q

قال تعالى: (يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُون) النحل:83

يقول العلامة الطباطبائي في تفسير الميزان بخصوص هذه الآية المباركة: (المعرفة والإنكار متقابلان كالعلم والجهل وهذا هو الدليل على أن المراد بالإنكار وهو عدم المعرفة لازم معناه وهو الإنكار في مقام العمل وهو عدم الإيمان بالله ورسوله واليوم الآخر أو الجحود لسانا مع معرفتها قلبا، لكن قوله: «وأكثرهم الكافرون» يخص الجحود بأكثرهم.

وقوله: (وأكثرهم الكافرون) دخول اللام على (الكافرون) يدل على الكمال أي إنهم كافرون بالنعم الإلهية أو بما تدل عليه من التوحيد وغيره جميعا لكن أكثرهم كاملون في كفرهم وذلك بالجحود عنادا والإصرار عليه والصد عن سبيل الله.

والمعنى: يعرفون نعمة الله بعنوان أنها نعمة منه ومقتضاه أن يؤمنوا به وبرسوله واليوم الآخر ويسلموا في العمل ثم إذا وردوا مورد العمل عملوا بما هو من آثار الإنكار دون المعرفة، وأكثرهم لا يكتفون بمجرد الإنكار العملي بل يزيدون عليه بكمال الكفر والعناد مع الحق والجحود والإصرار عليه).

من الطريف ما ذكره العلامة ابن أبي الحديد في النهج حول شكوى أمير المؤمنين في أمر من تقمص الخلافة.

قال: (وحدثني يحيى ابن سعيد بن علي الحنبلي المعروف بابن عالية من ساكني قَطُفْتا بالجانب الغربي من بغداد، وأحد الشهود المعدلين بها، قال: كنت حاضراً الفخر إسماعيل بن علي الحنبلي الفقيه المعروف بغلام ابن المنى. وكان الفخر إسماعيل بن علي هذا مقدم الحنابلة ببغداد في الفقه والخلاف، ويشتغل بشيء من علم المنطق، وكان حلو العبارة، وقد رأيته أنا، وحضرت عنده، وسمعت كلامه، وتوفى سنة عشر وستمائة.

قال ابن عالية: ونحن عنده نتحدث إذ دخل شخص من الحنابلة، قد كان له دين على بعض أهل الكوفة، فانحدر إليه يطالبه به، واتفق أن حضرت زيارة يوم الغدير، والحنبلي المذكور بالكوفة. وهذه الزيارة هي اليوم الثامن عشر من ذي الحجة، ويجتمع بمشهد أمير المؤمنين (عليه السلام) من الخلائق جموع عظيمة، تتجاوز حدّ الإحصاء.

قال ابن عالية: فجعل الشيخ الفخر يسأل ذلك الشخص: ما فعلت؟ ما رأيت؟ هل وصل مالك إليك؟ هل بقي لك منه بقية عند غريمك؟ وذلك يجاوبه.

حتى قال له: يا سيدي لو شاهدت يوم الزيارة يوم الغدير، وما يجري عند قبر علي بن أبي طالب من الفضائح والأقوال الشنيعة، وسبّ الصحابة جهاراً بأصوات مرتفعة، من غير مراقبة ولا خيفة!.

فقال إسماعيل: أي ذنب لهم؟!. والله ما جرأهم على ذلك، ولا فتح لهم هذا الباب، إلا صاحب ذلك القبر.

فقال ذلك الشخص: ومن صاحب القبر؟

قال: علي بن أبي طالب.

قال: يا سيدي، هو الذي سن لهم ذلك، وعلمهم إياه، وطرّقهم إليه؟

قال: نعم والله.

قال: يا سيدي، فإن كان محقاً فما لنا أن نتولى فلاناً وفلاناً؟! وإن كان مبطلاً فما لنا نتولاه؟!. أي (ينبغي أن نبرأ إما منه، أومنهما).

قال ابن عالية: فقام إسماعيل مسرعاً، فلبس نعليه، وقال: لعن الله إسماعيل الفاعل إن كان يعرف جواب هذه المسألة.

ودخل دار حرمه، وقمنا نحن، وانصرفنا) انظر شرح نهج البلاغة ج:9 ص:307 ـ 308.

واخيرا قال تعالى (ليحق الحق ويبطل الباطل ولوكره المجرمون) الانفال:8

اضف تعليق