على الدبلوماسية العراقية ان لا تنتظر الكثير من السعودية، على الأقل في هذه المرحلة لكونها تعيش صراعا وجوديا مع ايران، واذا ما ارادت بغداد تجنب الاثار المدمرة لهذا الصراع فعليها طمأنة الطرفين بانها لن تكون سيفا بيد احدهم ضد الاخر...

في عام 2017 حاولت السعودية إعادة نسج علاقة غرامية مع العراق، او هي استجابت للدعوات العراقية المتكررة بهذا الشأن، فطالما أبدت بغداد رغبتها بفتح افاق التعاون مع الدول العربية وعلى رأسها السعودية، لكن الأخيرة تقابلها بالجفاء، حتى جاء تعيين السفير ثامر السبهان في بغداد مطلع عام 2016.

وبعد نحو 7 أشهر على توليه مهامه بشكل رسمي وفي 28 أغسطس/آب 2016، طلبت الخارجية العراقية، رسمياً، من نظيرتها السعودية، استبدال السبهان، ليتم تعيين عبد العزيز بن خالد الشمري بدلا عنه.

الشمري، افصح عن نية بلاده "فتح قنصليتين في (مدينتي) النجف الاشرف والبصرة، وإنشاء المجلس التنسيقي التجاري بين البلدين بهدف تحقيق شراكة تجارية ثنائية". وما بين هذا الحراك دائما ما تشير الأوساط السعودية الى ان العراق سيعود الى حضنه العربي، في إشارة الى تصورها على انه مبتعد او ربما مسروق من قبل دولة أخرى.

أقيمت مباراة رياضية بين المنتخبين العراقي والسعودي في البصرة نهاية شباط فبراير من عام 2018، في إطار دعم السعودية للرياضة العراقية، لرفع الحظر الدولي المفروض على ملاعبها من قبل الاتحاد الدولي، لكن الفارق بين اخر مواجهة سعودية يعود الى عام 1979 وهو تاريخ لا يخلو تفسير الى تدني العلاقات بين البلدين حتى على مستوى الرياضة.

الحكومة العراقية الجديدة برئاسة عادل عبد المهدي تقف اليم امام استحقاقات خارجية مع مختلف دول المنطقة، في مقدمة هذه الدول تاتي السعودية باعتبارها لاعبا إقليميا لا ينكر دوره، كما انها تملك حدودا طويلة مع العراق، ويضاف اليها الصراع القوي مع ايران وتمثل الأرض العراقية احدى ساحاته. فكيف يمكن للحكومة العراقية ان تبني علاقة خارجية متوازنة دولة بحجم السعودية؟

منذ السبعينيات وحتى عام 2016 تنظر السعودية للعراق على انه دولة مثيرة للقلق، فحتى الحرب التي خاضها ضد عدوتها اللدود ايران خلال ثمانينيات القرن الماضي لم تكن كافية لاثبات وفاء بغداد للرياض، فما عمله صدام خلال ثمان سنوات من الحرب مع ايران ليس هو المطلوب. عليه ان لا يطمح ابعد من حدوده.

ما تريده الرياض من بغداد هو ان لا تزاحمها على طموحاتها الإقليمية، وهذا ما أوقع صدام باخطاء جسيمة، تصور ان الدعم السعودي يمكن ان يستمر الى ما لا نهاية يسمح له ببناء دولة إقليمية كبرى، بينما هي (السعودية) تريد منه ان يكون سيفها الذي تشن فيه حروبها وتبني من خلاله امبراطوريتها، بالإضافة الى انها لا تملك سياسة ثابتة الا اذا تعلق الامر بالولايات المتحدة الامريكية، ويذهب بعض المحللين الاستراتيجيين الى ان الرياض تعد الممثل غير الرسمي للسياسات الامريكية في المنطقة.

بعد الغزو الأمريكي للعراق الذي دعمته السعودية كان من المتوقع ان تنفتح الأخيرة تجاه العراق، لكن القطيعة استمرت، في إشارة الى تحفظها على نظام الحكم والعملية السياسية برمتها، لتواصل نزيف الوقت بينما تنسج طهران علاقاتها مع بغداد وتجعل منها بوابة لمزاحمة الرياض التي اكتشفت أخيرا ضرورة استبدال سياستها بتعيين سفير في بغداد وزيادة في عدد الحجاج العراقيين والسماح للسعوديين الشيعة بزيارة المراقد المقدسة، انتعشت العلاقات بسرعة، لكنها خفتت بسرعة أيضا.

ومع تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة عادل عبد المهدي لم نلاحظ أي خطوات ملموس يمكن رؤية غزل بين البلدين، يرتبط ذلك بالتحديات التي تواجهها السعودية على المستوى الإقليمي والدولي، كما انها ايقنت الان على ان العراق لا يمكن النظر اليه الا باعتباره ساحة حرب مع ايران، وهي لا يزال إقليما إيرانيا يجب انتزاعه، وهذه مهمة كبيرة تقع على عاتق الولايات المتحدة الامريكية.

على الدبلوماسية العراقية ان لا تنتظر الكثير من السعودية، على الأقل في هذه المرحلة لكونها تعيش صراعا وجوديا مع ايران، واذا ما ارادت بغداد تجنب الاثار المدمرة لهذا الصراع فعليها طمأنة الطرفين بانها لن تكون سيفا بيد احدهم ضد الاخر.

اضف تعليق


التعليقات

الكاتب الأديب جمال بركات
مصر
أحبائي
العراق والسعودية ومصر والإمارات وغيرها من الدول العربية شقيقات
واذا كان الخلاف ومؤمرات الغرب تبث فيهم الفرقة دوما فسيعود بينهم حسن العلاقات
ونتمنى في قادم الأيام أن تعود المياة الرائقة الى مجاريها لتنهض الأمة العربية من وضع السبات
أحبائي
دعوة محبة
أدعو سيادتكم الى حسن الحديث وآدابه....واحترام بعضنا البعض
ونشر ثقافة الحب والخير والجمال والتسامح والعطاء بيننا في الأرض
جمال بركات....مركز ثقافة الألفية الثالثة2019-01-21