تجاوزت الحرب في اليمن عامها الثاني التي تشنها المملكة العربية السعودية وحليفتها الإمارات العربية المتحدة دون نهاية واضحة، برغم كل الدعم الذي تقدمه الرياض لحليفها عبد ربه منصور هادي وحركة الإصلاح الإخوانية التي تقاتل ضد الحوثيين وقوات الزعيم علي عبدالله صالح، بينما تواجه الحركة حربا غير مسبوقة على قواعدها في مصر، وبقية البلدان العربية، وكذلك مواجهة حلفاء الحركة العالميين كتركيا وإيران وقطر التي تعد الداعم الرئيس لتنظيم الإخوان المسلمين، وهو ماسبب خلافا عميقا بين الرياض والقاهرة وأبو ظبي من جهة، والدوحة من جهة أخرى.

يتهم الحوثيون بتلقي الدعم من إيران، لكنهم يقاتلون بشراسة، وقد يستفيدون من الخلاف الخليجي الخليجي الأخير في تدعيم وضعهم في جبهات القتال المختلفة التي تشهد تصعيدا كبيرا في الهجمات المتبادلة خاصة في تعز وسط البلاد، وفي جبهة صنعاء، بينما تسيطر الإمارات على جبهة الجنوب والشرق في حضرموت، وتسيطر على جزيرة سوقطري الغنية في عمق البحر، وبرغم القصف الجوي المكثف على كل الجبهات الذي تقوم به طائرات أمريكية الصنع تعود ملكيتها لوزارة الدفاع السعودية، وبرغم دخول دول عربية وإسلامية في حلف مباشر ومعلن ومدعوم من فرنسا وبريطانيا ومعظم أوربا الصناعية والولايات المتحدة الأمريكية إلا إن الموالين للسعودية في اليمن مايزالون غير قادرين على إحداث الفرق، وحسم الحرب لصالح المملكة التي تنفق مليارات من الدولارات دون جدوى، وتدخل في منافسة غير معلنة مع حليفتها الإمارات العربية المتحدة التي يبدو وضعها أفضل خاصة وإنها أخذت تهيمن على جغرافيا واسعة من هذه البلاد.

مايهم الرياض ليس ماتقوم به الإمارات وماتسيطر عليه من مناطق، وليس مهما حجم التكلفة، ولا الخسارات في هذه البلاد العريقة والتاريخية، ولا القتلى الذين يسقطون في جبهات الحرب. فمن يوجه الأمور هو ولي ولي العهد وهو الملك غير المتوج محمد بن سلمان الذي يحظى بدعم محمد بن زايد حاكم أبو ظبي وولي العهد الإماراتي، وبرغم الفارق الكبير في العمر بين الزعيمين الطامحين إلا إنهما يبدوان على درجة عالية من التفاهم حول مجمل القضايا في المنطقة سواء تجاه قضية الإخوان المسلمين، والموقف من تركيا وإيران، وحرب داعش، والموقف من دولة قطر المتمردة، وصحيح إنهما لايحظيان بكامل الدعم من الكويت وعمان وقطر لكنهما يعتقدان إن التحولات في السياسة الأمريكية سيقدم لهما دعما إستثنائيا يدفعهما الى المضي قدما في مشاريعهما، وعدم التراجع مهما كان الثمن، وهذا مايشكل مصدر قلق على مستقبل الخليج والدولتين المتحالفتين على قضايا نارية قد تكويهما لاحقا.

السلاح السعودي الجديد والأقوى من الطائرات والمدفعية والأموال وراجمات الصواريخ والتحالفات الخارجية وجيوش الموالين في الوسط والجنوب اليمني هو سلاح الكوليرا الذي أخذ يضرب اليمن عرضا وطولا، ويطيح باليمنيين الفقراء تباعا، ودون رحمة وسط نوع من التغافل الدولي بإنتظار الحسم الموعود لتلك الحرب الشريرة، وفي كل يوم يموت العشرات، ويعلن عن إصابة عشرات جدد، ويتوقع للوباء أن يصيب مئات الآلاف خلال الأسابيع والأشهر المقبلة، ويفتك بهذا الشعب المسكين الذي إجتمع عليه أهل الخليج والعالم المرتشي، وتنازع أبنائه حتى صار الحديث يدور ليس عن المواجهة الحربية، بل عن الإمكانية التي يمكن أن تتوفر للمقاتل اليمني لا لكي يحارب، بل ليصد الكوليرا عن نفسه، فهي عدو الجميع، وتستهدف الشعب بكامله. فهل تنجح الكوليرا فيما عجز عنه السلاح الأمريكي والفرنسي والبريطاني وكل الجنود القادمين من مختلف بلدان الدنيا.

...........................

* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق