توجد في كل المجتمعات فئة خاصة تتطلب منك الرعاية والاهتمام بها نتيجة لوضعهم الصحي، ويبدأ هذا الاهتمام ليس فقط من الناحية الجسدية بل حتى المسمى الذي نطلقه عليهم ولا نلتفت إليه ونهمله وهو استعمال كلمة "معاق" وهى من أصل "عوق" يدل على المنع والاحتباس، فكل ما يحولك عن فعل أي شيء تريده فهو عائق، لا يمكنك من ممارسة حياتك بالشكل السليم، لنتعرف على هذه الاحتياجات الخاصة وما هي الأسباب التي تجعل الطفل واحدا من هؤلاء الأطفال.

قالت الدكتورة سهير علي لـ (شبكة النبأ المعلوماتية) وهي ناشطة في مركز تأهيل المعاقين عن هذه الحالة بصورة شاملة، هناك ملايين الملايين من الاطفال يحملون الاعاقة بجميع أنواعها، وهنالك أنواع عديدة منها مثل، متلازمة داون، التخلف العقلي، صعوبة التعلم، الصمم وضعف السمع، العاهات البصرية، صعوبة الكلام وضعف الخطاب، الشلل الدماغي، إصابات الدماغ الرضحية، الإعاقات المتعددة.

ما هي أسباب وجود الإعاقة؟

أسباب وجود الإعاقة كثيرة منها الوراثة، والبيئة، نقصد بها استعمال المرأة الحامل للعقاقير الضارة، أو اصابتها بعدوى أثناء فترة الحمل، المضاعفات إثناء الولادة، بما في ذلك الأطفال الذين يولدون قبل أوانهم، وانخفاض إمدادات الأوكسجين إلى الطفل حديث الولادة، العيوب الوراثية والخلل الجيني، نقص التغذية، الالتهابات مثل الالتهاب السحائي، والملاريا الدماغية، والحميات العالية، اضطرابات الجهاز العصبي، الادوية والسموم. اذاً هناك عوامل كثيرة تجعل الطفل من ذوي الاحتياجات الخاصة.

كيف نتعامل مع الطفل المعاق؟

في مجال كيفية التعامل مع المعاق تقترح الدكتورة سهير الخطوات التالية:

أولا: تقبّل الطفل المعاق واحترامه، والاعتراف بإعاقته وعدم الخجل من حالته.

ثانيا: امنحيه ثقة في قوته، واكتشفي نقاط القوة لديه، وحاولي تنميتها ولا تتعاملي معه على أنه عاجز كلياً مهما كانت إعاقته، فهو قادر على عمل شيء ولو بسيط جدا.

ثالثا: اجعلي امامه هدفاً في هذه الحياة، اذكري له مشاهير العالم وكيف كانت إعاقتهم وكيف نجحوا، امتدحي نجاح طفلك مهما كان صغيراً.

رابعاً: والأهم بالنسبة إلى نفسية الطفل هو عدم ذكر إعاقته أو حتى الشكوى أمامه، وتجنبي الاستهزاء به انت أو الآخرين، وتعاملي معه كما تتعاملين مع الطفل السليم، ولا تواجهيه بعجزه وأعطيه خيط من الأمل.

خامسا: لا تكذبي عليه، وكوني صريحة في التعامل معه وافتحي معه الحوار حول إرادة الله تعالى في الابتلاء والامتحان، وأن أجره سيكون أكبر وأعظم، وأن الإعاقة ليست نهاية الحياة.

الأمل موجود دائما

أم هاشم لديها أربعة أطفال اثنين منهم معاقين، حدثتنا عن حالتهم، تقول: ان الله كتب لي أن أكون أما لأثنين معاقين منذ ولادتهم وإلى يومنا هذا، هاشم يبلغ من العمر5 اعوام ((شلل في الدماغ))، أحمد يبلغ من العمر ثلاث سنوات وُلد وهو فاقد النظر، هاشم فاقد النطق والحركة، أحمد على الرغم من أنه لا يرى أحدا، حتى لالوان لايعرفها، فقط يعرفني انا.

وتضيف أم هاشم: ان كلمة "معاقين" قاسية جداً على نفسية أطفالي، ورغم أن حالتي المادية لاتساعدني في العلاج، أحاول أن أقدم لهما ما أستطيع، أعلم طفلي دائماً أن الله تعالى خلق في كل إنسان جانبين هما قوة ونقص، وأن جوانب النقص قد تكون واضحة عند بعض الناس بجسدهم من دون غيرهم، لماذا هو؟ ولماذا لم يكن غيره؟.

عليه أن يحمد الله تعالى عليها أولاً ثم يحاول استغلالها بما هو نافع ومفيد، وأن الله تعالى عندما يبتلي المؤمن فيصبر ويحتسب ويصبح هذا الابتلاء سببا لفوزه بالجنة، وبالتالي يكون الابتلاء نعمة يشكر الله تعالى عليها، هذا ما اقوله لإبني المعاق عندما يسألني لماذا أنا يا أمي؟، ولكن عندما أرى نظرات الناس الى اطفالي، أتألم كثيراً وأدعو ألله أن يلهمني الصبر.

من منا لا يرى معاقا ولا يردد كلمة (مسكين)، أو كلمة (اسم الله)... إنها تعبيرات واحيانا ايماءات لأشخاص نعرفهم، كلها تنطق بشعورنا اتجاه هذه الفئة التي حرمت عضوا من جسدها ولكن لا نعرف قيمته حتى نفقده (لا سمح الله).

هل فكرنا يوما في نفسية هذا المعاق؟

وهل نظراتنا أو كلماتنا أو تعاملنا، وهل شفقتنا عليه تساعده، أم تدمره؟ وتؤثر سلبياً على معنوياته؟ كيف نتعامل معه؟ وما هو دور الأسرة والمجتمع في هذا الأمر؟ وهل الأسر عندنا تعد وجود معاق مشكلة وعائقا أمامها؟ الأسئلة عديدة وكثيرة طرحناها على الدكتور ماهر العبد استشاري طب أطفال في مركز النور، فقال:

حسب تعريف الأمم المتحدة للمعاق "هو ذلك الشخص الذي لا يمكنه تأمين احتياجاته الأساسية بشكل كامل أو جزئي محصلة عاهة خلقية أثرت في أهليته العقلية أو الجسدية"، ويعرَّف المعاق بأنه: الإنسان غير القادر على استغلال مهاراته الجسدية، واذا كان المعاق اذا كان تأخر في النمو أو مرض طبي، وبسبب هذه الحالة فانه يحتاج إلى عناية خاصة أكثر من أقرانه، قد تكون الاحتياجات الخاصة إعاقة جسدية، تنموية، سلوكية أو عاطفية، وقد تظهر في أية مرحلة من عمر الطفل.

برامج اعادة التأهيل وبرامج التعليم الخاص

تتفوق هذه الرعاية على تلك التي يحتاجها الأطفال الآخرين، وهذا ناجم عن تعقيد الحالة وطبيعة المرض المزمن، حيث تقدر منظمة الصحة العالمية أن هنالك 15% – 20% من الأطفال لديهم اعاقة عضوية أو عقلية. وتشير دراسة اجرتها وزارة التعليم بالولايات المتحدة أن 10% من الأطفال لديهم احتياجات خاصة، ومعظمهم تتراوح أعمارهم بين 6 و 11 عاما، وشكلت إعاقة السمع 24.1% إما إعاقة البصر فكانت 29.9%. ووجدت الدراسة أن الإعاقة بين الذكور أكثر شيوعا من الإناث.

وخرج المختصون بتعريف لذوي الإحتياجات الخاصة "بأنه ذلك الشخص الذي يحتاج طوال حياته أو خلال فترة معينة من حياته مساعدات خاصة من أجل نموه، أو تعلمه، أو تدربه أو توافقه مع متطلبات الحياة اليومية، أو الأسرية، أو الإجتماعية، أو الوظيفية، أو المهنية"، كما صنفوا ذوي الإحتياجات الخاصة لعدة فئات وهي؛ الإعاقة البصرية، الإعاقة السمعية، الإعاقة الذهنية، الإعاقة البدنية والصحية، التأخر الدراسي وبطيئي التعلم، صعوبات التعلم، الإعاقات الإجتماعية والثقافية، الإضطرابات السلوكية، التوحدية أو الذاتوية، والتفوق العقلي.

تداخل في المصطلحات

وفي هذا المقام لا بد التمييز بين مجموعة من المصطلحات التي أحياناً تذكر في موضوع ذوي الاحتياجات الخاصة، ويخلط فيما بينها وبين الإعاقة مثل مصطلح القصور، والعجز، لكل من المصطلحات الثلاثة مدلوله الخاص على المستوى التركيبي والوظيفي للجسد وانعكاساته على الوظائف الحياتية للشخص، فالقصور يعني إصابة عضو أو أكثر في جسم الإنسان بفقدان أو قصور تركيبي (تشريحي) أو وظيفي (فسيولوجي) او نفسي (سيكولوجي) بشكل دائم أو مؤقت.

آداب التعامل مع المعاق

اذا كان الصمم في أذن واحدة، فينبغي الجلوس بجانب الأذن السليمة حتى يستطيع سماعك، وعدم الجلوس أمامه وجهاً لوجه، وفي حالة الصمم الكامل، فإن الطريقة الوحيدة للاتصال معه هي التواصل المرئي من خلال لغة الإشارة وقراءة حركة الشفاه، فهو بهذه الحالة يفهم ما تريد قوله من دون إحراج أو أذى، وينبغي مراعاة ما يلي:

عندما تتحدث معه ينبغي أن تكون بطيئاً في الكلام ليتسنى له فهمك، وتجنب رفع صوتك لجلب الانتباه، فهو لن يسمعك مهما بلغت درجة صوتك، كما أنه قد يشوش على الأجهزة المساعدة السمعية، فهي تعمل بشكل جيد مع نبرات الصوت الطبيعية، وعليك أن تتحلى بالصبر أثناء التحدث معه.

أما إذا كان بصريّاً، تذكر دائماً أن الشخص المعاق بصرياً هو شخص عادي وطبيعي، ويتمتع بحواس أقوى ممّا عند الأصحاء لتعويض النقص عنده، فتحدث معه بنبرة صوت عادية وتجنب رفع صوتك، وقم بوصف المكان الذي تتواجد فيه معه، وأخبره عن الأشخاص المتواجدين معكم، فهذا يشعره بأنه لا يختلف عن الموجودين بشيء.

اسأله إن كان بحاجة لمساعدة ما، كأن يقطع الشارع، ولكن لا تفرض عليه المساعدة بدون طلبه أو استئذانه. إذا طلب منك المساعدة اتركه هو من يمسك بذراعك وليس العكس، وإذا كنت بصحبته وتسير معه في مكان ما، عليك تحذيره إن وجد عقبات على الطريق أو منعطفات.

أما المعاق حركيّاً فلا تقدم له المساعدة إلا في حالة طلب منك، ونفّذ التعليمات التي يطلبها منك المعاق خاصة إذا كنت تتعامل معه للمرة الأولى، وتجنب التعامل مع المعاق حركيّاً بشكل مفاجئ، واحرص على كرسي المعاق حركيّاً، فهو بالنسبة له من أهم وأثمن الأشياء، في حالة احتاج المعاق حركيّاً مساعدة عند ركوبه السيارة، أو أي حالة أخرى. ولو تعاملنا بهذه الآداب مع المعاق نكون قد تجنبنا ايذائه وعززنا قدراته النفسية.

طفل معاق كتب في دفتره هذه الأبيات الشعرية

قالوا عني معاق

ما ذنبي انا

ولدت هكذا قدري كان

هل أحكم على نفسي بالموت

هل اغير ما كتبه الله لي

ولدت كي أكون عبرة

كي اقتل اليأس

واقهر المرض

ازرع الأمل

اتابع رحلة عمري

لا احد يتحملني

انتم تعيشون

وانا من حقي أن أعيش

كفّوا أنظاركم عني

سأعيش بسلام واسير دربي

فطريق النجاح يعرفني

وإن كنت معاقا

فعقلي معي وكم من سليم الجسد

خالي من العقل.

إنه طفل معاق كتب هذه الأبيات في دفتره وهو يعاني من نظرة المجتمع إليه، ابياته تصف حالهم. وحان الوقت للوقوف مع ذوي الاعاقة، لتفعيل قانون يحمي المعاقين وحقوقهم وتوعية وتثقيف المجتمع بآداب التعامل معهم وحل قضاياهم وكيف نساعدهم في مواجهة الظروف، ودعمهم ودفعهم نحو النجاح.

حقوق المعاقين

المطلوب أيضا توعية المعاقين أنفسهم بحقوقهم، فالإعاقة أيا كان نوعها تترتب عليها حقوق مكتسبة للمعاق، منها العلاج في مستشفيات الدولة، وحق التعليم والتأهيل المهني والتدريب العملي، فضلا عن توفير فرص وظيفية تناسب ظروف هذه الفئة.

إن حمل الشخص لبطاقة «معاق» تعني حصوله على خصم يصل إلى %50 في الكثير من المستشفيات الخاصة بجانب العلاج الحكومي، اضافة إلى اعطاء المعاق الأولوية في انهاء المعاملات لدى مراجعته المصالح الحكومية والخاصة ايضا، وعدم وقوفه في طوابير الانتظار، إلى جانب إعطائه «ملصقا» للسيارة لركنها في مواقف المعاقين، اضافة إلى حق السكن والاعانات المادية والرعاية الاجتماعية.

وأخيرا نؤكد أن حقوق المعاقين ليست منّة من أحد، ولا فضلا، انما حق كحق باقي المواطنين، معا نحو مستقبل افضل وغد اجمل، فالإعاقة ليست نهاية الحياة.

اضف تعليق


التعليقات

سلام محمد الخفاجي
العراق
تحقيق مكتمل بجميع جوانبه جعل اقلامنا
تقف عاجزة عن الاضافة
بارك الله فيك على هذا الموضوع المفيد والنافع
كل الشكر والتقدير لك2015-12-14
مريم فاضل
البحرين
موضوع في قمة الروعه لطالما كانت مواضيعك متميزة لا عدمنا التميز و روعة الاختيار دمت لنا ودام تالقك المستمر تعلمت كيف أتعامل مع الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة من خلال هذا التحقيق.2015-12-14
مريم فاضل
البحرين
موضوع في قمة الروعه لطالما كانت مواضيعك متميزة لا عدمنا التميز و روعة الاختيار دمت لنا ودام تالقك المستمر تعلمت كيف أتعامل مع الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة من خلال هذا التحقيق.2015-12-14
باقر العراقي
العراق
شكرآ لهذه الكاتبة لطرحها معاناة المعاقين في زمن كثر فيه بسبب الحروب والتفجيرات انسانيتك في اختيار المواضيع هي التي تجعلك في عالم الإبداع دائماً2015-12-14
ام فاطمه
العراق
الاستثمار يعتمد على الابتكار ،وهو ما لانراه شيئا نجد المبتكر يصنع منه ابداع والفائده للحاجه المبتكر بعد ان كانت مركونه وايضآ لاستعمالاتها بعد ما كانت عبأ ..هكذا هم اهل الاحتياجات الخاصه ..الفائده ليست لهم فقد حين تعليمهم او توجيههم للتوجيه الصحيح بأعتبار ان لهم حياه مستقله كما لنا نحن لكن ايضا الاستفاده منهم للتطور وللتقدم بعدما جعلهم تخلف المجتمع عبأ على المجتمع نفسه ...انهضوا واسعوا وانطلقوا نحو احلامكم التي بها نسمو نحن ومهما نتعب سنجد منكم المعونه بعد حين ،بوركتم وبوركت الايادي التي احتضنتكم فانتم باب من ابواب الجنه2015-12-15