نشرت وسائل الاعلام العراقية مطلع الشهر الجاري، تصريحا منسوب للرئيس الامريكي دونالد ترامب يصف فيه مجموعة من المسؤولين العراقيين التقى بهم في البيت الابيض بانهم "ابرع لصوص"، قابلهم في حياته.

وفيما يلي نص الترجمة التي نقلت عن مجلة "نيوز ويك" الأميركية في تقرير أن "اخر ما كُشف عنه من تعليقات ترامب الخاصة عن المسؤولين العراقيين، قد برزت بعد زيارة وفد منهم للرئيس في المكتب البيضاوي في وقت سابق حيث وصفهم بـ (بابرع مجموعة من اللصوص قابلتهم في حياتي)".

ونقلت المجلة عن مسؤول أميركي قوله، إن "التعليق كان على سبيل المزاح، لكن ترامب يبدو انه يشير الى أن المسؤولين العراقيين قد سرقوا من المساعدات الانسانية التي قدمتها الولايات المتحدة الى العراق منذ عام 2014 والتي بلغت 1.7 مليار دولار في البنية التحتية والاقتصاد".

لو كان تصريح ترامب لاول مرة حول هذا الموضوع قد نقول انه لا يتعلق بالعراق وليس المسؤولين فقط ولو انه لا يعرف عنه السلوك غير السوي لما وجب اخضاء تصريحاته للمحاكمة المنطقية والوطنية، فهذه ليست المرة الاولى التي يتهم فيها ترامب المسؤولين العراقيين بالسرقة من خزائن الولايات المتحدة ففي حملته الرئاسية قال إن (العراق معوج كالجحيم)، بحسب ما يذكر تقرير المجلة الامريكية. واتهم ترامب ايضا، بحسب المجلة، بعض الجنود الامريكان بالسرقة حينما صرح " ان اعرف من هم الجنود الذين كان لهم هذا العمل لأنني اعتقد انهم يعيشون بشكل جيد في الوقت الحالي مهما يكونون".

لا ينكر عاقل ان بعض المسؤولين العراقيين قد اجادوا فن الخراب في هذا البلد، ولا يمكن وصف المرحلة الحالية التي بدات منذ عام ٢٠٠٣ وحتى الان الا بالسيئة، لا خلاف على ان الفساد قد نخر البلد والفقر والحرمان تتضح معالمه في الاحياء الشعبية والاسواق واي مكان.

التمييز بين المواطنين واضح جدا والطريق الخاص في السيطرات الامنية اوضح الامثلة لهذه الظاهرة التي اشبه ما يكون باقطاعيات الواسطة، كما ان الهويات التعريفية الخاصة يمكن ان تستطيع اكمال معاملة لحاملها في يوم واحد، في حين يحتاج المواطن العادي اشهرا للحصول على توقيع فقط.

هذا الخراب الذي وصل اليه البلد له مقدمات، ارتبطت بحلفاء امريكا في اغلب الاحيان او ممارساتها هي حينما احتلت العراق، فهي التي دعمت صدام رغم دكتاتوريته المقيتة واغدقت عليه بالمال والاسلحة الى ان انقلب عليها وانقلبت هي عليه ايضا، حتى جاء الموعد بعد اكذوبة الاسلحة المحرمة دوليا ليقع البلد تحت الوصاية الامريكية.

فتحت القوات الامريكية ابواب المصارف والمؤسسات الحكومية لشعب كان يرى في اي شيء تملكه الدولة حكرا لصدام ومن ثم ترسخت ثقافة عامة بان الاستيلاء على هذه الاملاك جزء من المقاومة لهذا النظام الدكتاتوري، والسبب في ذلك ان القائد الضرورة في ذلك الزمان قد ربط كل شيء مع اسمه، وحينما لا تكون للشعب صورة في الوطن الا بالمجرم صدام فنهب خيرات الدولة يصبح واجبها وطنيا.

هذه المعادلة كان على الامريكان فهمها وعدم السماح للناس بالدخول للمؤسسات الحكومية، لان اعادة بنائها وبناء الثقة بها يحتاج لسنوات، الا ان هذه القوات المحتلة لم تقوم بفتح ابواب المصارف فقط بل قررت تهديم كل شيء من خلال حل الجيش العراقي، فانهارت الدولة بشكل كامل.

وفي ظل هذا الوضع المتازم كانت الولايات المتحدة الامريكية هي الحاكم الفعلي للبلاد من خلال سفارتها، وهي التي تقرر ما يكون ولا يكون، حتى وان كانت هنالك انتخابات وبرلمان، فالطبخة تعد من الخارج والقرارات تاتي معلبة.

من اسس للسرقة هو نظام صدام حليف امريكا، ومن أسهم في تحويلها الى ممارسة هم الامريكان حينما دخلوا البلاد مخربين لا محررين، وهؤلاء اللصوص الذين يتحدث عنهم ترامب قد ترعرعوا وعاشوا في كنف الامريكي، ويسيرون وفق مقرراته ورغباته.

فهل يعرف ترامب انه حينما يتهم المسؤول العراقي بالسرقة انما هو يدين سياسات بلاده التي انتهكت كل القوانين في العراق؟

............................................................
* الآراء الورادة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق