كل عراقي يفتخر بتلك الدماء الزكية التي حررته من أوهام الخلاف والاختلاف الطائفي والعرقي وقاتلت كتفا لكتف ضد خلافة الوهم، فيما لم يستثمر هذا النصر لصناعة سلم اهلي دائم واكتفى امراء الطوائف في كل ذكرى لهذا الانتصار للتذكير بتلك الدماء الطاهرة واستحقاقاتها سياسيا على طاولات التنازع السلطوي...

احتفل العراقيون بالنصر العسكري على فلول داعش الإرهابية بلا أي انجاز ملموس في بنيان السلم الأهلي الذي انعكس واضحا في ازدياد فجوة الثقة المجتمعية وعدم ظهور الا ورقة بيضاء للإصلاح الاقتصادي شاعت رائحتها في ارتفاع سعر الدولار مقابل تخفيض القدرة الشرائية للدينار العراقي مما أدى الى انخفاض دخل المعيشة بنسبة تزيد على 20 بالمئة من دون اية ضوابط لإنصاف الشرائح الفقيرة مما أدى الى زيادة نسبة الفقر ومن يعيش على هشاشة الاقتراب منه لتصل الى حوالي نصف الشعب العراقي.

لم يستثمر امراء الطوائف السياسية تلك الدماء الزكية التي حررت اكثر من ثلث الأراضي للدولة العراقية في الاستجابة لشعار رفعه المتظاهرون في ساحات التحرير العراقية # نريد وطن# وجاءت نتائج الانتخابات الأخيرة لتعيد اللعبة متعددة الأطراف في الذهاب الى ذات نموذج الحكومة التوافقية بنظام مفاسد المحاصصة، حتى بات ارتفاع أسعار الطحين لوحده قضة تعبر عن مظالم تلك الدماء التي جاءت أصلا من ذات المناطق التي تعيش اليوم فاقة الافتقار المبرمج!!

لم يستعيد اهل الحل والعقد مقولة كارل فون كلاتوفيتز ان الحروب إدارة لسياسة الدولة عندما يكون الدم الحل الأخير للخروج من معضلة عدم التوصل الى حلول سلمية على طاولة التفاوض، هكذا كانت امارات الاقتتال الاوربية في القرون الوسطى، ولكن الشعوب الأوروبية بعد حربين عالميتين رسخت معايير السلم الأهلي وتحول فرقاء الامس واعداء خناق القتال الى حلفاء في الاتحاد الأوربي فيما واقع الحال ان الأغلبية الغالبة من العراقيين لم تصل حالة الاقتتال الطائفي او العرقي المباشر بل ان امراء الطوائف السياسية من قاد واقع الحرب الاهلية ما بعد الاحتلال الأمريكي وصولا الى تحول تنظيمات من هنا وهناك بعناوين مختلفة وبأجندات إقليمية ودولية لتكون مجرد بندقية للإيجار بعناوين تفسيرات التكليف الشرعي بمفهومي البيعة والتقليد وصولا الى اعلان النصر العسكري على فلول داعش ومنهج التكفير ودولة الخرافة بعنوان عريض ان الإرهاب لا دين له.

فيما لم يفهم امراء الطوائف السياسية ان اجنداتهم الخارجية يمكن ان تقفز يوما على ما يجدونه استحقاقات محلية وهكذا بات السلم الأهلي العراقي مرة أخرى في لعبة الاواني المستطرقة لتلك الاجندات الخارجية، لتصل مخاطر التصعيد الى حافة التصادم البيني داخل فواعل العملية السياسية مما ادى الى انسدادها امام مطرقة اشهار السلاح والحاجة الملحة في إعادة السيوف الى اغمادها.

ولا يمكن انجاز تطبيقات السلم الأهلي بعقلية تلك الاجندات التي قادت قوافل من الشهداء لتحرير الأرض من دون التخلي عن عقلية التكليف الشرعي لتضحى هي الأخرى مجرد بندقية للإيجار على طاولة مصالح إقليمية ودولية حتى بات السؤال لماذا حصل كل الذي حصل في اغتصاب عصابات داعش لثلث الأراضي العراقية من دون اعلان صريح لمحاكمة من تسبب بذلك في محاكمة علنية، ومحاكمة أخرى تحاسب من وظف تلك الدماء الزكية لمصالح اجندات إقليمية ودولية، وفي كلا النوعين من القضاء العادل المنصف يمكن ان نتوقف عند سؤال كبير ”اذا المؤدة سؤلت باي ذنب قتلت” هكذا حاولت الاجندات الإقليمية والدولية محو العراق ووأد حضارته وإنسانية شعبه بأفكار طائفية وعرقية!!

نعم .. كل عراقي يفتخر بتلك الدماء الزكية التي حررته من أوهام الخلاف والاختلاف الطائفي والعرقي وقاتلت كتفا لكتف ضد خلافة الوهم، فيما لم يستثمر هذا النصر لصناعة سلم اهلي دائم واكتفى امراء الطوائف في كل ذكرى لهذا الانتصار للتذكير بتلك الدماء الطاهرة واستحقاقاتها سياسيا على طاولات التنازع السلطوي، لكنهم لم يتفكروا لحظة بان لقمة في بطن جائع افضل من... ولله في خلقه شؤون!

.............................................................................................
* الآراء الواردة في المقال قد لا تعبر بالضورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق