آراء وافكار - مقالات الكتاب

من فجّر الدبابة المفخخة غربي سامراء؟؟

أين الخلل ومن المسؤول

ازدادت خلال الأيام الماضية الهجمات الانتحارية التي تقوم بها (داعش) حتى باتت أشبه بظاهرة في العمليات العسكرية الجارية حاليا وفي أكثر من محور.. وآخرها ما حدث غرب سامراء (الثرثار) قبل أيام حيث تعرض تجمع للمقاتلين في منشأة عسكرية للتفجير بدبابة مفخخة تزامن معها تفجير انتحاري آخر بعجلة همر في نفس الموقع وتسببا في سقوط عدد كبير من الضحايا بين شهيد وجريح..

وهذا الأسلوب ليس بجديد فقد استخدمته داعش في سوريا وكان أقوى العروض هو استهداف مطار دير الزور العسكري بدبابة مفخخة تحمل ستة أطنان من المواد شديدة الإنفجار.. ولكن ما يثير الاستغراب في حادث سامراء هو كيف وصلت الدبابة المفخخة إلى مكان الاجتماع؟.. هل جاءت عبر نفق من تحت الأرض وخرجت فجأة؟؟ أم هل حلقت في السماء وهبطت على مكان الإجتماع وفجرته؟؟ أم أنها سارت من مكامن التنظيم وقطعت مسافة الأرض الحرام بين الطرفين لتصل إلى الموقع المستهدف لتفجره بواسطة انتحاري!! وطبعا هذا الإحتمال هو المرجح والواقعي.. وبما أن الدبابة بحجمها الكبير وجنزيرها الثقيل ومحركها الديزل الضخم وما تصدره من أصوات عالية خلال حركتها خاصة إذا كانت مفخخة ومصفحة بدرع إضافي فان عملية رصدها والتصدي لها تكون ضمن إمكانية ومهمة القوات المنتشرة في جبهة القتال ويفترض أن تكون تحت مراقبة الاستخبارات والمراصد الأمامية.. فكيف استطاعت التسلل والإفلات من هذه الإجراءات؟ أين كمائن التصدي للمفخخات؟ أين حماية الإجتماع؟ أين الجهد الاستخباري؟ أين الإنذار المبكر؟ أين الرقابة الجوية؟

هذه أسئلة تحتاج إلى إجابات شافية ممن يديرون ملف العمليات العسكرية المشتركة ضد داعش ولا أعتقد أن أحدا لديه تصور مقنع وخطة محكمة لمواجهة هذا التحدي الانتحاري وإلا لكان ظهر عبر وسائل الإعلام وقدم شرحا لما حدث!!

ومن جهتي أقول إذا كانت داعش تستخدم هذه الوسيلة للتخويف وتحقيق أهداف تعبوية في الميدان فأن قراءتي للموقف تناقض ذلك.. وأعتقد أن اللجوء إلى الانتحاريين يعد تعبيرا عن الإحباط وعقدة الخوف من الهزيمة الذي ينتاب قادة ذلك التنظيم.. ولكن هذه القراءة لا تحجب عنّا الوجه الآخر لهذه العمليات الخطيرة التي تؤشر نشاطا استخباريا ومعلوماتيا معاديا يلفت الانتباه إلى أن العدو ينتخب أهدافه ويختار التوقيت والمكان للهجوم مع سعي واضح للحصول على أقصى تأثير نفسي ممكن.

إلى ماذا يهدف العدو؟؟؟

• النيل من معنويات الجيش والحشد

• استنزاف القطعات المقاتلة وتشتيت جهودها

• تحقيق أهداف تعبوية ونفسية في الميدان وعلى مستوى الإعلام

وهذا الموقف يقودنا إلى التشخيص الآتي:

• هناك ضعف في الجانب الاستخباري لدى قطعاتنا

• الحاجة إلى خطة عسكرية مرنة لمواجهة المفخخات والانتحاريين

• فشل التكتيك الدفاعي أو ما يسمى الدفاع المستكن

• هذا الموقف يثير علامات استفهام كثيرة على الدور الأمريكي في الحرب ضد داعش خاصة أنه يمتلك قدرة المراقبة والرصد الجوي ولديه تحليل استخباري يومي لكل ما يجري في ساحة العمليات..

كيف نواجه هذا التحدي الخطير!!؟؟

• علينا الانتقال فورا إلى المقاومة الدفاعية الفاعلة

• القيام بعمليات تعرضية خاطفة لإدامة زخم المعنويات وإرهاب العدو

• تنشيط الجانب الاستخباري وتفعيل دوره في المعركة

• استخدام تقنية الحرب الالكترونية (التنصت والتشويش) الغائبة عن المشهد العملياتي

• الاهتمام بالجانب المعنوي والتحصين ضد الحرب المضادة

• استكشاف الموقف الأمريكي ومعرفة حدود التعاون والتنسيق ليتسنى للقيادة العسكرية البحث عن البدائل المعززة للقدرة القتالية

• التقدير الواعي للاحتياجات الميدانية

• انتخاب القادة والأمراء وفقا للمعايير المهنية والخبرة والكفاءة

وضع معالجة مضادة للمفخخات والانتحاريين وتشمل:

• الإنذار المبكر عن العمليات الانتحارية بواسطة الكمائن المتحركة

• التصدي للمفخخات بسلاح مضاد وعرقلة وصولها للهدف

• تدمير معامل التفخيخ والتصفيح والورش الساندة

• تكثيف طلعات الطيران لمراقبة ساحة العمليات والتحركات المعادية

• الاستفادة من تجربة معارك تكريت وحمرين وديالى بهذا الصدد

وختاما أقول أن هذه الحرب غير منضبطة وغير متكافئة وإيقاعها سريع وتحمل الكثير من المفاجآت وأهم ما فيها أن داعش لا تستطيع ابتلاع المساحات الشاسعة التي استولت عليها وان أسلوب الإرهاب والتفجير والانتحار لم ينقذها من مأزقها التاريخي وقادتها يعلمون أن اندحارهم حتمية لا مفر منها...

* مستشار ومتحدث سابق باسم القوات المسلحة

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق