إسلاميات - اهل البيت

الحسين هدية محمدٍ لأمته

بمناسبة ميلاد الإمام الحسين عليه السلام

شعاع النور كان يتلألأ من جبينه، بيت النور قد نور مرة أخرى، كان الجميع يتفقد جمال وجهه ويمعن النظر في تفاصيله النورانية.. ليس الأكوان والأفلاك وحدها استبشرت بقدومه بل هناك من كان ينتظره على أحر من الجمر ولهفة الشوق، يقال تلك اللحظات التي تسبقُ أي شيء هي أجمل من الشيء ذاته، أن الانتظار هو قمّة الرهبة، لأنها قمّة الألم وهذا شعور مؤرق ولا شفاء منه إلا ببلسم الخلود، ولكن بعد أن رأى الملائكة صفا صفاً يهبطون إلى كعبة العشق أدرك إنه ربما قد حان موعد الشفاء وبلسم الخلود الذي كان يبحث عنه، وأصبح جاهزاً لسد الجراح، بلسم الخلود لا يقاس بأي شيء في عالم الوجود لأنه استثناء.

منذ البداية غير كل معادلات الكون والمكان أصبح قبلة العاشقين وجن العالم بحبه غرد أجمل ألحان الحب دون البوح بكلمة وغدا يخط أفضل رسوم الإيثار بلا إصبع !وجذب ملايين الناس نحوه دون التقييد والتكبر بل خضع أمام ربه وعلى شأنه، قدم كلما يملك فأعطاه الله ما يملك إنه قانون إلهي، عبدي أعطني تكن مثلي أو مثلي أقول لشيء كن فيكون فتقول لشيء كن فيكون، لذلك أصبح تاج رأس العشاق وتربع على عرش العظمة في القلوب.

قال الامام الصادق (عليه السلام): ان الحسين بن علي (عليه السلام) لما ولد امر الله عزوجل جبرئيل ان يهبط في ألف من الملائكه فيهنئ رسول الله صلى الله عليه وآله.

فهبط جبرئيل فمر على جزيرة في البحر فيها ملك يقال له فطرس، كان من الحملة، بعثه الله عزوجل في شيء فأبطأ عليه، فكسر جناحه وألقاه في تلك الجزيرة، فعبد الله تبارك وتعالى فيها سبعمائة عام حتى ولد الحسين بن علي (عليه السلام) فقال الملك لجبرئيل: يا جبرئيل اين تريد؟.

قال: ان الله عز وجل انعم على محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) بنعمة فبعثت أهنئه.

كأنه لبرهة خلع رداء الانتظار احتراماً وتبجيلاً لذلك النور المبارك وعرف بأن هو مقصده ومنجيه.

فقال: يا جبرئيل احملني معك لعل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) يدعو لي.

قال: فحمله .

قال: فلما دخل جبرئيل على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) هنأه من الله ومنه وأخبره بحال فطرس.

فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): قل له تمسح بهذا المولود وعد الى مكانك. تمرغ بفراش الامام الحسين ورجع كما كان.

فقال: يا رسول الله اما إن امتك ستقتله وله علي مكافأة ألا يزوره زائر إلا ابلغته عنه ولا يسلم عليه مسلم إلا ابلغته سلامه، ولا يصلي عليه مصل إلا ابلغته صلاته ثم ارتفع وقد خط يراع الشعائر سطور في هذا الباب:

‎لمـهدك آيات ظهرن لفطــــــــــــــــــــــــــــــرس

‎وآيـة عيسى أن تـكلّم في المـــــــــــــــــــهدِ

‎لئن ساد في أُمٍّ فأنت ابن فاطــــــــــــــــم

‎وان ساد في مهد فأنت أبو المهدي

أحاديث شريفة في فضل الحسين بن علي:

روي في فردوس الأخبار وبحار الأنوار ومناقب ابن شهر أشوب وإرشاد المفيد وكشف الغمة: عن يعلى بن مرّة قال رسول الله صلى الله عليه وآله ك حسين منّي وأنا من حسين أحب الله من أحب حسيناً ، حسين سبط من الأسباط .

وفي مناقب ابن شهر اشوب ومنتهى الآمال: عن سلمان الفارسي رضي الله عنه أنّ الحسين عليه السلام كان على فخذ رسول الله صلى الله عليه وآله وكان يقبّله ويقول: (أنت السيّد ابن السيّد أبو السادة، أنت الإمام ابن الإمام أبو الأئمة، أنت الحجّة ابن الحجّة أبو الحجج تسعة من صلبك، وتاسعهم قائمهم).

وفي منتهى الآمال: عن الصادق عليه السلام أنهُ قال: (كان الحسين بن علي عليهما السلام ذات يوم في حجر النبي صلى الله عليه وآله يلاعبه ويضاحكه، فقالت عائشة: يا رسول الله، ما اشد إعجابك بهذا الصبي فقال لها، وكيف لا احبه ولا اعجب به وهو ثمرة فؤادي وقرة عيني؟ اما ان امتي ستقتله فمن زاره بعد وفاته كتب الله له حجة من حججي. قالت يارسول الله حجة من حججك؟! قال نعم، وحجتين من حججي، قالت: يا رسول الله حجتين من حججك؟! قال: نعم، وأربعة. قال: فلم تزل تزيده ويزيد ويضعّف حتى بلغ تسعين حجة من حجج رسول الله صلى الله عليه وآله بأعمارها (أي: مع كل حجة عمرة).

أقوال العظماء في الحسين بن علي

مودوكابري ريس: يقال في مجالس العزاء أن الحسين ضحى بنفسه لصيانة شرف وأعراض الناس، ولحفظ حرمة الإسلام، ولم يرضخ لتسلط ونزوات يزيد،إذن تعالوا نتخذه لنا قدوة، لنتخلص من نير الاستعمار، وأن نفضل الموت الكريم على الحياة الذليلة.

توماس ماساريك: على الرغم من أن القساوسة لدينا يؤثرون على مشاعر الناس عبر ذكر مصائب المسيح، إلا أنك لا تجد لدى أتباع المسيح ذلك الحماس والانفعال الذي تجده لدى أتباع الحسين لا تمثل إلا قشة أمام طود عظيم.

انطوان بارا: لو كان الحسين منا لنشرنا له في كل أرض راية، ولأقمنا له في كل أرض منبر، ولدعونا الناس إلى المسيحية بإسم الحسين.

الزعيم الهندي غاندي: لقد طالعت بدقة حياة الإمام الحسين، شهيد الإسلام الكبير، ودققت النظر في صفحات كربلاء واتضح لي أن الهند إذا أرادت إحراز النصر، فلا بد لها من اقتفاء سيرة الحسين.

من أقوال الإمام الحسين عليه السلام:

- قال (عليه السلام) عن آثار العبادة الحقيقية: «من عَبَدَ الله حقَّ عبادته آتاه الله فوق أمانيه وكفايتهِ»*1

- سُئل عن معنى الأدب فقال: «هو أن تخرج من بيتك فلا تَلقى أحداً إلاّ رأيت له الفضلَ عــــليك»*2

- قال الإمام الحسين (عليه السلام): «مالُك إن يكن لك كنتَ له فلا تبق عليه; فإنّه لا يُبقي عليك، وكلُه قبل أن يأكلك»*3

الحسين مصباح الهدى وسفينة النجاة

ليس ثمة مكان للشك والشبهة في مقامه الشريف وهو خامس أصحاب الكساء وثار الله وابن ثأره، وقد ورد كثير من الروايات عن فضله ليس في كتب الفريقين فقط بل حتى غير المسلمين.. وهنا أعلن عجزي عن كتابة ما يليق بشخصه الكريم أشعر بخيبة لساني عن ذكر علو شأنه فأقول كما قال الشاعر:

‎يدي وجناحا فطرس قد تعلــــــــــــقا

‎بجاه ذبيح الله وابن ذبيحــــــــــــــــــه

‎فلا عجب أن يكشف الله ما بنا

‎لأنا عتيقا مهده وضريحــــــــــــــــــــه

إن الحسين درب النجاة والصلاح ليس في الدنيا فقط بل في الآخرة حيث الغربة والوحشة، الحسين امطار نزلت لتسقي وتثمر ألذ وأفضل الثمرات:

الحسين هو معجزة محمد لأمته

التسعة المعصومين من ذريته

والدعاء مستجاب تحت قبته

والشفاء جُعل في تربته.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الهوامش
‎[1] بحار الأنوار : 71 / 184 .
‎[2] ديوان الإمام الحسين : 199 .
‎بحار الأنوار : 71 / 357 .[3]

اضف تعليق