q
تواصل السلطات السعودية وعلى الرغم من الانتقادات الدولية، انتهاكاتها المستمرة لملف حقوق الإنسان. من خلال الاعتقالات والمحاكمات الصورية، والإدانات بحق المعارضين والمدافعين عن حقوق الإنسان وابناء الأقليات الدينية من الشيعة. وتطبق السعودية وكما نقلت بعض المصادر، عقوبات واحكام خاصة تستند لبعض الفتوى والنصوص التشريعية لبعض علماء المذهب الوهابي...

تواصل السلطات السعودية وعلى الرغم من الانتقادات الدولية، انتهاكاتها المستمرة لملف حقوق الإنسان. من خلال الاعتقالات والمحاكمات الصورية، والإدانات بحق المعارضين والمدافعين عن حقوق الإنسان وابناء الأقليات الدينية من الشيعة. وتطبق السعودية وكما نقلت بعض المصادر، عقوبات واحكام خاصة تستند لبعض الفتوى والنصوص التشريعية لبعض علماء المذهب الوهابي، ومع غياب أي قانون جنائي مكتوب أو أنظمة دقيقة الصياغة، يمكن للقضاة والادعاء تجريم اي انسان في ظل اتهامات معينة، مثل "الخروج على ولي الأمر" أو "محاولة تشويه سمعة المملكة"، او الردة او غيرها من الاحكام الاخرى.

يواجه المحتجزون وبينهم الأطفال الكثير من الانتهاكات حيث لا تُخطر السلطات المتهمين دائما بالجريمة التي اتهموا بها، ولا تسمح لهم بالاطلاع على أدلة الادعاء، وأحيانا حتى بعد بدء المحاكمات. بشكل عام لا تسمح السلطات للمحامين بمساعدة المشتبه بهم أثناء مرحلة الاستجواب، وتعيقهم أحيانا عن استجواب الشهود وعرض الأدلة في المحكمة. كثيرا ما يحكم القضاة على المدعى عليهم بمئات الجلدات. يمكن محاكمة الأطفال في جرائم يُعاقب عليها بالإعدام وأن يحكم عليهم كبالغين إذا ظهرت عليهم علامات البلوغ. وخلال السنوات السابقة اعدمت السعودية المئات من الاشخاص لا سباب طائفية بعد محاكمات صورية عن جرائم متعلقة بالاحتجاج.

وفي ما يخص اخر تطورات هذا الملف، قالت ميشيل باشيليت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، في تصريحات علنية نادرة بشأن السعودية، إن هناك أشخاصا “محتجزون ظلما” في المملكة، وحثتها على احترام حرية التعبير والحق في التجمع السلمي. ولم تشر باشيليت إلى عزم إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إصدار تقرير حساس للمخابرات الأمريكية بشأن مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في 2018. كم عبر الاتحاد الأوروبي في كلمة ألقاها السفير البرتغالي روي ماسييرا عن قلقه من استخدام السعودية لأجهزة مكافحة الإرهاب والأجهزة الأمنية لمحاكمة المدنيين والنشطاء الذين تعرضوا للاحتجاز لفترات طويلة، بما في ذلك الحبس الانفرادي.

احكام طائفية ومطالبات

وفي هذا الشأن دعا خبراء في ‬مجال حقوق الإنسان بالأمم المتحدة السعودية إلى الإفراج عن ثلاثة شبان من الشيعة بعد أن خففت المملكة أحكام الإعدام التي كانت قد صدرت بحقهم لمشاركتهم في احتجاجات عندما كانوا قُصَرا، مشيرين إلى مزاعم بتعرضهم لتعذيب ومحاكمات ظالمة. ويخضع سجل المملكة في مجال حقوق الإنسان لتدقيق متزايد من جانب الأمم المتحدة والغرب. وفرضت الولايات المتحدة عقوبات على بعض السعوديين بسبب مقتل الصحفي جمال خاشقجي في 2018 لكنها لم تصل لفرض عقوبات على الأمير محمد بن سلمان ولي عهد المملكة.

وقالت هيئة حقوق الإنسان السعودية في السابع من فبراير شباط إن السلطات خففت أحكاما بالإعدام صدرت على ثلاثة شبان شيعة عندما كانوا من القُصّر إلى السجن لمدة عشر سنوات. وكان علي النمر، وهو ابن أخي رجل الدين الشيعي البارز نمر النمر الذي أدى إعدامه عام 2016 إلى مظاهرات في السعودية وإيران، في السابعة عشرة من عمره عندما اعتُقل في فبراير شباط 2012 بسبب المشاركة في احتجاجات بالمنطقة الشرقية في المملكة. وهو واحد من ثلاثة مخالفين للقانون من الأحداث الذين قضت محاكم بإعدامهم بقطع الرأس.

وقال الخبراء الحقوقيون بالأمم المتحدة في بيان يطالب بإسقاط الاتهامات "نكرر دعوتنا للسلطات بالإفراج عن السيد علي النمر والسيد داود المرهون والسيد عبد الله الزاهر أو على الأقل إعادة محاكمتهم بموجب القانون والمعايير الدولية دون تأخير". وأضاف الخبراء، وبينهم أنييس كالامار، محققة الأمم المتحدة المعنية بالقتل خارج نطاق القضاء والإعدام الفوري والتعسفي، "ما زلنا نتلقى مزاعم بخصوص التعذيب وسوء المعاملة لانتزاع اعترافات، وفيما يتعلق بفرض عقوبة الإعدام على جرائم لا ترقى إلى حد ‘أشد الجرائم خطورة‘ كما يقتضي القانون الدولي".

محاكمة صغار السن

على صعيد متصل قالت منظمة هيومن رايتس ووتش إن سعوديا أدين بعد محاكمة وصفتها بأنها "غير عادلة على الإطلاق" لارتكابه جرائم عندما كان قاصرا يواجه عقوبة بالإعدام على الرغم من أن السلطات السعودية قالت إنها ألغت تلك العقوبة للقصر. وذكرت المنظمة المعنية بحقوق الإنسان في بيان أن محكمة جنائية أدانت عبد الله الحويطي في أكتوبر تشرين الأول 2019 عندما كان عمره 17 عاما بالقتل والسطو المسلح مع خمسة متهمين آخرين. واعتقلته السلطات عندما كان في الرابعة عشرة من عمره بسبب الجرائم التي قيل إنه ارتكبها في عام 2017.

وقالت هيومن رايتس ووتش إن الحويطي صدر ضده حكم بالإعدام مع دفع تعويضات قدرها مليون و315 ألف ريال سعودي (350 ألف دولار) للضحايا. ومن المقرر أن تحال قضيته إلى المحكمة العليا في الرياض لإصدار حكم نهائي. وأضافت المنظمة أن المتهمين الستة أبلغوا المحكمة أثناء محاكمتهم أن المحققين انتزعوا اعترافاتهم بالإكراه عبر التعذيب أو التهديد بالتعذيب. وقال مايكل بيج نائب مدير الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش "إجراءات محاكمة عبد الله الحويطي انتهكت تقريبا كل ضمانات المحاكمة العادلة المعترف بها دوليا، ومع ذلك حكمت عليه محكمة سعودية بالإعدام لجريمة مزعومة وقعت عندما كان عمره 14 عاما. بحكمها على طفل بالموت وتجاهلها مزاعم تعذيبه، فإن المحكمة تهزأ بالإصلاحات المزعومة في المملكة".

وقالت السلطات السعودية العام الماضي إنها ستوقف صدور أحكام بالإعدام لمن ارتكبوا جرائم وهم قصر وستطبق ذلك بأثر رجعي. لكن المرسوم الملكي الذي أعلن ذلك في مارس آذار 2020 لم تأت وسائل الإعلام الرسمية على ذكره ولم ينشر في الجريدة الرسمية كما هي الممارسات المعتادة. وعبرت جماعات معنية بالدفاع عن حقوق الإنسان ونواب غربيون عن القلق بشأن تنفيذه. بحسب رويترز.

وردا على سؤال للجنة حقوق الإنسان التي تدعمها الدولة في السعودية عما إذا كان المرسوم يشمل جميع أنواع الجرائم قالت في فبراير شباط إن إلغاء العقوبة لا يسري إلا على فئة أخرى أقل درجة من الجرائم عقوبتها "التعزير" في الشريعة الإسلامية. وهذا يعني إنه لا يزال بإمكان القضاة إصدار أحكام الإعدام على الأطفال في الفئتين الأخريين من الجرائم وفقا للشريعة الإسلامية المعمول بها في السعودية وهما "الحدود" والجرائم الخطيرة الأخرى مثل الإرهاب أو "القصاص" في جرائم القتل. وإدانة الحويطي جاءت بتهمة في فئة الحدود.

التضييق على الناشطين

من جانب اخر بدت الناشطة السعودية لجين الهذلول سعيدة خلال نزهة في مخيم صحراوي مع عائلتها بعدما قضت نحو ثلاث سنوات في السجن، ولكن كغيرها من المعتقلين السابقين، تواجه الهذلول سجنا من نوع آخر وهو المنع من السفر. وأطلقت الهذلول إلى جانب معتقلين اثنين يحملان الجنسية الأميركية، في خطوة اعتبرها مراقبون رسالة إلى الرئيس الأميركي جو بايدن الذي تعهد بالتدقيق في سجل حقوق الإنسان في المملكة.

ولكن يواجه النشطاء الذين أطلق سراحهم بالإضافة إلى أقربائهم منعا من الخروج من المملكة. ونشرت عائلة الهذلول صورا لها وهي مبتسمة خلال نزهة عائلية بعد أيام من إطلاق سراحها، ولكن العائلة تصرّ أنها ما زالت غير حرة تماما. وفي نهاية كانون الأول/ديسمبر الماضي، أمرت محكمة في الرياض بسجن الهذلول خمس سنوات وثمانية أشهر بعدما دانتها بتهمة التحريض على تغيير النظام و"خدمة أطراف خارجية"، وأرفقت الحكم بوقف تنفيذه لمدة سنتين وعشرة أشهر. وأفرج عنها في العاشر من شباط/فبراير.

كذلك قرّرت المحكمة منع لجين من السفر لمدة خمس سنوات، بحسب أسرتها. ومُنع والداها من السفر خارج السعودية منذ عام 2018، وليست هناك طريقة واضحة للطعن في هذا المنع. وقالت شقيقتها علياء التي تقيم في أوروبا "لا أحد يعلم من أمر بمنع السفر، لا يوجد أي سجل أو إخطار رسمي"، مضيفة "لا نعرف كيف يمكننا إزالة منع السفر". ولم يعرف والد ووالدة لجين بمنع السفر إلا حين حاولا الخروج من السعودية، وهي طريقة مألوفة، بحسب نشطاء.

ورفضت لجين إجراء إي مقابلات إعلامية منذ الإفراج عنها. ويقول نشطاء إن هذا المنع مفروض على آلاف من السعوديين، مشيرين إلى أنه إجراء تمارسه الحكومة للتضييق على أي معارضة. ويقول عبد الله العودة، وهو نجل الداعية المعروف سلمان العودة المحتجز منذ عام 2017، إن "منع السفر أداة تستخدمها الحكومة السعودية للتخويف والضغط". وأضاف العودة الذي يقيم في الولايات المتحدة "تمّ استخدامها بأرقام غير مسبوقة للتلاعب بالمجال العام وإبقاء الجميع تحت رقابة مشددة".

وبحسب العودة، فإنّ 19 فردا من عائلته - بينهم طفل يبلغ من العمر عاما واحدا- منعوا من مغادرة السعودية منذ عام 2017، "دون أي إجراءات قانونية". ومُنع عشرات من رجال الأعمال والأمراء في العائلة المالكة، بينهم الملياردير الوليد بن طلال، الذين احتجزوا لأشهر في فندق الريتز كارلتون في عام 2017، من السفر، بحسب مصادر سعودية ونشطاء. وأوردت منظمة "هيومن رايتس ووتش" في تقرير عام 2019 "بالإضافة إلى استهداف المواطنين السعوديين بالاعتقال منذ عام 2017 (...) قامت السلطات أيضا بمعاقبة أفراد عائلاتهم عبر فرض حظر تعسفي للسفر (...) وتجميد أصولهم والحصول على خدمات الحكومة".

وبحسب التقرير، "عبر فرض حظر السفر بشكل تعسفي (..) يبدو أن (الحكومة) خرقت القانون السعودي". وفي مقال في صحيفة "عرب نيوز" الصادرة باللغة الإنكليزية العام الماضي، أكدت المستشارة القانونية ديمة طلال الشريف أن منع السفر "تدبير احترازي مشروع" تصدره وزارة الداخلية أو القضاء أو أمن الدولة. وكتبت الشريف "يمكن فرض هذا المنع لفترة محددة ومحدودة و(...) يجب إبلاغ الشخص المحظور من السفر رسميا خلال أسبوع واحد من إصدار" القرار بالمنع.

ولكن مثلما حدث مع والدي الهذلول، لا يعرف كثيرون بهذا المنع الى حين إيقافهم في المطار أو الحدود وإبلاغهم بذلك. ويروي أكاديمي سعودي ممنوع من السفر منذ سنوات مع زوجته وأطفاله "عندما أوقفني مسؤول في المطار، سألني عن سبب منعي من السفر وإن كنت ذهبت إلى تايلاند". وتمنع السعودية مواطنيها من السفر إلى تايلاند بسبب خلاف دبلوماسي مستمر منذ عقود. وأوضح أنه لم يذهب إلى تايلاند ولم يعرف سبب منعه. بحسب فرانس برس.

وسعى الأكاديمي الذي يصف نفسه بأنه "وطني" إلى الطعن في حظر السفر، ولكنه لم يتلق أي رد من السلطات الحكومية. وقام أيضا بإغلاق كل حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي لتجنب نشر أي شيء قد يكون أثار حفيظة السلطات. وتابع "المنطق على ما يبدو وراء فرض حظر السفر بشكل سري هو: لم تضع الناس في السجن عندما يمكنك إبقاءهم في سجن مفتوح".

اضف تعليق