في خطبة مدوية، اكدت المرجعية الدينية \"ان المسار الانتخابي لا يؤدي الى نتائج مرضية الا مع توفر عدة شروط، منها: أن يكون القانون الانتخابي عادلاً يرعى حرمة اصوات الناخبين ولا يسمح بالالتفاف عليها\"، ومن الواضح ان اشارة المرجعية الدينية العليا الى القانون الانتخابي العادل بوصفه شرطا من شروط الانتخابات السليمة تعني ان هذا الشرط غير متوفر الان.

في خطبة مدوية، اكدت المرجعية الدينية "ان المسار الانتخابي لا يؤدي الى نتائج مرضية الا مع توفر عدة شروط، منها: أن يكون القانون الانتخابي عادلاً يرعى حرمة اصوات الناخبين ولا يسمح بالالتفاف عليها".

ومن الواضح ان اشارة المرجعية الدينية العليا الى القانون الانتخابي العادل بوصفه شرطا من شروط الانتخابات السليمة تعني ان هذا الشرط غير متوفر الان. وكان هذا من جملة الاسباب الى ادت الى اخفاقات الطبقة السياسية الحاكمة. وقد نصت المرجعية على هذا ايضا بقولها: "ومن المؤكد ان الاخفاقات التي رافقت التجارب الانتخابية الماضية (.......) لم تكن الا نتيجة طبيعية لعدم تطبيق العديد من الشروط اللازمة ـ ولو بدرجات متفاوتة ـ عند اجراء تلك الانتخابات وهو ما يلاحظ ـ بصورة او بأخرى ـ في الانتخابات الحالية أيضاً."

وهذا امر اغفلت عن ذكره معظم البرامج السياسية للقوائم الانتخابية المختلفة باستثناء كتلة سائرون التي اشار برنامجها الى "اصلاح المنظومة الانتخابية لضمان اجراء انتخابات دورية منتظمة نزيهة وحرة وتشريع قانون انتخابي عادل يتيح المشاركة الواسعة ودون اي تمييز بين المواطنين." واستمرت الكتل في تجاهلها لهذا الموضوع في بياناتها التي اصدرتها تاييدا لبيان المرجعية.

قانون الانتخاب العادل هو عصب الحياة الديمقراطية السليمة. وما لم يتم تشريع هذا القانون فان الانتخابات سوف تبقى عملية صورية لا فائدة من ورائها. كما ان اي حديث عن الاصلاح ومحاربة الفساد لا قيمة له ان لم ينطلق من قانون الانتخابات العادل.

تشير التجارب الواقعية الى ان افضل قانون انتخابي يصون حق الناخب بالتغيير واستبدال الحاكمين سلميا انما هو قانون الانتخاب الفردي.

ولذا، فان الحرص على اجراء انتخابات سليمة في عام ٢٠٢٢ يجب ان يتكلل بتشريع قانون الانتخاب الفردي، بوصفه القانون العادل الذي يضمن سلامة الانتخابات وجدواها في تحقيق التغيير والتبادل السلمي للسلطة.

ومع كل الادراك لواقع الدولة الحالة، وضخامة حجم الفساد فيها، "يبقى الامل قائماً بإمكانية تصحيح مسار الحكم وإصلاح مؤسسات الدولة من خلال تضافر جهود الغيارى من ابناء هذا البلد واستخدام سائر الاساليب القانونية المتاحة لذلك"، كما قالت المرجعية.

وقد جاء في بيان مكتب الامام السيستاني في صلاة الجمعة في الرابع من ايار الجاري الفقرة التالية:

"لقد سعت المرجعية الدينية منذ سقوط النظام الاستبدادي السابق في ان يحلّ مكانه نظامٌ يعتمد التعددية السياسية والتداول السلمي للسلطة عبر الرجوع الى صناديق الاقتراع، في انتخابات دورية حرّة ونزيهة، وذلك ايماناً منها بانه لا بديل عن سلوك هذا المسار في حكم البلد إن اريد له مستقبل ينعم فيه الشعب بالحرية والكرامة ويحظى بالتقدم والازدهار، ويحافظ فيه على قيمه الاصيلة ومصالحه العليا."

تمثل هذه الفقرة نصرا شخصيا لي. رغم ان الامام السيستاني لم يستخدم مفردة "الديمقراطية" او "النظام الديمقراطي" الا ان المفردات التي عددتها هذه الفقرة تمثل جوهر النظام الديمقراطي او الاليات الديمقراطية. وهي:

١. التعددية السياسية.

٢. التداول السلمي للسلطة

٣. الاحتكام الى صنادق الاقتراع

٤. الانتخابات الدورية الحرة النزيهة.

وتمثل هذه الاليات البناء الفوقي لفكرة اقر بها الامام محمد باقر الصدر وهي حق الجماعة البشرية في حكم نفسها بنفسها استنادا الى مفهوم الخلافة الربانية الوارد في القران الكريم.

وفوق كل هذا اكد بيان الامام السيستاني ايمانه "بانه لا بديل عن سلوك هذا المسار" اذا اردنا تحقيق الحرية والكرامة والازدهار والحفاظ على القيم الاصيلة والمصالح العليا.

ادخل هذا الكلام الصادر من اعلى سلطة دينية في الاسلام الشيعي السرور والاطمئنان في قلبي. فقد بات واضحا ان الاليات الديمقراطية المشار اليها في كلمة الامام السيستاني ليست مما يرفضه الاسلام. لسنا بحاجة الى استخدام مصطلحات وتعابير مثل الديمقراطية الاسلامية او الاسلام الديمقراطي او الديمقراطية في الاسلام؛ انما يكفي ان نعرف ونؤمن بان اقامة نظام يعتمد هذه الاليات امر لا يخالف الاسلام، ولا يرفضه الاسلام. بل هو المسار الوحيد لتحقيق الاهداف المذكورة في نص بيان المرجعية. فلا شبهة مفهومية، ولا خلط فكري، ولا ما شابه، فالنص صادر من الجهة التي نعود اليها حين تشتبك علينا الافكار والمفاهيم.

اضف تعليق