ان خريجي الدراسة الاعدادية اغلبهم يصل للجامعة وهو يحمل كما من المعرفة ولديه مستوى علمي مقبول ولكن المستوى التربوي لغالبية الطلبة متباين ومختلف وغير ناضج ودون مستوى الطموح. اغلبهم يعانون من تناقض ما بين الشعار والواقع العملي فالاغلبية يهتفون بشعارات الحب للوطن ولكنهم بنفس الوقت وبشكل واقعي لا يشعرون بالانتماء للوطن في الواقع العملي.

؛؛مرة وانا في قاعة الدرس (عدد الطلبة بحدود 50) سالت من يحب العراق؟ الاغلبية بدأ بحماس يهتف ويقول كلمات رنانة بحب الوطن، وبعد ذلك مباشرة سالت من منكم لو سنحت له الفرصة سيهاجر الى اوربا؟ الاغلبية رفعوا ايديهم رغبة في الهجرة الى وطن جديد؛؛. اي ان هناك هوية انتماء مشوهة للطلبة وهذه الهوية بالتأكيد نتيجة افراز لهوية انتماء وطنية مشوهة للمجتمع ككل. ان هوية الانتماء المسؤول عنها المؤسسات التربوية والثقافية والدينية.

ان القيم الاخلاقية والتربوية المجتمعية لها دور كبير في تكوين شخصية الطلبة في مرحلة الجامعة. نرى مثلا العديد من دول العالم المتحضر تصرف جهودا جبارة لغرض تنشئة الطلبة في مدراسها ليس على حب الوطن كشعار وانما بترسيخ الصلاح المجتمعي والتعاون والعمل التطوعي والتسامح وحب الخير والتضحية والايثار لأجل المجموع ونبذ السوء والفساد فمثلا في اليابان لديهم درس مهم اسمه ؛؛الاخلاق؛؛ وهذا الدرس له دور في صقل وتنشئة طلبة مدارسهم للعمل من اجل الخير والتعاون والصلاح وحب الوطن واعتبار ذلك فضيلة وقدسية اجتماعية ومن لا يعمل بذلك سيكون خارج اطار الاحترام ومنبوذ اجتماعيا ويجب اصلاحه واعادته الى وضعه السليم كعضو فعال وايجابي في المجتمع.

لغرض النهوض بالواقع التربوي العراقي يجب ان تبدأ بإصلاح المؤسسة التربوية وخصوصا المرحلة الابتدائية، وهنا نطرح المقترحات التالية لغرض اصلاح التعليم الابتدائي والنهوض به:

1. التركيز في هذه المرحلة على تعليم القراءة والكتابة اللغة العربية واللغة الانكليزية وتحسين الخط اضافة الى التركيز على تعلم الارقام والحساب على ان لا يتعدى ذلك عمليات الجمع والطرح والضرب والقسمة للاعداد. اضافة الى التركيز على بعض العلوم باسلوب واقعي وتمثيلي وليس كتلقين وقراءة فقط ويجب ان يعد هذا من قبل تربويين مقتدرين مطلعين على مناهج عالمية خصوصا للدول المتميزة في هذا الجانب مثل السويد والدنمارك وفنلندا واليابان.

ان بلاغة التعبير للإنسان اساسها التعلم في الطفولة اي ان الاساس المتين للبلاغة اساسه المرحلة الابتدائية. نلاحظ احيانا اللقاء التلفزيوني مع اغلب المواطنين المصريين يكون مقبول وسليم لغويا وبلاغيا. سبب ذلك هو ان المناهج التربوية المصرية في المدرسة الابتدائية بمستوى عالي جدا يجعل الطلبة يتعلمون مفردات وعبارات بليغة تمنحهم الاثراء اللغوي الكبير الذي يؤهلهم مستقبلا للخوض في اي حديث دون تلكؤ او تردد. مثلا مرة سمعت من احد العراقيين كان مقيم في مصر وابنه يدرس في مدرسة مصرية في مرحلة الثاني الابتدائي قال لي بان المناهج لديهم جيدة وفعالة في بناء شخصية الطلبة بشكل سليم، على سبيل المثال يحفظ الطالب عبارات وحكم ومقولات مشهورة بليغة ويطلب من الطالب كواجب بيتي ان يعيد صياغتها باسلوب وكلمات وعبارات اخرى. وكل كلمة موجودة في الجملة يطلب من الطلب ان يجد مرادفاتها ويحفظها وكل مرادفة منها يضعها الطالب في جملة مفيدة كما يطلب منه ان يجد عكس المعنى للكلمة ويجد مرادفاته ايضا ثم يضع كل مرادفة في جملة ويحفظ هذه الكلمات والجمل.

بالاعتماد على هكذا مناهج والتركيز عليها خلال سنوات الدراسة يصبح الطالب مفوه وبليغ الكلام. اذن يجب ان يعاد كتابة مناهج المرحلة الابتدائية والتركيز على اللغة والاثراء اللغوي بقوة وتقليل دراسة القواعد في هذه المرحلة والتركيز العالي على حفظ القصائد والاناشيد والمقولات البليغة والحكم. التوسع بتدريس اللغة الانكليزية وحفظ المفردات الانكليزية ومرادفاتها خلال المدرسة الابتدائية. واستحداث دروس للبلاغة (التحدث الاعلامي والخطابة) حيث يتم التركيز هنا على ان اساس البلاغة الصدق والشجاعة فعلى من يتم الحديث معه ان يجيب بصدق لكي ينجرف بالكلام لحيث لا يريد. والتركيز على مجموعة اسئلة قد توجه لأي انسان اعلاميا وكيف يرد عليها وماذا يقول وما هي كلمات اللياقة والادب والذوق التي يجب ان يتحدث بها ويجيب بها على الاسئلة وهنا يجب ان تشمل المناهج امثلة خطابية واعلامية كثيرة لزيادة قابلية الطلبة بهذا الموضوع. وتنويع الخطابة واسلوب التأثير في الاخرين وما هي المفردات الجذابة التي يجب ان يتداولها الطالب. وهذه الفعاليات يجب ان تكون على شكل سمنارات (ندوات) لا تستثني احد من الطلبة الكل يشارك فيها على الاقل في الاسبوع مرة واحدة.

2. تنمية روح التعاون وحب المساعدة والمسؤولية المجتمعية والوجبات وزرع روح الامانة والصدق والتطوع فيهم وذلك ببناء مناهج جديدة ثرية بالحكم والقصص التربوية الصالحة التي تعمل على زرع هذه القيم فيهم لأجل الوصول بهم الى مجتمع سليم وصالح. ان هكذا مناهج هي التي ستوحد المجتمع وتبعد عنه اشباح الفتنة والتفرقة والطائفية. كما ان دراسة حقوق الانسان ومعنى الديمقراطية بشكل مبسط لها دورا عظيما بان يرسخ في ذهن الطلب وبناءه الفكري مفاهيم صحيحة عن الديمقراطية بعيدا عن الفوضى الجهل باسم الديمقراطية.

3. ان التربية الاسلامية لا يدرسها المسيحي والصابئي والذين يدينون بديانات اخرى غير الدين الاسلامي في العراق وهذه المادة تدخل حتى في امتحانات الوزارية. يفضل استبدال هذه المادة باسم ثقافات الاديان في العراق ومعرفة تاريخ كل دين وانتشاره في العراق من وجهة نظر استعراض وليس اعتقاد وترك الجانب المعتقدي على اسرة الطالب لان الجانب المعتقدي للأسرة الدور العظيم فيه وهو اكبر بكثير جدا من دور المدرسة.

4. تدريس الاجتماعيات (جغرافيا وتاريخ البلد) بشكل مبسط دون الدخول بالتحليلات المعتقدية واعتماد الجانب السردي فقط.

5. ان الدراسة من المرحلة الاولى الى حد المرحلة الرابعة يكون بلا رسوب.

6. احترام شخصية الطالب وحفظ كرامته وعدم ارهابه وعدم استخدام القسوة بالتعليم ويجب ان تكون هناك رقابة شديدة لهذا الامر. ويجب ان تكون هناك رقابة شديدة على التعليم في المدارس الابتدائية لمنع حدوث اي خرق وتجاوز وارهاب للطلبة.

7. ويجب ان تنفذ هذه المناهج على ايدي تربويين مؤمنين بها ويعملون وفق برنامج ومراقبة مستمرة لغرض تقويم اي خلل يحدث اثناء العمل. والاكثار من الندوات للنظر بالمستجدات والمشاكل والتوجيه بالحلول والممكنة.

8. في حالة تردي الخدمات في المدراس وضعف امكان المؤسسة التربوية لابأس من اطلاع اولياء امور الطلبة على الامر لغرض المساهمة في رفع مستوى الخدمات في المدرسة بحملات تطوع وتبرع عند الحاجة.

ان تغيير مناهج المدرسة الابتدائية واسلوب التعامل مع الطلبة فيها سيؤدي الى خلق جيل جديد بفكر مجتمعي صالح.

لم نسهب في الطرح لضرورات النشر الالكتروني.. قلنا كلمات ورؤى ومقترحات ونتقبل الحوار الهادف الايجابي لإصلاح منظومة التربية والتعليم العراقية...

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق