يمكن لعدد وافر من السياسيين والنفعيين والإنتهازيين وأصناف من أصحاب الشأن أن يدعوا أنهم كانوا قادة وصانعين للإنتصار، ولو أن داعش لم تنكسر بعد لقالوا: العبادي هو السبب لأنه لم يتمكن من إدارة الملف بشكل صحيح، ولم يكن موفقا في حشد الدعم الدولي لمناصرة العراق، وقد تنازل لأطراف عدة وأضعفنا في مواجهة الإرهاب، وعندما تحقق النصر إنبرى كثر للتقليل من حجم الإنتصار، ومن أهمية دور الحكومة العراقية برئيسها والعاملين في كابينته الوزارية، وصار كل شخص، أو فئة حزبية يذهب بإتجاه ليركز النصر في ساحة طرف ما، أو شخص ما.

كانت الجهود الرائعة من قبل المقاتلين في الميدان من عناصر الجيش والشرطة والحشد الشعبي والبيشمركة، ومقاتلي العشائر سببا أساسيا في نجاح المعركة، وتحقيق الأهداف، وكانت تلك المعركة بحاجة الى توازن ديني. فقد جاءت في ظروف عصيبة، وكان تنظيم داعش يعلن أنه تنظيم ديني، ويقاتل من أجل دولة دينية، وكان لابد من أن يرد بطريقة عملية واضحة لذلك، فقد مثلت فتوى المرجع السيد السيستاني تحولا كبيرا في معادلة الصراع، وصار الجميع يتحرك، ويشير إليها بوصفها منطلقا للشروع في الحملة الكبرى ضد الإرهاب والشر، وليس عاديا أن يواجه ذلك الإرهاب الذي يقدم نفسه بوصفه حالة تغيير شاملة دينية بفتوى جهاد كالتي أعلنها السيد السيستاني.

دور الحكومة كان متوازنا وغير تقليدي على الإطلاق فقد مارس رئيس الوزراء دوره بشكل حيوي وفعال وكان في مواجهة إستحقاق صعب تمثل في إستراتيجية أمريكية متحولة نحو تغيير المسار في العراق وعدم القبول بدور إيراني متنام ومتصاعد، بينما لم تعد السعودية قادرة على تحمل المزيد من نجاحات إيران والحشد الشعبي والجيش السوري وحزب الله لذلك تدفع بإتجاه تقوية موقف قيادات سنية وتأهيلها كما هو متوقع من مؤتمر السنة في بغداد، كل ذلك جعل العبادي في موقف صعب لكنه مثير تمكن من خلاله من تثبيت نجاحات سياسية بزيارته للسعودية، وتبريد الموقف الأمريكي من الحشد الشعبي، وكان قادرا في أكثر من مناسبة على تقديم بعض التصورات التي ساهمت الى حد بعيد في خلق حالة توازن بين الإرادات المتضادة التي تحاول كل جهة فرضها سياسيا وعسكريا، وبمعنى آخر فقد تجاوز العبادي تلك المرحلة، وقاد الحكومة في خضم تطورات وأحداث كبيرة، وتكلل الجهد بمعركة الموصل التي تنتهي لصالح العراق، وتؤشر حال تغيير في ميزان القوى، وهو سيكون أيضا في مواجهة إستحقاقات أصعب خلال الأشهر القليلة المقبلة.

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق