جميعنا نموت عشقا بأوطاننا، لكن هل تبادر لذهننا التساؤل الصعب في هل عشقنا لأوطاننا حقيقيا؟ وهل حقا اوطاننا موجودة وليست سريالية؟؟ وهل هي فعلا لازالت على قيد الحياة؟ قد يكون من الصعب بهذا العالم معرفة عدد الأشخاص المقتنعين والمؤمنين بأن واجبهم الوطني يتمحور في الدفاع عن وطنهم...

جميعنا نموت عشقا بأوطاننا، لكن هل تبادر لذهننا التساؤل الصعب في هل عشقنا لأوطاننا حقيقيا؟ وهل حقا اوطاننا موجودة وليست سريالية؟؟ وهل هي فعلا لازالت على قيد الحياة؟ قد يكون من الصعب بهذا العالم معرفة عدد الأشخاص المقتنعين والمؤمنين بأن واجبهم الوطني يتمحور في الدفاع عن وطنهم ان كان موجود! ولذلك فإن العثور على التعريف الصحيح للوطن من وجهة نظر أخلاقية قد يكون صعبا.

غير أن الوطنية معروفة بأن تكون من الناحية المفهومية في المقام الأول حبًا عظيما لشيء اسمه الوطن وليس لمجموعة من المصالح أو الناس وان الفرد الوطني يستوجب به إن يضع وطنه فوق كل شيء آخر، وبأن يكون مؤمنا من انه سيفعل لوطنه ما لا يفعله لأي بلد آخر بما في ذلك الإجراءات الهادفة إلى الدفاع عن الوطن وحمايته، غير ان كل ذلك ينحصر في وجوب ان يكون هناك وطن!.

هذا رأي لكن هناك رأي آخر يرى انه لا يمكن للوطنية أن تعمل كفضيلة لأنها مشحونة بوهم وطن لا وجود له وقوى لا منطقية لإخفاء الحقائق المثيرة للاشمئزاز عن البلد وان تقديم تلك الحقائق كأكاذيب من الحكومات ستسيء لأسم البلاد وتؤدي لمخادعة الشعوب، وإن رغبة الوطنيين في المشاركة في الأكاذيب المؤسسية تغطي التجاوز الأخلاقي وحينها ستحول الوطني إلى كبش فداء يقدم من أجل الحفاظ على صورة بلده ان كان هناك وطن!.

وأن مؤيدي الوطنية يمكنهم في أفضل الأحوال أن يعلنوا أنه لا يمكنهم أن يعرفوا ما إذا كانت الوطنية مطلوبة من أجل ازدهار الوطن الضائع!! وإذا لم يكونوا يعرفوا ما إذا كانت مطلوبة أم لا فلا داعي لاستنتاج أن الأمر مطلوب أو غير مطلوب بشكل مطلق، ولذلك نطرح على اولئك تساؤلا في هل فعلا هناك اوطان حقيقية؟ وهل هناك منها من حقق النجاح بصنعها من دون نشر المشاعر الوطنية؟ وهل الوطنية شريرة ام أنها واجب أخلاقي لتنشيط الوطن؟؟ وهل هناك من يناقض القول على أنها قد تكون شر هي والاوطان وتجبر الناس على الانخراط في أكاذيب منهجية ومؤطرة وتلحق بهم أضرار محتملة؟

مع تعدد الاراء ووجهات النظر فيها غير أن هناك ثلاثة أسباب تبني الاوطان والوطنية الأخلاقية التي تهدف إلى الحفاظ على السمعة الأخلاقية للوطن ان عثرنا عليه!!! وتطبيق القوانين الانسانية العادلة، أولها بأنها تسمح للشعوب بتصحيح حالات الظلم الماضية لأنها أكثر إدراكًا لقوانين وأفعال الدولة غير العادلة، وثانيها يتحدد بما هو أكثر أهمية فالوطنية الأخلاقية ملزمة أخلاقياً للمواطنين ان وجدوا وطنا وبه يستفيدون بصمت من السياسة الاجتماعية للحكومات، وثالثها يتمحور في انه يجب أن نقبل بها لأننا يجب أن نتطور ونظهر اهتماماً خاصاً بالرفاهية المعنوية لوطننا المفقود ومواطنينا السرياليين!.

ومن ذلك نعرف إن المسؤولية الأخلاقية عن تصرفات الحكومات حتى لو كانت غير عادلة فهي تقع على عاتق المواطنين ولذا فأن إثبات الروح الوطنية الأخلاقية يستوجب إن يكون أكثر وضوحًا لاننا ملزمين بإبداء الاهتمام والعمل لتصحيح الأفعال غير العادلة للحكومات لأنهم إذا لم يفعلوا ذلك فإنهم يصبحون متواطئين في تصرفات حكومات الوطن المنهوب!.

نرى إن الكثير يلتزم وينتهج في التعامل مع الوطن بتفعيل إمكانية النهج النفعي، لكنه يمانع احتمالية اعلان وجهة نظره النفعية عبر التأكيد على تبرير الحجج التسلسلية والنهج المتبادل وتحديد الاتساق المتبادل للسلوك الاجتماعي مع التركيز على عناصر التضحية الذاتية المتبادلة في تمثيل الوطن الخيالي، ومن ذلك سيعتبر الوطني أنه على الرغم من الاهتمام الخاص برفاهية حلمه بوطنه ومواطنيه لكنه من غير الممكن أن يجد اعتبارات الفائدة.

وعلى الرغم من أننا لن نسعى هنا إلى معالجة شاملة لجميع القضايا الأخلاقية المتعلقة بأخلاقيات الوطن المفقود غير إن المقاربة النفعية هي واحدة من الأكثر المناهج شيوعا حينما يتعلق الأمر بتبرير الإجراءات الوطنية وذلك نراه مع وجود اهتماما قليلاً بالحجج البراغماتية لتشجيع حلم المواطنين السرياليين على أن يكونوا أكثر وطنية. مما تقدم نجد إن هناك أسباب أعمق للقلق من عدم القدرة على ربط تعبيرات الوطن والوطنية بالنظريات الأخلاقية الأساسية والفرق الرئيس لربما لا يكون في واقع ماهيته أو في كيفية التوافق مع الولاء له كالتزام أخلاقي مما يستوجب بالوطنية إن تعد كقيمة أخلاقية إيجابية خاصة إذا كانت وظيفتها فضيلة أخلاقية للوطن الغائب.

لكن ذلك لا يمنع بروز مشكلة ومسألة اوجب تتحدد في الاستفسارية حول إمكانية إجراء تقييم إيجابي للوطن من دون تمييز طبقي وبشكل متساوي؟ كما إن التمييز الصارم بين المكان والشعب يصعب الحفاظ عليه إذا كان يتعلق بماهية الالتزامات الأخلاقية التي ينبغي على سريالية الوطنيين القيام بها وما ينبغي عليهم الألتزام به، وإذا كنا نعتقد أن لدينا التزامًا أخلاقيًا تجاه وطننا ان عثرنا عليه فبذات الوقت يجب إن نقر إن لدينا التزامات أخلاقية تجاه سكانه ومؤسساته جميعا.

الشيء الأكثر إثارة للقلق والذي يستخدم كحجج ضده يتمحور في الجدل حول ما إذا كانت الوطن به فضيلة أم لا؟ مقارنة مع فكرة أن وجود الوطن التزام أخلاقي أم لا؟؟ وأن الفرق في ذلك يعتمد على ما إذا كان المواطن يعتبر الوطن مجرد مجموعة من الشعارات العملية الفارغة أو ما إذا كان دائما في صراع محتمل مع الموقف الأخلاقي، أو أن يكون مواطناً صالحاً ومسئولا وموافقا للحماسة للوطنية، وختاما نرى وجوب إن نعترف إننا وحتى لو كنا مواطنين قادرين على تحقيق إنجازات إضافية في اتجاه الكمال الأخلاقي فإن الطبيعة البشرية لم ولن تتغير اللا للأسوء وبالتالي تتواصل قفزات سفك الدماء نتيجة السياسات المتعمدة والحروب الفوضوية والتي قد تؤدي اجلا أو عاجلا إلى تدمير البشرية، ولذلك نتساءل ما هي قيمة الوطن وما قيمة الوطنية حقا؟ إن كانت مشاعرنا مبنية على الولاء الخانق الذي قد يتسبب في الحروب ويساهم في الكوارث وبه ولأجله ترتكب الفظائع قصدا وعمدا!.

..........................................................................................................
* الآراء الواردة في المقال قد لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق