q
تواجه المملكة العربية السعودية انتقادات كثيرة بسبب قضايا حقوق الانسان في المملكة، وعلى الرغم من حديث المملكة عن الإصلاح، تقول منظمة العفو الدولية إن حالة حقوق الإنسان في السعودية \"تدهورت بشكل ملحوظ\" منذ تعيين الأمير محمد بن سلمان وليا للعهد في حزيران/يونيو 2017...

تواجه المملكة العربية السعودية انتقادات كثيرة بسبب قضايا حقوق الانسان في المملكة، وعلى الرغم من حديث المملكة عن الإصلاح، تقول منظمة العفو الدولية إن حالة حقوق الإنسان في السعودية "تدهورت بشكل ملحوظ" منذ تعيين الأمير محمد بن سلمان وليا للعهد في حزيران/يونيو 2017. وتشهد السعودية كما نقلت بعض المصادر موجة غير مسبوقة من حملة الاعتقالات في صفوف الدعاة والصحفيين والناشطين الحقوقيين وغيرهم من ابناء الشعب. ويعتبر حجم الاعتقالات الكبيرة هو الأكبر في تاريخ المملكة، وطالت شخصيات اجتماعية ودعوية.

وفي أوائل عام 2017، ألقت السلطات القبض على الحقوقيين وأحالتهم على "المحكمة الجزائية المتخصصة"، وهي محكمة مكافحة الإرهاب في البلاد، بتهم نابعة فقط من عملهم الحقوقي. كما تواصل السعودية استخدام قوانين مكافحة الإرهاب لعام 2014 لقمع التعبير والمعارضة السياسيَّين. فهناك العديد من النشطاء البارزين أُدينوا بتهم متصلة بأنشطتهم السلمية أحكاما طويلة بالسجن. كما بدأ الملك وولي عهده هجوماً كبيراً على الدعاة ونشطاء حقوق الإنسان في المملكة، حيث ألقي نحو 3 آلاف منهم بالسجون، منذ شهر سبتمبر 2017، من تخصّصات شرعية وقانونية وقضاة وإعلاميين وغيرهم.

كما أكد حساب "معتقلي الرأي" – المعنيّ بنشر أخبار المعتقلين السعوديين على “تويتر” – أن هناك عشرات الأطفال داخل السجون السعودية، في خرق لمعاهدات حقوق الطفل العالمية من قبل السلطات السعودية. وسبق أن وثّق حساب "معتقلي الرأي"، اعتقال السلطات 2613، مع تعرّض عدد منهم للتعذيب، وكشف أن هؤلاء تعرضوا للتعذيب الجسدي "بالصعق، والضرب، والتعليق ساعات من الأذرع، والسحل داخل ساحات السجون".

وسياق متصل أثار تقرير نشرته منظمة العفو الدولية عن تعذيب السلطات السعودية ناشطات في حقوق الإنسان والتحرش بهن جنسيا؛ اهتمام النشطاء والحقوقيين والصحفيين في مختلف أنحاء العالم وتفاعل المغردون مع وسم التحرش بالمعتقلات جريمة، وعبروا عن غضبهم من الانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان في السعودية. وفي السعودية كانت قضية قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي هي الأبرز حول العالم، وذلك بعد أن أقدم فريق اغتيال سعودي على قتله في قنصلية الرياض بمدينة إسطنبول التركية يوم 2 أكتوبر الماضي.

هذا التاريخ كان الأقوى في سجل الحرب على الرأي المعارض، حيث كشف عورة السعودية التي امتلأت سجونها بمعتقلي الرأي والنشطاء والدعاة، والأمراء أيضاً، وكل من يسير في فلك بعيد عن الملك وحاشيته. كل تلك الانتهاكات وضعت السعودية في زاوية حرجة زادت حدتها بعد تاريخ 2 أكتوبر، حين تحرك العالم بأسره للمطالبة بكشف ملابسات جريمة خاشقجي والمسؤول عن عملية القتل التي جرت في ظروف تخدش مشاعر الإنسانية. وفي وقت سابق حثت160 منظمة عالمية مجلس حقوق الإنسان التابع للامم المتحدة وكذلك الجمعية العامة للأمم المتحدة على تعليق عضوية السعودية في مجلس حقوق الإنسان، وفقاً لمنطوق الفقرة 8 من القرار 60/251 للجمعية العامة.

اتهامات جديدة

وفي هذا الشأن قال مصدران مطلعان إن مساعدا بارزا لولي العهد السعودي، أقيل لدوره في مقتل الصحفي جمال خاشقجي، أشرف شخصيا على تعذيب ناشطة واحدة على الأقل هذا العام. وظل سعود القحطاني يشغل منصب مستشار لولي العهد الأمير محمد بن سلمان حتى أكتوبر تشرين الأول عندما أقيل ثم فرضت عليه وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات بسبب مقتل خاشقجي الذي كان كاتبا لمقالات الرأي في صحيفة واشنطن بوست.

وتقول ثلاثة مصادر مطلعة على الطريقة التي تتم بها معاملة الناشطات إن مجموعة من الرجال عذبوا تلك الناشطة وثلاث ناشطات أخريات من خلال التحرش الجنسي والصعق بالكهرباء والجلد في الفترة بين مايو أيار وأغسطس آب في منشأة احتجاز غير رسمية في جدة. ووصفت المصادر المجموعة المؤلفة من نحو ستة رجال بأنها مختلفة عن المحققين المعتادين الذين رأتهم الناشطات من قبل وقالت إنهم ينتمون (للاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز) الذي كان القحطاني رئيسه في ذلك الوقت أو إلى جهاز أمن الدولة.

وقال مصدران إن القحطاني كان حاضرا عند تعذيب إحدى الناشطات على الأقل. وقال مسؤول سعودي إن مزاعم إساءة المعاملة والتعذيب لمحتجزات ”كاذبة... ولا تمت للحقيقة بصلة“. وأضاف المسؤول أن الاحتجاز ”تم على أساس اتهامات متعلقة بالإضرار بأمن واستقرار المملكة“. وقال المسؤول إن السلطات تحترم حقوق المحتجزات القانونية وإنهن يتلقين رعاية طبية واجتماعية ويتلقين زيارات من أسرهن ولهن الحق في توكيل محامين.

والناشطات من بين أكثر من 12 ناشطة بارزة تعرضن للاحتجاز منذ مايو أيار وسط حملة أمنية أوسع استهدفت أيضا رجال دين ومفكرين. ويقول نشطاء إن 11 امرأة لا يزلن رهن الاحتجاز من بينهن الأربعة اللاتي قيل إنهن تعرضن للتعذيب. وتأتي تلك الاتهامات فيما تحاول الرياض تجاوز تبعات مقتل خاشقجي في الثاني من أكتوبر تشرين الأول. وكان خاشقجي مقربا لفترة طويلة من العائلة الحاكمة ثم تحول لانتقاد الأمير محمد وعاش في منفى اختياري في الولايات المتحدة منذ العام الماضي. وقتل خاشقجي داخل القنصلية السعودية في اسطنبول مما ألحق ضررا بسمعة ولي العهد ووضع الرياض تحت تهديد فرض عقوبات عليها.

وقالت منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش إن ثلاث ناشطات على الأقل تعرضن للتعذيب لكن المنظمتين لم تتحدثا عن تورط القحطاني في الأمر. وأغلب الناشطات كن من الداعيات لحق النساء في قيادة السيارات ومن المطالبات بإنهاء نظام ولاية الرجل. وقال المصدران، اللذان طلبا عدم ذكر اسميهما خشية التعرض للانتقام، إن القحطاني كان داخل الغرفة في عدة مناسبات فيما تعرضت إحدى المحتجزات الأربعة للتحرش والصعق بالكهرباء. وأضاف المصدران أنه هدد المرأة بالتعرض للاغتصاب والقتل. بحسب رويترز.

وقالا إن محتجزتين أخرتين تعرضتا لإهانات جنسية وجلد وصدمات كهربائية حولت إصبع إحداهن للون الأزرق. وقال أحد المصدرين إن الرجال أجبروا محتجزة أخرى على تقبيل محتجز آخر فيما كانوا يشاهدون الأمر. وقال مصدر ثالث إن القحطاني تحدث إلى العديد من المحتجزات في مايو أيار عندما نقلن في البداية من الرياض إلى جدة وقال لهن إن عقوبة الخيانة هي السجن 20 عاما أو الإعدام.

دعم ولي العهد

من جانب اخر بدأ العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز جولة محلية بصحبة نجله المفضل ليبدي دعمه لولي العهد الذي اختاره رغم الأزمة التي تفجرت بسبب مقتل الصحفي جمال خاشقجي. وامتلأت الطرقات بأعلام المملكة وصور الملك وولي عهده الأمير محمد بن سلمان لدى وصولهما في ساعة متأخرة إلى منطقة القصيم بوسط المملكة حيث كان في استقبالهما كبار الشخصيات وأطفال قدموا الورود.

والجولة هي أحدث مساع من الملك البالغ من العمر 82 عاما تهدف فيما يبدو إلى تعزيز سلطة الأمير محمد الذي يتولى إدارة شؤون المملكة اليومية والذي واجه انتقادات دولية على مدار الشهر المنصرم منذ مقتل خاشقجي داخل القنصلية السعودية في اسطنبول. وقالت وسائل الإعلام السعودية الرسمية إن الملك وضع حجر الأساس لمشروعات جديدة ومشروعات مقررة بقيمة 1.12 مليار دولار وأمر بإطلاق سجناء معسرين في القصيم.

وقالت مضاوي الرشيد وهي أكاديمية سعودية معارضة مقيمة في لندن ”المجتمع السعودي يسود فيه التوتر والخوف والاعتقالات منذ مقتل خاشقجي. وهذه الجولة بالتالي تأتي لتؤكد لمختلف المناطق أن الملك لا يزال في موقعه وأنه لا يزال صاحب السلطة الأعلى (في المملكة)“. واتهم مسؤولون أتراك الأمير محمد بإصدار أمر قتل خاشقجي كما لمح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى أن المسؤولية تقع في نهاية المطاف على ولي العهد كونه الحاكم الفعلي للمملكة.

وفي بادئ الأمر قدمت السعودية تفسيرات متعددة متناقضة بشأن اختفاء خاشقجي لكنها تقر الآن بأن الكاتب في صحيفة واشنطن بوست، الذي كان مقيما في الولايات المتحدة، قُتل خلال عملية خرجت عن مسارها. وفي الخامس والعشرين من أكتوبر تشرين الأول قطع الأمير محمد أسابيع من الصمت متعهدا بأن العدالة ستأخذ مجراها. وتدخل الملك سلمان لحل الموقف إذ أرسل مساعدا يحظى بثقته إلى تركيا ثم عزل خمسة مسؤولين كبار من الخدمة، منهم المستشار المقرب للأمير محمد.

وبعد أسابيع من ابتعاده عن الأضواء عاد الأمير الشاب إلى الساحة فقد تفقد قوات قرب الحدود مع اليمن الذي تشارك الرياض في حربه منذ ثلاثة أعوام ونصف العام. كما ظهر في تسجيل مصور نُشر على الإنترنت مع جندي وصفه بالبطل. وخلال احتفال بإحدى الجامعات في الرياض وضع الأمير محمد حجر الأساس لمفاعل أبحاث نووية من المقرر إنشاؤه. لكن جريج جوس خبير شؤون الخليج في جامعة (تكساس إيه. آند إم) قال إن الجولة المحلية للأمير محمد مع والده ليست دليلا على أن الأسرة المالكة تجاوزت دائرة الخطر لكنها تشير فقط إلى أن الملك واثق من أن شيئا لن يحدث ”على الفور“.

وولي العهد البالغ من العمر 33 عاما في طريقه لأن يكون أول ملك سعودي من الجيل الجديد منذ 65 عاما بعد تولي ستة إخوة للحكم من بين 45 ابنا على الأقل للملك المؤسس عبد العزيز بن سعود الذي توفي عام 1953. لكن صعود الأمير محمد كان بمثابة تغيير في نظام الحكم المتبع منذ عقود والذي سعى خلاله الملوك المتعاقبين لنيل إجماع الأسرة المالكة ومنح المناصب الكبرى لإخوتهم وأبناء إخوتهم.

وعزز الأمير محمد سلطته بإبعاد بعض أقوى أبناء عمومته عن مواقع السلطة وإبقاء البعض منهم قيد الإقامة الجبرية فيما جرى احتجاز أمراء آخرين داخل فندق فخم لعدة شهور في إطار حملة ضد الفساد. وبدت بعض المؤشرات على استعداد بعض الأمراء للعودة إلى كنف الأسرة المالكة في تعبير عن اتحادهم في أعقاب مقتل خاشقجي. وعاد الأمير أحمد بن عبد العزيز أحد الأشقاء الصغار للملك من زيارة إلى الخارج استمرت نحو شهرين ونصف الشهر بدا خلالها منتقدا للقيادة السعودية. بحسب رويترز.

ويبدو أن اثنين من أبناء إخوة الملك، كانا قد اعتقلا العام الماضي، جرى إطلاق سراحهما في الآونة الأخيرة حيث نُشرت صور لهما مع أفراد من الأسرة المالكة. ويقول دبلوماسيون إن الأسرة المالكة ”تحشد دفاعاتها“ لكن لا توجد بوادر على أن الملك سلمان يفكر في تصعيد أمير آخر سواء ليحل محل نجله الأمير محمد أو ليوازن السلطة معه بوصفه نائبا لولي العهد. وقال دبلوماسي عربي كبير ”محمد بن سلمان لن يذهب إلى أي مكان. الأسرة تلتقي وستتوحد بقوة خلفه... لا سبيل للتراجع عن ذلك“ بعدما مهد الملك طريق العرش لنجله بتحييد منافسيه المحتملين العام الماضي. وأضاف الدبلوماسي أن قرار العاهل السعودي بتولي الأمير محمد مسؤولية إعادة هيكلة جهاز المخابرات يشير إلى أن ولي العهد لا يزال ”من غير الممكن المساس به“.

إعدام الشيعة

على صعيد متصل حذرت منظمة العفو الدولية من أن إعدام 12 سجينا شيعيا في السعودية ربما يكون وشيكا وذلك بعد إرسالهم إلى جهاز لأمن الدولة يخضع مباشرة للملك. وذكرت المنظمة المعنية بحقوق الإنسان أن الرجال، الذين حكم عليهم بالإعدام عام 2016 بعد إدانتهم بالتجسس في محاكمة جماعية، نقلوا إلى رئاسة أمن الدولة. وقد يواجهون الإعدام حالما يقر الملك الأحكام الصادرة عليهم.

وقالت هبة مورايف مديرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة ”تشعر أسر الرجال بالرعب من هذا التطور ونقص المعلومات التي قدمت لهم بشأن وضع قضايا أحبائهم“. وأضافت ”بالنظر إلى السرية المحيطة بالإجراءات القضائية في السعودية، فإننا نخشى أن يكون هذا التطور يشير إلى أن إعدام الاثني عشر رجلا بات وشيكا“. ولم يتسن الحصول على تعليق من مركز التواصل الحكومي بالسعودية. وجرى تسليط الضوء على سجل السعودية في مجال حقوق الإنسان منذ مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في اسطنبول.

وطالبت دول غربية في مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان وفد السعودية بأن تلغي المملكة عقوبة الإعدام. وتقول العفو الدولية إن الرجال حكم عليهم بالإعدام بعدما أدينوا بالتجسس لصالح إيران في محاكمة جماعية غير منصفة لاثنين وثلاثين شخصا ألقت السلطات القبض عليهم في أنحاء السعودية عامي 2013 و2014. ويشكو الشيعة منذ فترة طويلة من التمييز ضدهم في السعودية، وهو اتهام تنفيه السلطات، وينظمون بين الحين والآخر احتجاجات حاشدة في المنطقة الشرقية بالمملكة حيث يعيش كثير منهم.

من جانب اخر دعا خبراء في مجال حقوق الإنسان بالأمم المتحدة السعودية إلى وقف إعدام ستة رجال بسبب أنشطة لها علاقة بانتفاضات الربيع العربي عام 2011. وذكروا أنه نظرا لأن جميع السعوديين كانوا دون سن 18 في ذلك الوقت، فإن تطبيق عقوبة الإعدام عليهم سينتهك القانون الدولي، بما في ذلك معاهدة حماية الأطفال التي أقرتها المملكة.

وقال خبراء الأمم المتحدة في بيان لم يورد تفاصيل تذكر إن الاتهامات الموجهة للرجال الستة مبنية على ”تجريم ممارسة الحقوق الأساسية بما في ذلك حرية التجمع والتعبير“. وأضاف ”وردت مزاعم عن تعرضهم للتعذيب وإساءة المعاملة وإجبارهم على الاعتراف وحرمانهم من المساعدة القانونية الكافية خلال المحاكمة وعدم تمكنهم مطلقا من الوصول إلى آلية فعالة للشكوى“. وأبلغ مسؤول معني بحقوق الإنسان في الأمم المتحدة بأن الرجال حوكموا في محكمة بالرياض مختصة بقضايا الإرهاب وبأنه لا توجد عملية استئناف معروفة. بحسب رويترز.

وقال مصدر سعودي، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن ما يفهمه أن الرجال لن يعدموا وفقا للتغييرات التي أدخلت على القانون السعودي في الآونة الأخيرة. بيد أن خبراء الأمم المتحدة قالوا إن القانون المعدل لا يزال يسمح بتطبيق عقوبة الإعدام على المتهمين الذين يرتكبون جرائم بينما لا يزالون قصرا بين 15 و18 عاما. وأضافوا أن إصدار أحكام إعدام وتنفيذها على أشخاص دون سن 18 يناقض القانون والمعايير الدولية. وصادقت السعودية على اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل، التي تحظر عقوبة الإعدام في حالات كتلك.

اضف تعليق