من دعاء الإمام الصادق "عليه السلام"، لزوّار جده الامام الحسين "عليه السلام": (اغفر لي ولإخواني وزوّار قبر أبي الحسين بن صلوات الله عليه، الذين أنفقوا أموالهم، وأشخصوا أبدانهم رغبة في برّنا، ورجاءً لما عندك في وصلتنا، وسروراً أدخلوه على نبيّك محمد ـ صلواتك عليه وعلى آله ـ وإجابة منهم لأمرنا، وغيضاً أدخلوه على عدوّنا).

كان وسيبقى الإمام الحسين "عليه السلام" ثورة على الظلم والطغيان، والاستبداد والتجبر، وعلى الفساد والمفسدين في الارض حياً وميتاً، لانه العنوان الأكبر، للحق والعدل، والقيّم والمبادئ، والأخلاق، عبر العصور والدهور.

كل الحكام الجائرين، كانوا يفزعون ويرتعبون من أسم الحسين "عليه السلام"، ومن زوّار قبره الشريف، مما جعلهم يسعون في محاربته ومحاربة شعائره، والمنع من زيارته، وقتل زواره، الشيخ "باقر شريف القرشي"، يذكر لنا في مؤلفاته، نماذج من الحكام الذين حاربوا الحسين ومنعوا من زيارته، لنأخذ بعض من هذه النماذج:

هارون الرشيد: ضاق ذرعاً حينما سمع جماهير المسلمين تتهافت بشوق على زيارة مرقد ريحانة رسول الله ـ صلواته تعالى عليهم ـ، فأمر بهدم المرقد العظيم، وهدم الدور المجاورة له، واقتلاع السدرة، وكان يستظل تحتها الزائرون، كما أمر بحرث أرض كربلاء، ليمحوا بذلك كل أثر للقبر الشريف، وقد أنتقم الله تعالى منه، فلم يدر عليه الحول حتى هلك.

المتوكل العبّاسي: أقام المسالح والمراصد لملاحقة الزائرين، وإنزال أقسى العقوبات الصارمة بهم، من القتل وقطع الأيدي وسائر ألوان التنكيل، وبالرغم من الإجراءات القاسية، فان المسلمين لم يمتنعوا عن زياراته، في سنة 247ه، بلغ المتوكّل أن حشداً كبيراً من المسلمين، قد مضوا إلى زيارة المرقد العظيم، فأنفذوا إليهم جيشاً مكثفاً وأمر مناديه ان ينادي أن برئت الذمّة ممن زار مرقد الحسين "عليه السلام".

تذمّر المسلمون من المتوكل، وسبّوه في الأندية والمجالس وكتبوا سبّه على جدران المساجد، حتى أنتقم الله منه فقتله ولده وهو سكران، وقطّع الجيش جسمه بسيوفهم، حتى صارت كؤوس الخمر مليئة بلحمه.

صدّام التكريتي: سلك مسلك المتوكّل العبّاسي، في المنع عن زيارة سيّد الشهداء، وأشاع الخوف والارهاب، ونشر القتل وملأ السجون بالزائرين، شباباً وشيوخاً، نساءً واطفالاً، وفي زيارة الأربعين، قرا محافظ النجف مرسوم جمهوري على الزوّار، في المنع من زيارة الإمام مشياً إلى كربلاء، لكن الزوار أصروا وواصلوا المسير نحو قبره الشريف.

لاحقتهم القوات الصدامية في منتصف الطريق، بأنواع الأسلحة الثقيلة، والطائرات والدبابات، وقامت الهيئة الحاكمة بإعدام كوكبة من الابطال القائمين على الزيارة، وقد أنتقم الله من صدّام شرّ انتقام، وسلّط عليه أمريكا، فوجدوه في حفرة لا يتمكّن الكلب أن يعيش فيها، فأخرجوه منها مهان الجانب، قبيح الشكل، فحكمت عليه المحكمة بالإعدام.

ثم دفن وأخرجه من قبره أرحام حسين كامل، فداسوه بأحذيتهم، ثم أحرقوه، وكانت هذه النتيجة جزاء له على ما فرّط في زوّار قبر الإمام الحسين عليه السلام.

انطوت سنوات ملك الظالمين الغاشمين المتجبّرين، والمستكبرين في الأرض، وخاب وخسر سعيهم، وباءوا بالخزي والعار، وأمسوا في مزابل التاريخ، وبقي قبر الإمام الحسين "عليه السلام" شامخا خالداً، وقبته تتلألأ بنور الله تعالى، وها هي اليوم الجموع المليونية الزاحفة صوب قبره الشريف، تحمل معها رايات الخلود، مكتوب عليها (لبيّك يا حسين)، بدماء الشهداء الذين ضحوا في سبيل خدمة أبا عبدالله الحسين عليه السلام.

(إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا ۗ وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُون).

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق