لا يُعرَف بالضبط ماهي الفلسفة وراء اختيار رئيس مجلس الوزراء المكلف السيد محمد توفيق علاوي وزارته على هذا النحو، وماهي قراءة المشهد العراقي التي أفضت به الى تشكيلة رغم توفر أسماء محترمة فيها الا انها اقل بكثير نوعا وتنوعا عن حكومة عادل عبد المهدي المستقيلة؟...

لا يُعرَف بالضبط ماهي الفلسفة وراء اختيار رئيس مجلس الوزراء المكلف السيد محمد توفيق علاوي وزارته على هذا النحو، وماهي قراءة المشهد العراقي التي أفضت به الى تشكيلة رغم توفر أسماء محترمة فيها الا انها اقل بكثير نوعا وتنوعا عن حكومة عادل عبد المهدي المستقيلة؟ سؤال واندهاش ياتي في ظل السقوف العالية من التعهدات التي أطلقها السيد علاوي في خطابه الانفعالي الذي استدر خلاله عواطف المتظاهرين تحديدا متعهدا بتغيير الدنيا العراقية من الفوضى الى النظام، ومن الجور والظلم الى العدل.

ومن الفساد والتبعية الى النزاهة والاستقلال، ومن الخراب والنهب وتوحش السلاح السائب خارج الدولة الى الأمن والانضباط، ومن الإنعدام التام للقانون والقضاء الى العدالة والقصاص وقبضة الدولة العليا على المجرمين! حتى أوهَمَ الكثير ومنهم قسم من المتظاهرين والمراقبين ترددوا في رفضه، بانه سيكون جسراً لتحقيق أهداف الشعب واستقرار الدولة بمحاكمة عادلة القتلة وتسليم السلطة مباشرة بعد انتخابات مبكرة تطيح بانتخابات التزوير وصناديق البنادق التي جاءت بالطبقة السياسية الفاشلة الحاكمة اليوم.

في الحقيقة لا يمكن الاحاطة بجميع الثغرات التي تضمنتها تشكيلة السيد علاوي على كثرتها، ليس على صعيد الأشخاص في ذواتهم بل بطبيعة تخصصاتهم وأعمارهم ووثائقهم وانتماءاتهم، ففي الوقت الذي اندفعت مؤسسات الدولة لتطبيق ما سمي بقانون التقاعد المعدل وهو تطبيق متسرع لقرار ماكر بخفض سقف سن التقاعد الى عمر الستين كحل (غير موفق) لانهاء البطالة، حيث عمدوا الى احالة مئات الآلاف من الكفاءات العلمية والفنية والخبرات التي مازالت في أوج عطائها، بحجة اتاحة الفرصة لبدلاء عنهم من العاطلين.

وهي وظائف شاغرة تقاسمتْها الأحزاب الحاكمة في ظل عياب مجلس للخدمة يقدم العراقيون جميعا اوراقهم اليه، لترهق ميزانية الدولة بافواج من المتقاعدين قبل أوانهم ورواتب بدلائهم في الوقت نفسه!، في هذا المناخ من الاحتجاج الشعبي والتحايل الحزبي والاصرار على مشاركة الشباب في القرار الوطني ينتقي المكلف وزراء عبرت أعمارهم السبعين من العمر، وفي الوقت الذي تقف امامه شخصيا عقبة ازدواج الجنسية عليه حلها وهو مطلب معنوي ورمزي ودستوري بالنسبة للعراقيين اليوم؛ بعدما ذاقوا الأمرين من حكم مزدوجي الجنسية والولاء يذهب مباشرة الى استقدام وزراء من الخارج حتى الشباب الذين تضمنتهم كابينته، كذلك ارتباك شديد في تقييم واقع الخدمات والثقافة والرياضة ووزارات لامبرر لتغيير وزرائها اساسا اذا كان التغيير بهذه الطريقة.

عبر تشكيلة تتضح ظلال الأحزاب الفاسدة وأيادي القتلة والتدخل الخارجي والمحسوبية والإزدواجية فيها، لان التغيير اذا لم يكن تغييراً نحو الأفضل أو منسجما مع تطلعات الشباب فهو ذاته التفافٌ آخر على انتفاضة العراقيين وتضحياتهم وخلط أوراق ثورتهم باوراق هامشية أخرى ، الحقيقة لدي ملاحظات كثيرة منها نفسي يتصل بتاثير هذه التشكيلة على الراي العام وقراءته من واجهات عدة ، ومنها اعتباري مفهوم حيث تزج شخصيات محترمة ولها حضورها خارج تهان داخل وزارات ليست من نخصصها او ليست منسجمة مع ظروفها ، الهجرة والمهجر والثقافة والتخطيط مثالا.

فضلا عن اسماء تبدو بسبب انتمائها والجهات التي تقف خلفها استفزازية تؤكد ضعف السيد علاوي عدم استقلالية طاقمه الذي عمل معه لاختيار تشكيلة حكومته المتسرعة الإرتجالية غير البريئة.

لقد نبهت في مقالات عدة وأكرر الآن، إن اخطر ماتقوم به السلطة الحاكمة هو الالتفاف على مطالب الجماهير المنتفضة، بعدم اجراء انتخابات مبكرة، لأن الانتخابات المبكرة بحد ذاتها هي اقرار قانوني بفشل ما انتجته الإنتخابات الماضية وأن التغيير سيحصل بصورة او باخرى بفعل الحراك الشعبي وضغوطه.

واستنادا الى ما سمعناه من تعهدات قلنا ليذهب علاوي ويعلن مباشرة موعدا محددا للانتحابات، ويعلن ان حكومته مؤقته، ويعلن ان حكومته لا تشارك في مؤامرة تكملة عدة الحكومة المستقيلة ودفع اجراء الانتخابات الى موعده العادي المقبل في الشهر الرابع 2020، واحترمنا سرية العمل والتحفظ على تسريب الأسماء الذي صار ظاهرة فوضوية مجانية للتكهن بأسماء من يعمل معه، وقلنا ان علاوي سيأتي بالمفاجاة. وان الكتل السياسية ستعمل على اعاقة تمرير حكومته لمزيد من كسب الوقت باتجاه الهدف المشار اليه أعلاه.

وقلنا وقلنا .. لكن علاوي فعلا جاء بالحكومة المهلهلة الناقصة التي لا ترتقي الى أدنى معايير حكومة عادل عبد المهدي بل لاتحقق نسبة ضئيلة من طموح الثوار العراقيين وتضحياتهم التي تجازوت سبعمئة شهيد وثلاثين الف جريح خمسة الاف منهم معاقون اعاقة بالغة، فضلا عن ظاهرة الاغتيالات التي اصبحت معتادة في البلاد قتلتهم مطلقوا اليد مكشوفو الوجوه يجوبون الشوارع دون محاسبة، بل محميون رسميا وسياسيا!.. اين الحكمة في ذلك، اين الشطارة في ان تساهم حكومة نريد لها الاسراه في تنفيذ المطالب فنراها جزءا من مؤامرة الالفاف على مطالب الشعب وخياره في الامن والاستقرار والعمل المؤسسلاتي والقضائي الصحيح اين؟.

..........................................................................................................
* الآراء الواردة في المقال قد لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق