورية الدستورية، او الليبرالية الدستورية التوافقية...

يعرف الفقه السياسي حالة "دي فاكتو" نقلا عن مصطلح فرنسي للتعامل مع الواقع كما هو، سواء مع قوات احتلال أجنبي او اتفاقات سياسية بين أحزاب تقود جبهة معارضة تضم جماعات مسلحة لتغيير النظام السياسي وما يحصل بعد التغيير يوصف بحالة المشروعية الثورية الدستورية، او الليبرالية الدستورية التوافقية نتيجة احتلال أجنبي التي تحولت الى نظام مفاسد المحاصصة عراقيا.

اليوم بعد اصدار المحكمة الاتحادية قرارتها باستبعاد مرشح الحزب بالديمقراطي السيد هوشيار زيباري ومن ثم اعتبار قانون النفط والغاز الصادر عن برلمان إقليم كردستان غير شرعيا، وربما نصل الى قرارات أخرى تتعامل مع ملفات الفساد في تعريف المنطلقات القانونية للتعامل مع هذه الملفات على وفق قواعد احكام اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، او اليات التعامل مع عوائل استبداد مفاسد المحاصصة وفق اتفاقات لندن برعاية المبعوث الأمريكي زلماي خليل زادة، او غيرها من الاتفاقات التي رعتها الإدارة الامريكية لتأسيس نظام مفاسد المحاصصة، الامر الذي ربما يفسر سرعة لقاء السفير الأمريكي الحالي في بغداد ماثيو تولر مع السيد مسعود برزاني وحثه الأطراف المتعددة في حكومة الإقليم الكردي والحكومة الاتحادية على حل المشاكل مقابل تصريح احد المسؤولين الاكراد عن ملف العلاقات مع الحكومة الاتحادية بان واقع التعامل مع نفط الإقليم حالة "دي فاكتو" من الصعب تغييرها!

السؤال المطروح: هل عدنا الى نقطة الصفر في التعامل مع حالة "دي فاكتو" تتجاوز الدستور وتلغي مبدأ حكم القضاء في الالتزام بما سبق للفرقاء من امراء عوائل مفاسد المحاصصة الاتفاق عليه ؟؟ الجواب الواضح والصريح، نعم عاش العراق سياسيا حالة الانسداد السياسي بسبب تراكم نماذج متعددة من كسر جرة الدستور مرات متعددة، وتحول بناء دولة مؤسسات الى بناء دول عميقة لعوائل أحزاب مفاسد المحاصصة.

المضحك المبكي ان حالة "الدي فاكتو" العراقية تتكرر كل دورة انتخابية الى نقطة الصفر لتكون الكتلة الكردية (بيضة القبان) تجعل مختلف الزعامات التي كانت الى وقت قريب من إعادة تشكيل الحكومة من اشد المنتقدين لسياسات الإقليم الكردي او اعتبار قادة السنة "دواعش" ليتراجعوا فيصبح صالح المطلك الذي شمل باجتثاث البعث انتخابيا نائبا لرئيس الوزراء في ذات الدورة البرلمانية، ويصبح المتباهي بتبجح وهو يصوت في الاستفتاء على انفصال الإقليم شخصية وطنية تصلح لرئاسة الجمهورية الاتحادية ومحافظا على الدستور.

فقط، مجرد فقط... لأن الفرقاء اتفقوا في نص دستوري اوضحه قرار جديد للمحكمة الاتحادية على ان يكون انتخاب رئيس الجمهورية بأغلبية الثلثين، وهذا يتطلب موافقة اغلبية الفائزين على اسم المرشح لرئاسة الوزراء، وكان مام جلال رحمه الله الأكثر وضوحا حينما طالب ان تكون سلة واحدة تتفق فيها الكتل البرلمانية الفائزة لتسمية الرئاسات الثلاث.

لكن كسرت اول جرة في الدستور بقرار المحكمة الاتحادية التي اعادت تعريف الكتلة البرلمانية الأكبر عددا بعد فوز كتلة الدكتور اياد علاوي في انتخابات 2010، وعدم الاكتراث لتطبيقات قانون النفط والغاز بين ما سبق وان تم من اتفاقات بين حكومة إقليم كردستان وبعض الشركات النفطية الدولية بنظام الشراكة وليس الخدمة كما حصل في العقود الاستخراجية، فانتهت وقائع الـ"دي فاكتو" ان كل حزب بما لديهم فرحون، وباتت إدارة الإقليم دولة داخل الدولة وصولا الى الاستفتاء عام 2017، بما يؤكد عنوان هذه المقالة بأن حالة تحويل وقائع حصلت بعنوان "دي فاكتو" الى اعراف دستورية وبرلمانية، فليس ثمة فقرة دستورية تؤكد على ان يكون الرئيس كرديا ورئيس البرلمان سنيا ورئيس الوزراء شيعيا غير تلك الاتفاقات بين امراء عوائل مفاسد المحاصصة!

حديث الحلول طويل لكن تكفي كلمتين كما يقول مثال كردي مأثور، أطماع السلطة لعوائل مفاسد المحاصصة تختلف وتتفق حسب لحظة ركوب ظهر الشعب من اجل السلطة بعناوين مقدسة او مدنسة ما يجعل من اللزوم على مراكز التفكير العراقية إعادة قراءة كتاب الدكتو رعلي شريعتي "الانتباه والاستحمار" قبل جلوس هؤلاء الفرقاء على طاولة اية مفاوضات للخروج من حالة الدي فاكتو التي راكمت أخطاء كبيرة وإعادة التفاوض من نقطة الصفر... هل التفاوض من اجل بقاء عراق واحد وطن الجميع ام لا ؟؟؟ ... ويبقى من القول لله في خلقه شؤون!

.............................................................................................
* الآراء الواردة في المقال قد لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق