إذا أراد الإنسان الحقيقة فإن قضية الإمام المهدي واضحة كوضوح الشمس في رابعة النهار، ولا يوجد أي مجال للتشكيك فيها، فقد أتمّ الله الحجة، لكن إذا أراد أحدهم أن يغالط نفسه ووجدانه، نعم يوجد مجال للإنكار كما يوجد مجال لإنكار الآخرة وكما يوجد مجال لإنكار الله...
إن غيبة الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه تمثل شكلاً من أشكال التمحيص والابتلاء الإلهي للعباد

 

كان كلامنا يدور حول السبب الذي يكمن وراء غيبة ولي أمرنا وإمام زماننا الحجة المهدي عجل الله تعالى فرجه، وكيف يمكن تفسير هذه الغيبة المحيرة؟ وقد سبق أن ذكرنا في الحلقة الماضية أن هذا السؤال لا يختص بغيبة الإمام المهدي، وإنما يعم كثيراً من غيبات الأنبياء والأولياء، فلماذا غاب نبي الله موسى (عليه السلام) أربعين ليلة؟ ولماذا غاب نبي الله عيسى (عليه السلام) حوالي ألفي عام؟ ولماذا غاب ذو النُّون (عليه السلام) أربعين يوماً عن قومه؟ ولماذا غاب أهل الكهف ثلاثمائة سنة وازدادوا تسعاً؟

الإجابة الثالثة:

في المقام توجد هنالك عدة إجابات وقد مضت منها إجابتان: إن غيبة الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه) تمثل شكلاً من أشكال التمحيص والابتلاء الإلهي للعباد، حيث يبيّن القرآن الكريم أن الابتلاء الإلهي سنّة الله في عباده ويقول: (أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ ، وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ)(1).

فالابتلاء الإلهي كان موجوداً في الأمم المتقدمة ولا تشذ هذه الأمة عن هذه السُنة الإلهية(2)، بل لعلّ القرآن الكريم يدل على أن الغاية من الخلقة والهدف منها هو الاختبار والامتحان، يقول القرآن الكريم:

(تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ)(3)، ولعلّ ظاهر هذه اللام أنها تخص الغاية أو أنها لام العاقبة التي يذكرها (المُغني)(4)، فهذا هو الهدف وهذه هي الغاية.

إن للاختبار والابتلاء الإلهي أشكال، أحد أشكاله: الابتلاء بالغنى والابتلاء بالفقر، والابتلاء بالقوة والابتلاء بالضعف والابتلاء بالجمال والابتلاء بالقبح، وهنالك الابتلاء بالغيبة أيضا، ولكي تتوضح الصورة نستعين بمثال من حياة الأنبياء صلوات الله عليهم أجمعين.

امتحان الأمة بغياب القائد

إن وجود القائد في مراحل التحول التاريخي يُعد قضية مهمة جداً، فوجود القائد بين ظهراني الأمة في مرحلة التحول وفي بدايات التكوين قضية مهمة لأن الأمة لم تصل بعد إلى كمالها المطلوب ولم تستقر بعد، بل لا تزال فيها رواسب الماضي التي يمكن أن تعرض الأمة للخطر في حالة غياب القائد، ولكن مع كل ذلك تجدون أن نبياً من الأنبياء العظام يغيب عن أمته في مرحلة التحوّل والتكوين.

فعندما انتقل نبي الله موسى (على نبينا وآله وعليه الصلاة والسلام) إلى مرحلة تكوين الأمة، حيث كانت حديثة التكوين والتأسيس، وكانت قد خرجت لتوها من تحت حكم فرعون، وكان وجود النبي موسى في هذه المرحلة مهمّاً جداً، لكن وإذا به يغيب ثلاثين ليلة، والعجيب أن التقدير الإلهي مدّد هذه الفترة من ثلاثين ليلة إلى أربعين: (وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ)(5)، والسؤال هو كيف كان هذا الإتمام وكيف كان هذا الوعد؟ لكن هذه قضية أخرى، فقد طالت الغيبة وإذا بالكوامن الدفينة تتحرك، والمجال يُفسح أمام القوى التي في قلبها مرض أو شك أو ريب، وإذا بهذه الأمة الجديدة تُمتحن امتحاناً شديداً، فيأتي رجل يُقال له: السامري ويصنع عجلاً من ذهب ثم يُلقي بعد ذلك بقبضة في داخل هذا العجل(6)، وإذا به يخرج لهم صوت خوار، وهنالك رواية لطيفة وردت في (بحار الأنوار: المجلد الثالث عشر ص227)(7) منقولة عن الإمام الباقر صلوات الله وسلامه عليه، يقول الإمام كما ورد في هذه الرواية: (لما ناجى موسى (عليه السلام) ربه أوحى إليه تعالى وهو في الطور: أن يا موسى قد فتنت قومك)، بمعنى حصل نوع من الامتحان أو الفتنة، فلو كان موسى موجوداً لما كان لهذا الامتحان الإلهي أن يتم كما يبدو.

وهنالك رواية حيث سُأل سيد الشهداء صلوات الله عليه: لماذا خرجت إلى كربلاء؟ فقال الإمام صلوات الله عليه: (فبمَ إذن يُمتحن هذا الخلق)(8)، فلو لم تكن قضية كربلاء موجودة كيف كان سيظهر جوهر حبيب بن مظاهر والشمر؟ فلعلّ مظهرهما كان واحداً، ولكن عندما تحدث قضية كربلاء وإذا بها تفصل بين هذين الرجلين، وهنالك كوامن خفية في مرحلة القوة حيث يوفر الامتحان الإلهي الجو لكي يتحول ما في هذه القوة إلى فعل.

توجد هنالك بيضة عصفور وبيضة أفعى، فإذا لا توجد الأجواء الملائمة لإخراج ما في هذه القوة ربما لا تجدون فرقاً في المظهر بين البيضتين، ولكن عندما توفرون الأجواء لكي يتحول ما في القوة إلى ما بالفعل، وإذا بتلك البيضة تتحول إلى طائر جميل والبيضة الثانية تتحول إلى أفعى قاتلة.

إن الله سبحانه وتعالى يحرك الأحداث ولا يسلب الإرادة، فهي موجودة ولكن الله تعالى يحرك الأحداث بشكل ما لكي يتحول ما في القوة إلى ما بالفعل، فنحن لا نعلم حتى من نحن؟! وغير مكشوفين لأنفسنا، أي لا نعرف أنفسنا ولذلك دائماً يشعر المؤمنون بالخطر ودائماً يدعون: (رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا)(9).

أحياناً يوجد اختلاط في القلب وعندما يأتي الجو المناسب وإذا بالإنسان يتحول إلى ولي من الأولياء، فهو لم يصبح وليّاً بالقوة، إنما الامتحان هو الذي وفّر له الجو وإذا به قد تحول إلى احد الأولياء، ومن اجل توفير مثل هذا الجو لابد - مثلاً - لصدام أن يأتي ويحكم الناس، ولو لم يكن صدام حاكماً فربما لم تكن تظهر بعض الكوامن، ولكن حين يُسجن رجلان في هذا الجو وإذا بواحد منهما يتحول إلى صديق مع الأنبياء والصديقين، والثاني يتحول في هذا السجن إلى رجل كافر وزنديق، فمن الذي حوّل ما في القوة إلى ما بالفعل؟ إن الأجواء وحركة الأحداث هي التي تحركت بشكل أظهر تلك الكوامن.

لهذا ينبغي أن يغيب النبي موسى (عليه السلام)، وغاب فعلا لكي تتحرك الإرادة التكوينية في اتجاه - دققوا قليلاً - وتتحرك الإرادة التشريعية في اتجاه آخر، لأنه إذا توافق تحرك الإرادتين التكوينية والتشريعية فلا يُفسح المجال للامتحان، لهذا تتحرك الإرادة التشريعية في اتجاه وتتحرك الإرادة التكوينية في اتجاه آخر، وإذا بالله سبحانه وتعالى يمحّص ما في القلوب، فقد أوحى الله إليه: (أن يا موسى قد فتنت قومك، قال وبماذا يا رب؟ قال: بالسامري) فلو كان موسى (عليه السلام) موجوداً لعلّه لم يكن هنالك دور للسامري ولكن غيبة موسى (عليه السلام) هي التي فسحت أمامه المجال، وقد كان السامري يبحث عن ماء يسبح به وهذه الغيبة هي التي وفرت له هذا الماء، وهذه ليست قضايا الأمم المتقدمة بل هي قضايانا نحن أيضا، وتخصّ كل واحد منّا.

وإذا لم يكن الإمام الكاظم (صلوات الله عليه) يغيب في ظلمات السجون كيف كانت تظهر حقيقة علي بن أبي حمزة البطائني(10)..

وزياد بن مروان القندي(11) وعثمان بن عيسى الرؤاسي(12)، فلو كان الإمام ظاهراً لما كان يتاح المجال لهذا الاختبار، فكان لابد للإمام الكاظم أن يغيب في الظلمات، وهي ظلمات السجون وظُلم المطامير فيُفسح المجال لامتحان هؤلاء.

(قال: بالسامري، قال: وما فعل السامري؟) يسأل موسى من ربه؟ (قال: صاغ لهم من حُليهم عجلاً)، وهو وليد البقر، فأخذ الحلي منهم أو الذهب وصاغ عجلاً ذهبياً.

لاحظوا سؤال موسى (عليه السلام)، (قال: يا رب إن حليهم لتحتمل أن يُصاغ منها غزال أو تمثال أو عجل - هذا ليس امتحاناً - فكيف فتنتهم؟) لقد أخذ السامري الذهب وصنع منه عجلاً فكيف يكون الامتحان؟ وكيف تكون الفتنة؟

(قال الله: إنه صاغ لهم عجلاً فخار) له خوار كما في الآية الكريمة، فهذا هو الامتحان.

(قال موسى (عليه السلام): يا رب ومن أخاره؟)، أي من الذي جعل العجل يخور؟ (قال: أنا) جعلته يخور، فقال موسى (عليه السلام) عندئذ: (إِنْ هِيَ إِلاّ فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَنْ تَشَاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ) (13) فكيف أخار الله سبحانه وتعالى هذا العجل؟ لاحظوا حركة الأحداث.

غيبة موسى (عليه السلام) وفتنة السامري

إن السامري هو أحد عظماء قوم موسى (عليه السلام)، وكما ذكر البعض إنه كان من خُلّص أصحابه، وعندما أراد قوم موسى أن يعبروا البحر وإذا بجبرائيل يأتي على فرس لا يراه الكل - لاحظوا حركة الأحداث - فأي فرد لم يرَ جبرائيل ولكن السامري يراه - لاحظوا هذه مقدمة لحركة الأحداث نحو تلك النتيجة - ولكن لماذا يرى السامري جبرائيل؟ لأنه إذا لم يكن يرى جبرائيل لما كانت تقوم هذه الفتنة ولما كان هذا الامتحان، فيرى جبرائيل ويرى التراب وقد دبّت فيه الحياة ويتحرك تحت حافر فرس جبرائيل فيخطر في ذهنه أن يأخذ قبضة من هذا التراب المتحرك ويحتفظ بها طويلاً إلى اليوم الموعود، أي عندما يغيب موسى ويُصنع العجل الذهبي فيأخذ قبضة من هذا التراب المتحرك الحي ويلقيه في باطن العجل وإذا بالعجل يخور، بمعنى يصدر منه خوار كخوار العجل، (فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى)(14) أي هذا هو الرب! وقد نسي موسى أن هذا هو إلهه وضيّع الطريق وذهب لكي يرى الله بينما هذا هو الله - ويقصد به العجل- إن الله (كما يقول السامري للقوم): لا يريد بعد الآن أن يتعامل معكم بواسطة بل يتعامل معكم بلا واسطة، فسجدوا للعجل.

هنا يوجد كلام وتساؤل: كيف فتن الله سبحانه وتعالى قوم موسى (عليه السلام)؟

الجواب: إن الأمر واضح، فالفتنة توجد مجالاً للالتفات - وهذا ما سنوضحه بعد قليل إن شاء الله - وإلا كيف يدل عجل يخور على أنه إله؟!.

يقول الوالد (قدس سره) (15): إذا جاء لكم أحدهم بفأرة مصنوعة من الحديد وقال لكم: إن هذه الفأرة إله بدليل أنها تتحرك، وأخذت الفأرة الحديدية تتحرك، فهل هذا يُسوّغ أن تقولوا هذا إله؟! وهل يقبل العقل بهذه الفأرة إلهاً؟! فالإله الذي يجب أن يكون صانعاً كيف يكون مصنوعاً؟ بمعنى ليس هنالك مجال في هذا، ولكن فُتح هنالك هامش وإذا بقوم موسى وعددهم ستمائة ألف فرد يرتدّون جميعاً، ويبقى منهم إثنا عشر ألف فقط، ثم قال لهم السامري: إن موسى كذب عليكم - والعياذ بالله - وهرب منكم ولا يعود إليكم أبداً.

إن العقل لا يقبل هذا إلهاً، وقد ورد في بعض الكتب أن السامري(16) أخذ العجل وألصقه بجدار وكان وجهه إلى الناس وذيله إلى الجدار وقد ثقب ذلك الجدار - هذا الكلام نقلاً عن احد المصادر طبعاً -وذهب مجموعة من أعوانه المتآمرين معه وراء الجدار وأخذوا يطلقون الأصوات من وراء الجدار(17)، و كان يجب أن يحققوا في مصدر تلك الأصوات ويذهبوا وراء الجدار ليروا إذا كان هنالك شيء يقف وراء هذه الظاهرة الغريبة؟

(فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا)، أي ألم يعدكم الله تعالى وعد السيادة في الدنيا، والقانون والمقام الرفيع في الآخرة: (أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي)(18) حتى أرادوا أن يقتلوا هارون - كما ورد في بعض الكتب - فهرب منهم كي لا يقتلوه(19).

امتحان الأمة بغياب الإمام المهدي

أذكر هنا بعض الروايات التي تبين أن غيبة الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه، تمثل امتحاناً من الله سبحانه وتعالى لعباده وأعقّب هذه الروايات بملاحظة، وقد وردت هذه الروايات في المجلد الثاني والخمسين من كتاب بحار الأنوار، وإحداها موجودة في (الصفحة 95/ الحديث رقم 10) في آخر هذا الحديث المروي عن الإمام الصادق صلوات الله عليه يقول: (إن للغلام غيبة قبل أن يقوم) كما جاء في نهاية الحديث: (لأن الله تعالى يحب أن يمتحن خلقه، فعند ذلك يرتاب المبطلون)(20) وليس الباحثون عن الحقيقة، فالمبطل والذي في قلبه مرض هو الذي يرتاب، وإلا فإن الباحث عن الحقيقة لا يشك.

الرواية الثانية موجودة في (الصفحة 101/ الحديث الثالث)، قال أبو عبد الله (عليه السلام): (والله لتُكسرن كسر الزجاج وإن الزجاج يُعاد فيعود كما كان، والله لتُكسرن كسر الفخار وإن الفخار لا يعود كما كان)، ولعلّ هذه إشارة إلى نوعين من الأفراد: قسم منهم يميلون ثم يعودون وقسم آخر لا يعودون كما كانوا، (والله لتُمحصن، والله لتُغربلن كما يُغربل الزؤان(21) من القمح)(22)، حيث تختلط مع الحنطة حبوب حمراء وسوداء أو صفراء، فلابد أن يحدث تمييز وفصل لتظهر الكوامن.

الحديث الثالث (صفحة 113/ رقم الحديث 26) عن الإمام الكاظم صلوات الله عليه: (إذا فُقد الخامس من ولد السابع - وهو الإمام الكاظم (عليه السلام) - من الأئمة فالله الله في أديانكم.. ) (23).

إن هذه قضية خطيرة، لا سيما في هذا العهد، أعني عهد العولمة وعهد الاختلاط، اختلاط الأفكار والمذاهب والأديان، حيث توجد الآن في كل غرفة كل الأفكار وكل الأديان وكل الاتجاهات، فإذا غفل الإنسان قليلاً ينتهي، (فالله الله في أديانكم لا يُزيلنكم عنها أحد، يا بُني إنه لابد لصاحب هذا الأمر من غيبة إنما هي محنة من الله امتحن بها تعالى خلقه).

الرواية الأخرى: (رقم 28) عن جابر الجعفي: قلت لأبي جعفر - أي الإمام الباقر (عليه السلام) - متى يكون فرجكم؟

قال: (هيهات هيهات -كأن معنى هيهات بعُدت- لا يكون فرجنا حتى تُغربلوا ثم تُغربلوا ثم تُغربلوا حتى يذهب الكدر ويبقى الصفو)(24).

فلسفة البطون والغيبة

هنا توجد ملاحظة مهمة في امتحانات الغيبة، حيث يوجد اختلاط عجيب بين عنصرين: عنصر البطون وعنصر الظهور، أو عنصر التجلّي وعنصر الاختفاء، أو عنصر الغيبة وعنصر الوضوح، إنه خليط عجيب، ربما يعالج هذا المطلب بعض الإشكالات التي ربما وردت في بعض الأذهان، فمن جانب بطون كامل، ومن جانب آخر ظهور كامل، ولكن لماذا البطون للامتحان، ولماذا الظهور الكامل؟ لتتم الحجة على العباد، بمعنى لماذا الاختفاء؟ للامتحان، ولماذا التجلي؟ لتمام الحجة، لأن الله تعالى لا يترك عباده بل يتم عليهم الحجة، ولكن إذا يذهب الإنسان وراء الحجة، فهل الآخرة غيب أم شهود؟ أيهما الجواب؟ وهل أن الله تعالى قبل الآخرة غيب أم شهود؟.

الجواب: إن الله تعالى غيب وشهود في آن واحد، فهو سبحانه غيب من جانب ويُمتحن العباد بهذا الغيب، وهو حقاً امتحان مهم، ومن جانب آخر شهود (عميت عين لا تراك)(25) لأن الله تعالى متجلٍّ بقدرته في كل ورقة شجرة.

ذلك العالم في المختبر يقول: (رأيت الله، عظمة الله، وجود الله، صفات الله، تتجلى في كل ذرة من هذا الكون). إن هذا يدل على اختلاط عجيب (يا باطناً في ظهوره يا ظاهراً في بطونه)(26)، فالبطون يمثل امتحان والظهور يمثل تمام الحجة، فهل الآخرة غيب أم شهود؟ إذا كانت الآخرة شهوداً لا يتحقق الامتحان، كما لو أن شرطيا واقف أمامكم، فإذا وضع الله تعالى جهنم ظاهرة أمامنا، وكل من يعمل معصية تأخذه الملائكة فوراً وترميه في جهنم! فهل كان سيتم الامتحان؟ كلا أبداً، فجهنم غيب ولكن الجنة والجحيم واضحتان في الوقت نفسه لمن يريد أن يراهما، أي إذا لم يغمض الإنسان عينيه، أما إذا لا يريد أن يرى ذلك سيقول: هل رأيتم أحدا خرج من قبره (مهشم الرأس)؟ وهذا مثال معروف، أو ذلك الرجل الذي جاء وأخذ العظم وقال: (مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ)(27).

لاحظوا في الآخرة، هنالك خلط العنصرين بشكل عجيب، فالآخرة واضحة مائة بالمائة لمن يفتح عينيه، حيث كل البراهين العقلية والنقلية والوجدانية، أي البرهان والوجدان والقرآن كلها تؤدي إلى الآخرة بوضوح، لكنها تبدو من جانب آخر باطنة، وهنا يظهر الامتحان، ولعله - والله أعلم - أن معنى الآية الكريمة حيث يقول الله سبحانه وتعالى: (أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى)(28) إذ يقول البعض: (تعني مفردة (أَكَادُ) أريد أن أخفيها)(29)، ولكن لماذا أخفى الله الآخرة؟ لعلّ معنى الآية:

(لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى) فإذا كانت الآخرة ظاهرة لكان الكل متقين ومؤمنين، وهذا الامتزاج العجيب نفسه بين البطون والظهور موجود في قضية المهدي المنتظر عجل الله تعالى فرجه، ففي الوقت الذي يكون فيه الإمام المهدي صلوات الله عليه غائباً عن الأكثرية حيث لا يرون الإمام المهدي (عليه السلام)، ولكن في الوقت نفسه إذا أراد أحدهم الحقيقة يمكنه الوصول إليها، وإذا لا يريدها فسوف يشكك حتى في وجود الله تعالى.

إذن، إذا أراد الإنسان الحقيقة فإن قضية الإمام المهدي واضحة كوضوح الشمس في رابعة النهار، ولا يوجد أي مجال للتشكيك فيها، فقد أتمّ الله الحجة، لكن إذا أراد أحدهم أن يغالط نفسه ووجدانه، نعم يوجد مجال للإنكار كما يوجد مجال لإنكار الآخرة وكما يوجد مجال لإنكار الله سبحانه وتعالى: (أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ)(30) نعم يوجد مجال، لأن هذه هي طبيعة الدنيا، فلابد أن يُمتحن الإنسان.

أذكر لكم هنا ما قرأته في مقالة، ولو أن هذا يقع خارج بحثنا، لكنني سأذكر لكم هذا لكي تلاحظوا أن الإنسان إذا أراد أن يعرف الحقيقة سيصل إليها وإذا أراد أن يغالط نفسه يمكنه ذلك أيضا سواء في قضية الإمام المهدي أو في غيرها، لقد قرأت قبل مدة ما يقوله الكاتب: أنا مؤمن بالله ولكن ليس لدي دليل على وجوده، عجيب!! ويقول أيضا: إن من يؤمن بالله ليس لديه دليل على وجوده، ومن يكفر بالله ليس لديه دليل على وجوده أيضا! إنها قضية ذوقية، بهذا الشكل.

وفي كل شيء له آية تدل على أنه واحد(31)

ولكن إذا أراد الإنسان أن يغالط نفسه فيوجد مجال لذلك، هذه القضية حدثت في شهر رمضان المبارك حيث نشرت إحدى الصحف تلك المقالة، هنا أريد أن أبين كيف يمكن أن يوجد في عين البطون ظهور كامل ولكن لمن يفتح عينه؟ كان عنوان المقالة

- لا أتذكر الصحيفة أو مكانها - عن اثني عشر خليفة من قريش، فهذه الرواية المحيرة (داخ) فيها الآخرون، من هم هؤلاء الإثنا عشر؟ لقد ذكر البخاري هذه الرواية، وأنتم طبعاً تعتقدون بالبخاري(32) وهو أصح كتاب لديكم بعد كتاب الله، فرواية اثنا عشر خليفة موجودة في البخاري (باب الاستخلاف)(33) وهي موجودة في مسلم (كتاب الإمارة)(34)، وسنكتفي بهذا ناهيك عن بقية الكتب، يقول كاتب المقالة الذي يريد أن يغمض عينيه: (أخبر النبي صلى الله عليه (وآله) - وآله طبعاً مني - أنه سيكون من بعدي اثنا عشر خليفة من قريش، فعن جابر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: (يكون بعدي اثنا عشر خليفة كلهم من قريش)، قال: ثم رجع إلى منزله فأتته قريش فقالوا: ثم ماذا سيكون؟ قال: (ثم يكون الهرج)((35 - كما ينقل الراوي - حسناً، يريد كاتب المقالة أن يفسر هذه الرواية فيقول: (تحققت نبوءة رسول الله، اثنا عشر خليفة - لاحظوا التفسير - حيث كان بعده اثنا عشر خليفة، أحصوهم: إنهم الخلفاء الأربعة الأوائل، وهؤلاء متفق عليهم، والخامس سيدنا الحسن والسادس معاوية والسابع ابنه يزيد، - الذي يقول عنه (رضي الله عنه) - هؤلاء الذين - كما جاء في روايات أُخر في مسلم وغيره - يقوم بهم الدين، لا يزال الدين عزيزاً منيعاً بهم - وغيرها من هذه الأوصاف - والثامن حفيده معاوية بن يزيد أو معاوية الثاني، والتاسع عبد الله بن الزبير، لماذا؟ لأنه حكم مكة لمدة من الزمن، والعاشر مروان بن الحكم، والحادي عشر عبد الملك بن مروان، والثاني عشر هو الوليد بن عبد الملك، وعددهم اثنا عشر خليفة، وقد توفي آخرهم الوليد بن عبد الملك سنة 96 للهجرة) وفي بقية الرواية، ثم يكون من بعد ذلك الهرج، فمتى حدث الهرج وأين؟

إنه يريد أن يطبق الحديث، فيقول: (ووقع بعد ذلك بست وثلاثين سنة هرج وقتال شديد إبان انتقال الخلافة من بني أمية إلى بني العباس)، لكن أين صار البقية؟ إذ لم يكتمل العدد اثنا عشر خلال مدة الستة وثلاثين عاماً، فكيف قفزتم على هذه المدة؟ فأنتم وصلتم إلى الوليد وهو الثاني عشر، طيب من هو الذي جاء بعد الوليد؟ جاء بعده سليمان بن عبد الملك وبعده جاء عمر بن عبد العزيز وبعده جاء يزيد بن عبد الملك وبعده جاء هشام بن عبد الملك وبعده جاء الوليد بن يزيد بن عبد الملك وبعده جاء يزيد بن الوليد بن عبد الملك، ثم جاء إبراهيم بن الوليد بن عبد الملك، ثم جاء مروان بن محمد، ثم حدث الهرج والمرج خلال الثورة العباسية ضد الأمويين، فكم خليفة كان على النبي (صلى الله عليه وآله) أن يقول في الحديث؟: يكون بعدي عشرون خليفة، أي إلى مروان، ثم يكون الهرج، لكنه يقفز لأن ليس هنالك حل آخر للكاتب، إذ يقول: اثنا عشر خليفة، أي بلغ بهم إلى الوليد، ثم وقع بعد ذلك بست وثلاثين سنة ومع هذه الطفرة هنالك هرج وقتال وشديد إبان انتقال الخلافة من بني أمية إلى بني العباس!! إنه لا يريد أن يعترف بالحقيقة، لأن هذا الحديث ليس له إلا تفسير واحد، وهو حديث الأئمة الإثني عشر الموجود في البخاري وفي مسلم وفي مسند أحمد وفي كتب المسلمين من الفريقين، فليس له أي تفسير آخر.

ويمكنكم أن تبحثوا الكرة الأرضية حول هذا، لاحظوا ما قاله علماؤهم، إذ ليس لديهم أي تفسير لذلك يضطرون لكي يلتفّون على الحديث.

والآن جربوا واسألوا عشرة من علمائهم عن معنى حديث الأئمة الإثني عشر، فكل واحد منهم سيقول تفسيراً مختلفاً (36)، وكيف تحقق هذا الهرج الذي تقولون به؟

إذن لو كان لدينا هذا الحديث فقط لكان كافياً في إثبات الإمام المهدي (عليه السلام)، فكيف إذا كان لدينا آلاف الأحاديث.

ذكر المرجع المعروف الشيخ الصافي (37) (حفظه الله) مجموعة من هذه الأحاديث في كتابه، وذكر السيد العم(38) (حفظه الله) في كتابه (المهدي (عليه السلام) في القرآن) و(المهدي (عليه السلام) في السنة) مجموعة من هذه الأحاديث، ولكن دعك عن تلك الأحاديث، فهذا الحديث وحده كافٍ. إذن فقضية الإمام المهدي صلوات الله عليه في عين بطونها، هذا البطون الذي جعله الله للاختبار وللامتحان الذي يٌمتحن الجميع به، وفي عين الوقت هذه القضية واضحة تمام الوضوح.

امتحان الغيبة يُظهر الكوامن

وفي بعدٍ آخر كما كانت القضية واضحة فيما يخص بني إسرائيل، ولكن من يريد أن لا يرى الحقيقة، فإن امتحان الغيبة يُظهر الكوامن، وإذا بأحدهم يذهب إلى الدرك الأسفل وآخر، إذا حفظ إيمانه يتحول إلى أعلى عليين.

إن المؤمنين في زمان الغيبة لهم ثواب فوق ما نتصور، لاحظوا الأحاديث التي وردت في بحار الأنوار: إن الذي يُؤمن بالإمام المهدي صلوات الله عليه في زمان الغيبة ويثبت(39) - والعبارات الأُخر المذكورة في الروايات - له أجر ألف شهيد، ليس الشهداء العاديين، بل من شهداء بدر وأُحد، كحمزة سيد الشهداء صلوات الله عليه وهو من شهداء أحد، وكم هو كبير مقام شهداء بدر؟ ولكن أولئك لم يتعرضوا لامتحان الغيبة، بل تعرضوا لشكل آخر من أشكال الامتحان.

أما نحن الآن فمعرضون لامتحان الغيبة ولوازمها والغموض الذي يحدث أحياناً مما يمكن للشيطان أن يلبّس على من لا يريد أن يرى الحقيقة، أما إذا يفتح الإنسان عينه، ويصمم على أن لا يفشل في هذا الامتحان، يكون له أجر ألف شهيد من شهداء بدر وأُحد.

إذن ففي الوقت الذي يُعد فيه هذا الامتحان صعباً ولكنه مرقاة من مراقي الكمال إلى فوق ما نتصور. نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا من الصابرين والثابتين وأن ننجح في هذا الامتحان العسير.

وصلى الله على محمد وآله الطاهرين.

* من محاضرات الفقيه آية الله السيد محمد رضا الحسيني الشيرازي في سلسلة محاضرات تحت عنوان (لماذا الغيبة؟)

.....................................
(1) سورة العنكبوت: 2-3.
(2) قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (لتركبن سنن الذين من قبلكم حذو النعل بالنعل، والقذة بالقذة) المسترشد: ص229 ح66، وقريب منه في مصادر العامة: انظر (المستدرك): ج4 ص455.
(3) سورة الملك: 1-2.
(4) كتاب (مغني اللبيب عن كتب الأعاريب) تأليف ابن هشام الأنصاري النحوي توفي سنة 761هـ وهو من المتون الدراسية في الحوزات العلمية والكتاب مؤلف من ثمانية أبواب الباب الأول منه: في تفسير المفردات وذكر أحكامه، والثاني: في تفسير الجمل وذكر أقسامها وأحكامها، والثالث: في ذكر الظرف والجار والمجرور، والرابع: في ذكر أحكام يكثر دورها، والخامس: في ذكر الأوجه التي يدخل على المعرب الخلل من جهتها، والسادس: في التحذير في الأمور المشهورة بين المعربين والصواب خلافها، والسابع: في كيفية الأعراب والثامن في ذكر أمور كلية في النحو.
(5) سورة الأعراف: 142.
(6) اسم عجل السامري (بهيوثا)، انظر(كتاب المحبر): ص391 باب أسماء أشياء ذكرها الله في كتابه.
(7) انظر (بحار الأنوار): ج13 ص227 ب7 ح28.
(8) راجع: اللهوف في قتلى الطفوف، للسيد ابن طاووس: ص42 في خروج الحسين (عليه السلام) من مكة إلى العراق، وفيه: (وأتته أفواج من مؤمني الجن، فقالوا له: يا مولانا نحن شيعتك وأنصارك فمرّنا بما تشاء فلو أمرتنا بقتل كل عدو لك، وأنت بمكانك لكفيناك ذلك، فجزاهم خيراً وقال لهم: أما قرأتم كتاب الله المنزل على جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) في قوله تعالى: (قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ)، فإذا أقمت في مكاني فبمن يمتحن هذا الخلق المتعوس، وبماذا يختبرون.. ).
(9) سورة آل عمران: 8.
(10) علي بن أبي حمزة البطائني أبو الحسن وكان من أصحاب الإمام الصادق (عليه السلام) والكاظم (عليه السلام) ثم وقف وهو أحد عمد الواقفة، وقد قال الشيخ الطوسي في هذه الواقفة وهم من وقفوا على الإمام الكاظم (عليه السلام): (روى الثقات أن أول من أظهر الاعتقاد علي بن أبي حمزة البطائني، وزياد بن مروان القندي، عثمان بن عيسى الرؤاسي، طمعوا في الدنيا ومالوا إلى حطامها واستمالوا قوما فبذوا لهم شيئاً مما اختانوه من الأموال).
(11) زياد بن مروان أبو الفضل القندي مولى بني هاشم ومن أصحاب الإمام الصادق والكاظم 3 ثم أصبح من الواقفة والعجيب أنه كان قد روى النص من الإمام موسى الكاظم على إمامة الإمام الرضا في حياته وبعد شهادته اظهر القول بالوقف طمعا بالمال.
(12) عثمان بن عيسى أبو عمرو العامري الرؤاسي من أصحاب الإمام الكاظم (عليه السلام) وكان من وكلائه وكان شيخ الواقفة ووجهها وقيل: إنه تاب من القول بالوقف وأرجع أموال الإمام إليه (عليه السلام).
(13) سورة الأعراف: 155.
(14) سورة طه: 88.
(15) المجدد الثاني آية الله العظمى السيد محمد ابن المرجع الورع السيد الميرزا مهدي الشيرازي ولد في النجف الأشرف سنة 1347هـ وهاجر مع والده إلى كربلاء المقدسة سنة 1356هـ حضر أبحاث كبار فقهاء عصره أمثال: والده المقدس والسيد محمد هادي الأميني والشيخ محمد رضا الأصفهاني وغيرهم وتزعم الحوزة العلمية سنة 1388هـ ثم هاجر منها إلى الكويت سنة 1390هـ ومنها إلى إيران سنة 1399هـ واستقر في مدينة قم المقدسة إلى أن وافاه الأجل سنة 1422هـ ألف أكثر من ألف وستمائة عنوان ما بين موسوعة وكتاب ورسالة.
(16) ورد في قضية عجل السامري وسبب خوره عدة معاني، منها: (أنه جعل فيه خروقاً تدخل فيها الريح، فيسمع منه صوت)، انظر(الخرائج والجرائح): ج3 ص1018 باب في ذكر الحيل وأسبابها وآلاتها، وقيل: غير ذلك.
(17) عن (قصص الأنبياء، للراوندي) ص174 ح198: (فجاء السامري فشبه على مستضعفي بني إسرائيل، فقال: وعدكم موسى أن يرجع إليكم عند أربعين، وهذه عشرون ليلة وعشرون يوماً تمت أربعين أخطأ موسى، وأراد ربكم أن يريكم أنه قادر على أن يدعوكم إلى نفسه بنفسه، وانه لم يبعث موسى لحاجة منه إليه، فاظهر العجل الذي عمله، فقالوا له: كيف يكون العجل إلهنا؟ قال: إنما هذا العجل يكلمكم منه ربكم كما تكلم موسى من الشجرة فضلوا بذلك، فنصب السامري عجلاً مؤخره إلى حائط، وحفر في الجانب الآخر في الأرض واجلس فيه بعض مردته، فهو الذي يضع فاه على دبره ويكلم بما تكلم لما قال: هذا إلهكم واله موسى).
(18) سورة طه: 86.
(19) روى الشيخ الجليل علي بن إبراهيم القمي في تفسيره:(ج2 ص62) عن أبي جعفر (عليه السلام): (وخلف هارون على قومه فلما جاءت الثلاثون يوماً ولم يرجع موسى إليهم غضبوا وأرادوا أن يقتلوا هارون.. فهمّوا بهارون حتى هرب من بينهم.. ).
(20) بحار الأنوار: ج52 ص95 ب20 ح10، عن كتاب كمال الدين للشيخ الصدوق.
(21) الزؤان هو ما يخالط الخنطة ومفرده: زؤنة.
(22) بحار الأنوار: ج52 ص101-102 ح3، عن كتاب الغيبة للشيخ الطوسي.
(23) بحار الأنوار: ج52 ص113 ب21 ح26، عن كتاب الغيبة للشيخ الطوسي.
(24) بحار الأنوار: ج52 ص113 ب21 ح28، عن كتاب الغيبة للشيخ الطوسي.
(25) مقطع من دعاء عرفة للإمام الحسين (عليه السلام).
(26) إقبال الأعمال: ج1 ص382 ب27 في دعاء الإمام الحسن بن علي (عليه السلام) في ليلة القدر، ولكن عنه العلامة المجلسي في بحار الأنوار: ج95 ص165 ب7 دعاء علي بن الحسين 3 في ليلة القدر.
(27) سورة يس: 78.
(28) سورة طه: 15.
(29) انظر(الأمالي، للسيد المرتضى): ج2 ص12.
(30) سورة إبراهيم: 10.
(31) من شعر أبي العتاهية وهو أبو إسحاق إسماعيل بن القاسم بن سويد بن كيسان العنزي الكوفي ولد سنة 130هـ بعين التمر، وتوفي سنة 211هـ وقيل: غير ذلك، وكان من الشعراء الفحول ويعد من طبقة بشار وأبي نواس والسيد الحميري وكان من المكثرين في النظم.
(32) المخاطب بهم هم أبناء العامة.
(33) روى البخاري:ج8 ص127 باب الاستخلاف من كتاب الأحكام عن جابر بن سمرة: سمعت النبي يقول: (يكون اثنا عشر أميرا)، فقال كلمة لم أسمعها، فقال أبي: إنه قال: (كلهم من قريش).
(34) روى مسلم بأسانيد عدة عن جابر بن سمرة بألفاظ متعددة والمعنى واحد فقد جاء فيها: (إن هذا الأمر لا ينقضي حتى يمضى فيهم اثنا عشر خليفة) أو (لايزال أمر الناس ماضياً ما وليهم اثنا عشر رجلاً) أو (لا يزال الإسلام عزيزا إلى اثني عشر خليفة) أو (لا يزال هذا الأمر عزيزاً إلى اثني عشر خليفة) أو (لا يزال هذا الدين عزيزاً منيعا إلى اثني عشر خليفة) أو (لا يزال الدين قائما حتى تقوم الساعة أو يكون عليكم اثنا عشر خليفة) وفي كل هذه الرواية لفظ: (كلهم من قريش)، انظر(صحيح مسلم): ج6 ص3-4 كتاب الإمارة باب الناس تبع لقريش والخلافة في قريش.
(35) مسند أحمد: ج5 ص92 حديث جابر بن سمرة، سنن أبي داود: ج2 ص309 ح4280وح4281، وغيرها من المصادر.
(36) قالوا في تفسيره جملة كبيرة من التفسيرات، منها:
1. الولاة من يستحق الخلافة من أئمة العدل وقد مضى أربعة ولا بد من إتمام العدة قبل قيام الساعة.
2. يشترط أن يكونوا في زمن واحد يفترق الناس عليهم وقد وقع في المائة الخامسة في الأندلس فادعى الخلافة فيها فقط ستة أنفس فضلاً عن الخليفة العباسي والخليفة الفاطمي وغيرهم من العلوية والخوارج.
3. الإثنا عشر في مدة عزة الخلافة وقوة الإسلام واستقامة أموره والاجتماع على من يقوم بالخلافة، وقد اجتمعوا إلى زمن الوليد بن يزيد، ويكون الخلفاء على هذا الرأي الثلاثة (وأمير المؤمنين (عليه السلام)) ثم معاوية ويزيد وعبد الملك بن مروان وأولاده الوليد ثم سليمان وعمر بن عبد العزيز ثم يزيد ثم هشام والثاني عشر هو الوليد بن يزيد.
4. الإثنا عشر كلهم من بني أمية ماعدا عثمان ومعاوية ومروان فمن يزيد بن معاوية إلى مروان الحمار.
5. الإثنا عشر يكون بعد ظهور المهدي.
6. الإثنا عشر حسب الترتيب ماعدا من لم تصح ولايته ولم تطل مدته وهم: الثلاثة (وأمير المؤمنين والإمام الحسن 3) ومعاوية ويزيد بن معاوية وابن الزبير وعبد الملك بن مروان والوليد وسليمان ولداه وعمر بن عبد العزيز حفيده.
7.هم الثلاثة (وأمير المؤمنين (عليه السلام)) وعمر بن عبد العزيز وبعض بني العباس ومنهم المهدي المبشر بالروايات.
8. هم إما بالتتابع فيبتدأ من الثلاثة (وأمير المؤمنين والإمام الحسن 3) ومعاوية ويزيد بن معاوية ومعاوية ابنه ومروان وعبد الملك ابنه والوليد وسليمان وإما بالمعنى فهم الأربعة وعمر بن عبد العزيز وتوقف في البقية.
9. الثلاثة (وأمير المؤمنين والإمام الحسن 3) ومعاوية وابن الزبير وعمر بن عبد العزيز ويحتمل شمول المهدي العباسي والظاهر العباسي ويبقى اثنان احدهما المهدي والآخر لا يعلمه.
10. من اجتمعت الأمة عليه فهم الثلاثة ومعاوية ويزيد ابنه ثم عبد الملك والوليد وسليمان وعمر بن عبد العزيز ويزيد وهشام والوليد بن يزيد.
(علماً بأن ما سبق ذكره لم يتجاوز ذكر الأقوال، ولم تتم مناقشتها للاختصار ولأنها من السخف بمكان تنقض نفسها بنفسها).
(37) المرجع الديني آية الله العظمى لطف الله الصافي الكلبايكاني K ولد سنة 1337هـ درس عند كبار الفقهاء في عصره، من مؤلفاته (منتخب الأثر في الإمام الثاني عشر) وقد جمع فيها الأحاديث المرتبطة بالإمام المهدي (عليه السلام) من أكثر من 60مصدراً من كتب العامة (هداهم الله تعالى) وأكثر من 90 مصدراً من كتب الإمامية (أعزهم الله تعالى).
(38) المرجع الديني آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي (دام ظله) وقد مرّت ترجمته فراجع.
(39) روي عن الإمام زين العابدين (عليه السلام) قوله: (من ثبت على ولايتنا في غيبة قائمنا أعطاه الله أجر ألف شهيد مثل شهداء بدر وأحد)، انظر(بحار الأنوار): ج52 ص125 ب22 ح13، عن (كمال الدين) للشيخ الصدوق.

اضف تعليق


التعليقات

حساينية فوزي
الجزائر
أولا :جاء في المقال: " وإذا بقوم موسى وعددهم ستمائة ألف فرد " ! من الصعب التسليم بهذا الرقم فهو رقم كبير ، ولايمكن أن ينطبق على بني إسرائيل، في نلك الفترة الغابرة من الزمن، بسبب القتل الذي كان مسلطا عليهم، كما أن هذا الرقم يجعل من عملية الخروج وعبور البحر أمرا مستحيلا ، وقد رفض إبن خلدون مثلا هذا الرقم منذ قرون وناقشه وفنده بطريقة مقنعة، ولذلك يمكن أن نقول أن العدد كان بضعة ألاف لا أكثر. ثانيا : جاء في المقال أيضا : "...حتى أرادوا أن يقتلوا هارون - كما ورد في بعض الكتب - فهرب منهم كي لا يقتلوه ". أشار المقال إلى جملة ، كما ورد في بعض الكتب ، في حين أن القرآن الكريم قد سجل واقعة تعرض هارون عليه السلام لخطر القتل على يد قومه، قال تعالى : " ...وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَىٰ إِلَىٰ قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِن بَعْدِي ۖ أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ ۖ وَأَلْقَى الْأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ ۚ قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلَا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاءَ وَلَا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (150) سورة الأعراف، ثالثا: جاء في المقال :" (أخبر النبي صلى الله عليه (وآله) - وآله طبعاً مني - " والجملة الإعتراضية كما أعتقد ليس لها محل من الصواب هنا لأن كل مسلم يصلي على النبي عليه الصلاة والسلام ويصلي على آله كل إشكال، لكن الجملة الإعتراضية توحي بغير ذلك ..لدي ملاحظات أخرى شكلية وموضوعية لكن أقف هنا تجنبا للإطالة ، دون أن أنسى بأن أقول أن المقال فيه أفكار مضيئة ، وذكاء لامع يستحق الإشادة.2018-05-02