q
تتواصل معاناة الأقليات المسلمة في الهند، ثاني أكبر بلد في العالم من حيث عددُ السكان بعد الصين، والأول من حيث التعددُ في الأعراق واللغات والديانات، حيث يعاني ابناء الديانة المسلمة من الاضطهاد والتنكيل كالتقتيل والإبادة والتهجير، بحسب تقارير إعلامية، ومنظمات تعنى بحقوق الانسان...

تتواصل معاناة الأقليات المسلمة في الهند، ثاني أكبر بلد في العالم من حيث عددُ السكان بعد الصين، والأول من حيث التعددُ في الأعراق واللغات والديانات، حيث يعاني ابناء الديانة المسلمة من الاضطهاد والتنكيل كالتقتيل والإبادة والتهجير، وفق تقارير إعلامية. وفي تقرير سابق لموقع «ڤوكس VOX» الأمريكي، تحدث فيه عن معاناة المسلمين الهنود، كشف عن تجريد 4 مليون مواطن هندي من جنسيتهم، وهم في معظمهم من الأقلية المسلمة في البلاد، والآن هم يخشون الترحيل، وباتوا غير متأكدين من مصيرهم.

وكانت السلطات الهندية أصدرت في وقت سابق مسودة لقائمة مواطنة لولاية أسام، والتي تقع على الحدود مع بنجلاديش شمالي البلاد، قالت إن القائمة التي أطلق عليها "السجل الوطني للمواطنين" تنص على أن 28.9 مليون من السكان الحاليين في الولاية مواطنون، لكنها حجبت أسماء الـ4 ملايين مواطن، الذين جردوا من جنسيتهم. ونقل التقرير ما قاله ريبون بورا، وهو زعيم حزب المؤتمر المعارض في الولاية: "إنهم يحاولون عزل المسلمين، والرقم الذي صدر كبير ومذهل. نحن سنقاوم هذا القرار".

ويعتنق غالبية سكان الهند الديانة الهندوسية، لكن هناك بعض الديانات الأخرى التي يدين بها السكان فمثلاً: تبلغ نسبة الهندوسيين 80.4% من السكان، والمسلمون تبلغ نسبتهم 13.4% من السكان، والمسيحيون تبلغ نسبتهم 2.3% من السكان، والسيخيّون تبلغ نسبتهم 1.9%، والبوذيون تبلغ نسبتهم 0.8% من السكان، واليانيون تبلغ نسبتهم 0.4% من السكان. والمسلمين الهنود كما نقلت بعض المصادر، هم ثاني أكبر تجمع للمسلمين في العالم بعد إندونيسيا، ويصل تعداد المجتمع المسلم في الهند إلى 170 مليون نسمة، ويواجه مسلمو الهند تحديات موروثة من الماضي؛ إذ يعتبرهم مواطنوهم الهندوس مسؤولين عن الانفصال الذي نشأت عنه باكستان كدولة لأمة المسلمين الهنود، وعليه يجب أن يكونوا فيها وليس في الهند.

ويرى بعض المراقبين أن رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي، يهدف إلى إعادة تشكيل مفهوم الهوية الهندية وطرحها كهوية هندوسية بالأساس، متوجها لأكبر "قاعدة شعبية" في البلاد. ويسعى مودي منذ أتو تولى منصبه عام 2014، إلى طمس الهوية الإسلامية التي تؤثر بشكل كبير على حاضر الهند وماضيها، حيث أعادت الهيئات الحكومية صياغة كتب التاريخ من خلال محو الأقسام التي تتحدّث عن الحكام المسلمين، كما غيرت أسماء الأماكن الرسمية إلى أسماء هندوسية بعد أن كانت أسماء مرتبطة بالحضارة الإسلامية. إضافة إلى أن عصابات الهندوس قتلت عشرات المسلمين بدم بارد، دون أن يتعرض جزء كبير منهم إلى المحاكمة أو العقاب.

بلا جنسية

وفي هذا الشأن أعلنت سلطات ولاية أسام الهندية أن نحو مليوني من سكانها لم يتم إدراج أسمائهم في سجل لتعداد المواطنين في هذه الولاية الواقعة بشمال غرب البلاد، أجري بمبادرة من الحكومة القومية الهندوسية التي تنوي تطبيقه في مناطق أخرى. وقالت حكومة أسام إن ما مجموعه 31,1 مليون شخص من سكان الولاية أدرجوا على لوائح السجل الوطني للمواطنين، لكن 1,9 مليون آخرين اعتبروا غير مؤهلين ولم يدرجوا على اللوائح. وقد تكون غالبية هؤلاء الذين استثنوا من السجل مسلمين.

وشهدت أسام منذ وقت طويل تدفق أعداد كبيرة من المهاجرين إلى داخلها من مناطق أخرى، خصوصاً خلال الحكم الاستعماري البريطاني وخلال حرب الاستقلال في بنغلادش عام 1971 التي فرّ خلالها الملايين إلى الهند. وأدى ذلك، لعقود، إلى جعل الولاية بؤرة للتوتر الاثني والديني. وشملت أعمال العنف المتقطعة في الولاية مجزرة عام 1983 قتل فيها نحو ألفي شخص. وتم تعزيز الاجراءات الأمنية في الولاية خوفا من ردود فعل بعد نشر اللائحة. وقد نشر نحو عشرين ألف عنصر أمن إضافي وتم حظر التجمع في بعض المناطق.

ولم تشمل اللائحة سوى الذين تمكنوا من إثبات أن وجودهم ووجود عائلاتهم في الهند يعود إلى ما قبل 1971. لكن عملية الإثبات هذه تشكل تحدياً كبيراً للعديد من الأشخاص في هذه المنطقة الفقيرة المعرضة للفيضانات ونسبة الأمية فيها كبيرة، بينما لا يملك كثر الوثائق الضرورية. ويقول منتقدو هذا الإجراء إنه يشكل انعكاساً لهدف حزب الشعب الهندي (بهاراتيا جاناتا) الحاكم خدمة أتباع ديانته فقط. وينتمي رئيس الوزراء ناريندرا مودي إلى هذا الحزب القومي الهندوسي الذي يدير كذلك ولاية أسام. وأصدر البرلمان الهندي في كانون الثاني/يناير قانوناً يمنح الجنسية لأشخاص يعيشون في الهند منذ ست سنوات على الأقل، طالما أنهم ليسوا مسلمين.

وأثار ذلك مخاوف داخل الأقلية المسلمة في الهند التي يبلغ عدد أفرادها نحو 170 مليون نسمة بشأن مستقبلهم. ودعا أميت شاه وزير الداخلية ومساعد مودي إلى طرد "الطفيليين". وقال، قبل فوز "بهاراتيا جاناتا" بالانتخابات في أيار/مايو، إنه سوف يقوم "بحملة في كافة أنحاء البلاد لطرد الدخلاء". وعلقت نيودلهي في الخامس من آب/أغسطس الحكم الذاتي للجزء الذي تديره من كشمير. ودخلت المنطقة ذات الغالبية المسلمة أسبوعها الرابع من الحظر شبه الكامل للاتصالات.

وأمام المستبعدين من السجل الوطني للمواطنين 120 يوماً للاستئناف أمام محاكم خاصة بالأجانب تقول الحكومة إنها تقوم بزيادة عددها. لكن ناشطين يقولون إن أعضاء هذه المحاكم هم غالباً غير مؤهلين لعملهم وبعضهم يخضع بتدابير متعلقة بـ"أدائه"، وتشوبها تناقضات وأخطاء. وأكدت منظمة العفو الدولية أن الأمثلة عن أشخاص اعتبروا أجانب بسبب أخطاء كتابية مثل اختلافات في طريقة هجاء الأسماء، "شائعة على نحو مروع".

ودفع هذا العدد الكبير من الأخطاء إضافة إلى حقيقة أن معظم المستبعدين من لوائح السجل الوطني قد يكونون هندوساً ناطقين باللغة البنغالية، العديد من داخل حزب "بهاراتيا جاناتا" إلى انتقاد الإجراء. وقال هيمانتا بيسوا سارما وهو وزير محلي في أسام من حزب "بهاراتيا جاناتا" إنه نظراً لاستبعاد العديد من "الهنود الحقيقيين" من اللوائح، يقوم الحزب بدراسة "استراتيجية جديدة حول كيفية طرد المهاجرين غير الشرعيين". ويمكن إعلان من رفضت استئنافهم المحاكم واستنفدوا جميع السبل القانونية الأخرى، أجانب ويجري نقلهم نظرياً إلى واحد من ستة مراكز احتجاز، تمهيداً لترحيلهم المحتمل، علماً أن بنغلادش لم تعلن بعد عن تعاونها مع الحكومة الهندية في هذا الصدد.

وأعلن عن العمل على افتتاح عشرة مراكز احتجاز أخرى مماثلة. ويجري بناء مركز يتسع لثلاثة لآلاف شخص في غوالبارا غرب غواهاتي أكبر مدن أسام. وتضم المعسكرات حالياً 1135 شخصاً، وفق حكومة الولاية، وهي عاملة منذ سنوات. وقضى نور محمد البالغ 65 عاماً نحو 10 سنوات في معسكر مماثل قبل أن تأمر المحكمة العليا بالإفراج عنه هذا الشهر. وقال "لقد ولدت هنا وعشت في أسام طوال حياتي. لا أعرف ما إذا كان اسمي سيرد في السجل الوطني للمواطنين أو لا". بحسب فرانس برس.

وأفادت تقارير إعلامية عن أكثر من 40 حالة انتحار تسبب بها القلق حول السجل الوطني للمواطنين. وقال ساموجال بهاتاشارايا من "اتحاد طلاب كل أسام"، المحرك الأساسي لمشروع لوائح المواطنة، إن التسجيل فيها ضروري من أجل حماية "أبناء التراب" الأصليين في أسام. وأكد "لسنا مستعدين للعيش هنا كمواطنين درجة ثانية في موطننا".

مستوطنات للهندوس

الى جانب ذلك قال قيادي بارز في الحزب الحاكم بالهند إن الحزب سيحيي خطة لإقامة مستوطنات مؤمنة للهندوس في وادي كشمير الذي يغلب على سكانه المسلمون، وهو مقترح من شبه المؤكد أن يؤجج التوتر في هذه المنطقة المضطربة. وقال رام مادهاف الأمين العام المسؤول عن كشمير في حزب بهاراتيا جاناتا إن حزبه القومي الهندوسي ملتزم بإعادة ما يقدر بما بين 200 و300 ألف هندوسي فروا من كشمير عقب انتفاضة مسلحة بدأت عام 1989.

والمنطقة الجبلية الخلابة مقسمة بين الهند، التي تحكم وادي كشمير ذي الكثافة السكانية المرتفعة ومنطقة جامو ذات الغالبية الهندوسية، وبين باكستان التي تسيطر على أراض في الغرب. وتقول كل من الدولتين إن لها الحق في السيادة على كامل المنطقة. وقال مادهاف في مقابلة ”يجب احترام حقوقهم الأساسية في العودة إلى الوادي. وعلينا في الوقت نفسه أن نوفر لهم الأمن الملائم“، متحدثا عن الهندوس من سكان كشمير.

ويعيش نحو سبعة ملايين شخص في وادي كشمير يمثل المسلمون 97 في المئة منهم وتحيط بهم مئات الآلاف من قوات الجيش والشرطة الهندية لإخماد انتفاضة على حكم نيودلهي. وتشير الأرقام الرسمية إلى أن نحو 50 ألف شخص قتلوا في الصراع في العقود الثلاثة الأخيرة. وقال مادهاف إن حكومة سابقة مدعومة من حزب بهاراتيا جاناتا في ولاية جامو وكشمير درست إنشاء جيوب لإعادة توطين الهندوس، سواء كانت قاصرة عليهم أو تضمهم مع غيرهم، لكنها لم تتمكن من إحراز تقدم. وأضاف ”لم يتسن الوصول إلى توافق على رأي واحد“.

ولا يحظى إنشاء جيوب تقتصر على الهندوس العائدين بدعم يذكر من الأحزاب السياسية المحلية بالمنطقة أو القيادة المسلمة أو المجموعات الممثلة للهندوس الذين فروا. ولم ترد وزارة الإسكان الاتحادية التي تضطلع بالبناء في وادي كشمير على طلب للتعليق. وكشفت حكومة الولاية عام 2015 عن مقترح لإنشاء مستوطنات للهندوس العائدين تكون ذات اكتفاء ذاتي وخاضعة لحراسة مشددة وتحوي مدارس ومراكز تسوق ومستشفيات وملاعب. ورفضت جماعات انفصالية في المنطقة المشروع وشبهه البعض بالمستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية. بحسب رويترز.

وتعثرت الخطة في نهاية المطاف بعد انهيار تحالف حزب بهاراتيا جاناتا مع حزب إقليمي رئيسي في يونيو حزيران 2018 مما أدى إلى خضوع الولاية لحكم نيودلهي المباشر. ومن المرجح إجراء انتخابات جديدة للولاية قبل نهاية العام. وقال قادة من حزب المؤتمر الوطني وحزب الشعوب الديمقراطي إن الحزبين الرئيسيين في منطقة كشمير عبرا عن تأييدهما لعودة الهندوس لكنهما يرفضان إنشاء تجمعات تقتصر عليهم.

إلغاء مادة الدستورية

على صعيد متصل يخشى الكشميريون من أن يغير إلغاء التشريع التركيبة السكانية في الولاية ذات الغالبية المسلمة وتصاعد التوتر في الجزء الخاضع للإدارة الهندية في كشمير وسط توقعات باحتمال إلغاء تشريع كان يعطي لسكان الولاية امتيازات قانونية، بضمنها حقوق التملك وشراء العقارات. وقد بدأت الحكومة الهندية في اتخاذ خطوات من شأنها إلغاء مادة من الدستور الهندي تمنح وضعا خاصا لمنطقة كشمير المتنازع عليها.

وقال وزير الداخلية الهندي أميت شاه أمام البرلمان إن الحكومة الاتحادية ستلغي المادة 370 من الدستور التي تتيح لولاية جامو وكشمير، ذات الأغلبية المسلمة، وضع قوانينها الخاصة. وقد وُضع قادة سياسيون قيد الإقامة الجبرية ومُنع انعقاد لقاءات وتجمعات عامة، وتشير تقارير إلى أن خدمات الاتصالات في شبكات الهواتف النقالة والانترنت قد قيدت في ولاية كشمير وجامو.

وكان التشريع، المعروف تحت مسمى المادة 35 أيه، مصدرا دائما للخلاف بين الغالبية المسلمة في كشمير وحزب "بهارتيا جاناتا" اليميني الحاكم في الهند حاليا. وقد أضيفت هذه المادة في 14 مايو/أيار عام 1954 بقرار رئاسي إلى المادة 370 من الدستور الهندي التي تكفل وضعا خاصا لولاية كشمير وجامو ضمن الهند. وظل الحزب الهندي يدعو منذ وقت طويل إلى إلغاء هذه المادة الدستورية، التي يرى الكثيرون أنها حجر الأساس في الوضع الخاص الذي منحه الدستور الهندي لكشمير.

فقد منح الدستور الهندي في المادة 370 وضعا خاصا لولاية كشمير وجامو يعطيها علما خاصا واستقلالية في كل شؤون الإدارة عدا شؤون الخارجية والدفاع والاتصالات. وتسمح المادة 35 أيه للسلطة التشريعية في كشمير الخاضعة للإدارة الهندية بتحديد "المقيمين الدائمين" في الولاية وما الذي يميزهم. وقد طبق على جميع منطقة كشمير الخاضعة للإدارة الهندية وبضمنها جامو ولداخ.

وأصدرت لكل السكان المعروفين في المنطقة شهادة إقامة دائمة، تعطيهم بعض الامتيازات في الوظائف والتعليم وامتيازات أخرى، بيد أن الفائدة الكبرى التي يجنيها المقيمون الدائمون منها هي حق التملك وشراء العقارات في الولاية. وكل من كان يعيش في الولاية في 14 مايو/أيار 1954، لحظة تطبيق التشريع، ويعد كل من عاش في الولاية لمدة عشرة أعوام منذ ذلك التاريخ من السكان الدائمين.

ويمكن للهيئة التشريعية في الولاية أن تغير تعريف المقيم الدائم أو أي جوانب أخرى تتعلق بذلك بإصدار تشريع ينال غالبية ثلثي الهيئة. وكان مهراجا كشمير، هاري سنغ، أول من وضع تشريع في عام 1927 لوقف تدفق الناس من ولاية البنجاب الشمالية على كشمير. وتقول تقارير إنه فعل ذلك بناء على طلب الجالية الهندوسية القوية في كشمير. وما زال هذا التشريع ساريا في الأجزاء الخاضعة للإدارة الباكستانية في كشمير. وفي الهند، أضيفت المادة 35 أيه الى الدستور الهندي بقرار رئاسي في عام 1954، إلى المادة 370 من الدستور التي تكفل لكشمير وضعا خاصا داخل الهند.

وعندما اعتمد دستور ولاية جامو وكشمير في عام 1956، أقر قانون الإقامة الدائمة الذي كان قد مضت على تشريعه سنتان. ويسعى التشريع لحماية الشخصية الديموغرافية المميزة للولاية. ولأن الجزء الخاضع للإدارة الهندية من كشمير يمثل الولاية الوحيدة ذات الغالبية المسلمة في الهند، يشك الكثير من الكشميريين في أن جماعات الوطنيين الهندوس تشجع الهندوس على الهجرة الى الولاية. وهذا لا يرضي الكشميريين، لاسيما أنهم يعيشون في علاقات مضطربة مع الهند، وتغرق منطقتهم في تمرد مسلح ضد الحكم الهندي منذ عام 1989.

وتلقي الهند باللائمة على باكستان في تغذية القلاقل في الولاية، الأمر الذي تنفيه باكستان باستمرار. ويدعي كلا البلدين بسيادته الكاملة على مجمل كشمير وليس على الأجزاء الخاضعة لإدارة كل واحد منهما. ومنذ تقسيم الهند وإعلان دولة باكستان في عام 1947، خاض جيشا البلدين، المسلحين نوويا، حربين ونزاعا حدوديا محدودا بشأن المنطقة. يقول المدافعون إن إلغاءه سيمثل انتهاكا وعدم وفاء لوعد الحكومة الهندية بحماية الوضع الخاص لكشمير. ويخشون أيضا من أنه سيفتح أبواب الولاية أمام استقرار القادمين من خارجها ما سيؤدي إلى تغيير الوضع الديموغرافي فيها. وقد كتب رئيس الوزراء السابق للولاية عمر عبد الله تغريدة تقول إن إلغاء التشريع ستكون له "عواقب وخيمة" في جامو ولداخ. وحذرت رئيسة الوزراء الحالية محبوبة مفتي من أن إلغاء التشريع سيدمر العلاقة الهشة بين الهند والولاية.

اتساع الهوة

الى جانب ذلك يقول المسلمون في نايابانز، وهي قرية عادية لا يميزها شيء عن غيرها من القرى في شمال الهند، إنهم يتذكرون زمنا كان أطفالهم يلعبون فيه مع أطفال الهندوس ويتبادل فيه الناس من الديانتين أطراف الحديث ويتردد أفراد كل طائفة منهم على متاجر الطائفة الأخرى ويخرجون في الأعياد معا. ويقول كثيرون إن هذه التصرفات لم تعد تحدث والسبب هو الاستقطاب الذي شهدته الطائفتان في العامين الأخيرين لدرجة أن البعض يعيش في رعب ويفكر في الرحيل - هذا إذا استطاع أن يتحمل نفقات الرحيل.

وقال سكان مسلمون إنهم يعتقدون أن التوترات ستزداد سوءا ويقول جولفام علي الذي يدير متجرا صغيرا لبيع الخبز والسجائر ”كانت الحياة هانئة من قبل. وكان المسلمون والهندوس معا في السراء والضراء والزيجات والوفيات. أما الآن فنحن نعيش منفصلين رغم أننا نعيش في قرية واحدة“. وتولى مودي السلطة في 2014 وسيطر حزب بهاراتيا جاناتا في 2017 على ولاية أوتار براديش التي تقع فيها قرية نابايانز لأسباب منها رسالته التي ترتكز على فكرة الهندوس أولا. ويرأس حكومة الولاية يوجي أديتياناث وهو كاهن هندوسي متشدد ومن الشخصيات الكبيرة في حزب بهاراتيا جاناتا.

وقال علي ”أفسد مودي ويوجي الأمر. فالتفرقة بين الهندوس والمسلمين هي برنامجهم الرئيسي، برنامجهم الوحيد. لم يكن الأمر على هذا الحال من قبل. نريد الرحيل عن هذا المكان لكننا لا نستطيع في الواقع“. ويقول علي إن حوالي 12 أسرة مسلمة رحلت في العامين الأخيرين ومنها أسرة عمه. وينفي حزب بهاراتيا جاناتا أن سياساته تغذي الانقسامات الطائفية. وفي نهاية العام الماضي أصبحت قرية نايابانز، التي تنتشر حولها حقول القمح ولها شوارع اسمنتية ضيقة تسير فيها عربات تجرها الثيران وتجوس فيها الأبقار، رمزا للهوة العميقة التي تفصل بين الطائفتين في الهند عندما شكا بعض الرجال الهندوس من المنطقة أنهم شاهدوا مجموعة من المسلمين يذبحون أبقارا. ويقدس الهندوس الأبقار.

واتهم الهندوس الذين انتابهم الغضب الشرطة بالتقاعس عن منع هذا التصرف غير القانوني وأغلقت مجموعة منهم طريقا رئيسيا وراحت تلقي بالحجارة على السيارات وتشعل النار فيها. وسقط قتيلان بالرصاص أحدهما ضابط شرطة. وبعد مرور أشهر على هذه الأحداث يقول كثيرون من المسلمين، الذين يبلغ عددهم 400 بين أكثر من 4000 شخص يعيشون في القرية، إن الجراح لم تبرأ بعد. وفي بلد يمثل المسلمون 14 في المئة من سكانه والهندوس 80 في المئة، تعكس قرية نايابانز التوترات الأوسع نطاقا في الأماكن التي يفوق فيها الهندوس المسلمين عددا بكثير.

وينفي حزب بهاراتيا جاناتا أنه يسعى لمعاملة المسلمين كمواطنين من الدرجة الثانية أو أنه معاد للمسلمين. وقال جوبال كريشنا أجاروال المتحدث باسم الحزب ”لم تقع أحداث شغب في البلاد في ظل هذه الحكومة. ومن الخطأ وصف حوادث جنائية ندينها بأنها مشاكل بين الهندوس والمسلمين“. والحق أن بعض سكان القرية يقولون إن نايابانز لم تكن تخلو من مظاهر الصراع في الماضي. فقد أدت محاولات لبناء مسجد في 1977 إلى أعمال شغب طائفية سقط فيها قتيلان. لكنهم يقولون إن الأعوام الأربعين التي تلت ذلك سادها الوئام النسبي.

وقال بعض المسلمين إن المتشددين من الهندوس بدأوا يتصرفون من منطلق تأكيد الذات بشكل أكبر في القرية بعد تولي يوجي منصبه في مارس آذار 2017. وتدهور الوضع في شهر رمضان عام 2017 وطالب ناشطون من الهندوس المسلمين بالكف عن استخدام مكبر الصوت في المدرسة الدينية، التي يستخدمونها كمسجد، في إذاعة الآذان وقالوا إنه يقلق القرية كلها. ووافق المسلمون على مضض على التوقف عن استخدام مكبر الصوت، الذي يقولون إنه يستخدم منذ سنوات عديدة، حفاظا على السلام لكن هذه الخطوة أثارت استياء شديدا.

ولا يشعر بعض الهندوس بالتعاطف مع المسلمين. فقد قال أوم براكاش الخياط البالغ من العمر 63 عاما ”الرب يعلم ما ينوحون عليه. الهدوء ينتشر هنا لكننا لن نسمح بأي مكبر صوت هناك. فتلك مدرسة وليست مسجدا“. وقالت طالبة القانون عائشة (21 عاما) ”لا نستطيع التعبير عن ديانتنا بأي شكل هنا. لكنهم أحرار يفعلون ما يريدون“. وأضافت أن رجالا من الهندوس في القرية كثيرا ما يصيحون بشعارات مناهضة للمسلمين خلال المناسبات الدينية. ونفى أكثر من عشرة من الهندوس حدوث ذلك.

ورد اسم شرف الدين سيفي (38 عاما)، الذي يدير متجرا للملابس في سوق قريبة في بلاغ للشرطة قدمه هندوس بسبب حادث البقرة في العام الماضي. وبعد حبسه 16 يوما أخلت الشرطة سبيله لعدم وجود أدلة تدينه لكنه قال إن الكثير تغير بعد خروجه من السجن. فقد أصبح الهندوس يتجنبون التعامل معه. واضطر بسبب ما أنفقه على المحامين إلى التوقف عن الذهاب إلى دلهي لشراء ملابس لمتجره الذي أصبح خاويا إلى حد كبير. كما أخرج ابنه البالغ من العمر 13 عاما من مدرسة خاصة لأنه لم يعد يتحمل مصروفاتها. بحسب رويترز.

وقال عن معاناته في فترة حبسه ”هذا أمر جلل بالنسبة لشخص لم يشاهد من قبل مركز الشرطة من الداخل ولم يحلم حتى بارتكاب جريمة“. وكثيرا ما يجول بخاطره أن يرحل عن القرية لكنه يقول لنفسه ”لم ارتكب خطأ فلماذا أرحل؟“ وانتقل جبار علي النجار البالغ من العمر 55 عاما إلى منطقة ذات غالبية مسلمة في ماسوري قرب دلهي واشترى بيتا بما ادخره من مال من العمل في السعودية. وقال وهو يتذكر الحادث الذي وقع في ديسمبر كانون الأول الماضي ”إذا كان الهندوس يستطيعون قتل مفتش الشرطة الهندوسي أمام مركز الشرطة والحرس المسلح بجواره فما حالنا نحن المسلمين؟“ ولا يزال يحتفظ ببيته في نيابانز ويزور القرية من حين لآخر لكنه يقول إنه يشعر بأمان أكبر في بيته الجديد حيث كل جيرانه القريبين من المسلمين. وأضاف ”أنا خائف هنا. والمسلمون قد يضطرون للرحيل عن هذا المكان إذا حصل مودي على فترة ثانية واستمر يوجي هنا“.

اضف تعليق