في دولة القانون والمؤسسات، القانون فوق الجميع، فوق الحاكم وعائلته وحاشيته وقبيلته، ودور موظفي مؤسسات الدولة -المسؤول الكبير والصغير- هو العمل بما فيه خدمة للشعب، حيث إن الحاكم والمسؤول هو موظف يستلم راتب - مبلغ- نتيجة العمل والجهد الذي يقوم به بشكل صحيح، وعند حدوث اي تقصير يجب محاسبته وتجريمه، لأنه يأخذ ما لا يستحقه، فالمنصب مسؤولية وتكليف لخدمة الشعب، وليس لكي يتحول المسؤول إلى مستبد فوق القانون ويستغل ويهين الشعب.

قيام الموظف بتأدية عمله دون تقصير فهذا أمر طبيعي، كي لا يتعرض للمساءلة القانونية. ولكن؛ عندما يتحول المسؤول وبالخصوص أبن العائلة الحاكمة الذي يستلم مخصصات مالية عالية جدا ومنح كبيرة لا يعلم بها بقية المواطنين، إلى بطل قومي ورمز للوطن، وتقوم الصحف الرسمية بتمجيده، ويجبر بعض المواطنين للخروج على وسائل الإعلام لتقديم الشكر والمديح والثناء للمسؤول على قيامه بعمل من صلب وظيفته، لمعالجة مشكلة السلطة والمسؤولين سبب في وجودها، مثل الاستجابة للنداءات والضغوط الداخلية والخارجية بالتحقيق ومحاسبة من يعتدي على حقوق المواطنين؛ فهذا دليل على وجود مشكلة وأزمة وطن ومواطنة، - من خلال غياب دولة القانون والمؤسسات، وفصل السلطات وتحديد صلاحيات كل سلطة، وتحديد حقوق وواجبات المواطن من خلال قوانين واضحة، مثل قانون محاسبة وتجريم المعتدي والمفسد، إذ ينبغي ان يكون قانون التجريم موجودا من ضمن بنود الدستور الغائب - والواقع يؤكد ان الدولة المؤسساتية لا وجود لها، وان المتحكم فيها هو المسؤول من أبناء العائلة الحاكمة، اي ان الدولة خاضعة لمزاج العائلة الحاكمة لا القانون.

من المؤسف جدا أن يقوم بعض المواطنين من خلال موقف مسؤول أمر بالتحقيق مع مواطن يدعو لقتل المواطنين، نتيجة الضغوط ومطالبة المواطنين بمحاسبة المعتدي، بالتغاضي عن أخطاء وتقصير السلطة، - في عدم تشييد دولة القانون والمؤسسات، وعدم مشاركة المواطن باختيار نظام الحكم (الدستور) وفي الحكم، وعدم وجود مجلس تشريعي يملك الصلاحية لمحاسبة المسؤولين، وغياب قانون لتجريم الاعتداء على الاخرين، واثارة النعرات الطائفية، بالاضافة لانتشار الفساد واستغلال السلطة من جانب بعض المسؤولين من أبناء العائلة الحاكمة، - وليتحول موقف ذلك المسؤول لمناسبة لمدح السلطة الحاكمة، وجعلها فوق القانون !!.

دولة القانون والمؤسسات تعتمد على دستور يمثل إرادة الشعب ويحدد شكل الدولة، ويكون القانون فوق الجميع، ولكن عندما لا يوجد ذلك، من خلال سيطرة العائلة الحاكمة على كل شيء، العباد والبلاد وما على الأرض وما تحتها، وكافة السلطات في خدمة العائلة الحاكمة، توزع الثروة الوطنية الهائلة لمن تريد، وتجوع وتعتقل من لا يعجبها من المواطنين، وتمنح ملايين الأمتار من الأراضي لافرادها ولمن ترغب، طلباتها تنفذ، أوامرها مطاعة تحت بند حسب أوامر وطلب الأمير،.. وبسبب ذلك أصيب أفراد العائلة المالكة بالغرور والغطرسة والفوقية إلى درجة تسمية الوطن باسم العائلة الحاكمة..، إنها تفعل كل ذلك لأنها فوق القانون.

ولكن، من جعل السلطة والعائلة الحاكمة فوق القانون، تفعل ما تريد وتعتقل من تريد؟. ومن سمح لبعض الأشخاص بالإعتداء على حقوق بقية المواطنين وتهدديهم بالقتل، واثارة النعرات الطائفية، وصناعة جيل من عشاق الموت والتدمير لا الاعمار؟.

كلنا امل لتشييد دولة القانون والمؤسسات، لينعم الجميع بالعدالة والحرية والتعددية والخير والسلام، دولة تمثل إرادة الشعب تحت دستور شعبي، وبمشاركة كافة المواطنين في ظل قانون فوق الجميع.

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق