q
وأكاد أزعم إن أغلب العمل الصحفي والإعلامي في العراق يجري بهذه الطريقة غير المنظمة بقانون، ما يعني أن تشريع قانون جرائم المعلوماتية سوف يأخذ غالبية الصحفيين إلى السجون، أو يتركون المهنة لأنها لم تعد مفيدة للمجتمع، لحل هذه الإشكالية كان من واجب مجلس النواب تشريع قانون يسمى قانون حق الحصول على المعلومات...

من محاسن الأخبار يوم الثلاثاء (30 ايار 2023) أنك تسمع مجلس الوزراء يستضيف رئيس هيئة النزاهة لمناقشة مشروع قانون حق الحصول على المعلومات، مع توجيه من رئيس مجلس الوزراء لوزرائه بدراسة مشروع القانون.

ما هو قانون حق الحصول على المعلومات؟

لم تصلنا أي نسخة من مشروع القانون، لكنني أستطيع تصور أهم بنوده الجوهرية، فقد طرحنا في جلسة حوارية لملتقى النبأ للحوار فكرة هذا القانون، وكان من ضمن الحاضرين أحد مستشاري رئيس الوزراء الذي ارسله شخصياً للاستماع لطروحات الحاضرين حول قانون جرائم المعلوماتية.

اعترضت شخصياً على أحد بنود قانون جرائم المعلوماتية والتي تعتبر اعتماد الصحفي على مصادر غير رسمية أو غير علنية جريمة يعاقب عليها الصحفي، كما نصت مادة أخرى على سجن الصحفي الذي ينشر معلومة غير دقيقة أو لم تثبت صحتها.

الاعتراض ليس دفاعاً عن الصحفي الذي ينشر أخباراً كاذبة، بل لأن الصحفيين العراقيين لا يملكون قانوناً يتيح لهم الحصول على المعلومات من المؤسسات الحكومية الرسمية، فيضطر أغلب العاملين في وسائل الإعلام إلى الاعتماد على وسائل ملتوية للحصول على الفتات من المعلومات، وهي معلومات غير رسمية، لكنهم لا يملكون سبيلاً غير هذا.

وأكاد أزعم إن أغلب العمل الصحفي والإعلامي في العراق يجري بهذه الطريقة غير المنظمة بقانون، ما يعني أن تشريع قانون جرائم المعلوماتية سوف يأخذ غالبية الصحفيين إلى السجون، أو يتركون المهنة لأنها لم تعد مفيدة للمجتمع.

لحل هذه الإشكالية كان من واجب مجلس النواب تشريع قانون يسمى "قانون حق الحصول على المعلومات"، وفكرته الجوهرية تقوم على جعل الحصول على المعلومات بطريقة تسير وفق سياقات قانونية محددة، بحيث يتقدم الصحفي بطلب رسمي أو شفوي للمؤسسة التي يحتاج منها المعلومات، فتزوده المؤسسة بالمعلومات التي يريد وبما يتناسب مع سرعة عمل وسائل الإعلام، لا أن تبقى حبيسة توقيع المدير ووكلائه.

ما هي فوائد القانون؟

إذا ما أقر القانون بطريقة تتناسب مع عمل وسائل الإعلام سيوفر جملة من الفوائد وهي:

1- تفعيل الدور الرقابي لوسائل الإعلام، فالصحفي تكون له سلطة رقابية على مؤسسات الدولة، فيكشف الفساد، ويتحرى بسهولة عن مواضع الشبهات وكشفها للجمهور والحكومة على حد سواء.

2- دخول وسائل الإعلام كعنصر مساعد لعمل الهيئات الرقابية مثل هيئة النزاهة وديوان الرقابة المالية وغيرها من خلال الملفات التي تتاح للصحفيين.

3- الاستفادة من الحرية التي يتمتع بها الصحفي في التقصي وجمع المعلومات، فضلاً عن خبرته في الربط بين الملفات، وتحرره من البيروقراطية التي تحرم المؤسسات الرقابية الرسمية من متابعة جميع التفاصيل في مؤسسات الدولة.

4- الإسهام في محاربة الشائعات والاخبار المزيفة، إذ إن تشريع قانون حق الحصول على المعلومات يجبر الصحفيين على نشر الأخبار الدقيقة فقط، وتقليل الاعتماد على المصادر غير الرسمية أو المصادر المجهولة والتي غالباً ما تكون مزيفة.

5- تنوير الرأي العام بالحقائق والأرقام الصحيحة لما يجري في مؤسسات الدولة، ومن خلال هذه المعلومات السليمة نستطيع التقليل من تأثير حملات الجيوش الإلكترونية التي تعتمد التضليل وترويج الأكاذيب مستغلة الفقر المعلوماتي في العراق.

6- مواكبة التطور التقني والحضاري المتسارع والذي جعل من المعلومات وسيلة لتنمية الإقتصاد من خلال الشفافية وعدم إخفاء الحقائق عن المواطنين والمستثمرين على حد سواء.

الخلاصة أننا نريد من قانون حق الحصول على المعلومات أن تكون للصحفي سلطة رقابية على مؤسسات الدولة لكي يكون الرسول الذي ينور الرأي العام بما يجري خلف مكاتب الموظفين والعقود الحكومية الجبارة التي لا يعرف بها عامة الصحفيين.

نحن نقول بأن الصحفي بلا معلومة كالمعلم بلا قلم وكالجندي بلا بندقية، المعلومة حق للشعب وهذا الحق يمارسه نيابة عن المواطنين عدد من الصحفيين المنتشرين في جميع مناطق العراق.

اضف تعليق