q
وترى الشركات ضرورة تحسين سبل الوصول إلى الطرق السريعة ذهاباً وإياباً. فالطرق السريعة تتيح سهولة الربط بالموانئ، التي تُعد بوابات التجارة الدولية. ولذلك، تُعد الطرق السريعة مقوماً أساسياً لجميع الشركات التي تشكل جزءاً من سلاسل القيمة والأسواق العالمية/الإقليمية. وعلى الرغم من أن الدراسة لم تحدد...

الاستثمارات في البنية التحتية لها تأثيرٌ قوي وإيجابي كبير للغاية على الاقتصاد ككل. وتُعد البنية التحتية للطرق عنصراً بالغ الأهمية للنمو الاقتصادي المستدام، إذ تجذب الاستثمارات في مجال أنشطة الأعمال والشركات، وتُسهّل أنشطة التبادل التجاري الأساسية (على الصعيدين الوطني والإقليمي) وأعمال التجارة.

 وتؤثر حالة الطرق في أي بلد تأثيراً كبيراً على قدرتها التنافسية. ويعتمد قرار الشركات في اختيار مواقعها غالباً على سهولة الوصول إلى الطرق الجديدة، جيدة الصيانة، لضمان ممارسة أنشطة التجارة والتبادل التجاري والنقل بكفاءة وفاعلية. وفي سبيل بحث هذا الموضوع، درس فريق العمل المعني بالنقل في إدارة منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بالبنك الدولي، العوامل الحاسمة التي تؤثر على قرار الشركات في المغرب عند اختيار قواعدها التشغيلية.

 ويمكن نمذجة الآليات الفعلية لتحسين إمكانية الوصول إلى الطرق والخدمات وتأثيراتها على إنتاجية القطاع الخاص في حالة توافر البيانات. غير أن هذه الطريقة تتطلب بيانات دقيقة جغرافياً على مدى فترة زمنية طويلة نسبياً، وهو أمر غير ممكن على الدوام. ولفهم هذا الجانب فهماً جيداً، بادر الفريق بإجراء دراسة استهدفت تقييم تأثير تحسين سبل وصول الشركات إلى الطرق والخدمات على اختياراتها وقراراتها فيما يتعلق بمواقع الاستثمار. كما تم استخدام مسح تجريبي للوقوف على آثار البنية التحتية للطرق على إنتاجية الشركات. واستهدف هذا المسح تحديد المنافع المحتملة الناتجة عن تحسين سبل الوصول إلى الأسواق بسبب توسيع شبكة الطرق السريعة. 

وقد أجرى الفريق استبياناً لمائة شركة في المغرب. وكانت غالبية هذه الشركات - أي ما يقرب من 80% - شركات صغيرة يعمل بها أقل من عشرة موظفين، في حين أن النسبة المتبقية والتي بلغت 20%، كانت من الشركات التي تضم ما بين 11 و60 موظفاً. واستهدف المسح الشركات الواقعة على نقاط الربط والوصلات التي اكتملت مؤخراً على شبكة الطرق السريعة، فشمل خمسين (50) شركة على طول طريق "خريبكة - بني ملال" وخمسين (50) أخرى على طول طريق "الجديدة - آسفي" السريع. ومن أصل 100 شركة شملها المسح، كانت 57 شركة منها موجودة قبل افتتاح الطريقين السريعين، في حين أنشئت الشركات المتبقية البالغ عددها 43 بعد افتتاح الطريقين السريعين. وتعمل الشركات التي شملها المسح في الغالب في قطاعات التجارة والبناء والخدمات والنقل والصناعة.

من النتائج المثيرة للاهتمام التي توصل إليها المسح، ارتفاع أعداد الموظفين بعد افتتاح الطريق السريع. فمن بين الشركات التي شملها المسح، أفادت 58% منها بارتفاع عدد الموظفين مقارنة بالعدد السابق. أما بخصوص تحسين سبل الوصول إلى الأسواق، لا سيما المحلية، فقد أشار 63% من الشركات التي شملها المسح، إلى التأثير الإيجابي العام الذي تحقق بفضل الطريق السريع. كما سلط العديد من هذه الشركات الضوء على ما تحقق من نتائج تمثلت في توفير الوقت وسهولة في التنقل والسفر بفضل الطرق السريعة، وبالتالي دعم الإنتاجية. وبالإضافة إلى ذلك، وصفت 78 شركة إمكانية الوصول إلى الطرق السريعة بأنها أمر "مهم إلى حد ما" أو "مهم" أو "مهم للغاية".

وترى الشركات ضرورة تحسين سبل الوصول إلى الطرق السريعة ذهاباً وإياباً. فالطرق السريعة تتيح سهولة الربط بالموانئ، التي تُعد بوابات التجارة الدولية. ولذلك، تُعد الطرق السريعة مقوماً أساسياً لجميع الشركات التي تشكل جزءاً من سلاسل القيمة والأسواق العالمية/الإقليمية. وعلى الرغم من أن الدراسة لم تحدد حجم تأثير الطرق السريعة على الإنتاجية، فإن الشركات لا تراها ضرورية للوصول إلى القوى العاملة، ولكنّها عنصرٌ أساسيٌ في الوصول إلى الأسواق: فقد أشار 25% من الشركات فقط إلى أن القرب من السوق "مهم للغاية"، في حين أن عدداً مماثلاً من الشركات تقريباً أعلن أن ذلك "ليس مهماً".

 وأشار 56% من الشركات التي شملها المسح إلى أن الوصول ذهاباً وإياباً إلى المراكز الحضرية من خلال شبكة طرق جيدة هو أمر "مهم للغاية"، بل وأهم من القرب المكاني. وكما هو متوقع، مثلت تكلفة الأرض عاملاً حاسماً أيضاً في القرارات التي تتخذها الشركات بخصوص موقع عملها واستثماراتها، حيث أشار 59% من الشركات إلى أن هذه التكلفة "مهمة للغاية" أو "مهمة". ولم يتناول المسح التوطين الاقتصادي، حيث أشار 28% فقط من الشركات إلى أن تجميع الشركات المماثلة "مهم للغاية" أو "مهم".

وساهمت الشركات الجديدة التي أنشئت بعد افتتاح الطرق السريعة بصورة رئيسية في توفير فرص العمل. فقد ساهمت 68% من هذه الشركات التي نقلت أعمالها أو وسعت عملياتها بعد افتتاح الطرق السريعة في توفير فرص عمل جديدة. ولذلك، يدل هذا على أن الشركات قد اتخذت قراراً مدروساً فيما يتعلق بموقع أعمالها، مما يشير إلى وجود صلة مباشرة بين افتتاح الطرق السريعة وتوفير فرص العمل. ولا شك أنه كلما قربت المسافة من الطريق السريع، كان ذلك أفضل، فمن بين الشركات التي تم إنشاؤها حديثاً بالقرب من الطرق السريعة، اختارت 86% منها مواقعها على مسافة أقل من 10 كيلومترات من الطريق. وسلطت هذه الشركات الضوء على أهمية الطريق السريع في اختيارها لموقع أعمالها. وعلى مستوى جميع القطاعات، اتخذ 81% من الشركات التي أفادت بتوفير فرص عمل جديدة مواقع على مسافة أقل من 10 كيلومترات من الطريق السريع. 

وتجدر الإشارة إلى أن الشركات التي اختارت نقل أنشطتها أو توسيع عملياتها لم تحصل على أي مساعدة حكومية للقيام بذلك. وتُظهر النتائج أن الشركات لا تهتم كثيراً بالحوافز التي تقدمها الجهات العامة للعمل بالقرب منها، حيث أشار 20% فقط من الشركات التي شملها المسح إلى أن هذه التدابير "مهمة للغاية". 

وبناءً على هذه النتائج النوعية، تبدو الطرق السريعة مفيدة للغاية في زيادة فرص العمل بين الشركات المنشأة حديثاً الواقعة على مسار هذه الطرق. وتختار الشركات الانتقال إلى مواقع بالقرب من الطرق السريعة لتحسين سبل الوصول إلى الأسواق ذهاباً وإياباً، والحصول على أراضٍ رخيصة نسبياً. وفي حين أننا لم نتمكن من تحديد الآثار المترتبة على فقدان تأثيرات التكتل، يسلط المسح الذي أجريناه الضوء على إمكانية تحديد الآثار المترتبة على استثمارات البنية التحتية للنقل، إلى حد ما، من خلال أدوات وتحليلات بسيطة. 

....................................

* بقلم: كلوتيلد ف. مينستر، متخصصة في النقل في وحدة النقل في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، البنك الدولي

جان فرانسوا أرفيس، كبير خبراء اقتصاد النقل في الممارسات العالمية للتجارة والقدرة التنافسية لمجموعة البنك الدولي

نبيل سمير، اخصائي نقل أول لدى مجموعة البنك الدولي

ديكسون إيفاه، استشارا لدى المكتب الأمامي للمدير الإقليمي للبنية الأساسية بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

http://www.albankaldawli.org/

اضف تعليق