q
إن القوات الأمريكية ستعمل على حماية نفسها من خلال صواريخ باتريوت وأنظمة دفاعية دون الحصول على موافقة الحكومة العراقية، وستعلل ذلك بعدم قدرة الحكومة على حماية هذه القوات، كما من الواضح إنها بدأت توجه ضربات جوية واغتيالات وفق قاعدة جِد وانهِ وهي عمليات تعتمد على معلومات سرية...

ما إن تخطط واشنطن بأجهزتها الأمنية التي مَنحت الإذن لقواتها بشن هجمات صاروخية على فصائل عراقية. في الجانب الآخر يناقش قادة سياسيون وفصائل عسكرية طرق وتحديات إنسحاب القوات الأمريكية من العراق.

أمنياً تتعامل واشنطن بخطة "سياسية- عسكرية" ترسم من خلالها "إنهاء أي تهديد للأمريكيين" ترافق هذه الخطة حركة دبلوماسية اقتصادية بمساندة "العمل السري" لإنهاء أي نشاط يهدد قواتها، كما تعمل على فرض عقوبات على شخصيات معينة وهذه السياسة قديمة جديدة أكدها وزير الدفاع الأمريكي مارك إسبر الذي قال "كل الخيارات مطروحة على الطاولة بينما نعمل مع شركائنا لتقديم الجناة إلى العدالة والحفاظ على الردع".

لم تستطع واشنطن أن تنهي المخاطر التي تتعرض لها القواعد العسكرية في وقت تغرق إدارة الرئيس ترمب في تعامله مع ملفات معقدة منها الصين وأزمة وباء كورونا والمستنقع السوري والحوار مع طالبان حول الانسحاب من افغانستان.

من ضمن المعطيات السابقة فان جوهر الغارات الجوية للقوات الأمريكية هو تحديد القدرات العسكرية التي تمتلكها فصائل المقاومة وتحديدا حزب الله، لذلك فانها تقوم بهذا النوع من العمليات ليس ردا على ما تتعرض له من هجمات فحسب، بل من أجل إنهاء قدرات التسليح لفصائل المقاومة، لكنها فشلت مرات عديدة.

ويمكن السؤال، لماذا حزب الله. يقول بوب وودورد في كتابه "خوف" ان القيادة الأمنية الأمريكية التي من ضمنها ديريك هارفي وهو واحد من أبرز محللي الاستخبارات الذين تعتمد عليهم الحكومة الامريكية في المعلومات، من ضمن هذه المعلومات ان حزب الله هو نقطة القلق الأبرز في منطقة الشرق الأوسط، وأشار هارفي الى معلومات حساسة حول قدرات الحزب البشرية والعسكرية. انتهى

في السنوات الأخيرة، نمت كتائب حزب الله بشكل سريع وانتشرت في العراق وسوريا وصولا الى اليمن، هناك أكثر من تفسير لتركيز واشنطن على كتائب حزب الله، ربما إن الاعلام وما يروج له من ان هذا الفصيل ليس من ضمن هيئة الحشد الشعبي وإنه غير منخرط بشكل رسمي بين صفوف القوات الأمنية العراقية وهو الأمر الذي تتخذه القوات الأمريكية ذريعة لاستهدافه. الأمر الآخر يمكن أن هذا الفصيل يتفوق بامتداده مع التجربة اللبنانية وأنه مرتبط بشكل مباشر مع إيران، وله قدرات هجومية واستخباراتية دقيقة ولدى القوات الأمريكية معلومات عن تهديده المباشر على المدى القصير لها، فيما تبقى اسرائيل الهدف الرئيسي.

على المستوى العراقي يمكن ان تواجه كتائب حزب الله تحديات في حال وسعت نطاق المواجهة وهذه المخاطر سببها، ضمان عدم استهداف مقرات أمنية عراقية وأخرى تابعة للحشد ومدنية ربما، وعدم زج البلاد في حرب واسعة.

في المقابل تشير المعطيات العسكرية الى أن الولايات المتحدة الأمريكية ستعمل وفق أحد الخيارات التالية أو بجميعها بحسب كل مرحلة:

الخيار الأول: الانسحاب من العراق كما حصل عام 2011 لكن هذه المرة يأتي الانسحاب في ظل ظروف غير مناسبة بالنسبة للسياسة الأمريكية على اعتبار ان ايران ستكون هي المنتصر. اضافة الى رغبة المكون الكردي والآخر السني ورغبتهما في بقاء القوات الأمريكية مما يشجع السياسة الأمريكية في ترسيخ نهجها.

الخيار الثاني: شن حملات عسكرية بشكل مستمر، لكنه سيعرض الأمريكيين لإذكاء الكراهية بشكل أكبر.

الخيار الثالث: يقتصر على توجيه ضربات محددة وبنفس الوقت تظهر القوات الأمريكية بمظهر البريء الذي يتعرض لقصف من قبل جماعات مسلحة عراقية.

بدء بعض خبراء الأمن في واشنطن يدفعون تجاه تغيير بعض القواعد الأساسية لاستخدام القوة العسكرية التي تسمح للقوات الأمريكية ضرب الأهداف عندما تصبح متاحة.

من المؤكد إن القوات الأمريكية ستعمل على حماية نفسها من خلال صواريخ باتريوت وأنظمة دفاعية دون "الحصول على موافقة الحكومة العراقية" وستعلل ذلك بعدم قدرة الحكومة على حماية هذه القوات. كما من الواضح إنها بدأت توجه ضربات جوية واغتيالات وفق قاعدة "جِد وانهِ" وهي عمليات تعتمد على معلومات سرية من خلال عملائها تتيح ضرب أهدافها بشكل سري وسريع، و ربما ستستفيد الولايات المتحدة الأمريكية في إعطاء فرصة خلال استهداف قواعدها في محاولة لإظهار العراق بصورة المحتل من قبل إيران وإظهار فصائل المقاومة بأنها عنيفة وإرهابية.

دائرة العنف لا تبدو أنها ستنتهي قريبا. إلا إذا أبرم نوع من الاتفاق، وربما هذا الاتفاق يتعلق أيضاً ببرنامج ايران النووي مقابل تخفيف العقوبات. الأمر الذي يصعب حصوله في الوقت الحالي مما يعني أن الصراع لن ينتهي قريباً.

* علي الطالقاني كاتب صحفي متخصص في الشأن الأمني

اضف تعليق