قانون العدالة ضد الإرهاب والمعروف بقانون جاستا الأمريكي، الذي أثار جدلا واسعا وتوترا غير مسبوق بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية، وهو ما قد يسهم بخلق مشكلات وازمات جديدة امريكا واقوى حلفائها في المنطقة بعد اسرائيل، خصوصا وان السعودية حذرت من "العواقب الوخيمة" التي قد تنتج عن هذا القانون، الذي يسمح لعائلات ضحايا هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001 رفع دعاوى قضائية ضد المملكة وغيرها من الدول الاخرى، وكانت السعودية وكما نقلت بعض المصادر، لوحت في وقت سابق ببيع أصول الخزانة الأميركية التي تمتلكها والمقدرة بنحو 750 مليار دولار، وهو ما يعرض الاقتصاد الأميركي لاضطرابات قوية، لكن في ذات الوقت لا يمكن الإقدام عمليا على خطوة كهذه نظرا لعمق العلاقات التجارية والاقتصادية بين البلدين والاستفادة المتبادلة من هذه الاستثمارات.

لذا فإنه في وقت تقاس متانة العلاقات بين الدول بقوة التعاملات الاقتصادية والتجارية، فإن القوانين من هذا النوع تصطدم بالمصالح الراسخة التي لا يمكن التضحية بها، هذا القانون ايضا اثار حرب اعلامية واسعة وكبيره في وسائل الأعلام المختلفة ومنها مواقع التواصل الاجتماعي، حيث قاد بعض النشطاء من داخل وخارج السعودية حملة شرسة على القانون وصلت إلى حد المطالبة باستخدام ورقة الاقتصاد والمعاملة بالمثل مع أميركا.

حرب الهشتاج

وعلى موقع تويتر اطلقت احدى الصفحات التي تحمل اسم (جبهة شعب مصر ‏@Egypt_Ppl) تغريده خاصة تحت عنوان جبهة شعب مصر تعلن عن تدشين هشتاج (#السعوديه_اقوى_من_جاستا)، تفاعل معها العديد من المستخدمين الذين اختلفت تغيرداتهم وتنوعت، ما بين التنديد والشجب ووصلت الى درجة التهديد باستخدام القوة ضد مصالح الولايات المتحدة الامريكية في المنطقة. شبكة النبأ المعلوماتية رصدت بعض الآراء والمشاركات، حيث غرد (سعيد الثقفي ‏@sa3id_thaqafi) بهذا الخصوص قائلا: كأن الأمريكان يريدون تكرار مسلسل العراق ولكن بصيغة أخرى، فهم يعلمون كيف هو الفرق وبالذات مع بلاد الحرمين. اما(مهندس خيرى ندا) فقال: لو قربت أمريكا من السعودية ستجدنا هناك للدفاع عنها وستتحدى اثنين مليار مسلم في العالم -- فهذه نهاية أمريكا!.

(بنت سلمان ‏@khulood_salman) قالت: الخيارات السعودية مفتوحة أمام ردّها على قانون_جاستا الأمريكي فهل تستطيع USA الصّمود أم ستركع؟. (moustafa sabry ‏@(mossabry قال في تغريدته: هل تعلم أمريكا ان هناك اكثر من مليار مسلم حول العالم لديهم الاستعداد التام للزود عن بلد الحرمين!. ( ‏@albrensadel3) قال: رسالة من مصر السعودية_اقوي_من_جاستا نحن معكم للابد اهلنا لا قلقوا مسافه السكة!.

هذا الهاشتاق حمل ايضا اراء اخرى مختلفة لا تخلو من السخرية والتهكم، حيث يقول(AlawiYousef): كالعادة يقتصر الرد السعودي ع اي تهديد للمملكة بهشتاج عابر للقارات

يحاربوا العالم تويتريا. اما(@dafrah1) فقال: السعوديه_اقوي_من_جاستا من 10 المستحيلات في زمن قلة فيه المستحيلات!!. (صلاح ‏@sama20b) في تغريدته قال: الأخوة العرب الي شغالين تطبيل لنا سعيكم مشكور خليكم في حالكم وخلي السياسة ل اهلها اذا صارت حرب ما أحد منكم بينفعنا.

من جانبه علق المغرد السعودي الشعير(مجتهد ‏@mujtahidd) حول هذا القانون بعدة تغريدات مهمة تدولها العديد من المستخدمين حيث قال: إقرار "جاستا" وضع مصير أموال السعودية في يد القضاء الأمريكي ومن ثم جعل الحكومة الأمريكية مشلولة بالكامل في حماية النظام السعودي من تبعاته، واضاف جاستا صار قانونا وأول قضية سترفع الأثنين سيطالب المدعون بتجميد الأصول السعودية إلى أن تحسم القضية وعلى الأرجح سيستجيب القضاة بالأمر بتجميدها.

من جانب اخر قلل خبراء وكتاب سياسيون واقتصاديون سعوديون وكما نقلت بعض المصادر، من تأثير قانون «العدالة ضد رعاة الإرهاب» الأميركي «جاستا»، ووصفوه بأنه «سلاح بلا رصاص»، معتبرين أن إقراره تم لأسباب سياسية تتعلق بالانتخابات الرئاسية الأميركية وأنه يمكن بسهولة مواجهته في حال طبق على السعودية من خلال مبدأ «المعاملة بالمثل». وأكدوا في تصريحات، أن القانون سيخلّف نتائج اقتصادية سلبية على الولايات المتحدة، منها ما يتعلق بزعزعة الارتباط بالعملة الأميركية والأسواق العالمية، وانخفاض الثقة في الاستثمار داخلها، بسبب القوانين التي تهدد الاستثمارات وعلى رأسها «جاستا».

الى جانب ذلك حث مسؤولون أمريكيون الرئيس أوباما والكونجرس بالنظر بجدية للعواقب الجيوسياسية والاقتصادية المحتملة للإضعاف الشديد في العلاقات الأمريكية السعودية والشركاء الدوليين الحيويين الآخرين. وشدد المسؤولون على أن قانون «جاستا» سيقوّض حمايات الحصانة السياسية والتي تعتمد عليها الولايات المتحدة وجميع الدول ذات السيادة منذ قرون كما أن القوات الأمريكية والدبلوماسيين وجميع موظفي الحكومة الأمريكية العاملين في الخارج قد يخضعون لدعاوى قضائية في بلدان أخرى.

وقال المسؤولون وعلى رأسهم وزير الدفاع السابق وليام كوين، ومايكل موكاسي المدعي العام السابق، وستيفن هادلي مستشار الأمن القومي السابق للرئيس جورج بوش: إننا جميعا متعاطفون مع ضحايا الحادي عشر من سبتمبر وعوائلهم، لكن هذا القانون لن يساعدهم. لم يكن هناك أي دليل موثوق يشير إلى تورط المملكة، مشيرين إلى أن الضرر الذي سيسببه هذا القانون للولايات المتحدة سيكون هائلا وطويل الأمد، وسيضع المسؤولين العسكريين الأمريكيين في خطر بالغ وسيعوق قدرة مجتمع الدول للعمل سوية في وقت يعد فيه التعاون الدولي للحرب ضد الإرهاب أمرا هاما.

وأضافوا إن سن قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب سيقوّض علاقتنا بالتأكيد مع أحد أهم حلفائنا؛ مؤكدين أن المملكة تعتبر أحد أهم شركاء واشنطن الموثوقين في مكافحة الإرهاب على مستوى العالم عالميا وإقليميا. مشيرين الى أن المملكة ودول مجلس التعاون الخليجي على حد سواء يعدون شركاء اقتصاديين أساسيين للولايات المتحدة. وإن هذه الشراكة تمتد إلى ما وراء الطاقة وتشمل مئات مليارات الدولارات من الاستثمار في كل من الشرق الأوسط والولايات المتحدة. وسيرسل سن قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب إشارة مزعجة للمملكة وكل منطقة الخليج أننا لم نعد نقدر العلاقة التي كانت بيننا عبر التاريخ، وسيشجع الحكومات وقطاعاتها الخاصة على الحصول على علاقات أخرى.

في وقت حذر فيه مدير وكالة الاستخبارات المركزية جون برينان من «تداعياته الخطيرة على الامن القومي للولايات المتحدة»، وتبعات ذلك على «الموظفين الحكوميين الذين يعملون من اجل بلادهم في الخارج». ويرى محللون أن المملكة قد تعمد الى تقليص تعاونها مع الولايات المتحدة في مجال مكافحة الارهاب، بعد اقرار الكونجرس الامريكي قانون «جاستا».

اضف تعليق