في عام 2013 ذكرت صحيفة "موسكوفسكي كومسوموليتس" الروسية، أن جمارك مطار شيريميتييفو الدولي في موسكو تتحفظ على كميات هائلة من الأوراق النقدية الأوروبية تزن 200 طن بقيمة إجمالية مقدارها 20 مليار يورو، 22 مليار دولار تقريباً، وإنه 'لا يستبعد أن يكون رئيس النظام الطاغية صدام حسين هو مالك هذه النقود". هذه واحدة من صور الاموال العراقية المهربة طوال العقدين الماضيين من الزمن، منع فسادنا وعدم مطالبتنا بها من التحصل عليها لدعم وضعنا المالي اليوم في ظل الازمة الاقتصادية التي يمر بها بلدنا.

قصة تلك الاطنان من الأوراق النقدية غريبة بعض الشيء حيث لفتت الصحيفة إلى أن الوثائق التي حصلت عليها تفيد بأن هذه النقود وصلت إلى موسكو على متن طائرة قدمت من مدينة فرانكفورت الألمانية في السابع من أب 2007، قدمت مع إيراني يدعى كروريان مطلق فرزين، وأشارت إلى أن تلك الوثائق لا تحدد من يجب أن يستلم هذه النقود، ولذلك تمتنع جمارك المطار عن تسليمها إلى أحد منذ ذلك الحين!

قيمة الثروة الوطنية المهربة الى الخارج على مدى الثلاث عقود الاخيرة قُدرت بـ 360 مليار دولار حسب ماجاء على لسان أحد الخبراء الاقتصاديين فيما أوضح وحذر رئيس كتلة التغيير النيابية السيد هوشيار عبد الله من أي تسويف أو مماطلة من الجهات المعنية في ملف استرجاع الأموال المهربة معربا عن امله في أن يكون تشكيل اللجنة البرلمانية الخاصة بهذا الملف بداية جدية وقوية في استرجاع المال العام الذي تم تهريبه للخارج.

ومع تقادم الزمن على أمول شعبنا المجمدة حساباتها في الكثير من مصارف دول العالم يبقى السؤال الأهم : ماذا فعلت الحكومة كإجراءات مالية للتحصل على تلك الاموال؟ وكيف تم حصر قيمة تلك الاموال؟ وعلى الرغم من أننا يجب أن نبدأ بجد البحث عن الأموال إلا الأمر لايبدو سهلاً، فهناك تجارب عالمية كثيرة ومحاولات لبعض الدول للتحصل على ـأموال مهربة كانت تعود لرؤساء سابقين كما حدث مع دول الربيع العربي كمصر وتونس وما حدث في تايلند ونيجيريا والبيرو.. عمل دؤوب أستمر لسنوات عدة في التباحث مع المصارف في الدول التي يتم التثبت من وجود الأموال لديها، فنيجيريا حتى اليوم ومنذ عقد من الزمن تحاول استرداد ومنذ عام 1998 لم تستطع سوى استرداد 2 مليار دولار من مبالغها المنهوبة والتي تقدر بـ 15 مليار دولار!

مبالغ كثيرة مجمدة أو غير مجمدة لدى مصارف دولية، سجلت بأسماء وهمية، وقد تفوق الـ 300 مليار دولار تمثل إضافة نوعية كبيرة لميزاننا الاقتصادي. على الحكومة أن تبدأ إذا لم تكن كذلك بالعمل الجاد للسعي خلف كل دولار منها والاستعانة بفريق من الخبراء الأجانب في هذا المجال، خبراء على مستوى عال من الكفاءة وتعقب الاموال واصولها في العالم وتقديم الدعم الفني الكامل لها، ففي ظاهر الأمر يبدو أن هناك اهتمام برلماني بالخصوص ولكن لا نعرف ما يدور في الخفاء عن تلك الأموال، أنها مبالغ تمثل موازنات دول كبيرة وليس من المعقول أن تمتد يد الحكومة الى جيوب أبناء شعبها ولديها كل تلك المبالغ التي قد يتم اليوم استثمارها من قبل المصارف العالمية، وعلينا المطالبه بفوائدها.

سنوات مرت، شبع العراق والعراقيون من قصص الفساد وآن الأوان أن نضع حداً له، وان نبتر كل اطراف هذا الاخطبوط المقيت الذي امتد الى كل مفاصل الحكومة، يجب أن تكون لدينا لجنة خاصة مستقلة من الخبراء العراقيين البعيدين عن الاحزاب يدعمون لجان غربية متخصصة للبدء بحصر تلك المبالغ واقيامها الحقيقية وأن يكون هذا العمل بإشراف رئيس الوزراء شخصياً، كما علينا الإعتماد على مدى تجاوب الامم المتحدة ومركز حكم القانون التابع لها للوقوف مع العراق وهو يمر بأزمته تلك وعلى العالم ان يتفهم مانمر به من مشاكل جمة تهدد مصيرنا بشكل عام، وبطبيعة الامر فنحن لا نتوقع أن يتم الحصول على أموالنا يوم غد، بل ولا بعد سنوات ولكننا يجب أن يكون لدينا خطاً للشروع الحقيقي بذلك لا أن تنقل كرة الأموال المنهوبة من ملعب الى ملف ليهنأ المفسدون بها وتقتل الحسرة ابناء شعبنا على ما فرطت به الحكومة من أمره.

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق