تعد الانتخابات عامة والانتخابات النيابية خاصة واحدة من اهم معالم الدولة الحضارية الحديثة ببعدها الديمقراطي، فالانتخابات تجسيد لمبدأ المشاركة السياسية التي هي من الحقوق، وربما الواجبات الاساسية للمواطن في مجتمع ديمقراطي، وقد نصت المادة (20) على هذا الحق بقولها: للمواطنين رجالاً ونساءً، حق المشاركة في الشؤون العامة...

تعد الانتخابات عامة والانتخابات النيابية خاصة واحدة من اهم معالم الدولة الحضارية الحديثة ببعدها الديمقراطي. فالانتخابات تجسيد لمبدأ المشاركة السياسية التي هي من الحقوق، وربما الواجبات الاساسية للمواطن في مجتمع ديمقراطي. وقد نصت المادة (20) على هذا الحق بقولها: "للمواطنين رجالاً ونساءً، حق المشاركة في الشؤون العامة، والتمتع بالحقوق السياسية، بما فيها حق التصويت والانتخاب والترشيح".

ولكن الانتخابات بحد ذاتها لا تشكل ضمانا للديمقراطية ما لم تتوفر شروط اجرائها بشكل سليم من الناحية الديمقراطية. ومن هذه الشروط، قانون الانتخابات والنظام الانتخابي. ولما كان المجتمع العراقي جديدا على الديمقراطية فقد وافق على تجربة نظام انتخابي ثبت بالدليل العملي القاطع انه لا يساعد على تحقيق الديمقراطية، ذلك هو نظام القائمة وملحقاته مثل سانت ليغو. وقد ادى ذلك الى نشوء اقطاعيات سياسية (على اساس عرقي او طائفي)، ومنع من ظهور حزب او عدد قليل جدا جدا من الاحزاب الوطنية الكبيرة (اي الاحزاب العابرة للخطوط الطائفية والعرقية)، اضافة الى ظهور عدد كبير وغير منطقي ولا عملي من الاحزاب الصغيرة والصغيرة جدا والمجهرية والموسمية والشخصية.

وهذه كلها تشكل اعاقات كبيرة لنمو الديمقراطية وترسيخها في البلاد. وحين ناديت في سنة ٢٠٠٩-٢٠١٠ بضرورة استبدال نظام القائمة بالانتخاب الفردي والدوائر المتعددة، كانت الاصوات الداعية او المؤيدة لهذه الدعوة قليلة، فلم يسمعها احد، حتى اندلعت التظاهرات الاحتجاجية وكررتُ الدعوة الى الانتخاب الفردي قبل ذلك، ثم اصبح ذلك مطلبا شعبيا واسع النطاق. ولكن ما تزال هناك جهات معارضة للانتخاب الفردي والدوائر المتعددة منها بعض الاحزاب المشاركة في السلطة، واخرى خائفة على موقعها في المسرح السياسي، فضلا عن جهات تصف نفسها بانها "مدنية"، او "علمانية".

فيما يماطل مجلس النواب بتمرير مشروع قانون الانتخاب الجديد الذي اقر مبدأ الانتخاب الفردي، بعد زرع عدة الغام تكفي لنسفه من الداخل. ومازالت الموقف المقاوم لهذه التوجهات التحريفية عن الديمقراطية ضعيفا لان الديمقراطية لم تصبح بعد مطلبا جماهيريا حقيقيا، ومازالت المطالب الخدمية، من ضمنها المطالبات المستمرة بالتعيين في دوائر الدولة، اعلى صوتا من المطالبة بتعزيز الديمقراطية.

وتسعى المرجعية الدينية الى دفع الحراك الاجتماعي بالاتجاه الديمقراطي السليم حين اكدت على ان "الانتخابات النيابية المقرر اجراؤها في العام القادم تحظى بأهمية بالغة"، مؤكدة على وجوب توفير "الشروط الضرورية التي تضفي على نتائجها درجة عالية من المصداقية"، وهذا يتم من خلال "قانون عادل ومنصف بعيداً عن المصالح الخاصة لبعض الكتل والأطراف السياسية"، مع مراعاة "النزاهة والشفافية في مختلف مراحل اجرائها".

وفي هذا السياق اكدت المرجعية العليا على ان "الانتخابات المبكرة ليست هدفاً بحد ذاتها، وإنما هي المسار السلمي الصحيح للخروج من المأزق الراهن الذي يعاني منه البلد"، عن طريق اتاحة "الفرصة للمواطنين بأن يجددوا النظر في خياراتهم السياسية وينتخبوا بكل حرية وبعيداً عن أي ضغط من هنا أو هناك ممثليهم في مجلس النواب القادم، ليكون مؤهلاً للعمل باتجاه حلّ المشاكل والأزمات."

ولتحقيق ذلك، ذكّرت المفوضية العليا للانتخابات بالخطوات العاجلة التالية:

أولًا: أن يقوم البرلمان بإنجاز قانون الانتخابات بأسرع وقت ممكن ونشره في الجريدة الرسمية.

ثانيا: أن يقوم البرلمان بإكمال تشريع قانون المحكمة الاتحادية التي هي الجهة الوحيدة المخولة قانونيا بالمصادقة على نتائج الانتخابات.

ثالثا: أن تقوم الحكومة بتهيئة الموازنة الانتخابية وتوفير المستلزمات التي طالبت المفوضية بها سابقا من الوزارات المعنية، والتي يساعد وجودها على قيام المفوضية بإجراء الانتخابات في وقتها المحدد.

رابعا: أن يقوم مجلس الوزراء بالمصادقة على تعيين المدراء العامين المنتخبين من قبل مجلس المفوضين.

..........................................................................................................
* الآراء الواردة في المقال قد لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق