q
يبدو ان مساعي وتحركات الأمم المتحدة التي تهدف الى انهاء الصراع في اليمن وتحقيق السلام التام، باتت أمراً مستحيلاً بسبب تضارب المصالح واختلاف الأهداف بين القوى المتصارعة والدول الداعمة لها، حيث تجددت الاشتباكات العنيفة، في مدينة عدن الساحلية بجنوب اليمن بين قوات متحالفة اسميا انقلبت على بعضها...

يبدو ان مساعي وتحركات الأمم المتحدة التي تهدف الى انهاء الصراع في اليمن وتحقيق السلام التام، باتت أمراً مستحيلاً بسبب تضارب المصالح واختلاف الأهداف بين القوى المتصارعة والدول الداعمة لها، حيث تجددت الاشتباكات العنيفة وكما نقلت بعض المصادر، في مدينة عدن الساحلية بجنوب اليمن بين قوات متحالفة اسميا انقلبت على بعضها بعضا مما يكشف عن انقسامات في التحالف العسكري المؤيد للحكومة ويعقّد جهود الأمم المتحدة الرامية لإنهاء الحرب. وقالت مصادر طبية إن العديد من المدنيين لاقوا حتفهم في عدن، المقر المؤقت للحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، وبدأت الاشتباكات بعد أن اتهم الانفصاليون حزبا إسلاميا حليفا للرئيس عبد ربه منصور هادي بالتواطؤ في هجوم صاروخي استهدف عرضا عسكريا في الأول من أغسطس آب وكان واحدا من ثلاثة هجمات منفصلة استهدفت قوات الجنوب.

والانفصاليون وحكومة هادي متحدان اسميا في معركتهم ضد حركة الحوثي التي أطاحت بهادي من السلطة في العاصمة صنعاء أواخر عام 2014 لكن لكل منهما أهدافه المختلفة بشأن مستقبل اليمن. ودعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش الجانبين إلى وقف العمليات القتالية. وتسعى المنظمة الدولية إلى وقف تصعيد التوتر لتمهيد الطريق أمام محادثات سياسية أوسع لإنهاء حرب حصدت أرواح عشرات الآلاف ودفعت اليمن إلى حافة المجاعة.

وحرب اليمن، يُنظر لها على أنها أسوأ أزمة إنسانية في عصرنا. تتراوح تقديرات القتلى بين 10 آلاف إلى أكثر من 70 ألف قتيل، غالبيتهم من اليمنيين. وبحسب تقارير فإن الغارات الجوية التي تقودها السعودية تسببت في مقتل ثلثي هذا العدد. وقال وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارك لوكوك، إن هناك أكثر من 30 جبهة قتال، ونزح أكثر من 3.3 مليون شخص من مناطقهم، ويحتاج 80 في المئة من السكان إلى المساعدة والحماية، بما في ذلك 10 ملايين يعتمدون الآن على المساعدات الغذائية.

حرب مستمرة

وفي هذا الشأن أعلنت جماعة الحوثيين أنها نفذت هجومين على مطار أبها في السعودية بطائرات مسيرة، في حين أعلن التحالف العسكري السعودي الإماراتي أنه قتل إبراهيم بدر الدين الحوثي شقيق زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي. وقال المتحدث العسكري باسم الحوثيين يحيى سريع -في بيان نقلته قناة المسيرة التابعة للجماعة- إن سلاح الجو المسير نفذ عمليتين هجوميتين على مطار أبها الدولي بعدد من طائرات "قاصف 2" (2 k).

وأضاف أن العملية الأولى استهدفت محطة الوقود بالمطار وأصابت هدفها بدقة عالية، فيما استهدفت العملية الثانية برج الرقابة في المطار، وتسببتا في تعطيل الملاحة الجوية بالمطار حسب قوله. من جهة ثانية، تبنى التحالف السعودي الإماراتي في اليمن قتل إبراهيم الحوثي شقيق زعيم جماعة الحوثيين، مشيرا إلى أن التفاصيل ستعلن لاحقا. وقال المتحدث باسم التحالف تركي المالكي لوسائل إعلام سعودية، إن إعلان أي تفاصيل عن مقتل إبراهيم الحوثي قد لا يكون مناسبا الآن لأمن المعلومات، ولكن سيتم الإعلان عن بعض التفاصيل لاحقا.

وفي وقت سابق قال مصدر يمني واسع الاطلاع للأناضول، إن شقيق زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي اغتيل داخل منزله في منطقة حدة جنوبي العاصمة اليمنية صنعاء. وقالت وزارة الداخلية في حكومة الحوثيين، في بيان إن إبراهيم بدر الدين الحوثي اغتالته "أيادي الغدر والخيانة التابعة للعدوان الأميركي الإسرائيلي وأدواته"، في إشارة إلى التحالف العربي. وأكدت في بيانها أنها "لن تتوانى في ملاحقة وضبط أدوات العدوان الإجرامية، التي نفذت جريمة الاغتيال، وتقديمهم للعدالة حتى ينالوا جزاءهم الرادع". ولم يورد البيان مزيدا من التفاصيل حول عملية الاغتيال، أو المنصب الذي كان يتقلده إبراهيم الحوثي.

ويعتبر إبراهيم بدر الدين الحوثي أحد أذرع شقيقه زعيم المتمردين عبد الملك الحوثي، حيث كان يعتمد عليه في العديد من العمليات العسكرية في الميدان، لا سيما العمليات التي تقع حول صعدة باتجاه الحدود السعودية. وكان من أبرز قادة عملية اقتحام العاصمة صنعاء في 21 سبتمبر العام الماضي، حيث شارك بفاعلية وبشكل كبير في عملية الانقلاب على الشرعية واقتحام دار الرئاسة ومحاصرة الرئيس عبد ربه منصور هادي في منزله آنذاك.

الى جانب ذلك سقط 30 قتيلا على الأقل من جراء المواجهات داخل معسكر اللواء الرابع حماية رئاسية في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن. وهزت انفجارات قوية عدن، وسط اشتباكات عنيفة في جبل حديد خور مكسر، وسط المدينة. وشهدت الاشتباكات استخدام مختلف أنواع الاسلحة في محيط اللواء الرابع حماية رئاسية في اللحوم، شمال عدن.

وقالت مصادر طبية إن ما لا يقل عن 8 مدنيين قتلوا إثر تجدد الاشتباكات بين الانفصاليين الجنوبيين وقوات الحكومة في عدن مقر حكومة اليمن المعترف بها دولياً. وبدأت أعمال العنف عندما اتهم الانفصاليون، حزبا إسلاميا متحالفا مع الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، بالتواطؤ في هجوم صاروخي على عرض عسكري في المدينة الساحلية أسفر عن مقتل 36 شخصا.

وقال مصدر مسؤول بالأمانة العامة للجامعة العربية إن الأمين العام للجامعة يتابع بقلق تطورات الأوضاع في عدن. وأوضح المصدر أن الجامعة تدعو جميع أبناء الشعب اليمني إلى تحكيم العقل ووضع المصلحة العليا للدولة اليمنية فوق أية اعتبارات ضيقة حفاظاً على أمن وسلامة ووحدة الأراضي اليمنية. وأكد المصدر على أنه صار واضحاً أنه لا توجد إمكانية للحسم العسكري للمعارك بين أبناء الوطن الواحد، داعياً جميع الأطراف للتهدئة والانخراط الجدي في حوار مسؤول من أجل إنهاء الخلافات والعمل سوياً من أجل ضمان عودة الشرعية إلى البلاد وإنهاء معاناة الشعب اليمني والحفاظ على وحدة البلاد.

ومع مضي عناصر المجلس الانتقالي باستهداف المنشآت الحكومية وقواتها، وجه سكان عدن نداء استغاثة عاجلة إلى المنظمات الدولية والأممية والأطراف المتصارعة بالابتعاد عن التجمعات السكانية والمستشفيات. وتدور الاشتباكات وسط غموض للوضع العسكري وأنباء متبادلة حول السيطرة على مواقع ومعسكرات، دون وجود طرف محايد يؤكد أو ينفي ذلك.

وأسفرت المواجهات بحسب مصادر عسكرية عن سقوط عشرات القتلى والجرحى من الطرفين، وضحايا مدنيين وسط عجز الفرق الإغاثية عن انتشال جثث القتلى. وأفادت مصادر في وقت سابق بمقتل مواطن وإصابة أربعة آخرين جراء سقوط قذيفة قرب مجمع صحي وسط مدينة عدن. يأتي هذا بالتزامن مع سقوط قذيفة على حي الإنشاءات بجانب البريد القديم في دار سعد شمال عدن.

وأشارت المصادر إلى أن القذائف العشوائية سقطت على بعض الأحياء السكنية وأدت إلى اندلاع حريق في محطة بنزين في خط التسعين في المنصورة. واستهدفت القوات الحكومية شاحنة محملة بالأسلحة والذخائر تابعة للقوات الموالية للمجلس الانتقالي على الطريق البحري وسط عدن.

تغير موازين القوى

الى جانب ذلك أبرزت صحف عربية، بنسختيها الورقية والإلكترونية، تداعيات التصعيد الأخير في عدن اليمنية، وحذّر مراقبون من أن نتائج معركة عدن ستنعكس بشكل كبير على المشهد اليمني وستغير من معادلة القوة في البلاد. بينما رأى آخرون أن ما يحدث في عدن هو "مسرحية هزلية بموافقة التحالف السعودي الإماراتي". ويأتي هذا على خلفية مواجهات عنيفة اندلعت في محيط قصر معاشيق الرئاسي بمديرية كريتر في مدينة عدن بين قوات الحرس الرئاسي ومسلحي المجلس الانتقالي الجنوبي.

واندلعت المواجهات بعد تشييع المئات من أبناء المحافظات الجنوبية في اليمن الذين قضوا في هجوم استهدف قائد قوات الحزام الأمني التابع للمجلس الانتقالي الجنوبي، العميد منير اليافعي، وجنود في معسكر الجلاء. ويتحدث عوض كشميم في موقع "مأرب برس" اليمني عمّا وصفه بـ"مخطط إسقاط معاشيق"، حيث يرى أن الإعلان عن تشييع جثمان العميد منير اليافعي ودعوات التجمع والحشد في ساحة الشهيد خالد الجنيدي وسط كريتر ومن ثم إلى مقبرة القطيع جوار مقر الحكومة في معاشيق هو "مخطط ... يهدف إلى استغلال الغضب وتوظيفه باتجاه محاصرة مقر الحكومة واقتحامه وإسقاط معاشيق تحت وطأة السلاح وتفجير الموقف عسكرياً".

ويدعو حبيب الصايغ في "الخليج" الإماراتية إلى "التزام الهدوء والحكمة"، قائلا إن "القضايا العادلة لا يمكن إدراكها وقطف ثمار الاشتغال عليها إلا عبر الوسائل القانونية والسلمية التي تضمن أمام المجتمع الدولي أنه أمام إرادة جنوبية جامعة وضمن المسار السياسي للأزمة اليمنية ككل". ويضيف: "وعلى الرغم من اختلاف الأطروحات وتناقضها على الساحة اليمنية، فإن الفيصل يجب أن يكون شرعياً وسياسياً وتحت مظلة المجتمع الدولي، وليس من خلال قرارات الأمر الواقع".

ويقول الكاتب إنه "إذا كانت الأوضاع اليمنية نتيجة التوزيع الجديد لمراكز القوى على الأرض هيأت وتهيئ اليمن للعودة إلى المسار السياسي، فإن حق تقرير المصير بين المعاشيق وما يلوح في الأفق، مطلب يطرح ضمن المسار السياسي، ويتحقق عندما تتحقق شروطه في النسق الكامل". وحول موقف التحالف العربي الذي تقوده السعودية من التصعيد في عدن، تقول "رأي اليوم" اللندنية إن "تدهور الوضع الأمني في مدينة عدن العاصمة المُؤقّتة للرئيس هادي، واندِلاع الاشتباكات بين القوّات الموالية للإمارات والأُخرى للحكومة السعوديّة، هو آخر شيء تُريده الرياض في هذا التّوقيت الحسّاس الذي يشهَد تصاعُدًا للتوتّر في مِنطقة الخليج ومضيق هرمز، وفي وقتٍ يُحاول الرئيس دونالد ترامب تشكيل تحالف دولي لتأمين المِلاحة في مضيق هرمز".

وتضيف: "لا يتوافق التصعيد المناطقي مع توجهات قيادة التحالف العربي، التي تعتقد أن إنهاء الوجود الحكومي في عدن يتعارض بشكل كلي وجوهري مع أهداف التحالف المعلنة، إضافة إلى إسهام التصعيد في تعقيد الأزمة اليمنية وخدمة المشروع الإيراني في اليمن". وتنقل الصحيفة عن مراقبين قولهم إن "نتائج معركة عدن ستنعكس بشكل كبير على المشهد اليمني وستغير من معادلة القوة في حال تمكن المجلس الانتقالي الجنوبي من فرض أجندته وإحكام السيطرة على العاصمة المؤقتة، غير مستبعدين أن يقدم المجلس على إعلان أي خطوة أحادية في اتجاه الانفصال وفك الارتباك بشمال اليمن وهو القرار الذي يحتاج إلى توافق دولي وإقليمي واسع".

على العكس من ذلك، يرى علي الصنعاني في موقع "النجم الثاقب" اليمني أن مايحدث في عدن هو "مسرحية هزلية بموافقة التحالف السعودي الإماراتي". ويضيف: "كل مايحدث هو ترتيب ورقة الجنوب بحسب رغبة التحالف". ويرى الكاتب أن "مايحدث في عدن من اقتتال شكلي بارد له عدة أهداف أهمها السيطرة على المعسكرات الموالية لحزب الإصلاح وإزاحة القوة العسكرية الإخوانية لمصلحة قوات الأحزمة الأمنية وقوات أبينية موالية لعبد ربه منصور هادي، وكل ذلك من أجل أن يُزاح الإصلاح من مفاوضات السلام المُقبلة ويَحل محله المجلس الانتقالي". ويختم بالقول إن "اللعبة كلها تستهدف حضور الإصلاح العسكري في الجنوب فقط". بحسب بي بي سي.

وفي صحيفة "عدن الغد" اليمنية، يُلقي موفق السلمي اللوم على الإمارات فيما يخص التصعيد في عدن. يقول الكاتب إن "ما لم يفعله فُجّار الجاهلية في حربهم في شبه جزيرة العرب قديما فعله الإماراتيون وجاهليّو حزام أمن عدن في اليمن". ويضيف: "حيث نتأهب لحسن العمل في العشر الأُوَل من شهر ذي الحجة، شهد إخوتنا الشماليون المقيمون في مدينة عدن موجة من الاستفزازات من قوات الحزام الأمني التابعة لدولة الإمارات، فهناك يتم إفراز الشماليين وترحيلهم إلى الشمال قسرا بدعوى تأمين عدن". ويرى الكاتب أن "ما يحدث الآن في عدن لا يمثل عدن، ولا جنوب اليمن، وإنما يمثل شرذمة حاقدة، ودولة راعية فاسدة باغية".

اضف تعليق