بشأن البحث العلمي حيث إن كل باحث أو فقيه عرفها من وجهة نظر خاصة به ويمكننا أن نعرفه بأنه: \"إعمال الفكر وبذل الجهد الذهني المنظم حول مجموعة من المسائل أو القضايا بالتفتيش والتقصي عن المبادئ أو العلاقات التي تربط بينها، وصولاً إلى الحقيقة التي ينبني...

سنقوم بدراسة هذا المبحث من خلال ستة مباحث وعلى النحو الآتي:-

المبحث الاول: تعريف البحث العلمي.

المبحث الثاني:- مناهج البحث العلمي.

المبحث الثالث:- أنواع البحث العلمي.

المبحث الرابع:- متطلبات البحث العلمي.

المبحث الخامس:- مصادر البحث العلمي.

المبحث السادس:- كيفية اعداد الخطة.

المبحث الاول
تعريف البحث العلمي

اختلفت وتعددت التعريفات التي قيلت بشأن البحث العلمي حيث إن كل باحث أو فقيه عرفها من وجهة نظر خاصة به ويمكننا أن نعرفه بأنه: "إعمال الفكر وبذل الجهد الذهني المنظم حول مجموعة من المسائل أو القضايا بالتفتيش والتقصي عن المبادئ أو العلاقات التي تربط بينها، وصولاً إلى الحقيقة التي ينبني عليها أفضل الحلول لها".

أو هو التقصي المنظم، وباتباع أساليب ومناهج علمية محددة للحقائق العلمية، بقصد التأكد من صحتها أو تعديلها أو إضافة الجديد لها".، فيمكن لنا أن نبين في هذا الصدد الفرق بين مصطلحين وهما العلم والمعرفة، فالعلم يهدف إلى الوصول للمعرفة، إلا ان هناك فارق بينهما، فالمعرفة أكثر سعة وشمولاً من العلم، وذلك لأنها تتضمن بعض المعارف العلمية وغير العلمية، أما العلم فلا يشمل سوى المعارف العلمية التي تم الحصول عليها بالأسلوب العلمي، فالعلم هو طريقة منظمة للحصول على المعرفة، تتبع فيها قواعد المنهج العلمي وخطواته، أما المعرفة فيتم الحصول عليها بشكل تلقائي، أو بالصدفة البحتة، ودون اتباع أي اسلوب أو منهج علمي.

المبحث الثاني
مناهج البحث العلمي

يتخذ البحث العلمي مناهج متعددة في مجال القانون حيث يمكن للباحث أن يتبع أحد هذه المناهج أو بعضها أو حتى جميعها عند إعداد البحث العلمي.

المطلب الاول
المنهج الموضوعي

ويعد من أهم المناهج البحثية المتبعة من قبل الباحثين، كون اتباعه يؤدي بنا للوصول إلى نتائج حقيقية غير مضللة.

ويقصد بالمنهج الموضوعي أن يكون الباحث موضوعياً في بحثه غير متحيز، يتناول مشكلة البحث في حياد تام، ويكون هدفه الأساسي هو الوصول إلى الحقيقة، وإعلانها على الملأ كما هي دون تحريف، حتى وإن كانت هذه الحقيقة غير متفقة مع أفكاره وميوله الشخصية.

المطلب الثاني
المنهج التأصيلي (الاستقرائي)

ويسمى هذا المنهج بالمنهج التجريبي ويعنى هذا الاسلوب باستقراء الأجزاء ليستدل منها على حقائق تعمم على الكل باعتبار أن ما يسري على الجزء يسري على الكل (فجوهر المنهج الاستقرائي هو الانتقال من الجزئيات إلى الكليات أو من الخاص إلى العام) فمثلاً يقوم الباحث بدراسة المسائل القانونية الجزئية أو الفرعية المتشابهة دراسة معمقة وذلك بغرض الكشف عن القاسم المشترك بينهما، ومن خلال الربط بين العلة والمعلول، أو بين السبب والمسبب، ثم يخلص من ذلك إلى وضع قاعدة عامة أو نظرية عامة تحكم هذه المسائل ولعل أهم مجالات هذا المنهج البحث تتمثل في استقراء اتجاهات أحكام القضاء في موضوع معين لبيان القاعدة العامة التي تحكم الموضوع، مثال ذلك استقرار أحكام القضاء الإداري المتعلقة بالرقابة على أعمال الإدارة، أو أحكام القضاء المتعلقة بفكرة الرقابة على دستورية القوانين.

المطلب الثالث
المنهج الاستنباطي (التحليلي)

يختلف هذا النوع من أنواع المناهج عن المنهج التأصيلي (الاستقرائي) سالف الذكر حيث أن المنهج الاستنباطي يبدأ من الحقائق الكلية لينتهي إلى الحقائق الجزئية، أي من العام إلى الخاص، فالباحث عندما يسلك هذا المنهج البحثي ينطلق من قاعدة عامة ليقوم بتطبيقها على الحالات الخاصة أو الفردية.

مثال ذلك أن يستند الباحث في مجال القانون الجنائي إلى قواعده العامة ليرى مدى امكانية تطبيقها على الظواهر الاجرامية الحديثة مثل الإرهاب، وخطف الطائرات، وغسيل الأموال، وجرائم الاعتداء على برامج الكمبيوتر.

ولابد من الإشارة إلى عدم إمكانية القول بانعدام الصلة بين المنهج التأصيلي والمنهج التحليلي، ذلك أن كلاً منهما يكمل الأخر، فإذا كان المنهج التأصيلي هو الطريق نحو تكوين القواعد العامة، فإن المنهج التحليلي هو الطريق نحو تطبيق هذه القواعد على الحالات الفردية لاختبار مدى فعاليتها وصلاحيتها لذلك فإن الباحث في مجال القانون يستعين بكلا المنهجين عادةً لإعداد بحثه.

المطلب الرابع
المنهج المقارن

هو المنهج الذي يعتمده الباحث للقيام بالمقارنة بين قانونه الوطني وقانون أو عدة قوانين أجنبية أو أي نظام قانوني آخر، كالشريعة الإسلامية، وذلك لبيان أوجه الاختلاف أو الاتفاق بينهما فيما يتعلق بالمسألة القانونية محل البحث، بهدف التوصل إلى أفضل حل لهذه المسالة. ويحتل منهج البحث المقارن أهمية خاصة في مجال الدراسات القانونية، حيث أنه يمكن الباحث من الاطلاع على تجارب النظم القانونية الأخرى، ومقارنتها بالنظم الوطنية، مما يمكنه من الكشف عن أوجه الاتفاق أو الاختلاف أو القصور بين هذه النظم، ومن ثم يستطيع الباحث أن يضع أمام المشرع أفضل الحلول ليستعين بها إذا ما أراد أن يعدل القوانين القائمة أو يضع قوانين جديدة، وقد يعتمد الباحث منهج المقارنة الأفقية الذي يقوم على بحث المسألة في كل قانون على حدة، بحيث لا يعرض لموقف القانون الآخر حتى ينتهي من بحث المسألة في القانون الاول. أما إذا اعتمد الباحث منهج المقارنة الرأسية، فإنه يتناول كل جزئية من جزئيات البحث في كل القوانين التي يقارن بينها في آن واحد.

ويمكن القول أن منهج المقارنة الرأسي أفضل من الأفقي لأنه يبعد الباحث عن التكرار وتقطيع أوصال البحث، أضافة إلى إنه يؤدي إلى حسن وسهولة إدراك أوجه الاختلاف أو الاتفاق بين القوانين التي تتم المقارنة بينها.

المطلب الخامس
المنهج التاريخي

يعتمد هذا المنهج البحثي على دراسة المسألة محل البحث في القوانين القديمة من أجل فهم حقيقتها في القانون المعاصر، فاعتماد هذا المنهج يساعد الباحث على فهم الحاضر من خلال دراسة وملاحظة الماضي، فعندما يتناول الباحث القانوني موضوع الوكالة مثلاً كأحد أنواع العقود، يبدأ بحثه بدراسة التطور التاريخي لفكرة الوكالة في النظم القانونية القديمة لكي يتوصل إلى التطور الذي رافق هذا الموضوع إلى أن يوصل إلى التنظيم القانوني الحالي له، بل أن القضاء قد يلجأ إلى المنهج التاريخي للوقوف على حقيقة النص الواجب التطبيق على النزاع.

المبحث الثالث
أنواع البحث العلمي

ينقسم البحث العلمي تبعاً لطبيعة العلم التي يجري عليها، فهنالك أبحاث تتعلق بالعلوم الطبيعية وأبحاث أخرى تتعلق بالعلوم الانسانية سنتكلم عن هذين النوعين من البحوث على النحو الآتي:-

المطلب الأول
بحوث العلوم التطبيقية

تعد هذه البحوث علمية وتطبيقية في آن واحد، أي أن أهميتها الأساسية تنبع من صلاحيتها للتطبيق وهو ما يعود على المجتمع بالنفع الكبير، فهذه البحوث هي التي تؤدي إلى تطوير الصناعات المختلفة في الدول وتعتمد هذه البحوث على المنهج التجريبي والذي يقوم على الملاحظة وفرض الفروض والتحقق من صحتها، ثم تطبيق نتائجها على المجالات المختلفة ومن أهم مجالات هذه الأبحاث في مجال الكيمياء والفيزياء والهندسة والطب والزراعة وغيرها.

المطلب الثاني
بحوث العلوم الإنسانية

وتعد هذه البحوث بحوثاً نظرية، وإنها أيضاً لها أهمية وقابلة للتطبيق شأنها شأن البحوث في العلوم التطبيقية، ومن أهم مجالات هذه الابحاث هي الفلسفة والمنطق وعلم الاجتماع والتاريخ والأدب واللغة والقانون.

المبحث الرابع
متطلبات البحث العلمي

يجب أن تتوافر ثلاثة امور عند اجراء البحث العلمي في مجال القانون وهي:-

أولاً:- اختيار موضوع البحث

إن مشكلة اختيار موضوع البحث تعد من الأمور الهامة التي يجب حسمها بدقة وبقناعة تامة حيث إن هذه المشكلة تعد أحد المهام المعقدة التي تواجه الباحث لأن الاختيار النهائي لموضوع البحث سيتوقف على نوعية الدراسة التي سيتبعها الباحث، فضلاً عن منهج الدراسة بالاضافة إلى الخطة، لهذا يجب على الباحث أن يحدد المشكلة المراد التصدي لها سواء أكانت من مطلق اختياره أم كانت مقترحة عليه من قبل الأستاذ المشرف على أن يتم التقييم من منظور القدرات الحقيقية للباحث على البحث، فيجب تقييم البحث في ضوء توافر المعلومات اللازمة للبحث، والوقت التقديري اللازم لإنجاز البحث والانتهاء منه، والرجوع إلى المصادر الأجنبية من عدمها كونها تتطلب المزيد من الوقت والجهد، وكذلك الالتزامات المادية يجب أن تكون في الحسبان، هناك ضوابط عامة وضوابط خاصة لاختيار البحث سنتناول بالشكل الآتي:-

1- الضوابط العامة لاختيار موضوع البحث.

- الرغبة الصادقة للبحث في الموضوع المقترح.

- يجب أن يكون موضوع البحث متسقاً مع كونه بحثاً.

- ضرورة أن يقوم الباحث مبدئياً بالإجابة على السؤال الآتي ماهي المشكلة التي يسعى الباحث ببحثه للموضوع إلى حل لها.

2- الضوابط الخاصة لاختيار موضوع البحث.

- يجب أن يكون البحث جديداً.

- ألا يكون الموضوع غامضاً.

- ألا يكون الموضوع متسعاً.

- أن يكون الموضوع محدداً وهذا يستلزم رسم حدود لمشكلة البحث.

- يجب أن يكون البحث ذي أثر عملي أو نظري وهذا ما يطلق عليه أن يكون البحث هاماً ومنتجاً.

ثانياً:- الخطوات اللازم اتباعها في البحث.

1- تحديد المشكلة.

2- البيانات والمعلومات.

3- وضع الفروض.

4- النتيجة.

ثالثاً:- معايير اختيار موضوع البحث.

- إبراز ذات الباحث.

- الأمانة العلمية.

- الموضوعية والحياد العلمي.

- تنوع مصادر البحث.

- حداثة المصادر والمراجع.

- تسلسل الأفكار.

- الدقة في التعبير مع الربط بين الجمل.

- الالتزام بالضوابط العلمية بالنسبة للتوثيق والاشارات الهامشية.

- مراعاة التوازن بين أقسام البحث وأبوابه وفصوله.

- أن يكون العنوان الرئيسي متطابق مع محتوى البحث، وذات الشيء بالنسبة للعناوين الفرعية.

المبحث الخامس
مصادر البحث العلمي

أولاً- المصادر المكتوبة.

1- المؤلفات العامة:- وهي المؤلفات التي تتناول موضوع عام مثلاً النظم السياسية أو القانون الإداري وغيرها.

2- المؤلفات المتخصصة.

3- الرسائل العلمية.

4- المقالات المنشورة في الدوريات.

5- أعمال المؤتمرات.

6- التقارير والنشرات.

7- مجموعة ومدونات القوانين واللوائح.

8- أحكام القضاء. دوائر المعارف والقواميس.

ثانياً:- المصادر الميدانية.

1- الاستبيان.

2- المقابلات.

ثالثاً:- المصادر الالكترونية.

1- الانترنت.

2- الكتاب الالكتروني.

المبحث السادس
كيفية إعداد الخطة

تعد خطة البحث من العناصر الجوهرية لأي بحث علمي فهي المرشد الذي يوجه الباحث أثناء قيامه بالبحث، فالباحث لا يستطيع أن يشرع في البحث قبل أن يضع لنفسه خطة ترسم له الطريق الذي سوف يسلكه في البحث بحيث يعرف جيداً ومنذ البداية من أين سيبدأ ومتى ينتهي، وماهي الموضوعات التي سوف يتطرق إليها أثناء البحث، فخطة البحث هي كالرسم الهندسي الذي لا يتصور إنشاء المبنى بدونه والخطة التي يضعها الباحث قبل الدخول في البحث هي خطة تمهيدية وليست نهائية لأنها تشتمل على الخطوط العريضة والعناصر الرئيسية لموضوع البحث، دون التطرق إلى التفاصيل أما الخطة النهائية فلا توضع إلا عند البدء في كتابة البحث بالفعل وذلك بعد أن يكون الباحث قد اطلع على كافة مراجع البحث واكتملت لديه كل التفاصيل، ويجب مراعاة الأمور التالية عند تصميم خطة البحث:

1- الاطلاع الكامل على المراجع المتاحة والالمام بما تتضمنه من أفكار.

2- الابتكار والابداع بمعنى أن لا تكون الخطة متضمنة تكراراً لأعمال سابقة.

3- الترابط بين أجزاء الخطة بمعنى ألا تكون الخطة مفككة لا رابط بين مكوناتها بل يكون هناك اطار علمي يجمع بين كل أجزاء ومكونات الخطة وهذا يستلزم ألا تتضمن الخطة ما يكن أن يعد خارجاً عن موضوع البحث.

4- التوازن بين مكونات وأجزاء الخطة حتى لا يطغى جزء على آخر.

5- وأخيراً يجب أن يدرك الباحث أن الخطة المبدئية وخطة العمل كلاهما لا يعدو أن يكونا خططاً قابلة للتعديل في ضوء القراءات المستقبلية والمعلومات التي ستتاح طيلة فترة اعداد وانجاز البحث، والجدير بالذكر أن إعداد خطة البحث يمر بالمراحل الثلاث التالية:-

أ‌- مرحلة الخطة المبدئية.

ب‌- خطة العمل.

ت‌- الخطة النهائية.

• الهيكل العام للخطة.

1- مقدمة.

2- قسم أول و قسم ثاني.

3- ينقسم كل قسم إلى بابين أو ثلاث.

4- ينقسم كل باب بدوره إلى فصلين أو ثلاث.

5- كما ينقسم كل فصل بدوره إلى مبحثين أو ثلاثة مباحث.

6- ينقسم كل مطلب بدوره إلى مطلبين أو ثلاث مطالب.

7- ينقسم كل مطلب بدوره إلى فرعين أو ثلاثة فروع.

8- ويمكن أن ينقسم كل فرع إلى بنود وأرقام.

9- الخاتمة.

• الاخراج النهائي للبحث.

يتلاحظ حين اخراج الرسائل العلمية اخراجاً نهائياً ضرورة مراعاة الخطوات التالية:-

1- صفحة العنوان.

2- صفحة الشكر.

3- صفحة الاهداء.

4- المقدمة.

5- الباب التمهيدي أو الفصل التمهيدي.

6- صلب الرسالة.

7- خاتمة الرسالة.

8- الملاحق ان وجدت.

9- قائمة المراجع.

10- المحتويات أو الفهرس.

11- مرحلة الطباعة.

وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

* المدرس المساعد ميثم غانم جبر، كلية الصفوة الجامعة -قسم القانون

اضف تعليق


التعليقات

ميثم غانم جبر
العراق
شكرا جزيلا على النشر2019-03-13
الكاتب الأديب جمال بركات
مصر
أحبائي
لايوجد شيء يفسد هذه الحياة أكثر مما نطلق عليه القوانين
هي مواد وضعها البعض لتنظيم شئون الحياة بين البشر أجمعين
لكنها كثيرا ماتستخدم بعد سوء تفسيرها لصالح بعض الناس الملاعين
وأنا شخصيا بعد دراستها في الجامعة أدركت انها مادة التلاعب الأولى بين البشريين
وعلى سبيل المثال لاالحصر انظروا الى مسمى القانون الدولى الذي يستخدم عند تدمير الدول الصغيرة من الأمريكيين
أحبائي
دعوة محبة
أدعو سيادتكم الى حسن الحديث وآدابه....واحترام بعضنا البعض
ونشر ثقافة الحب والخير والجمال والتسامح والعطاء بيننا في الأرض
جمال بركات....مركز ثقافة الالفية الثالثة2019-03-13