معضلة المعضلات أن الجميع يطالب بمنع الفساد ومكافحته فيما لا يبادر أي طرف إلى العمل على برنامج اصلاحي شامل يكون بتشكيل مجلس حكماء من خارج صندوق العملية السياسية ومفاسد محاصصتها يكلف هؤلاء الحكماء بتصحيح اخطاء التأسيس الدستورية ولعل أبرزها النظام السياسي في نقطتين مهمتين...

يكثر الحديث عن الفساد ومتطلبات مكافحته في حكومات أسست ليس على هوية المواطنة بل على نظام مفاسد المحاصصة وحكومتها العميقة وسلاحها المنفلت والاجندات الاقليمية والدولية للاحزاب المهيمنة على السلطة منذ تأسيس مجلس الحكم إلى اليوم!.

من يطالب بمنع الفساد ومكافحته عليه أولا أن يمنع الفساد في سلوكه الشخصي ومن ثم في عائلته ومجتمع منطقته وصولا إلى منع الفساد المجتمعي بالكامل عبر برامج مجتمعية تنهض بها الفعاليات المثقفة والدينية كجهة مؤثرة على الراي العام المحلي يقاطع الفاسد ويرفضه في سلوكيات معروفة حين لايدعى أو يستقبل في حفل عام أو مضيف عشيرة فيما واقع الحال أن ذات المضيف يجري فيه الكثير والكثير جدا من نقد فلان الفلاني الفاسد وحين يصل بموكبه المضيف يستقبل بالاهازيج وكانهم لم ينتقدون فساده قبل دقائق!.

الصور الأخرى للفساد تتمثل في تغميس الإصبع في الحبر البنفسجي منتخبا الفاسدين، من ضيعوا أموال العراق ومن يسرقونه يوميا بعناوين مختلفة، وهناك جمهور واسع من المستفيدين لاسيما ارباب الحكومة العميقة وحاملي السلاح المنفلت، يكفي متابعة الأخبار لمعرفة كم مرة تدخلت الدولة لفض نزاعات عشائرية مسلحة وهؤلاء ذاتهم من يروجون لاحزاب مفاسد المحاصصة مرة بعنوان الاسناد واخرى بعناوين العشائر وجهادها، لينتهي الأمر إلى تدوير مفاسد المحاصصة في كل انتخابات برلمانية لانتاج ذات النمط من الحكومات المتعاقبة حتى اليوم.

معضلة المعضلات أن الجميع يطالب بمنع الفساد ومكافحته فيما لا يبادر أي طرف إلى العمل على برنامج اصلاحي شامل يكون بتشكيل مجلس حكماء من خارج صندوق العملية السياسية ومفاسد محاصصتها يكلف هؤلاء الحكماء بتصحيح اخطاء التاسيس الدستورية ولعل ابرزها النظام السياسي في نقطتين مهمتين الأولى، اعتبار العراق دولة اتحادية وصلاحيات أي اقليم لا تتجاوز الإدارة اللامركزية من دون أي تداخل بين الصلاحيات الاتحادية وصلاحيات الاقاليم أو المحافظات غير المرتبطة بإقليم، ويتم الاشراف والتعين من قبل مجلس النواب ومجلس الاتحاد ...الذي ما زال مغيبا حتى اليوم.

الأمر الثاني الركون إلى النظام الرئاسي – البرلماني، بما يجعل التحالفات البرلمانية تعلن عن مرشحها لرئاسة الجمهورية وبذلك لابد من وجود تحالفات انتخابية تتنافس على الاغلبية البرلمانية وليس التحالفات من أجل مفاسد المحاصصة.

لكن يبدو أن الاغلبية الغالبة من الاحزاب الفعالة في مفاسد المحاصصة ترفض مثل هذه الاصلاحات الشاملة كحلول من خارج صندوق العملية السياسية وتواجه ذلك بقوة مال الحكومة العميقة وتتحدى ساعة المواجهة بالسلاح المنفلت، وتتقوى بالاجندات الاقليمية والدولية، بل وهناك من يبشر بالطريق الثالث للتقسيم الودي للعراق، عندها يمكن القول الفصيح والمباشر أن الفساد السياسي قد رسخ وجوده بقبول معنوي من المجتمع العراقي وكل ما يظهر من تصريحات واحاديث عن منع الفساد ومكافحته مجرد ذر لرماد التقسيم المقبل وديا ام قسريا وللعراق رب يحميه وللعراقيين نقول لله في خلقه شؤون!.

..........................................................................................................
* الآراء الواردة في المقال قد لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق