q
على مدى الأعوام الأحد عشر الماضية، سحقت السلطات البحرينية جميع صور المُعارَضة وضيّقت الخناق على الحقوق في حرية التعبير والتجمع السلمي وتكوين الجمعيات أو الانضمام إليها. لا وجود اليوم لمُعارَضة سياسية حقيقية وإعلام مستقل في البحرين، بينما لا يمكن لمنظمات حقوق الإنسان التي تنتقد الأوضاع القائمة أن تعمل بحرية...

اجرت البحرين انتخابات برلمانية يوم السبت في بيئة وصفتها جماعات حقوقية بأنها "قمع سياسي" بعد أن قامت الدولة الخليجية المتحالفة مع الولايات المتحدة بحل جماعات المعارضة الرئيسية وقمع المعارضين.

وفتحت مراكز التصويت أبوابها في الثامنة صباحا في البلد الذي يحكمه السنة وسحق انتفاضة مناهضة للحكومة في 2011 كانت إلى حد كبير بقيادة الأغلبية الشيعية من السكان التي تشتكي منذ وقت طويل من التمييز وهو اتهام تنفيه السلطات

وقبيل التصويت، الذي يشمل انتخابات بلدية، انتقدت منظمة العفو الدولية الحقوقية الإجراءات التقييدية للغاية التي تمنع مشاركة أعضاء جماعات المعارضة المحظورة وأولئك الذين قضوا فترات سجن أطول من ستة أشهر.

وقالت منظمة العفو في بيان "عقد الانتخابات العامة لن يعالج مناخ القمع وحرمان الأفراد من حقوقهم الإنسانية الذي خيم على البحرين لأعوام".

وقالت البحرين، التي سجنت الآلاف بعضهم في محاكمات جماعية، بما في ذلك قادة المعارضة، إن 344713 ناخبا مؤهلين للتصويت، انخفاضا من 365467 في آخر انتخابات أجريت في 2018.

وتقول السلطات إن ما يزيد قليلا عن 500 مرشح يتنافسون على 40 مقعدا برلمانيا و 30 مقعدا بلديا، من بينهم 94 امرأة، أي أكثر من ضعف العدد في 2018.

ووصف معهد البحرين للحقوق والديمقراطية ومقره لندن التصويت بأنه "صوري" قائلا إن تشريعات أخرى تربط بين إشراك الناخبين والمشاركة في الانتخابات السابقة تستهدف على ما يبدو الأفراد الذين قاطعوا الانتخابات السابقة.

ولم ترد السلطات في البحرين، التي تنفي اتهامات بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان وتقول إن انتخاباتها ديمقراطية، على طلب رويترز للتعليق.

ويتألف البرلمان من مجلس النواب المنتخب ومجلس الشورى الذي يتم تعيين أعضائه الأربعين من قبل الملك.

وتعتبر البحرين منتجا صغيرا للنفط وموطنا للأسطول الخامس للبحرية الأمريكية، وهي واحدة من أكثر الدول المثقلة بالديون في الخليج.

وأنقذتها بلدان الخليج الغنية في 2018 بحزمة مساعدات قيمتها عشرة مليارات دولار مرتبطة بإصلاحات تهدف إلى تحقيق التوازن المالي بحلول 2024. وانخفضت ديون البحرين على نحو طفيف إلى 129 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في 2021.

وأدى ارتفاع أسعار النفط إلى تحسين التوقعات المالية للبحرين، التي تقول إنها تمضي قدما في خطة التعافي الاقتصادي لزيادة الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي بنسبة 5 بالمئة هذا العام وخلق 20 ألف فرصة عمل للبحرينيين كل عام على مدى العامين المقبلين.

ويشكو كثير من شيعة البحرين من التعرض للتمييز في مجالات مثل الوظائف والخدمات الحكومية في الدولة التي يبلغ عدد سكانها 1.5 مليون نسمة. وترفض السلطات تلك الاتهامات وتتهم إيران الشيعية بإثارة الاضطرابات وهو ما تنفيه طهران.

وقبل فتح أبواب مراكز الاقتراع أمام أكثر من 340 ألف ناخب مسجّل، تعرّض موقع البرلمان للقرصنة، وكذلك موقع وكالة الأنباء الحكومية وموقع الانتخابات الرئيسي.

وبينما لم تتضح الجهة التي تقف خلف عملية القرصنة، أعلنت وزارة الداخلية في تغريدة "استهداف مواقع الكترونية بهدف تعطيل العملية الانتخابية وبث رسائل سلبية للتأثير عليها، محاولات يائسة ولن تنال من عزيمة المواطنين".

وأضافت "يرجى من المواطنين الكرام استقاء المعلومات من مصادرها الصحيحة، والإبلاغ عن أي شكوى أو استفسار أو ملاحظة".

مُنعت مجموعتا المعارضة الرئيسيتان وهما "الوفاق" الشيعية ووعد العلمانية من تقديم مرشحين على غرار انتخابات العام 2018. ويُذكر أنّه جرى حل الجمعية الأولى في 2016 والأخرى في 2017، مما دفعهما إلى دعوة الناخبين لمقاطعة الانتخابات.

وهذه ثالث انتخابات منذ أحداث العام 2011 حين شهدت البحرين، الواقعة بين السعودية وإيران تظاهرات للمطالبة بملكية دستورية وإصلاحات سياسية أخرى، جرى قمعها على أيدي السلطات بمساندة من قوات جيرانها الخليجيين.

ومنذ ذلك الحين، سجنت السلطات مئات المعارضين، بمن فيهم زعيم المعارضة الشيعية البارز الشيخ علي سلمان الذي ترأس جمعية "الوفاق"، وجرّدت العديد من جنسيتهم، فيما أعدمت آخرين.

في 2018، أصدرت البحرين ما يسمى قوانين العزل السياسي والمدني التي تمنع أعضاء أحزاب المعارضة السياسية السابقة ليس فقط من الترشح للبرلمان، ولكن أيضًا من الخدمة في مجالس إدارة المنظمات المدنية.

وتقول منظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية نقلا عن شخصيات من المجتمع المدني البحريني، إن ستة آلاف إلى 11 الف مواطن بحريني مُنعوا بأثر رجعي من الترشح للبرلمان وعضوية مجالس الجمعيات.

ورأت المنظمة التي تتخذ نيويورك مقرّا إنّ انتخابات البحرين السبت "تعطي أملا ضئيلا في تحقيق نتائج أكثر حرية وعدالة مما كانت عليه في 2018".

من جهته، اعتبر الناشط الحقوقي المقيم في بريطانيا علي عبد الإمام أن "هذه الانتخابات لن تُدخِل أي تغيير"، موضحا "بدون المعارضة لن يكون لدينا بلد متعافٍ".

تأتي عملية التصويت بعد أكثر من أسبوع من زيارة تاريخية قام بها البابا فرنسيس بهدف تعزيز الحوار بين الأديان، وهي الزيارة الثانية له لدولة خليجية بعد رحلة إلى الإمارات عام 2019.

وحض البابا خلال زيارته، من دون تحديد دولة معينة، على احترام حقوق الإنسان، قائلا إن من المهم "عدم انتهاكها" بل دعمها والترويج لها.

تتكون البحرين من جزيرة واحدة كبيرة وحوالى 34 جزيرة صغيرة تقع قبالة الساحل الشرقي للسعودية التي ترتبط بها عن طريق جسر. وتبلغ مساحتها 700 كيلومتر مربع، وهي أصغر دولة في الشرق الأوسط.

والبحرين حليف استراتيجي للغرب وطبّعت العلاقات مع إسرائيل في عام 2020. وتستضيف الدولة الأسطول الخامس للبحرية الأميركية مع حوالى 7800 جندي أميركي منتشرين في البلاد.

وكانت بريطانيا افتتحت في نيسان/أبريل 2018 في البحرين أول قاعدة عسكرية دائمة لها في الشرق الأوسط منذ عام 1971، وذلك في جنوب المنامة على أن تستضيف حوالى 300 جندي.

قمع سياسي وانتهاكات حقوقية

ومنذ عام 2016 فصاعدًا، كثَّفَت السلطات البحرينية حملتها لإقصاء المُعارَضة السياسية، وحظر الأحزاب السياسية المُعارِضة التي كانت قائمة بصفة قانونية، قبل اندلاع انتفاضة 2011؛ إذ حظرت الحكومة أحزاب معارضة بارزة والإعلام المستقل، وسجنت قيادات معارضة بارزة. ومن ثَمَّ، فإنه لا وجود اليوم لأي قيادات سياسية مُعارِضة خارج السجون أو أي إعلام مستقل في البحرين على استعداد لتوجيه أي انتقادات شديدة علنًا إلى الحكومة.

وقالت آمنة القلالي، نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمنظمة العفو الدولية: “على مدى الأعوام الأحد عشر الماضية، سحقت السلطات البحرينية جميع صور المُعارَضة وضيّقت الخناق على الحقوق في حرية التعبير والتجمع السلمي وتكوين الجمعيات أو الانضمام إليها”.

لا وجود اليوم لمُعارَضة سياسية حقيقية وإعلام مستقل في البحرين، بينما لا يمكن لمنظمات حقوق الإنسان التي تنتقد الأوضاع القائمة أن تعمل بحرية داخل البلاد.

ويقبع حاليًا 12 سجين رأي على الأقل، من بينهم قيادات التظاهرات منذ 2011، وعلي سلمان، الأمين العام لحزب المعارضة البارز “جمعية الوفاق الوطني الإسلامية” (الوفاق).

ومنذ أن أغلقت السلطات صحيفة الوسط المستقلة في يونيو/حزيران 2017، أصبحت جميع القنوات التليفزيونية، ومحطات الراديو، والصُحُف في البلاد إما مُوالية للحكومة أو خاضعة مباشرةً لإدارتها.

قوانين العزل السياسي تحظر المعارضة

من جهتها قالت "هيومن رايتس ووتش" في تقرير صدر إن الحكومة البحرينية تستخدم قوانين العزل السياسي وسلسلة من التكتيكات الأخرى لإبقاء النشطاء وأعضاء أحزاب المعارضة السابقين خارج المناصب العامة وغيرها من جوانب الحياة العامة.

يوثّق التقرير الصادر في 33 صفحة، "لا يمكنك القول إن البحرين ديمقراطية: قوانين العزل السياسي في البحرين"، استخدام قوانين العزل السياسي لعام 2018 في البحرين لمنع المعارضين السياسيين من الترشح لمقاعد البرلمان أو حتى الخدمة في مجالس إدارة المنظمات المدنية. وجدت هيومن رايتس ووتش أن تهميش الحكومة المستهدَف لشخصيات المعارضة من الحياة الاجتماعية والسياسية والمدنية والاقتصادية في البحرين أدى إلى مجموعة من انتهاكات حقوق الإنسان الأخرى.

قالت جوي شيا، باحثة في قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "أمضت البحرين العقد الماضي في قمع المعارضة السلمية، وقوانين العزل السياسي مثال آخر على توسع قمع الحكومة إلى مناحي جديدة. هذه القوانين الجائرة جعلت من ’الانتخابات‘ البرلمانية البحرينية مهزلة ولا يمكن أن تكون حرة أو نزيهة عندما تجعل أي معارضة سياسية غير قانونية بالأساس".

قابلت هيومن رايتس ووتش نشطاء، وأعضاء في المجتمع المدني، وشخصيات معارضة، وراجعت وحللت بيانات حكومية وقوانين وسجلات محاكم.

حل القضاء البحريني حزبي المعارضة الرئيسيين في البلاد، "الوفاق" و"وعد"، في 2016 و2017 على التوالي. أدخلت قوانين العزل السياسي عواقب جزائية جديدة بمعاقبة أعضاء هذه الجماعات بشكل دائم. كما يستهدف القانون النشطاء والمدافعين الحقوقيين الذين اعتُقلوا في حملة القمع الحكومية الواسعة أثناء وبعد الانتفاضة السلمية المؤيدة للديمقراطية والمناهضة للحكومة في 2011. فسّر المحامون والمجتمع المدني في البحرين البند الأخير من قوانين العزل السياسي، المتعلق بالأفراد الذين "عطّلوا" الحياة الدستورية في البحرين، على أنه يستهدف المشرّعين السابقين وغيرهم ممن استقالوا أو قاطعوا مناصبهم المنتخبة للاحتجاج على السياسات القمعية للحكومة.

خلال الانتخابات البرلمانية في نوفمبر/تشرين الثاني 2018، أول انتخابات كانت قوانين العزل السياسي سارية خلالها، منعت وزارة العدل البحرينية ما لا يقل عن 12 شخصية معارضة سابقة من الترشح. اعتقد كثيرون غيرهم أنهم سيكونون ضحايا للقانون وقاطعوا الانتخابات.

بالإضافة إلى حالات منع الأشخاص من الترشح، وثّقت هيومن رايتس ووتش ثلاث حالات لمنظمات مجتمع مدني عانت لتشكيل مجلس إدارة ومتابعة أنشطتها بسبب تأثير هذه القوانين. هذه المنظمات هي: "الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان"، و"الاتحاد النسائي البحريني" (مجموعة من 13 منظمة تدافع عن حقوق المرأة في البحرين)، و"الجمعية البحرينية لمقاومة التطبيع"، التي تعارض تطبيع العلاقات مع إسرائيل.

كما تستخدم الحكومة البحرينية شكلا من أشكال العقوبات الاقتصادية ضد شخصيات المعارضة بحرمانهم من "شهادات حسن السيرة". تُصدر الشهادة وفقا لتقدير "الإدارة العامة للمباحث والأدلة الجنائية بوزارة الداخلية" وهي ضرورية للمواطنين البحرينيين والمقيمين للحصول على وظيفة، أو التقدم للالتحاق بالجامعة، أو حتى الانضمام إلى نادٍ رياضي أو اجتماعي. ينتظر السجناء السابقون شهورا أو سنوات للحصول على الشهادة. تُحرم بعض شخصيات المعارضة من الشهادة بشكل قاطع، ما يضر بقدرتهم على إعالة أنفسهم وأسرهم.

قال أحد أعضاء المجتمع المدني البحريني لـ هيومن رايتس ووتش: "أراد أحد الأصدقاء أن أصبح مدير المدرسة، لكن الوزارة رفضت الشهادة لكيلا أتمكن من العمل. أبلغت الوزارة صاحب المدرسة أنهم لا يستطيعون قبولي لأنني كنت عضوا في جمعية سياسية ".

يوثّق التقرير استمرار احتجاز واستدعاء مواطنين بحرينيين بسبب تهم تتعلق بالتعبير. قال صحفي بحريني سابق إنه بسبب "الاعتقالات المستمرة منذ 2011 حتى 2017، أصبح الخوف جزءا مما يعيشه الناس يوميا. أصبح من الطبيعي أن يقوم الناس بمراقبة أنفسهم وإسكات أنفسهم قبل أن يردوا".

ينبغي للحكومة البحرينية إلغاء قوانين العزل السياسي لعام 2018، وإنهاء ممارسة منع شهادات حسن السيرة لمعاقبة المعارضين المتصورين، وإعادة الحقوق القانونية والسياسية والمدنية الكاملة لجميع المواطنين البحرينيين. عليها أيضا أن تعيد الجمعيات السياسية المنحلة سابقا، وأن ترفع جميع القيود المفروضة على شخصيات المعارضة فيما يتعلق بالترشح للانتخابات النيابية والبلدية، وإنهاء الإجراءات التقييدية التي تضر بالوظائف الأساسية للجمعيات المدنية، وإطلاق سراح أي شخص مسجون لمجرد نشاطه السياسي السلمي.

ينبغي للدول الأخرى، بمن فيهم الحلفاء المقربون للبحرين كالولايات المتحدة وبريطانيا ودول الاتحاد الأوروبي، الضغط على السلطات البحرينية لإنهاء قمعها للمعارضة السلمية والمجتمع المدني ورفض نتائج ما ستكون انتخابات برلمانية غير حرة وغير عادلة في نوفمبر/تشرين الثاني إذا لم يفعلوا.

قالت شيا: "يتعرض المجتمع المدني وائتلاف المعارضة في البحرين الذين كانا نابضين بالحياة في السابق للإبادة من خلال القوانين التي تُقنن قمع الحكومة. لا ينبغي لأحد أن يتوهّم أن’المؤسسات الديمقراطية‘ في البحرين هي أكثر من مجرد خدعة".

عائلة بحريني محكوم بالإعدام تحصل على زيارة خاصة

من جهتها قالت زوجة الناشط البحريني المحكوم عليه بالإعدام محمد رمضان إنه سُمح للأسرة بالجلوس معه دون حواجز لأول مرة منذ سنوات خلال زيارته في السجن هذا الأسبوع، إلا أنها عبرت عن اعتقادها أنه لا يتلقى العلاج الطبي المناسب.

وكانت الأسرة واحدة من بين أسر ناشدت البابا فرنسيس بابا الفاتيكان قبل زيارته الأسبوع الماضي للبحرين التنديد بعقوبة الإعدام، وهو ما قام به بالفعل فضلا عن التأكيد على حقوق الإنسان.

وقالت زينب إبراهيم، زوجة رمضان، التي ذهبت إلى سجن جو مع أطفالهما الثلاثة إنها لا تعرف سبب حصولهم على "زيارة خاصة".

وذكرت لرويترز "نحن من سنين حتى مو لامسينه"، موضحة أن الزيارة كانت تتم عادة عبر حاجز زجاجي.

وروت "بس لمحوا محمد ركضوا وهم يبكون ويصيحون"، في إشارة للأطفال.

وردا على استفسار من رويترز، قال متحدث باسم الحكومة إن زيارات النزلاء "يمكن أن تشمل زيارات خاصة واستثنائية بدون حواجز زجاجية أو مادية".

ورمضان، وسجين آخر يدعى حسين موسى، محكوم عليهما بالإعدام منذ 2014 لإدانتهما بالتورط في تفجير وقتل شرطي، فيما تقول جماعات حقوقية إن الإدانات تمت بناء على اعترافات انتُزعت تحت التعذيب.

وأيدت أعلى محكمة في البحرين الحكمين عام 2020.

وطالبت هيئة حقوقية تابعة للأمم المتحدة العام الماضي البحرين بالإفراج عن الرجلين وتعويضهما، وقالت إنهما محتجزان تعسفيا.

وأشارت في تقرير إلى أنها تعتبرهما محتجزين بسبب آرائهما السياسية ولمشاركتهما في احتجاجات مؤيدة للديمقراطية.

ونفت البحرين، التي أخمدت انتفاضة مناهضة للحكومة في عام 2011، صحة التقرير وقالت إن المحاكمات والطعون استوفت كافة متطلبات المحاكمة العادلة.

وأوضحت زوجة رمضان أنه لم يتم الاستجابة لطلباته لزيارة مستشفى خارجي لإجراء تصوير بالرنين المغناطيسي لنتوء في رقبته، إلا أنه نُقل لمستشفى السجن.

وذكرت أن النتوء اكتُشف قبل نحو أربعة أشهر.

وأوضح المتحدث الحكومي أن "الإجراء المتبع قبل الخضوع لأي أشعة أو تشخيص جراحي أو علاج هو أن يقوم أخصائي رعاية صحية بفحص المريض وتقييم حالته".

وأضاف المتحدث أن رمضان رفض حضور موعد طبي في 19 أكتوبر تشرين الأول وأنه جرى تحديد موعد آخر لم يحن بعد.

أحكام إعدام بعد التعذيب ومحاكمات صورية

وفي تقرير مشترك قالت "هيومن رايتس ووتش" و"معهد البحرين للحقوق والديمقراطية" إن المحاكم البحرينية أدانت متهمين وحكمت عليهم بالإعدام بعد محاكمات من الواضح أنها جائرة، إذ استندت فقط أو في المقام الأول إلى اعترافات يُزعم أنها انتزعت بالإكراه تحت التعذيب وسوء المعاملة.

التقرير الصادر في 54 صفحة، ""المحكمة تطمئن إلى سلامة الاعتراف": أحكام الإعدام في البحرين بعد التعذيب والمحاكمات الصُوَرية"، المستند بشكل أساسي إلى سجلات المحاكم ووثائق رسمية أخرى، وجد انتهاكات خطيرة ومستمرة لحقوق الإنسان تكمن وراء الإدانات وأحكام الإعدام في قضايا ثمانية رجال تم مراجعتها بهدف إعداد التقرير. هؤلاء هم من بين 26 شخصا ينتظرون حاليا تنفيذ حكم الإعدام فيهم وقد استنفدوا الاستئناف. رفضت محاكم البداية والاستئناف بازدراء الادعاءات ذات المصداقية بالتعذيب وسوء المعاملة أثناء الاستجواب بدل التحقيق فيها، وهو ما يقتضيه القانونان الدولي والبحريني. تنتهك المحاكم منهجيا حقوق المدعى عليهم في الحصول على محاكمات عادلة، بما في ذلك الحق في الاستعانة بمحام أثناء الاستجواب واستجواب شهود الإثبات، وكذلك من خلال الاعتماد على تقارير من مصادر سرية.

وقال مايكل بيج، نائب مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: "عادةً ما يعلن المسؤولون البحرينيون أن الحكومة تحترم حقوق الإنسان الأساسية، ولكن في قضية تلو الأخرى، اعتمدت المحاكم على الاعترافات القسرية على الرغم من ادعاءات المتهمين الموثوقة أنهم تعرضوا للتعذيب وسوء المعاملة. الانتهاكات الحقوقية العديدة التي تكمن وراء أحكام الإعدام هذه لا تعكس نظاما للعدالة، بل نمطا من الظلم".

أعدمت البحرين ستة أشخاص منذ العام 2017، بعدما أنهت البلاد الوقف الفعلي لعقوبة الإعدام الذي دام سبع سنوات. وقد يُعدم الرجال الـ 26 المحكوم عليهم بالإعدام بمجرد مُصادقة الملك حمد بن عيسى آل خليفة على أحكامهم.

ادّعى كلٌّ من المتهمين الثمانية بمصداقية أن اعترافاتهم انتُزعت بالتعذيب وسوء المعاملة. ولم تحقق النيابة العامة والمحاكم في هذه الادعاءات، التي أيدتها في بعض الحالات النتائج التي توصل إليها الأطباء. ومع ذلك، خلصت المحاكم بإجراءات موجزة إلى أنه لم تحدث أي إساءة معاملة، وأصدرت أحكاما مليئة بالتناقضات وفي بعض الحالات تتعارض مع أدلة مسلّم بها.

كما انتهكت المحاكم البحرينية باستمرار الحقوق الأساسية المتمثلة في التمتع بالإجراءات القانونية الواجبة والمحاكمة العادلة أثناء الملاحقات القضائية. ويبدو أنه لم يُسمح لأي من المتهمين بالاستعانة بمحام أثناء الاستجواب. في قضيتين على الأقل، لم يُسمح للمتهمين بالاطلاع على أدلة الادعاء المستخدمة في المحاكمة، التي شملت في إحدى الحالات تقريرا اعتمد على مصادر سرية لم يتمكن الدفاع من استجوابها. وفي أخرى، لم تسمح المحكمة للمتهم بتقديم شهود دفاع.

قال جوشوا كولانجيلو-برايان، مستشار هيومن رايتس ووتش وكاتب رئيسي للتقرير: "من المروع الحكم على الناس بالإعدام لا سيما في ظل مزاعم التعذيب وبعد محاكمات جائرة. ينبغي للملك حمد فورا تخفيف جميع أحكام الإعدام وينبغي للحكومة إعادة الوقف الفعلي للإعدامات".

إحدى القضايا تشمل زهير إبراهيم جاسم عبد الله، الذي ألقت الشرطة القبض عليه لدوره المزعوم في قتل شرطي. زعم أن المحققين خلعوا جميع ملابسه في محاولة لم تتم لاغتصابه وهددوا لاحقا باغتصاب زوجته. كما زعم أن عناصر الأمن استخدموا صدمات كهربائية على صدره وأعضائه التناسلية. في نهاية المطاف، أدلى باعتراف زائف.

في أبريل/نيسان 2018، قدم عبد الله لدى "الأمانة العامة للتظلمات" التابعة لوزارة الداخلية و"وحدة التحقيق الخاصة" شكوى يزعم فيها تعرضه للتعذيب. قال عبد الله أثناء محاكمته إن الإكراه يبطل اعترافه وإنه يجب تعليق القضية في انتظار نتائج التحقيقات. رفضت المحكمة هذا الطلب ورفضت مزاعم التعذيب، وكتبت في حكمها أن "التحريات... تضمنت مقومات جديتها والتي تبعث على الاطمئنان لصحة ما جاء بها". في نوفمبر/تشرين الثاني 2018، أدانت المحكمة عبد الله وحكمت عليه بالإعدام بناء على "اعترافه".

أثار عبد الله مجددا ادعاءه بشأن الإكراه في الاستئناف. وبدل من أن تأمر محكمة الاستئناف بالتحقيق في الادعاءات، وجدت بإيجاز أن الحكم الخاضع للطعن "تكفل بالرد على النحو السائغ والسليم" على تلك الحجج. وخلصت محكمة الاستئناف كذلك إلى أنه كان من المناسب عدم تأجيل القضية لأن شكاوى عبد الله "ما زالت قيد التحقيق " - وهو السبب ذاته وراء وقف القضية. أيّدت محكمة التمييز الإدانة والحكم في يونيو/حزيران 2020.

توضح قضية عبد الله، بالإضافة إلى القضايا الأخرى التي تمت دراستها، كيف انتهكت المحاكم البحرينية التزاماتها بموجب القانونين الدولي والبحريني بالتحقيق في الانتهاكات واحترام حقوق المحاكمة العادلة الأساسية. وفي بعض الحالات، بدا أعضاء النيابة العامة متواطئين في هذه الانتهاكات.

قالت هيومن رايتس ووتش إن الطبيعة المنهجية لمزاعم الانتهاكات الخطيرة التي أدلى بها المتهمون تؤكدها أوجه التشابه بين القضايا. يُزعم أن الكثير من التعذيب وسوء المعاملة حدث في المكانين نفسهما – "الإدارة العامة للمباحث والأدلة الجنائية" التابعة لوزارة الداخلية و"الأكاديمية الملكية للشرطة"، الواقعة بجوار "سجن جو". وهناك أيضا أوجه تشابه في أساليب التعذيب وسوء المعاملة التي وصفها المتهمون الثمانية.

بالإضافة إلى ذلك، أدين ثلاثة من 26 شخصا محكوم عليهم بالإعدام بتهم تتعلق بالمخدرات، على الرغم من ادعاء البحرين أنها تطبق أحكام الإعدام فقط كعقوبة على جرائم خطيرة للغاية، مثل القتل العمد.

قالت هيومن رايتس ووتش إنه ينبغي للملك حمد تخفيف جميع أحكام الإعدام المعلقة، بدءا من المتهمين المدانين على أساس اعترافات قسرية مزعومة وأولئك الذين حُكم عليهم بالإعدام لارتكاب جرائم أخرى غير تلك البالغة الخطورة. وينبغي للبحرين أن تعيد رسميا العمل بالوقف الفعلي للإعدامات القضائية وأن تتخذ خطوات لإنهاء تطبيق عقوبة الإعدام رسميا في جميع الظروف. كما ينبغي للملك إنشاء لجنة مستقلة للتحقيق في انتهاكات حظر التعذيب من قبل المسؤولين الأمنيين والقضائيين والإبلاغ علنا عنها.

ينبغي لحكومتَي الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، وكذلك "الاتحاد الأوروبي" ودوله الأعضاء، حث البحرين من خلال القنوات العلنية والدبلوماسية على وقف جميع الإعدامات والتحقيق الجاد في مزاعم التعذيب وانتهاكات الحق في محاكمة عادلة.

قال سيد أحمد الوداعي، مدير المناصرة في معهد البحرين للحقوق والديمقراطية: "النتائج الواردة في هذا التقرير لها تبعات مدمرة على النزلاء المحكوم عليهم بالإعدام في البحرين. على حلفاء البحرين، ولا سيما الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، اتخاذ خطوات حاسمة للوقوف مع هؤلاء الضحايا قبل فوات الأوان".

ينبغي للبابا فرنسيس إدانة الانتهاكات

وفي سياق متصل قالت تسع منظمات حقوقية إنه ينبغي للبابا فرنسيس أثناء زيارته المملكة بين 3 و6 نوفمبر/تشرين الثاني 2022 حث البحرين على إنهاء انتهاكاتها الحقوقية. من المقرر أن يُلقي البابا أثناء وجوده في البحرين كلمة في "منتدى البحرين للحوار"، وهو منتدى مشترك بين الأديان ترعاه الحكومة؛ ويجتمع أيضا بالقادة الدينيين؛ ويترأس قداسا بابويا عاما. ومن المقرر أيضا أن يلتقي بملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة ومسؤولين آخرين في الحكومة البحرينية في 3 نوفمبر/تشرين الثاني.

في ضوء هذه الرحلة التاريخية، ينبغي للبابا دعوة الملك حمد والسلطات البحرينية علنا وخلف الأبواب المغلقة إلى تخفيف أحكام الإعدام الصادرة بحق المحكومين بتلك الأحكام في البلاد، وفرض وقف على إصدار أحكام الإعدام وتنفيذها. كما ينبغي له حث المسؤولين البحرينيين على إصدار مرسوم يؤكد الحظر على جميع أشكال التعذيب وسوء المعاملة الوارد في دستور البحرين وقوانينها.

كما ينبغي للبابا فرنسيس حث الملك حمد على الإفراج عن كل من سُجن جرّاء ممارسة حقه في حرية تكوين الجمعيات والتجمع السلمي والتعبير، بمن فيهم النشطاء الحقوقيون، والمعارضون، والصحفيون. وينبغي له أيضا حث السلطات البحرينية على إنهاء الانتهاكات ضد العمال الوافدين.

سبق أن صرحت الكنيسة الكاثوليكية بأن "عقوبة الإعدام غير مقبولة لأنها اعتداء على حرمة الفرد وكرامته" وأن الكنيسة "تعمل بعزم على إلغائها في جميع أنحاء العالم".

في 31 أغسطس/آب، كرر البابا فرنسيس أن "عقوبة الإعدام غير مقبولة" داعيا "كل أصحاب النوايا الحسنة إلى العمل على إلغاء عقوبة الإعدام في جميع أنحاء العالم".

قالت المنظمات إنه ينبغي للبابا فرنسيس الاستجابة للنداء أطلقه بنفسه ومطالبة البحرين علنا بوقف تنفيذ جميع الإعدامات، وإلغاء عقوبة الإعدام، والتحقيق بجدية في مزاعم التعذيب وانتهاكات الحق في محاكمة عادلة.

يقبع قادة بارزون للمعارضة البحرينية في السجن منذ أكثر من عقد لأدوارهم في الاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية عام 2011. ومن هؤلاء رئيس الجمعية السياسية المعارضة وغير المرخصة "الحق" حسن مشيمع، والقيادي المعارض عبد الوهاب حسين، والناشط الحقوقي البارز عبد الهادي الخواجة، والمتحدث باسم "الحق" عبد الجليل السنكيس، والشيخ محمد حبيب المقداد، والشيخ علي سلمان، وعلي الحاجي، وناجي الفتيل، والناشط سيد نزار الوداعي.

ينبغي للبابا دعوة السلطات البحرينية إلى الإفراج غير المشروط عن جميع المحكوم عليهم بسبب معتقداتهم السياسية بتهم تعسفية أو إثر محاكمات جائرة.

اضف تعليق