على الرغم من الموقف البريطاني الرسمي السلبي إزاء ما يحصل من حرب إبادة في غزّة، فإنّ ذلك لم يمنع من تنظيم ندوة مهمّة في مجلس اللوردات البريطاني، دعا إليها مركز كامبريدج لدراسات فلسطين، التابع لجامعة كامبريدج المرموقة، شارك فيها نخبة متميزة من الشخصيات الأكاديمية والدبلوماسية والسياسية في أجواء تضامنية حميمة...

على الرغم من الموقف البريطاني الرسمي السلبي إزاء ما يحصل من حرب إبادة في غزّة، فإنّ ذلك لم يمنع من تنظيم ندوة مهمّة في مجلس اللوردات البريطاني، دعا إليها مركز كامبريدج لدراسات فلسطين، التابع لجامعة كامبريدج المرموقة، شارك فيها نخبة متميزة من الشخصيات الأكاديمية والدبلوماسية والسياسية في أجواء تضامنية حميمة.

وانعقدت الندوة تحت عنوان «غزّة: الآن وفي المستقبل»، حيث غصّت القاعة بالحضور النوعي ومن جنسيات مختلفة. وافتتحتها البارونة مانزيلا أودين، وهي من أصول بنغلاديشية، مخاطبة الحضور بقولها: إن قلبي وروحي لم يعودا يتحملان ما حصل في غزّة، خصوصاً أن الإبادة مستمرة، وأن المجتمع الدولي لم يتمكّن من وقف القتال ووضع حدّ للمعاناة والمأساة.

وقدّمت الطبيبة الشابة د. حنان أبو كامل شهادة شخصية بشأن انقطاع أخبار عائلتها، منذ بداية العدوان على غزّة، وحتى انعقاد الندوة، وهي لا تعرف إن كانوا على قيد الحياة أو أنهم تحت الأنقاض، كما تطرّقت في كلمتها إلى تدمير القطاع الصحّي واستهداف الطاقم الطبي، إضافة إلى العقوبات المفروضة عليه من جانب قوات الاحتلال الإسرائيلي، وذكرت جريمة قصف مستشفى المعمداني ومحاصرة مستشفى الشفاء، وخروج المستشفيات الأخرى من الخدمة، والأرقام المخيفة للقتلى والجرحى والمفقودين، وهو ما أثار عاطفة الحضور.

ومما قاله بيتر فورد، سفير بريطانيا السابق في سوريا والبحرين، ورئيس قسم الشرق الأوسط في وزارة الخارجية سابقاً، إن ثمة ازدواجية مقيتة في المعايير لدى العديد من العواصم الغربية، وخصّ فيها موقف بلاده الرسمي (بريطانيا)، وانتقد التشدّق بحقوق الإنسان في مكان وتجاهلها في أماكن أخرى، بالإشارة إلى ما يجري من انتهاكات سافرة في غزّة. ووصف البروفيسور ريتشارد فولك، أستاذ القانون الدولي، والذي وصل من الولايات المتحدة خصيصاً لحضور هذه الندوة، وكان المقرّر الأممي السابق للأمم المتحدة في فلسطين المحتلة 1967، ما يحدث في غزّة ﺑ «حرب الإبادة الجماعية»، طبقاً للقانون الدولي، مشيراً إلى أن تلك الجرائم، التي تُرتكب في قطاع غزّة جهاراً نهاراً، ليس لها مثيل، وهي اختبار لوعينا الإنساني.

ودعت الوزيرة كلير شورت، التي قدّمت استقالتها من حكومة توني بلير، إبّان الحرب على العراق في العام 2003 واحتجاجاً عليها، المجتمع البريطاني إلى تكثيف جهوده لإدانة حرب الإبادة، والضغط على الحكومة البريطانية لتغيير موقفها.

وكان رأي السفير الفلسطيني السابق عفيف صافية، أن ما يجري في غزّة سيترك تأثيره على عموم الساحة الفلسطينية، وأن أي حل سياسي يجب أن يُسهم فيه المجتمع الدولي، وأكّد السفير الأردني عمر منار دبّاس على ضرورة تفعيل المسار القانوني، لاسيّما من خلال المحكمة الجنائية الدولية، لملاحقة مجرمي الحرب، مشدّداً على عدم نسيان القدس وما تتعرّض له الكنائس والأديرة، ناهيك عن رجال الدين والزوار أيضاً للأماكن المقدّسة. واعتبر حاييم بريشيت، الذي ينحدر من عائلة يهودية ناجية من المحرقة النازية أن أعمال المقاومة مشروعة؛ لأنها تكافح ضدّ احتلال بلدها.

الجدير بالذكر أن البروفيسور مكرم خوري مخّول، مدير مركز كامبريدج لدراسات فلسطين، هو من أدار الندوة، وهي جزء من حلقة نقاشات تشمل مؤتمرات وورشات عمل وندوات أقامها منذ بداية العدوان على غزّة، مشيراً إلى ضرورة الاهتمام بالجوانب النفسية لحرب الإبادة، والتي يفترض أن يخصّص لها ندوة مستقلّة.

وبغضّ النظر عن موقف الحكومة البريطانية المساند «لإسرائيل»، والذي عبّر عنه رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك خلال زيارته إلى تل أبيب، فإن الساحة البريطانية شهدت خلال الأسابيع المنصرمة تظاهرات حاشدة، قُدّر عدد المشاركين في آخر تظاهرة بمليون إنسان، على الرغم من محاولات إيقاف بعض القطارات، والتضييق على وصول المتظاهرين المتجهين إلى مكان التظاهرة، واتّخاذ بعض الإجراءات ذات الطبيعة المخالفة لحريّة التعبير، والذي جسّدته سويلا برافرمان وزيرة الداخلية البريطانية المقالة بموقفها المتعصّب والمتطرّف؛ حيث وصفت تظاهرات التضامن مع فلسطين بأنها دعوة للكراهية. وتبقى قضية غزّة ملتهبة في الغرب، وهي إضافة إلى طابعها الإنساني، فهي مقياس لاختبار يقظة الضمير والانحياز للحق والعدل والإنسان.

.....................................................................................................
* الاراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق