q

يرى الكثير من المراقبين ان الولايات المتحدة الامريكية وبسبب الحروب الكثيرة التي خاضتها، تعاني الكثير من المشكلات والازمات الاقتصادية والاخلاقية وخصوصا في المؤسسة العسكرية التي تعد من أهم وأقوى المؤسسات العالمية، والتي فقدت بعض قدراتها ولأسباب كثير منها ما يرتبط بقضايا اخلاقية حيث تعاني هذه المؤسسة من انتشار الجرائم والاعتداءات الجنسية.

بين إفراد القوات المسلحة وارتفاع معدلات الانتحار وغيرها من الامور الاخرى، يضاف الى ذلك المشكلات الاقتصادية والأزمة المالية التي تمر بها الولايات المتحدة والتي اسهمت بتقليص الميزانية الخاصة بهذه المؤسسة الامر الذي قد يتسبب بإضعاف القدرات القتالية لجيش الأمريكي، هذه المشكلات والازمات الكبيرة اثارت وبحسب بعض الخبراء مخاوف العديد من المسؤولين في الولايات المتحدة الامريكية ودعتهم للمطالبة بضرورة اصلاح هذه المؤسسة والعمل على تطويرها والاهتمام بها، خصوصا وان العالم اليوم يشهد سباقا محموما في مجال التسلح وتطوير القوى العسكرية.

وفيما يخص بعض هذه المشكلات فقد قال وزير الدفاع الأمريكي اشتون كارتر إن الاعتداءات الجنسية في الجيش الأمريكي لا تزال شائعة جدا على الرغم من انخفاض عدد الحوادث بنسبة 27 في المئة خلال العامين الماضيين فيما نشر البنتاجون تقريره السنوي عن هذه المشكلة. وأضاف كارتر ان الأبحاث العام الماضي قدرت أنه كانت هناك 20300 حالة اعتداء جنسي داخل الجيش في 2014 كما حددت مجالات تحتاج الى بذل مزيد من الجهد منها معالجة قضية الاعتداء الجنسي على الرجال والانتقام ممن يبلغون عن تعرضهم لاعتداءات.

وقال مسؤولون ان تراجعا بلغ 27 في المئة في انتشار الاعتداءات الجنسية مع زيادة في عدد من يبلغون عن الجريمة يمثل خبرا إيجابيا لانه أظهر ان جهود البنتاجون لمكافحة المشكلة تؤتي ثمارها. وذكر التقرير السنوي لوزارة الدفاع بشأن الاعتداءات الجنسية في الجيش ان 6131 شخصا أبلغوا عن الجريمة في السنة المالية 2014 بزيادة بلغت 11 في المئة عن العام السابق. وقال مسؤولون ان هذا يظهر ان الجنود أكثر ثقة بشأن الابلاغ عن الجريمة. بحسب رويترز.

وفي نفس الوقت أشار مسح يجرى كل عامين الى ان ما يقدر بنحو 18900 من أفراد الجيش في المجمل تعرضوا لتجربة اتصال جنسي غير مرغوب فيه في عام 2014 في انخفاض عن نحو 26000 في عام 2012 وهو تراجع نسبته 27 في المئة. وشمل العدد 10400 رجل و8500 امرأة. وأشار مسح جديد لمؤسسة راند الى أعداد مماثلة فقال إن 10600 رجل و9600 امرأة قالو انهم مروا بتجربة اعتداء جنسي في عام 2014. ولا يزال الانتقام بسبب الإبلاغ عن التعرض لاعتداء جنسي مصدر قلق اذ قالت 62 في المئة من النساء من ضحايا الاعتداءات إنهن واجهن نوعا من الانتقام الاجتماعي او في مجال العمل.

ميزانية أساسية للدفاع

الى جانب ذلك صرح مسؤول أمريكي بأن الإدارة الأمريكية ستسعى لوضع ميزانية أساسية للدفاع حجمها 534 مليار دولار عندما ترسل طلب الإنفاق للكونجرس وهو رقم يفوق الغطاء الاتحادي بخمسة وثلاثين مليار دولار وقد يؤدي إلى تخفيضات إلزامية. وقال المسؤول الذي طلب عدم نشر اسمه قبل الجلسة الرسمية لعرض الميزانية إن الإدارة الأمريكية ستطلب أيضا نحو 51 مليار دولار لتمويل الحرب في أفغانستان وكذلك لمواجهة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا.

وقالت بلومبرج إن اقتراح الميزانية الأساسية يتضمن 107.7 مليار دولار لمشتريات الأسلحة و69.8 مليار دولار للأبحاث. وذكر مصدر مطلع على اقتراح الميزانية أنه يتضمن تمويل 57 مقاتلة إف-35 جوينت سترايك فايتر التي تنتجها شركة لوكهيد مارتن بزيادة مقاتلتين عما تضمنته ميزانية العام الماضي. وأضاف المصدر غير المصرح له بالحديث لوسائل الإعلام ان اقتراح الميزانية يبقي على تمويل سفن البحرية والطائرات ولكنه يقلص التمويل لبعض أنظمة الأسلحة.

وطلب الميزانية الذي وضعته وزارة الدفاع (البنتاجون) وحجمه 534 مليار دولار يتماشى مع ما توقعت أن تحتاجه لعام 2016 في طلب الميزانية العام الماضي. ولكنه يزيد 35 مليار دولار عن الحد الأقصى للإنفاق والبالغ حجمه 499 مليار الدولار للسنة المالية 2016 وفقا لقانون صدر عام 2011 وجرى تعديله بعد ذلك بعامين.

وتجاوز الإنفاق الدفاعي للغطاء الاتحادي يؤدي بمقتضى القانون إلى خفض متساو في ميزانية قطاعات أخرى بصرف النظر عن الأولويات أو الأهمية الاستراتيجية. وأرغم مثل هذا الخفض بمنتصف عام 2013 الإدارة الأمريكية على منح موظفين عطلات غير مدفوعة الأجر وتقليص تمويل عمليات التدريب والصيانة. وحذر مسؤولون عسكريون كبار مرارا من تكرار مثل هذا الخفض.

على صعيد متصل أعلنت وزارة الدفاع الامريكية (البنتاجون) ان البلاد تحتاج لانفاق مليارات الدولارات خلال السنوات الخمس القادمة لضمان أمن وفعالية قوة الردع النووي الامريكية المتهالكة بعد أن كشفت مراجعات أدلة على الاهمال خلال حقبة الحرب التقليدية. وقال وزير الدفاع الامريكي تشاك هاجل وهو يعلن عن اصلاح شامل لمنظومة الردع النووي إن الامريكيين لا يتهددهم أي خطر.

وقال "كل ما هنالك هو اننا فقدنا التركيز نوعا ما... ما دامت لدينا اسلحة نووية فعلينا ان نطمئن الى انها سليمة وآمنة وفعالة". وقال هاجل في مؤتمر صحفي بالبنتاجون إن المراجعات كشفت عن مشاكل منهجية يمكنها ان "تقوض الأمن والأمان والفاعلية" للترسانة النووية الأمريكية. وأضاف "السبب الاساسي هو الافتقار الى التركيز والاهتمام والموارد بصورة مستديمة ما أسفر عن شعور سائد بأن العمل في منشأة نووية لا يقدم فرصا كافية للنمو والترقي."

وقال البنتاجون إن هذه المراجعات -التي أمر بها هاجل بعد وقوع سلسلة من الحوادث ألحق بعضها اضرارا بالافراد العاملين- أظهرت في المراجعة الداخلية "ان القوى العاملة كانت قادرة ومتفانية في العمل على خير وجه رغم التحديات الناجمة عن قلة عدد العاملين ومحدودية الموارد والاعتماد على بنية اساسية داعمة متهالكة وهشة." وقال هاجل إن الولايات المتحدة "ربما كانت تتطلع الى زيادة بنسبة عشرة في المئة" في الاستثمارات النووية خلال السنوات الخمس القادمة.

وطالبت المراجعات بتوضيح أدق للهيكل القيادي للقوى النووية وتذليل العقبات الادارية والاستثمار في المعدات لتطوير التدريب وتغيير ثقافة الادارة التفصيلية ما يؤدي لرفع المعنويات والنهوض بأساليب التدريب والتفتيش. وقال روبرت وورك نائب وزير الدفاع الامريكي إنه في الوقت الذي ينتهج فيه الرئيس باراك اوباما سياسة للمضي قدما في التخلص من الاسلحة النووية في العالم فان الامر يتطلب تدبير استثمارات للحفاظ على عنصر الردع حتى موعد إحلال هذه الاسلحة في عشرينات القرن الحالي.

وأرجع وورك تراجع الاستثمارات الى حقبة الحرب التقليدية التي استمرت 13 سنة تضمنت صراعات في العراق وافغانستان. ووجدت مقترحات هاجل آذانا صاغية في الكونجرس الامريكي حيث طالب الكثيرون بسرعة اجراء اصلاحات. وقال الجمهوري باك مكيون رئيس لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب "عانت المؤسسة النووية طويلا من الاهمال." بحسب رويترز.

وتوجه هاجل الى قاعدة مينوت الجوية في نورث داكوتا -التي يوجد بها قاذفات وصواريخ نووية- لمناقشة الخطط مع العاملين في المجال النووي هناك. ودعا هاجل الى مراجعة القوى النووية بعد سلسلة من الحوادث المؤسفة. ففي مارس آذار الماضي استقال رئيس جناح الصواريخ النووية في قاعدة مالمستروم الجوية في مونتانتا وأعفي تسعة ضباط من العمل بسبب الغش في تجارب تتعلق بواحد وتسعين من المسؤولين عن اطلاق الصواريخ. وتضم قاعدة مونتانا ثلث الصواريخ البالستية العابرة للقارات في البلاد التي يقترب عددها من 450 صاروخا.

الفضاء والتفوق التكنولوجي

في السياق ذاته قال قائد وحدة الفضاء في سلاح الجو الأمريكي إن الولايات المتحدة بحاجة إلى تكنولوجيات جديدة وطرق جديدة لامتلاك المعدات وتوثيق الروابط مع الحلفاء العالميين لتظل متفوقة في الفضاء رغم التحديات المتزايدة من جانب الصين وروسيا وآخرين. وقال الجنرال جون هايتن ان الولايات المتحدة تستعد منذ سنوات لمخاطر تهدد أنظمتها الخاصة بالأقمار الصناعية لكن التجارب المضادة للاقمار الصناعية التي يجريها أعداء محتملون خلقت شعورا ملحا لدى الدوائر الصناعية والحكومة بالحاجة الى بحث سبل كسب اي حرب مستقبلية في الفضاء.

وقال هايتن "علينا ان نعرف ما سنفعل وكيف سنفعل ذلك" محذرا من ان اي حرب فعلية في الفضاء ستكون مدمرة للبيئة والاقتصاد على مستوى العالم. وطالب هايتن ومسؤولون آخرون رجال الصناعة خلال الندوة الدراسية السنوية للفضاء في كولورادو سبرينج بتطوير سبل تحقيق الطيران الأمن الآلي للصواريخ وانشاء نظام أرضي مشترك لتتبع الاقمار الصناعية والاتصال بها والسيطرة عليها والعمل في الوقت نفسه على خفض تكلفة الانظمة التي تقدر بمليارات الدولارات.

وصرح بأن المنافسة المحتدمة وضغوط الميزانية المتصاعدة دفعت بالفعل عددا من الشركات الكبرى مثل لوكهيد مارتن وبوينج لخفض الاسعار وتبني تكنولوجيات ناشئة. ورفض هايتن مناقشة القدرات الهجومية للولايات المتحدة لكنه قال ان التقدم السريع في الحرب الالكترونية الذي حققه أعداء محتملون يعني ان سلاح الجو الامريكي بحاجة الى أنظمة ثورية أوتوماتيكية لادارة المعارك والقيادة والسيطرة على الاقمار الصناعية.

من جانبه أعلن وزير الدفاع الأمريكي تشاك هاجل خطة طموحة لتحديد وتطوير أنظمة الأسلحة التي تمكن الولايات المتحدة من مواصلة هيمنتها العسكرية في القرن 21. وحذر هاجل من أن التفوق التكنولوجي لوزارة الدفاع الأمريكية(البنتاجون) يتضاءل. وقال هاجل في كلمة في منتدى ريجان للدفاع الوطني إن مبادرة الابتكار الدفاعي الجديدة ستتضمن خطة للتطوير والاستفادة من انجازات التكنولوجيا الحديثة.

وفي إشارة إلى عدم هيمنة البنتاجون على التكنولوجيات التي كان يأمل باستغلالها قال هاجل إن البنتاجون سيتواصل مع الشركات والجامعات من أجل الحصول على أفكار والمساعدة في تعزيز جهوده. وأضاف هاجل إن البنتاجون يتوقع أن تتحول هذه الجهود إلى استراتيجية تنتج أنظمة تعوضه عن تقدم منافسيه مثلما فعلت الاسلحة الذرية في الخمسينات وكما فعلت اليوم الضربات الدقيقة والطائرات ستيلث التي لاترصدها أجهزة الرادار.

وقال هاجل إن هذه المبادرة التي سيقودها روبرت وورك نائب وزير الدفاع تأتي في وقت يواجه فيه التفوق العسكري الأمريكي خطرا نتيجة لانتشار التكنولوجيا. وأضاف هاجل إن"التكنولوجيا والأسلحة التي كانت فيما مضى مجالا قاصرا على الدول المتقدمة أصبحت متاحة لسلسلة كبيرة من الجيوش وقطاعات لا تمثل دولا ابتداء من كوريا الشمالية الاستفزازية وحتى تنظيمات ارهابية." بحسب رويترز.

وأشار إلى أنه في الوقت الذي كانت فيه الولايات المتحدة تشارك في حروب في العراق وأفغانستان كانت قوى مثل روسيا والصين "تستثمر بقوة في برامج التحديث العسكري لتقويض ..تفوقنا التكنولوجي دافعة بطائرات وغواصات متطورة وصواريخ أبعد مدى وأكثر دقة. "وقال إنه يتعين على وزارة الدفاع الأمريكية "مواصلة تحديث قدرات بلادنا وتعزيز تفوقها العملي والتكنولوجي. وعلينا أن نفعل ذلك من خلال القيام باستثمارات جديدة طويلة الأمد في مجال الابتكار."

الولايات المتحدة والشرق الأوسط

من جهة أخرى قال جنرال امريكي بارز ان الولايات المتحدة تدرس ارسال بطارية من نظام ثاد للدفاع الصاروخي الى الشرق الاوسط مشيرا الي ما سماه حاجة ماسة للرد على خصوم لديهم انظمة صاروخية والقدرة على استخدامها. واضاف الجنرال فينسنت بروكس رئيس القيادة الامريكية في الباسفيك انه لم يتم اتخاذ اي قرارات بشان نشر بطارية مملوكة للولايات المتحدة من صواريخ ثاد الدفاعية للارتفاعات العالية في الشرق الاوسط او كوريا الجنوبية وهي منطقة اخرى يري انها في حاجة ماسة الي تلك الصواريخ بالنظر الي التهديد الذي تشكله كوريا الشمالية.

وقال بروكس "هناك حاجة ماسة في ... هذين المكانين لاننا لنا خصوم لديهم القدرة وأظهروا انهم مستعدون لاستخدامها." ولم يذكر بروكس ايران بالاسم لكن مسؤولين عسكريين امريكيين عبروا في السابق عن مخاوف من تطوير ايران صواريخ بعيدة المدى يمكنها الوصول الي اسرائيل وربما اوروبا. وقال انه يجب على الجيش الامريكي ان يدرس خياراته بالنظر الي التكلفة المرتفعة لنشر نظام صواريخ ثاد التي تصنعها شركة لوكهيد مارتن.

ويستعد الجيش الامريكي لنقل بطارية ثاد يجري تشغيلها في جوام منذ حوالي عام. ولديه اربع بطاريات قيد التشغيل وبطارية خامسة ستبدأ التدريبات عليها هذا العام. وفي يونيو حزيران الماضي قال قائد القوات الامريكية المتمركزة في كوريا الجنوبية انه إقترح نشر صواريخ ثاد في كوريا الجنوبية للتصدي للتهديد المتزايد لقدرات كوريا الشمالية التي تملك اسلحة نووية. بحسب رويترز.

وستبدأ لوكهيد تسليم نظام من صواريخ ثاد اشترته دولة الامارات العربية بموجب صفقة قيمتها 1.96 مليار دولار اعلن عنها اول مرة في ديسمبر كانون الاول 2011 لكن الامر سيستغرق عاما او اكثر حتى يصبح النظام قيد التشغيل الكامل. وتأمل لوكهيد بوضع اللمسات الاخيرة على اتفاق مماثل مع قطر على مدى العامين القادمين وتدرس السعودية ايضا شراء محتملا. وقالت مصادر على دراية بنظام ثاد انها لا تتوقع نشرا وشيكا لتلك الصواريخ في الشرق الاوسط.

فيتنام لا تزال تكابد

لا يعلم الفيتنامي تان تراي شيئا عن العامل البرتقالي لكن الأطباء يقولون إنه يعيش ضحية لآثاره حتى يومنا هذا بعد ان هبط من سريره الخشبي وهو لا يزال بعد طفلا وظل يحبو بحثا عمن يقدم له الغذاء.. والآن يبلغ من العمر 25 عاما. وتعرضت والدته فو ثي نهام للعامل البرتقالي عندما قامت القوات الأمريكية برش هذه المادة الكيميائية على مساحات واسعة من فيتنام قبل نصف قرن سعيا لتدمير الغابات التي كان رجال المقاومة في فيتنام يحتمون بها اثناء حرب فيتنام.

وتعتقد نهام ان العامل البرتقالي هو السبب الذي جعل ابنها يعاني من اعاقة بدنية وعقلية. وقالت نهام في بيتها الواقع بمدينة دانانج بوسط فيتنام "أضير آخرون حولي بالعامل البرتقالي أيضا لكنه كان قاسيا حقا بالنسبة الينا. بوسعهم المشي على الأقل.. لكنه عاجز عن الحركة". وجلس تراي متكوما على أرضية البيت تحت قدمي أمه وقاطعها مصححا ما تقوله "بل يمكنني السير معتمدا على ساعدي".

والعامل البرتقالي هو الاسم المتداول لمبيدات الاعشاب التي كان الجيش الأمريكي يستخدمها ضمن الحرب الكيماوية بفيتنام وهي المادة التي تعمل على سقوط اوراق الاشجار التي كان مقاتلو فيتنام يختبئون اسفلها. والعامل البرتقالي هو التركة المثقلة التي تستعصي على النسيان مع استمرار انجاب اطفال من الجيل الثاني بعد الحرب من ذوي الاعاقة التي يقول الأطباء إنها مرتبطة بالعامل البرتقالي الذي يستخدم أصلا في ازالة اوراق الاشجار.

وقالت الجمعية الفيتنامية لضحايا العامل البرتقالي والديوكسين إن نحو ثلاثة ملايين فيتنامي يكابدون أمراضا فتاكة واعاقات بعد تعرضهم للعامل البرتقالي. واليوم يمكن مشاهدة المصابين بعاهات في كل مكان ففي الشوارع يحمل متسولون أطفالا تضخمت رؤوسهم او تقوست سيقانهم بصورة فظيعة. وظهر آخرون وقد انحنت قاماتهم وولد البعض منهم دون عيون.

وقال الجندي الفيتنامي السابق دو دوك ديو إنه دفن بنفسه 12 من ابنائه البالغ عددهم 15 بعد ان توفوا في طفولتهم وقد أعد بالفعل قبرين لبنتين تكابدان المرض وقد لا يكتب لهم عمر طويل. ويرقد لو دانج نجوك هونج البالغ من العمر 15 عاما على بساط ويظل صامتا معظم أوقات اليوم وقد تحجرت عيناه وتهدلت شفتاه. وهونج عاجز عن السير وله بشرة رقيقة كالطفل الوليد لانه قلما يغامر بالخروج من بيته. وقالت والدته لو ثي ثاو وهي تسترجع الذكريات عندما اكتشفت اعاقته "إنها ذكرى حزينة. لكنه ابني لذا فان من الطبيعي ان أحنو عليه".

والعامل البرتقالي مشكلة معقدة يثور جدل واسع بشأن عواقبها منذ زمن طويل ونشأت عنه دعاوى قضائية أقامها فيتناميون وقدامى الحرب الامريكيون. وتوصلت دراسات أمريكية الى وجود مخاطر مرتفعة من الاصابة بسرطان البروستاتا وسرطان الدم والجلد لدى العسكريين الذين تعرضوا لهذه المادة. وسرعان ما أصبحت الولايات المتحدة حليفا مهما لفيتنام بيد ان العامل البرتقالي لا يزال مصدرا للخلافات. واعتمدت الحكومة الأمريكية 43 مليون دولار عام 2012 لتطهير الأراضي الملوثة بمادة الديوكسين جراء استخدام كمية تقدر بنحو 20 مليون جالون من العامل البرتقالي تم رشها في فيتنام بين عامي 1962 و1971 لكن كثيرا من الفيتناميين يقولون إن هذا غير كاف. بحسب رويترز.

إلا ان بعض قدامى المحاربين الامريكيين أبدوا تعاطفهم مثل تشوك بالازو الذي أفنى سنوات من عمره في التعاون مع الفيتناميين لمكافحة الوصمات العنيدة التي تخلفت عن العامل البرتقالي. إلا انه لا يبدو واثقا من الفوز في المعركة. وقال "هل سارت الأمور نحو الأفضل أم نحو الأسوأ؟ إنها معركة طاحنة وعليك ان تصمد. ليست لدينا أي فكرة حتام سيستمر هذا الوضع".

اضف تعليق