ثقافة وإعلام - صحافة

المتظاهرون أطلقوا حملات لدعم البضاعة الوطنيّة

ومقاطعة البضاعة الأجنبيّة والإيرانيّة خصوصاً

يعتقد ناشطون عراقيّون يسعون إلى الإصلاح في التظاهرات ووسائل الإعلام والتواصل الاجتماعيّ، أنّ تشجيع المنتج المحليّ واجب وطنيّ لإنهاء النفوذ الخارجيّ، لا سيّما الإيرانيّ، على السياسة والاقتصاد في بلادهم. وإذ يركّز المتظاهرون في ساحات الاحتجاج، بشكل واضح، على تشجيع المنتج الوطنيّ بعد تدشين صنع في العراق...
بقلم: عدنان أبو زيد

يعتقد ناشطون عراقيّون يسعون إلى الإصلاح في التظاهرات ووسائل الإعلام والتواصل الاجتماعيّ، أنّ تشجيع المنتج المحليّ واجب وطنيّ لإنهاء النفوذ الخارجيّ، لا سيّما الإيرانيّ، على السياسة والاقتصاد في بلادهم.

يشنّ المحتجّون العراقيّون حملة لمقاطعة المنتجات الأجنبيّة التي تزدحم بها الأسواق، مركّزين على الإيرانيّة، والترويج للمنتجات العراقيّة.

ورغم انخفاض زخم الاحتجاجات، خاصة بعد مقتل القياديين العسكريين الايراني والعراقي قاسم سليماني وابو مهدي المهندس، فما زالت ساحات الإعتصام تقيم محاضرات توجيهية باستمرار حول ضرورة دعم البضاعة الوطنية ومقاطعة الاجنبية وخاصة الايرانية منها احتجاجا على دعمها للقوى القامعة للاحتجاجات في العراق. وكذلك تقيم ساحات الاحتجاج معارض مستمرة تقدم فيها بضاعة وطنية وتدعو لاستخدامها بدل غيرها من المنتوجات الايرانية وغيرها الاجنبية.

وإلى جانب الشعارات التي رفعت في التظاهرات في الدعوة إلى تشجيع المنتج المحليّ، أدار ناشطون حملة إعلاميّة واسعة على صفحات التواصل الاجتماعيّ وفي وسائل الإعلام، تفاعل معها العراقيّون بشكل واسع. وعرضت حملة "صنع في العراق" على صفحات "فيسبوك"، صوراً لمنتجات عراقيّة ودعوات إلى شرائها. كما دعا ناشطون في حملة "المنتج الوطنيّ العراقيّ" المتابعين إلى شراء دجاج مدينة كبيسة المنتج في محافظة الأنبار. وشجّع ناشطون على شراء البيض الأحمر العراقيّ المنتج في النعمانيّة بمحافظة واسط، فيما كتب الناشط عبّاس فيصل المعموريّ في صفحات حملات الدعم للمنتج الوطنيّ أنّ "آثار ثورة دعم المنتج الوطنيّ تنعكس بصورة إيجابيّة على زيادة الناتج الإجماليّ وانخفاض البطالة".

وفي اتّصال أجراه معه "المونيتور"، أشار عبّاس المعموري إلى "أنّ نتائج باهرة تتحقّق من جرّاء الحملة. إذن، بدأت المنتجات الوطنيّة تغزو الأسواق، بسبب زيادة الطلب عليها"، داعياً "أصحاب المعامل والصناعيّين والمستثمرين العراقيّين إلى تحسين جودة المنتجات، لكي يكسبوا ثقة المواطن".

ويبدو أنّ الحملة دفعت، في 28 تشرين الثاني/نوفمبر من عام 2019، بمجلس القضاء الأعلى إلى تشديد الإجراءات بشأن عمليّات تهريب واستيراد البضائع الأجنبيّة بشكل مخالف للقانون، تعزيزاً لدعم المنتج المحليّ.

وفي مشهد ميدانيّ لتداعيات الحملة، قال الناشط عمر المشهداني: "كنت باتصال مع صاحب معمل ألبان في محافظة بابل، مغلق منذ عام 2007، لكنّه يعود إلى العمل الآن بخطّ إنتاج واحد ويخطّط للعمل بكامل الطاقة خلال أيّام، وإنّ هذا المعمل سيوفّر 70 فرصة عمل".

ونبّه المستشار الماليّ لرئيس الوزراء العراقيّ مظهر محمّد صالح، عبر "المونيتور"، إلى أنّ حصد ثمار الحملة يتطلّب "تفعيل قانونين أساسيّين في حاجة إلى هيكليّة تنظيميّة، ترافقهما قوّة تنفيذيّة فاعلة، وهما: مجلسا حماية المنتج وحماية المستهلك، وذلك يتطلّب أوّلاً حماية نوعيّة السلع المستهلكة، لا سيّما المستوردة منها لوجود انتهاك لا حدود له لصحّة المستهلك واستنزاف دخله. وثانياً، تفعيل المنتج المحليّ وحمايته من ظاهرة الإغراق وسياسة الباب المفتوح".

واعتبر مظهر صالح أنّ "حماية المنتج الوطنيّ هي في حاجة إلى قرار وطنيّ تتوافر فيه 3 عناصر فاعلة، وهي: قوّة نفاذ القانون في حماية المنتج، ضبط الحدود باستخدام القوّة العسكريّة لحماية سياج البلاد الاقتصاديّ من المهرّبين ومخترقي القانون، واستخدام منظومة ضريبيّة جمركيّة بديلة، بالتعاون مع شركات دوليّة ذات خبرة".

ويمكن رصد أحد أسباب الحملة لتشجيع الإنتاج المحليّ، في تصريح محمّد حسين الموسوي، وهو مدير شركة تجاريّة في سوق الشورجة ببغداد، بـ24 كانون الثاني/نوفمبر من عام 2019، لوسائل الإعلام، قال فيه: "إنّ البضائع الرديئة غزت الأسواق".

وأرجعت عضو مجلس النوّاب السابق سروة عبد الواحد في حديث لـ"المونيتور" تلكّؤ الإنتاج الوطنيّ إلى كون "الحكومات المتعاقبة فشلت بعد عام 2003 في وضع خطّة استراتيجيّة لإحياء المصانع بسبب انشغالها في الصراعات".

وفي حين أكّدت سروة عبد الواحد أنّ "ما يقوم به الشباب المتظاهر من حملات دعم للمنتج المحليّ أثمر عن نجاح انعكس على تسويقه والترويج له"، أشارت إلى أنّ "حملة مقاطعة البضاعة الإيرانيّة تسيّس ضمن أجندة إخراج نفوذ إيران السياسيّ في العراق، والذي كان له تأثير حاسم في تشكيل حكومة عبد المهدي التي فشلت بامتياز وجعلت الشارع يرتدّ سلبيّاً على إيران".

وكشفت عن أنّ "حجم التبادل التجاريّ الأحاديّ الجانب لصالح إيران وصل في الحقب الحكوميّة السابقة إلى 16 مليار دولار سنويّاً. أمّا في عهد عبد المهدي فتضاعفت النسبة، بحسب بعض المعلومات الرسميّة".

من جهته، اعتبر المتحدّث باسم وزارة التخطيط عبد الزهرة الهنداوي في حديث لـ"المونيتور" أنّ "الحملة انطلقت في وقت مناسب، حيث يحتاج العراق إلى إعادة بناء آلاف المصانع المتوقّفة التي تتضمّنها الخطّة الخمسيّة 2018 إلى 2022، حيث تحتاج 18 ألف مصنع إلى تشغيل".

وكشف عن أنّ "الحملة تترافق مع اكتفاء العراق من الإسمنت بطاقة 31 مليون طنّ. كما أنّ 22 محصولاً أوقف استيرادها، فيما تسدّ الصناعات البلاستيكيّة الحاجة وتمّ إيقاف استيرادها، وانخفض استيراد الألبان إلى نحو 50 في المائة".

بدوره، قال الكاتب والإعلاميّ رئيس مجلّة "دنيا المال والاستثمار" زيد الحلي لـ"المونيتور": "إنّ الحراك لتشجيع المنتج الوطنيّ هو أكثر من كونه حملة، بل صحوة وانتفاضة شعبيّة لتشجيع المنتجات المحليّة، بعد أن بلغ حجم الاستيرادات لبضائع وموادّ بسيطة، لها بدائل عراقيّة، نحو 36 مليار دولار سنويّاً".

وتحدّث الباحث الاقتصاديّ والمهندس السابق في وزارة النفط محمّد زكي إبراهيم لـ"المونيتور" عن "تأثير الأجندة المسيّسة على حملة دعم المنتج المحليّ"، وقال: "إنّ الحملة استهدفت، في الدرجة الأساس، المنتجات الإيرانيّة، وغفلت عن منتجات البلدان الأخرى".

وأشار إلى أنّ "ما يوحّد موجة الاحتجاجات هو العداء لإيران، الأمر الذي يدلّ على أنّ المقاطعة ليست بعيدة عن منطق الصراع الأميركيّ – الإيرانيّ في المنطقة".

ورصد محمّد إبراهيم "ردود أفعال معاكسة لهذه الحملة تنذر بمقاطعة مماثلة للبضائع الخليجيّة والتركيّة من جانب الفئات المجتمعيّة التي تتعاطف مع إيران"، معتبراً أنّ "حملة تشجيع السلع الوطنيّة في حدّ ذاتها تلقى إعجاباً واسعاً".

وإذ يركّز المتظاهرون في ساحات الاحتجاج، بشكل واضح، على تشجيع المنتج الوطنيّ بعد تدشين "صنع في العراق" عبر تنظيم معرض "شباب التحرير لدعم الصناعة العراقيّة"، بساحة التحرير في بغداد، فمن المتوقّع حضور لافت للصناعة العراقيّة، وألاّ يقتصر دعمها على الدعاية والحملات الإعلاميّة، بل أن يكون بواسطة قوانين وآليّات عمليّة توفّر الآلات ورؤوس الأموال لأصحاب المشاريع.

https://www.al-monitor.com

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق