q
تتمحور حاجتنا الى الاصلاح في مفهوم الاصلاح الحضاري، وهذا مصطلح اشمل من مصطلح الاصلاح السياسي، او الاصلاح الاقتصادي، او مكافحة الفساد، كل مصطلح لحاله وبمفرده، لان الاصلاح الحضاري يشمل كل هذه المفردات، وزيادة، بطريقة مترابطة متشابكة، من خلال نظرته الى المجتمع ككل مركب من عدة عناصر مترابطة...

تتمحور حاجتنا الى الاصلاح في مفهوم الاصلاح الحضاري، وهذا مصطلح اشمل من مصطلح الاصلاح السياسي، او الاصلاح الاقتصادي، او مكافحة الفساد، كل مصطلح لحاله وبمفرده، لان الاصلاح الحضاري يشمل كل هذه المفردات، وزيادة، بطريقة مترابطة متشابكة، من خلال نظرته الى المجتمع ككل مركب من عدة عناصر مترابطة فيما بينها بشكل لا يمكن اصلاح عنصر دون اصلاح العناصر الاخرى. وهذا ما يمكن ان نفهمه ايضا من حديث للنبي محمد (ص) يقول فيه: "مَثَلُ القَائِمِ في حُدودِ اللَّه، والْوَاقِعِ فِيهَا كَمَثَلِ قَومٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سفينةٍ، فصارَ بعضُهم أعلاهَا، وبعضُهم أسفلَها، وكانَ الذينَ في أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِنَ الماءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ، فَقَالُوا: لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا في نَصيبِنا خَرْقًا وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا. فَإِنْ تَرَكُوهُمْ وَمَا أَرادُوا هَلكُوا جَمِيعًا، وإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِم نَجَوْا ونَجَوْا جَمِيعًا". رواهُ البخاري.

اكثر الدعوات للاصلاح التي شهدتها البلاد، بما في ذلك شعارات تظاهرات تشرين الاحتجاجية والورقة البيضاء للحكومة الحالية، لم تصل الى مستوى الاصلاح الحضاري المطلوب.

لهذا سوف اقدم في هذا المقال ما يمكن اعتباره الخطوط العريضة لرؤية الاصلاح الحضاري للمجتمع العراقي، عسى ان يتم الاخذ بها من قبل الحريصين على اصلاح احوال العباد والبلاد:

الخط الاول: الهدف الاعلى للاصلاح الحضاري هو #اقامة الدولةالحضاريةالحديثة في العراق. وهذه الدولة هي افضل اطار عمل للمركب الحضاري ومنظومة القيم العليا الحافة بعناصره. يتألف #المركب_الحضاري من خمسة عناصر هي: الانسان، الارض، الزمن، العلم، العمل.

الخط الثاني: الغاية من الدولة الحضارية الحديثة تحسين طبيعة ومستوى الحياة بما يحقق السعادة للانسان ويصون كرامته ويحفظ حقوقه.

الخط الثالث: الاصلاح الحضاري مشروط بمعالجة #التخلف_الحضاري. والتخلف الحضاري هو خلل حاد في المركب الحضاري ومنظومة القيم الحافة بعناصره. ويأخذ التخلف الحضاري اشكالا مختلفة مثل: التخلف السياسي، التخلف الاقتصادي، التخلف الاجتماعي، التخلف الاداري، التخلف التربوي، التخلف في فهم الدين وممارسته..الخ. اما الفساد والبطالة وتردي الخدمات الخ فهي افرازات خارجية للخلل الحاد في المركب الحضاري.

الخط الرابع: للاصلاح الحضاري ثلاثة مديات هي: المدى العاجل (خلال سنة)، المدى المتوسط (خلال ٤ سنوات)، المدى البعيد (خلال ١٢ سنة). ولكل من هذه المديات تفاصيل ومفردات يتم ذكرها في ستراتيجيات الاصلاح التي تضعها #الاقلية_المبدعة، ويفترض ان تنفذها الحكومة الاصلاحية التي تُشكّل بناء على هذه الرؤية. تسير هذه المديات الثلاثة من نقطة انطلاق واحدة وبثلاثة خطوط او محاور متوازية، ومترابطة.

الخط الخامس: الاصلاح الحضاري في مداه البعيد يبدأ من المدرسة. في ظروف مغايرة كنا سنقول من البيت. لكن البيت العراقي هو جزء من مشكلة التخلف الحضاري، فيصعب اتخاذه حاضنة لانطلاق الاصلاح الحضاري. وللاسف، فان المدرسة هي "المُهمَل الاكبر" في الدعوات الاصلاحية. رغم ان المدرسة هي المكان الذي ينشأ فيه المواطن الصالح الفعال. الاصلاح الحضاري على المدى البعيد يتم عن طريق اعتماد النظام التربوي الحديث في جانبيه المادي hardware وغير المادي software. ففي الجانب المادي يأتي تحديث الابنية المدرسية، والاجهزة المختبرية، والتأثيث الحديث وكل الادوات التي نحتاجها في العملية التربوية. وفي الجانب غير المادي ياتي المنهج التعليمي والتربوي، والمقررات المدرسية، التي تربي الجيل الجديد على فكرة الدولة الحضارية الحديثة، بما تشمله من المواطنة والديمقراطية والمؤسسات والقانون والعلم الحديث. ومن شأن هذا النظام التربوي الحديث ان يخرّج اجيالا من المواطنين الفعالين خلال دورات دراسية تستمر كل واحدة منها ١٢ عاما هي السنوات التي يمضيها الطفل في المدرسة العراقية. وتشرف على هذا النظام التربوي لجنة دائمة، مستقلة، طوعية، غير خاضعة للمحاصصة والحسابات السياسية.

..........................................................................................................
* الآراء الواردة في المقال قد لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق