q

د. أياد كامل إبراهيم الزيباري-جامعة زاخو/فاكولتي العلوم الإنسانية/قسم الدراسات الإسلامية

 

إن الإسلام هو دين الهدى والنور، الذي لا سعادة للبشرية ولا أمن لها ولا سعادة في الدنيا والآخرة، إلا عندما تهتدي بهداه، وتستضيء بنوره، مخلصة في عبوديتها لله الخالق، تأتمر بأمره، وتتبع منهجه، نابذة كل منهج من المناهج الأرضية المخالفة له أو الداعية إلى التطرف والإرهاب.

لقد اختار الله لهذه الأمة منهجها، وبين لها طريقها: صراط مستقيم فلا عوج، أمة وسط واعتدال فلا انحراف، اعتدال في التصور والاعتقاد، واعتدال في العبادة والنسك، واعتدال في الأخلاق والسلوك، واعتدال في الارتباطات والعلاقات، بل وسط واعتدال في الزمان والمكان.

ويعد الاعتدال والوسطية في كل الأمور من أهم مزايا المنهج الإسلامي، فأمة الإسلام أمة الاعتدال والوسط والصراط المستقيم بمعنى أنها تستغل جميع طاقاتها وجهودها في البناء والعمران المادي والتربوي والعلمي والثقافي من غير إفراط ولا تفريط، فهي تحقق التوازن بين الفرد والجماعة، وبين الدين والدنيا وبين العقل والقوة وبين المثالية والواقعية وبين الروحانية والمادية وغيرها.

وعليه فإن الدين الإسلامي الحنيف تميز بالسهولة، واليسر، والرحمة، ومسايرة الفطرة السليمة، ليحفظ للناس دينهم، ويوفر كرامتهم، ويصون لهم حقوقهم وضروراتهم، ويرشدهم إلى ما ينفعهم في دينهم ودنياهم، كما تميز بالصلاحية لكل زمان ومكان، لمعالجة كل شؤون البشرية؛ لأنه يمتلك منهجاً سوياً، ولكن أصيبت الأمة الإسلامية، بل البشرية كلها حينما بدأ تعكير صفو تلك المنهجية، من قبل بعض المنتمين إليه، من خلال التشدد المذموم، والتضييق في المفهوم، بدعوى الحرص على سلامة الدين، والحفاظ عليه حفاظاً حرفياً، ولم يدركوا خطورة هذا التوجه في تعكير صفوة المنهجية التي اتبعها، والميزات الربانية التي امتاز بها، فهو من وضع العليم الخبير بشؤون عباده، العالم بما يصلح نفوسهم، أفراداً وجماعات.

وقد أفرز هذا التوجه والمسلك ظاهرة معقدة، وجريمة خطيرة ضد الشعوب والحكومات، والأفراد، وهي: الإرهاب والتطرف في الدين، الذي يقوض دعائم الأمن والاستقرار، ويعيق التنمية في كل مجالاتها المختلفة، ويسبب الأضرار الضخمة على الأفراد، والجماعات، وعلى المؤسسات والحكومات، مما يجعل التصدي لهذه الظاهرة أمراً لازماً وواجباً شرعياً، والعمل الجاد من أجل معالجتها معالجة شافية وكافية، بكل الوسائل والسبل التي يمتلكها القادة، والمفكرون، والباحثون، حسب قدراتهم، ومهاراتهم، وتخصصاتهم العلمية المتعددة، وعدم السكوت إزاء هذه الظاهرة المخيفة، أو التواكل في مواجهتها ومعالجتها.

لذا فإن المجتمعات بكافة مؤسساتها مسئولة عن مكافحة الإرهاب والتطرف في الدين والتصدي له، فبقدر ما يقع على المؤسسات الأمنية من التزامات فإن المؤسسات الفكرية، والعلمية، والإعلامية، والتربوية، مسئولة مسئولية كبرى عن بناء المفاهيم الصحيحة، ويبين الحلول والتدابير المناسبة لمواجهتها ومحاصرتها، ومعالجة آثارها في المجتمع.

وفي إطار الاهتمام بموضوع منهج الاعتدال في الدين ونبذ التطرف والعنف، تأتي هذه الدراسة التي تهدف إلى دراسة موقف الإسلام من الإرهاب والعنف ونبذ التطرف بكافة أشكاله، وإحياء المنهج الوسطي في فهم الإسلام وممارسته، وتعزيز التعايش السلمي بين أبناء المجتمع على اختلاف مذاهبهم الفكرية وانتماءاتهم الحزبية، وإيجاد الفرد الصالح النافع لنفسه وقومه وبلده وأمته.

وقد اقتضت طبيعة البحث أن يشتمل على مقدمة وأربعة مباحث وخاتمة، حيث أشرت في المقدمة إلى أهمية الموضوع وسبب اختياري له والمنهج الذي سوف اسلكه.

إما المبحث الأول: يعد مدخلاً لدراسة مفردات البحث ببيان مدلولاتها، ويشتمل على ثلاثة مطالب.

المطلب الأول: مفهوم المنهج.

المطلب الثاني: مفهوم الاعتدال.

المطلب الثالث: مفهوم التطرف.

أما المبحث الثاني: أهمية وخصائص ومظاهر وفوائد الاعتدال في الإسلام، ويشتمل على أربعة مطالب.

المطلب الأول: أهمية الاعتدال.

المطلب الثاني: خصائص الاعتدال.

المطلب الثالث: مظاهر الاعتدال.

المطلب الرابع: فوائد الاعتدال في الدين.

المبحث الثالث: مظاهر وأسباب وآثار وعلاج التطرف الديني، ويشتمل على أربعة مطالب.

المطلب الأول: مظاهر التطرف الديني.

المطلب الثاني: أسباب التطرف الديني.

المطلب الثالث: آثار التطرف الديني.

المطلب الرابع: كراهية التعمق في الدين وسبل العلاج للتطرف الديني.

المبحث الرابع: تبني منهج الاعتدال للحد من محاربة التطرف الديني، ويشتمل على أربعة مطالب.

المطلب الأول: تبني منهج الاعتدال في السلوك والأفعال.

المطلب الثاني: منزلة منهج الاعتدال في الإسلام.

المطلب الثالث: حاجة البشرية اليوم إلى تبني منهج الاعتدال.

أما الخاتمة سوف أذكر فيها إن شاء الله أهم وأبرز النتائج والتوصيات التي سوف أصل إليها أثناء كتابة البحث.

* ملخص بحث مقدم الى مؤتمر الاعتدال في الدين والسياسة الذي يعقد بمدينة كربلاء المقدسة في 22-23/3/2017، والذي ينظم من قبل مركز الدراسات الاستراتيجية-جامعة كربلاء، ومؤسسة النبأ للثقافة والاعلام، ومركز الفرات للتنمية للدراسات الاستراتيجية

اضف تعليق