q
على الرغم من انتهاء العمليات العسكرية ضد تنظيم داعش في العراق، وأعلان النصر النهائي من قبل رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في ديسمبر كانون الأول واستعادة مدينة الموصل ثاني كبرى المدن في البلاد بعد معركة طويلة مع المتشددين، ماتزال البلاد تعيش في وضع امني غير مستقر خصوصا في المناطق التي تم تحريرها، حيث عمد التنظيم بعد هزائمه الكبيرة...

على الرغم من انتهاء العمليات العسكرية ضد تنظيم داعش في العراق، وأعلان النصر النهائي من قبل رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في ديسمبر كانون الأول واستعادة مدينة الموصل ثاني كبرى المدن في البلاد بعد معركة طويلة مع المتشددين، ماتزال البلاد تعيش في وضع امني غير مستقر خصوصا في المناطق التي تم تحريرها، حيث عمد التنظيم بعد هزائمه الكبيرة الى تنفذ هجمات وعمليات قتل ونصب كمائن في أرجاء مختلفة من العراق خصوصا في محافظات نينوى وكركوك وديالى فضلا عن أنه لا يزال نشطا في سوريا. وهو ما اثار موجة من الغضب الشعبي بعد تكرر عمليات الخطف في تلك المناطق، ودفع رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي الى اعلان حملة جديدة للقضاء على عناصر تنظيم داعش الإرهابي في عموم العراق قائلاً: «سنلاحق الخلايا المتبقية من الإرهاب في جحورها وسنقتلها، مضيفاً: سنلاحقهم في كل مكان؛ في الجبال والصحراء». هذا بالاضافة الى تفعيل بعض الاحكام القضائية ضد عناصر داعش، والقيام بعمليات عسكرية خارج الحدود العراقية، وتحديدا داخل الاراضي السورية حيث نفذ سلاح الجو العراقي وبالتعاون مع الدول الحليفة العديد من العمليات في مناطق مختلفة.

و قد أكدت الاستخبارات العراقية في بيان مقتل نجل زعيم تنظيم داعش بوسط سوريا، نافية في الوقت نفسه أن يكون قد قتل في هجوم بل في غارة روسية في الثاني من تموز/يوليو الحالي. ونشرت وكالة "أعماق" الدعائية التابعة للتنظيم المتطرف إصدارا بعنوان "قوافل الشهداء" عبر تطبيق تلغرام صورة للفتى "حذيفة البدري" مرتديا الزي الافغاني وحاملا بندقية كلاشنيكوف. وأرفقت الصورة ببيان ينعي "نجل الخليفة" أبو بكر البغدادي مؤكدا انه "قتل منغمسا في النصيرية والروس في المحطة الحرارية بولاية حمص".

ونقلت خلية الصقور الاستخبارية العراقية عن مصدر رفيع قوله إن "الإرهابي المدعو حُذيفة البدري نجل البغدادي (...) لم يكن انغماسياً ولا حتى مقاتلاً كما يُسمى، بل كان وجوده رمزياً يتنقل بين مضافةً واُخرى كنوع من أنواع الدعاية النفسية لما تبقى من التنظيم". وأكد المصدر أن مقتله كان "بضربة جوية للروس على مغارة في حمص، وبحسب استطلاعات الصقور فإن هذه المغارة كانت مشخصة حيث لها ثلاث مداخل وتضم بحدود 30 من القيادات الإرهابية وعناصر حماية حُذيفة، حيث تم ضربها بثلاث صواريخ ذكية بتاريخ 2 تموز/يوليو 2018"، مشيرا الى تأكيد مقتل 11 من الموجودين.

ولفت المصدر الى ان نجل البغدادي كان نجا من غارة للطيران العراقي داخل الأراضي السورية في 22 حزيران/يونيو الماضي، قتل فيها مرافقاه، أحدهم "سعود محمد الكردي المكنى أبو عبد الله، وهو صهر البغدادي ومتزوج من ابنته دعاء ولديه منها عبد الله وعائشة". وكان مسؤول عراقي اكد مطلع ايار/مايو ان أبو بكر البغدادي الذي أُعلن مقتله مرات عدة، ما زال على الارجح على قيد الحياة في مناطق سورية حدودية مع العراق. وأضاف ان "البغدادي يتنقل في هذه المناطق بالخفاء وليس بموكب (...) يتنقل برفقة أربعة إلى خمسة أشخاص بينهم ابنه وصهره، وأبو زيد العراقي، وشخص لا أستطيع الافصاح عنه".

وقد اعلنت روسيا في حزيران/يونيو 2017 انها قتلت على الارجح البغدادي في نهاية ايار/مايو قرب الرقة "العاصمة" السابقة للتنظيم في سوريا. لكنها اشارت في وقت لاحق الى انها تواصل التحقق من مقتله. وبعد ثلاثة اشهر اكد مسؤول اميركي رفيع المستوى ان زعيم التنظيم ما زال على قيد الحياة على الارجح ويختبىء في شرق سوريا. ويعود آخر خطاب له الى 28 ايلول/سبتمبر 2017 قبل اسبوعين من سقوط الرقة وقد دعا فيه انصاره الى "الصبر والثبات" في وجه "الكفار" المتحالفين ضدهم في سوريا والعراق. والبغدادي الذي رصدت واشنطن 25 مليون دولار لمن يحدد مكانه أو يقتله، ظهر مرة واحدة امام الكاميرا لدى اعلانه "دولة الخلافة". ويعتقد ان لدى البغدادي اربعة أولاد من زوجة أولى وابن من زوجة ثانية.

قصاص فوري

وفي هذا الشأن قالت الحكومة العراقية إنه تم تنفيذ حكم الإعدام في 12 مدانا بالإرهاب بعد ساعات من دعوة رئيس الوزراء حيدر العبادي للإسراع في تنفيذ الأحكام ردا على خطف وقتل ثمانية من قوات الأمن. وكان العبادي قد دعا إلى ”إنزال القصاص العادل فورا بالإرهابيين“ المحكوم عليهم بالإعدام وبات الحكم عليهم نهائيا بعد استنفاد فرص الاستئناف. وقال متحدث باسم الحكومة في بيان ”بناء على توجيه رئيس مجلس الوزراء الدكتور حيدر العبادي تم تنفيذ حكم الإعدام ب 12 إرهابيا مدانا من الذين اكتسبت أحكامهم الدرجة القطعية“.

وعثرت قوات الأمن على جثث ثمانية من رجالها مشوهة وملفوفة بالمتفجرات وذلك بعد يومين من انتهاء مهلة حددها تنظيم داعش الذي خطفهم. وخطفت التنظيم أفرادا من قوات الأمن العراقية وأظهرت ستة منهم في تسجيل مصور بثته عبر الإنترنت وهددت خلاله بقتلهم في غضون ثلاثة أيام إذا لم تطلق الحكومة سراح سجينات. وقال متحدث باسم وزارة الداخلية إن تشريح الجثث أظهر قتلهم قبل انقضاء المهلة وإن التسجيل ما هو إلا دعاية للتنظيم.

وتحدث المرجع الأعلى للشيعة في العراق آية الله علي السيستاني، الذي نادرا ما يعلق على المسائل السياسية، عن عملية الخطف التي أثارت نقاشا محموما في العراق وهيمنت على التغطية الإعلامية المحلية. وقال في خطبة الجمعة التي ألقاها عبر أحد ممثليه في مدينة كربلاء التي ينتمي لها عدد من أفراد الأمن القتلى إن على زعماء العراق التركيز على دحر التنظيم لا على نتيجة الانتخابات البرلمانية. وقال ممثل السيستاني في الخطبة ”ليس من الصحيح التغاضي عن ذلك والانشغال بنتائج الانتخابات وعقد التحالفات والصراع على المناصب والمواقع، بل القيام بمتطلبات القضاء على الإرهابيين وتوفير الحماية والأمن للمواطنين في مختلف المناطق والمحافظات“. بحسب رويترز.

وخلال الحملة الانتخابية قال كثير من العراقيين إنهم يرون رجال السياسة بمنأى عنهم ومنشغلين بالسلطة أكثر من اهتمامهم بتلبية احتياجاتهم. وأظهرت صور متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي أن المشيعين في جنازة أفراد في كربلاء حملوا لافتات ضخمة تحذر رجال السياسة من الحضور أو محاولة استغلال الحدث لتحقيق مكسب سياسي. وأعلن العبادي النصر النهائي على داعش في ديسمبر كانون الأول، لكن التنظيم لا يزال يعمل انطلاقا من جيوب على الحدود مع سوريا ويواصل نصب الكمائن وتنفيذ اغتيالات وتفجيرات في أنحاء العراق.

وزادت وتيرة هجمات داعش خلال الأسابيع القليلة الماضية وخصوصا على طريق يربط العاصمة بغداد بشمال البلاد، وهو الذي شهد خطف رجال الأمن. وعقد رئيس الوزراء سلسلة اجتماعات مع مسؤولي الأمن والمخابرات منذ ظهور المقطع المصور لعملية الخطف. ويسعى العبادي للفوز بفترة ثانية كمرشح توافقي في إطار حكومة ائتلافية رغم أن تكتله السياسي جاء في المركز الثالث في الانتخابات.

جهود استخباريه

من جانب اخر قال مكتب مدعي باريس إن السلطات الفرنسية تحتجز لاجئا عراقيا سابقا للاشتباه في ارتكابه جرائم حرب بوصفه قياديا محليا في تنظيم داعش. وأضاف المكتب أن الرجل الذي لم يتم الكشف عن هويته خضع لتحقيق رسمي للتواطؤ الجنائي فيما يتصل بعمل إرهابي والانضمام إلى جماعة مسلحة سعيا لارتكاب جرائم حرب. وكانت قناة (تي.إف1) التلفزيونية أول من أورد الخبر وقالت إن المشتبه به يدعى أحمد إتش. ويبلغ من العمر 33 عاما.

ووفقا لمصادر قريبة من التحقيقات فإن السلطات العراقية تعتقد أنه حاكم محلي سابق تابع لداعش لمنطقتي تكريت وسامراء وتقعان على بعد نحو 100 كيلومتر إلى الشمال من بغداد. وقال التنظيم إنه قتل 1700 أسير من كتيبة تابعة للجيش العراقي في معسكر سبايكر في يونيو حزيران 2014. وذكرت نفس المصادر أن من المعتقد أن الرجل المعتقل اشترك في المذبحة. وقتل أكثر من 240 شخصا منذ أوائل 2015 في فرنسا في هجمات نفذها إسلاميون متشددون أو أفراد أوعزت لهم جماعات إسلامية متشددة بها.

في السياق ذاته قال مستشار أمني للحكومة العراقية إن ضباطا بالمخابرات العراقية يحتجزون أحد مساعدي أبو بكر البغدادي وأنهم استخدموا تطبيقا على هاتفه المحمول للإيقاع بأربعة من قادة التنظيم. وقال المستشار الأمني هشام الهاشمي إن السلطات التركية ألقت القبض على إسماعيل العيثاوي المعروف كذلك بكنيته أبو زيد العراقي في تركيا وسلمته لمسؤولين بالمخابرات العراقية. ووصف الهاشمي العيثاوي بأنه مساعد مباشر للبغدادي وكان مسؤولا عن التحويلات المالية إلى الحسابات المصرفية للتنظيم في عدة دول.

وقال إن ضباط المخابرات العراقية استخدموا تطبيق تليجرام للرسائل على هاتف العيثاوي للإيقاع بقادة آخرين من التنظيم واستدراجهم لعبور الحدود من سوريا إلى العراق حيث ألقي القبض عليهم. وتابع أن من بين المقبوض عليهم صدام الجمل وهو سوري كان والي منطقة شرق الفرات في التنظيم. ووصف الهاشمي العيثاوي والجمل بأنهما أبرز شخصيتين يتم اعتقالهما من التنظيم. وأعلن التلفزيون العراقي القبض على الخمسة. بحسب رويترز.

وقال الهاشمي ”العملية تمت بالتعاون مع المخابرات الأمريكية من ضمن التحالف والمخابرات التركية“. وتابع أن ضباط المخابرات العراقية والأمريكية تمكنوا، بعد القبض على العيثاوي، من الكشف عن الحسابات المصرفية للتنظيم وجميع الشفرات التي كان يستخدمها. وإلى جانب العيثاوي والجمل تم اعتقال ثلاثة قادة ميدانيين هم السوري محمد حسين القدير والعراقيان عمر شهاب الكربولي وعصام عبد القادر الزوبعي. وقال الهاشمي إن ”الحبل يضيق“ حول البغدادي زعيم التنظيم واسمه الحقيقي إبراهيم السامرائي.

اضف تعليق