أقر مجلس النواب العراقي قبل أيام قانون انتخابات مجلس النواب العراقي بعد طول انتظار، وتعالي الأصوات المطالبة بإقراره للخروج من الأزمة بالاستجابة للمطالب الشعبية التي بح صوتها وهي تخاطب الطبقة السياسية لترتقي إلى مستوى طموح المواطن بتبني الإصلاح الحقيقي على المستويات كافة وفي مقدمها إصلاح...

أقر مجلس النواب العراقي قبل أيام قانون انتخابات مجلس النواب العراقي بعد طول انتظار، وتعالي الأصوات المطالبة بإقراره للخروج من الأزمة بالاستجابة للمطالب الشعبية التي بح صوتها وهي تخاطب الطبقة السياسية لترتقي إلى مستوى طموح المواطن بتبني الإصلاح الحقيقي على المستويات كافة وفي مقدمها إصلاح العملية السياسية، للوصول إلى تداول سلمي حقيقي للسلطة بعيداً عن هيمنة الأحزاب ومحاولتها الاستيلاء غير المشروع على المناصب العليا في البلاد وبالخصوص في مجلس النواب لتضمن مقعد أمامي في التفاوض على جميع المناصب السيادية والأمنية الرفيعة ولتجد مكاناً أمناً لقياداتها وأتباعها وتؤسس جذور لدولة عميقة تمول عمليات شراء الذمم والفساد وما شاكل ذلك.

والآن وبعد إقرار القانون الجديد ينبغي علينا أن نحدد بعض الملامح الإيجابية والسلبية للقانون وكالآتي:

أولاً: العناصر الإيجابية في قانون انتخابات مجلس النواب العراقي الجديد:

1- القانون الجديد أخذ بتعدد الدوائر الانتخابية على مستوى المحافظة الواحدة وهذا المبدأ بحد ذاته خطوة إلى الأمام ليكون المرشح من المنطقة أو الدائرة ذاتها من سكنة القضاء الذي رشح فيه ليكون معروفاً من قبل الناخبين ويتمكن الناخب من التصويت لمن يشاء وهو على بصيرة ممن سيختار.

2- سيمكن نظام تفتيت الدوائر الكبيرة المرشح من الاتصال بالناخبين وشرح مضامين برنامجه الانتخابي ليكون التنافس موضوعي بين البرامج لا بين الشخوص ما يحد من تأثير النعرات الطائفية والعنصرية والقبلية وحتى الدينية أو الطائفية.

3- سيحد هذا النظام من الإفراط في الدعاية الانتخابية وسيكون مانعاً من استعمال المال السياسي أو الحزبي غير المشروع، لكون الناخبين سيميزون وببساطة بين المرشحين الوطنيين وغيرهم ممن ينحاز عن المصلحة الوطنية والشعبية إلى المصالح الضيقة الحزبية أو الفئوية.

4- سيكون هذا القانون وبهذه الصياغة أكثر عدالة بالنسبة للمرشح والناخب، فالمرشحين ستكون حظوظهم متساوية إلى حد كبير.

5- بالتزامن مع تغيير قانون المفوضية العليا المستقلة للانتخابات هذا القانون يمثل فرصة حقيقية لضمان نزاهة الانتخابات وموضوعية إجراءاتها.

6- النزول بسن الترشيح يعطي فرصة للطاقات الشابة للولوج إلى المجلس النيابي والترشيح والتنافس.

7- سيمنح القانون الجديد فرصة كبيرة للمرشحين من حملة الشهادات والكفاءات الوطنية المستقلين من المنافسة والفوز لربما ونيل شرف التمثيل النيابي لأبناء الشعب في مجلس النواب.

8- سيكون هذا النظام ملزماً للمرشح الفائز من الاتصال بشكل دائم بالناخبين ومعرفة آرائهم والتعبير عن تطلعاتهم لكونه سيضطر إلى الرجوع إليهم ليعيدوا انتخابه أو الاستغناء عنه ان لم يمثلهم حقيقة.

9- ألغى هذا القانون نظام الترشيح بالقائمة سواء المغلقة أو المفتوحة والتي طبقت في العراق طوال الدورات الأربعة الماضية لمجلس النواب والتي تسببت بفوز مرشحين غير مؤهلين لتمثيل الشعب فكانوا مصدر لإثارة الفتن والتسبب بانعدام الثقة بين الشعب العراقي ومجلسي النواب والوزراء.

10- من حسنات هذا القانون أنه أنهى نظام سانت ليغو المعدل والذي طبق في العراق منذ انتخابات العام 2010 ولغاية العام 2018 وتسبب باستئثار الأحزاب الكبيرة والكتل السياسية بأكبر عدد من المقاعد ما مكنهم من الحصول على مناصب حكومية مؤثرة مكنتهم من الفوز مراراً وتكراراً اعتماداً على المال السياسي والفساد في إدارة العملية الانتخابية ما يتسبب في اعوجاج العملية الديمقراطية وهدر الإرادة الشعبية.

11- سيسهل هذا القانون إعلان النتائج ومعرفة الفائزين في يوم الاقتراع ففي كل دائرة سيكون عدد المقاعد محدود ويمكن معرفة النتائج بسهولة وكذلك الاعتراضات والشكاوى ستكون أكثر نجاعة ويمكن للمفوضية إعلان إلغاء الانتخاب في الدائرة ان حصلت أعمال غير مشروعة وإعادة الاقتراع فيها فقط.

12- في حال حسنت النية بتطبيق القانون في الانتخابات المقبلة بشكل موضوعي ومهني واتجه الناخب العراقي إلى صندوق الانتخابات ليختار العراقيين الشرفاء فان هذا القانون سينهي حالة المحاصصة المقيتة، والائتلافات الطائفية والعنصرية التي أورثت البلاد الضعف وضياع الهوية الوطنية.

ثانياً: العناصر السلبية في قانون انتخابات مجلس النواب العراقي الجديد:

1- كان الأولى اعتماد معيار الكثافة السكانية بأن يخصص لكل (100000) مائة ألف نسمة من نفوس العراق مقعد انتخابي واحد، بدل من اعتماد الأقضية كمعيار والعلة من ذلك لقطع دابر الفساد والمفسدين وتفويت الفرصة على بعض أحزاب السلطة من التحكم بالأقضية التي تمثل حدائقها الخلفية وتنشط فيها جماعاتها ومريدوها بما يمكنهم من ترهيب أو ترغيب الناخبين للتصويت لمرشح الحزب ويصار في مثل هذه الحالة إلى انحراف إرادة الناخبين.

2- كان من الأفضل لو أعتمد معيار فوز المرشح (من يحصد أغلبية أصوات الناخبين في الدائرة الانتخابية) بدل معيار الحصول على أكثرية الأصوات لأن النظام الأول يكون النائب فيه حائزاً على أكثر من (50%+1) من أصوات الناخبين فهو يتمتع بثقة الجمهور أولاً ويكون مستنداً لرضا الجماهير ببرنامجه الانتخابي وبسلوكه الشخصي وبالنتيجة سيكون عصياً على الفاسدين والمتحزبين الفوز بمثل هذه النسبة الكبيرة، إلا ان هذه الطريقة لا تخلو من العيوب فعدم الحصول على النسبة المحددة يلزم المفوضية بإعادة الانتخاب في الدائرة ذاتها بين المرشحين الحاصلين على أعلى الأصوات ومن يحصل منهما على الأكثرية يعلن فائزاً، وليس بالضرورة سيحصل على الأغلبية الممثلة بنصف الأصوات وأكثر، ما سيتسبب بتكاليف مالية وتعقيد وإجراءات مطولة قد لا تكون المفوضية العليا للانتخابات في العراق قادرة على تحملها في المستقبل المنظور، ولعلها غير مؤهلة للخوض بمثل هذه التجارب الديمقراطية التي تحتاج إلى وعي شعبي ورسوخ الدعائم الديمقراطية.

3- لم يأخذ القانون بنظام إعادة الثقة بالمرشح الفائز أو قدرة مجموعة من ناخبي الدائرة ذاتها من طرح موضوع الثقة بالنائب الفائز عن دائرتهم ان انحرف عن مقاصدهم وانساق وراء مصالحه الخاصة أو المصالح الحزبية من خلال آلية استفتاء في الدائرة ذاتها لتجديد الثقة بالنائب أو طرحها فيلزم بالاستقالة لينتخب نائب جديد محله.

4- من جانب آخر شهد العراق في الآونة الأخيرة استحداث العديد من الأقضية بعد إلغاء البرلمان العراقي لمجالس النواحي بالتعديل الثالث لقانون المحافظات غير المنتظمة في إقليم العام 2018، والعديد منها لم تكتمل إجراءات إقراره رسمياً كقضاء مستقل ما سيتسبب بغبن لسكانه كونهم سيكونون ملزمين بالاندماج مع أقرب الأقضية في الوقت الذي يفوت عليهم فرصة معرفة المرشحين بدقة أو الاجتماع على مرشح نزيه يمثل السكان الأصليين ويعبر عن طموحاتهم.

5- أمر فات المشرع التركيز عليه هو المرشح مزدوج الجنسية فالأصل ان يتضمن القانون نصاً صريحاً مقتضاه ((بالنسبة للمرشح مزدوج الجنسية وبعد إعلان النتائج النهائية عليه وخلال مدة لا تزيد على (10) أيام تقديم دليل رسمي يثبت تنازله عن الجنسية المكتسبة غير العراقية وبخلافه يعلن فوز المرشح التالي له في عدد الأصوات بالدائرة ذاتها لترسل الأسماء إلى المحكمة الاتحادية العليا للمصادقة)).

6- يشكل بعض المختصين على القانون أنه لم ينص صراحة على استبعاد المرشحين ممن تقف وراءهم جماعات مسلحة غير منضوية تحت هيئة الحشد الشعبي والقوات الأمنية النظامية.

7- لم ينص القانون صراحة على الزام المرشحين بسقف أعلى لنفقات الحملة الانتخابية لمنع حالات الفساد المحتمل ومحاولات البعض استعمال الأموال العامة والخاصة لغرض الفوز بكل السبل ومنه الطرق غير المشروعة من تزوير وشراء للذمم وغيرها.

8- من المشاكل التي قد تبرز هي قدرة المفوضية العليا المستقلة للانتخابات ووزارة التخطيط من الوصول إلى تقسيم عادل على أساس عدد الأقضية ونفوسها، ما قد يثير بعض الشكوك على أقل تقدير في الانتخابات المقبلة.

9- موضوع الناخبين المهجرين والخارج والتصويت الخاص كلها لم يتم التعاطي معها بأساليب حديثة وموضوعية تمكن من إبعادها عن شائبة التزوير أو الاستغلال من قبل البعض، ليكونوا مادة دسمة للتزوير والحصول على المقاعد النيابية.

.......................................
** مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات هو أحد منظمات المجتمع المدني المستقلة غير الربحية مهمته الدفاع عن الحقوق والحريات في مختلف دول العالم، تحت شعار (ولقد كرمنا بني آدم) بغض النظر عن اللون أو الجنس أو الدين أو المذهب. ويسعى من أجل تحقيق هدفه الى نشر الوعي والثقافة الحقوقية في المجتمع وتقديم المشورة والدعم القانوني، والتشجيع على استعمال الحقوق والحريات بواسطة الطرق السلمية، كما يقوم برصد الانتهاكات والخروقات التي يتعرض لها الأشخاص والجماعات، ويدعو الحكومات ذات العلاقة إلى تطبيق معايير حقوق الإنسان في مختلف الاتجاهات...
http://ademrights.org
[email protected]
https://twitter.com/ademrights

اضف تعليق