q
الحراك الشعبي في المغرب والذي بدأ بعد مقتل بائع السمك محسن فكري (31 عاما) يوم 28 أكتوبر/تشرين الأول 2016 سحقا في عربة لجمع النفايات في الحسيمة بمنطقة الريف عندما حاول الاعتراض على مصادرة بضائعه، مما أثار صدمة في المغرب وأشعل فتيل مظاهرات وموجات توقيفات...

الحراك الشعبي في المغرب والذي بدأ بعد مقتل بائع السمك محسن فكري (31 عاما) يوم 28 أكتوبر/تشرين الأول 2016 سحقا في عربة لجمع النفايات في الحسيمة بمنطقة الريف عندما حاول الاعتراض على مصادرة بضائعه، مما أثار صدمة في المغرب وأشعل فتيل مظاهرات وموجات توقيفات وعقوبات في أعلى مستويات الدولة، مايزال محط اهتمام اعلامي واسع داخل وخارج المغرب، خصوصا بعد الاحداث والتطورات الاخيرة التي اعقبت محاكمة زعيم الحراك ناصر الزفزافي وباقي الذي يقضي اليوم مع نبيل أحمجيق ووسيم البوستاني وسمير إغيد عقوبة بالسجن لمدة 20 عاما.

وهو ما اثر موجة من الاحتجاجات الشعبية حيث تظاهر الآلاف في العاصمة المغربية الرباط ضد أحكام السجن التي صدرت ضد قادة حركة الاحتجاجات شمالي البلاد. ونقلت بعض المصادر عن المشاركين في الاحتجاجات قولهم "الشعب يقاطع نظام العدالة" و"الحرية للمعتقلين". وردد المتظاهرون أيضا شعارات ضد تسليح الريف، مناطق شمال المغرب التي هزتها تظاهرات الحراك الشعبي عامي 2016 و2017. وأصدرت محكمة مغربية يوم 26 يونيو/حزيران أحكاما بالسجن على 53 من أعضاء الحراك الشعبي في الريف لفترات تتراوح ما بين عام وعشرين عاما.

كما لاتزال الأحزاب السياسية الهولندية تولي اهتماما خاصا لملف معتقلي حراك الريف، علما أن هذا الاهتمام تتقاسمه معهم الحكومة الهولندية، التي سبق لها أن طالبت على لسان بعض أعضائها بإطلاق سراح المعتقلين. فقد كشف موقع "موريكينو.أنفو" أن نوابا برلمانيين ينتمون لثلاثة أحزاب سياسية، وجهوا رسائل إلى وزير الخارجية ستيف بلوك حول "الإضراب عن الطعام الذي يخوضه ناصر الزفزافي وبعض المعتقلين" المتواجدين في سجن عكاشة بالدار البيضاء. كما طالب هؤلاء النواب الحكومة الهولندية بالضغط على المغرب للإفراج عن الوجوه البارزة في حراك الريف وغيرهم من المعتقلين السياسيين.

يذكر أن الاحتجاجات التي شهدتها منطقة الريف، شكلت موضوع خلاف عميق بين المغرب وهولندا، وقد اتضح ذلك من خلال الندوة الصحفية المشتركة التي بين كل من ستيف بلوك وناصر بوريطة. آنذاك انتقد وزير الخارجية الهولندي طريقة تعاطي الدولة المغربية مع حراك الريف، وهو ما جعل ناصر بوريطة يرد قائلا إن قضية الريف هي "قضية داخلية لا يمكن بأي شكل من الأشكال أن تكون موضوع نقاش خارجي"، مضيفا أنها "قضية مغربية مغربية والمغرب لن يقبل إعطاءه دروسا في هذا الموضوع".

وبعد أسابيع من ذلك وخلال مناظرة برلمانية أعقبت إصدار الأحكام في حق معتقلي حراك الريف بالدار البيضاء، نصح ستيف بلوك النشطاء المغاربة الذين يوجدون في هولندا بـ"الحذر"، وهو ما جعل وزارة الخارجية المغربية تتدخل، وتستدعي السفيرة الهولندية بالرباط. وأبلغ المسؤولون المغاربة آنذاك السفيرة الهولندية بأن تصريحات وزير الخارجية "غير مفهومة" بالنسبة للمغرب وأنها مرفوضة ولا تتماشى مع روح التعاون والعلاقات الثنائية التي تجمع البلدين.

احكام جائرة

وفي هذا الشأن علق زعيم "حراك الريف" بالمغرب ناصر الزفزافي إضرابا عن الطعام كان بدأه قبل أسبوع احتجاجا على ظروف اعتقاله، بحسب ما أفاد محاميه محمد أغناج. ويقضي الزفزافي عقوبة بالسجن 20 سنة بالدار البيضاء لإدانته "بالمشاركة في مؤامرة تمسّ بأمن الدولة". وبرز كقائد لما يعرف بـ"حراك الريف" وهي حركة احتجاجية هزّت مدينة الحسيمة ونواحيها (شمال) على مدى أشهر بين خريف 2016 وصيف 2017، وقد خرجت اولى التظاهرات في الحسيمة احتجاجا على حادث أودى ببائع السمك محسن فكري.

وقال أغناج إنه لا يملك تفاصيل عما إذا كانت إدارة سجن عكاشة، حيث يقضي الزفزافي عقوبته، استجابت لمطالب موكله أم لا. وكان الزفزافي أعلن تنفيذ إضراب مفتوح عن الطعام حتى تتحقق مطالبه. وقال والده في وقت سابق إنه يطالب بأن "يخرجوه من الزنزانة الانفرادية إلى زنزانة لائقة حيث يمكنه لقاء رفاقه والحديث إليهم". وقضت محكمة الاستئناف بالدار البيضاء في حزيران/يونيو بأحكام راوحت بين السجن 20 سنة وسنة واحدة في حق 53 من قادة الحراك. وطالبت هيئات سياسية وحقوقية عدة بالإفراج عن المعتقلين معتبرة ان مطالبهم "عادلة" وأحكام إدانتهم "قاسية"، في حين أكدت السلطات أنهم تمتعوا بجميع ضمانات المحاكمة العادلة.

من جانب اخر قضت محكمة الاستئناف بالدار البيضاء بالسجن ثلاث سنوات على الصحافي المغربي حميد المهداوي بعد إدانته بتهمة "عدم التبليغ عن جناية تمس أمن الدولة". ووجهت إلى المهداوي تلك التهمة لكونه لم يبلغ عن مكالمة هاتفية تلقاها من شخص يعيش في هولندا يتحدث فيها عن إدخال أسلحة إلى المغرب لصالح حركة الاحتجاج في شمال المغرب للمطالبة بالتنمية المعروفة "بحراك الريف". وقررت محكمة الاستئناف بالدار البيضاء في وقت سابق فصل ملفه عن باقي المعتقلين، وخلافا لهم لم يقاطع المهداوي ما تبقى من جلسات محاكمته.

وأدين المهداوي في وقت سابق بالسجن سنة واحدة بسبب الدعوة للمشاركة في تظاهرة غير مرخصة، عندما اعتقل أثناء مشاركته في تظاهرة بمدينة الحسيمة (شمال) في تموز/يوليو 2017. وألقى كلمته الأخيرة قبل النطق بالحكم عليه بتلقائية وحماس لم تخل من انفعال وسخرية، تحاكي الأسلوب الذي اشتهر به في فيديوهات مطولة كان ينشرها على موقع "بديل" الإخباري، الذي توقف عن البث بعد اعتقاله. بحسب فرانس برس.

وحاول محاميه محمد المسعودي في بداية الجلسة إقناع القاضي بأن الاتهام باطل، "ما دام أن المهداوي أخبر قاضي التحقيق تلقائيا لما استمع إليه كشاهد بمضمون ما كان يرده من مكالمات هاتفية منسوبة لمحدثه من هولندا"، مؤكدا على "وطنية" موكله و"حسن نيته". وانتقدت منظمة "مراسلون بلا حدود" في بيان ما اعتبرته "أحكاما جد قاسية" في حق "ستة صحافيين مواطنين" من بين 53 معتقلا أدينوا على خلفية الحركة الاحتجاجية التي هزت الحسيمة ونواحيها (شمال) ما بين خريف 2016 وصيف 2017. وخلفت هذه الأحكام استياء لدى أوساط حقوقية وعلى مواقع التواصل الاجتماعي في المملكة، بينما أكدت السلطات المغربية أن المحاكمة تمت مع احترام للمعايير الدولية، وحضرها مراقبون حقوقيون أجانب وتابعتها الصحافة.

تظاهرات واحتجاجات

الى جانب ذلك خرج عشرات الآلاف من المغاربة إلى شوارع العاصمة الرباط احتجاجا على سجن قياديين في حركة احتجاجية بمنطقة الريف التي يهيمن عليها الأمازيغ. ورفع المتظاهرون صورا للنشطاء المحتجزين ولوحوا بالأعلام الأمازيغية، وهتفوا قائلين ”حرية كرامة عدالة اجتماعية“ و“عاش الريف“ و“الشعب يريد سراح المعتقل“. كانت محكمة في الدار البيضاء قضت بسجن 39 شخصا، من بينهم ناصر الزفزافي قائد الحركة الاحتجاجية التي تعرف باسم ”حراك الريف“، لفترات تصل إلى 20 سنة بسبب الحركة التي هزت المغرب في أواخر 2016 وأوائل 2017.

واندلعت الاحتجاجات بعد وفاة بائع سمك سحقا داخل شاحنة قمامة بينما كان يحاول استعادة سمكه الذي صادرته الشرطة في مدينة الحسيمة بشمال البلاد في أكتوبر تشرين الأول 2016. وكان المحتجزون وأسرهم دعوا إلى مسيرة، والتي شارك فيها الأمازيغ وأحزاب المعارضة اليسارية وجماعات حقوقية وجماعة العدل والإحسان الإسلامية المحظورة. وعبر أقارب المحتجزين، المنهكون بعد رحلة بالحافلة استغرقت 12 ساعة من الحسيمة إلى الرباط، عن حزنهم وخيبة أملهم أثناء مسيرتهم.

وقالت زليخة والدة الزفزافي ”سنواصل احتجاجاتنا لحين الإفراج عن أبنائنا“. وفي كلمة وجهها إلى الحشود التي قدر نشطاء عددها بما لا يقل عن 30 ألفا، تحدث أحمد والد الزفزافي عما تعرضت له منطقة الريف من مظالم وتهميش بعد الاستقلال، واستنكر ما وصفه بالحكم السياسي. وقال ”الريف يوحد المغرب في هذه المسيرة“. وقالت السلطات المغربية إن ما يتراوح بين ستة وثمانية آلاف محتج من أنصار حركة العدل والإحسان شاركوا في المسيرة. ولم تعط السلطات تقديرا إجماليا لعدد المحتجين. بحسب رويترز.

وبعد احتجاجات الريف، أقال الملك ثلاثة وزراء وعددا من المسؤولين الآخرين لعدم إحراز تقدم في خطة لتنمية الريف. ووصف أحمد الدغرني أحد مؤسسي الحركة الأمازيغية المسيرة بأنها ”استفتاء شعبي وحد بين مختلف الأطياف السياسية“ لدعم قضية الحرية. واضاف”النهج الأمني الذي تتبناه الدولة أخرج الاحتجاجات السلمية في الريف عن مسارها، مما أدى إلى مواجهات واعتقالات“. وقال عمر أمكاسو القيادي البارز بجماعة العدل والإحسان إن المسيرة تهدف للمطالبة ”بالإفراج الفوري عن النشطاء وتنمية المناطق المهمشة في المغرب“. وبعد الأحكام الصادرة قال محام يمثل الدولة إن العقوبات جاءت مخففة مشيرا إلى أن بعض المتهمين أدينوا بجرائم خطيرة من بينها الاعتداء على رجال الأمن.

عفو ملكي

من جانب اخر أصدر العاهل المغربي محمد السادس في وقت سابق عفوا عن 188 شخصا مرتبطين بـ"الحراك الشعبي" وصدرت بحقهم أحكام في حزيران/يونيو الماضي، حسبما أفاد مصدر في المجلس الوطني لحقوق الإنسان. وكان المجلس قد أشار في بادئ الأمر إلى أن العفو شمل 11 معتقلا من "حراك الريف" كانوا يقضون عقوبات تتراوح بين السجن سنتين إلى ثلاث سنوات في الدار البيضاء (غرب) بموجب أحكام صدرت بحقهم في نهاية حزيران/يونيو على خلفية الاحتجاجات التي شهدتها منطقة الريف بين أواخر عام 2016 ومنتصف 2017.

وشمل العفو أيضا أشخاصا حكم عليهم على خلفية التظاهرات التي هزت هذه المنطقة على مدى عدة أشهر وأصدرتها محاكم الحسيمة (شمال)، المدينة التي كانت مركز حركة الاحتجاج، والناظور (شمال) حسب معلومات وردت في الصحافة المغربية. وقال مسؤول في المجلس الوطني لحقوق الإنسان إن معتقلي "الحراك" الذين شملهم العفو سيفرج عنهم فورا وأن المجلس بدأ بالتنسيق مع السلطات المحلية في مختلف المدن لتحضير عودتهم إلى منازلهم.

وحكم القضاء المغربي في 26 حزيران/يونيو على قائد حركة الاحتجاج ناصر الزفزافي وثلاثة من رفاقه بالسجن لمدة 20 سنة بعدما دانهم بتهمة "المشاركة في مؤامرة تمسّ بأمن الدولة"، على خلفية الاحتجاجات التي هزت مدينة الحسيمة ونواحيها (شمال) بين خريف 2016 وصيف 2017. كما أدين 49 متهما آخرين بالسجن بين عام و15 عاما. وحكم أيضا على الصحافي حميد المهداوي بالسجن ثلاث سنوات، بعد إدانته بعدم التبليغ عن جناية تمس أمن الدولة، على خلفية الحراك.

ولم يعرف العدد الإجمالي للأحكام المرتبطة بالـ"حراك"، لأن محاكم أخرى أصدرت عقوبات أيضا بحق أشخاص على علاقة "بالحراك" تصل إلى السجن 20 عاما بعد التظاهرات التي أدت إلى اعتقال أكثر من 400 شخص بحسب حركات الدفاع عن حقوق الإنسان. ولم يرد في قائمة العفو اسم ناصر الزفزافي قائد حركة الاحتجاج الذي كان قد حُكم عليه مع ثلاثة من رفاقه بالسجن 20 عاما لتهديدهم أمن الدولة، وكذلك اسم الصحافي حميد المهداوي الذي حكم بالسجن ثلاث سنوات لتغطيته الاحتجاجات.

وقد قدم كل معتقلي "الحراك" في الدار البيضاء دعاوى استئناف على الأحكام الصادرة بحقهم ومن المرتقب أن تعقد جلسة الاستئناف في تشرين الأول/أكتوبر. وتؤكد السلطات المغربية أن المحاكمة كانت عادلة وحضرها مراقبون حقوقيون وصحافيون مغاربة وأجانب. وهزت احتجاجات ما يعرف بـ"حراك الريف" مدينة الحسيمة ونواحيها (شمال) على مدى أشهر ما بين خريف 2016 وصيف 2017. وقد خرجت أولى التظاهرات في الحسيمة احتجاجا على حادث أودى بحياة بائع السمك محسن فكري، فطالبت بالإصلاحات وتحسين المستوى المعيشي والتنمية. بحسب فرانس برس.

وكان العاهل المغربي قد أصدر عفوا عن 522 شخصا بمناسبة عيد الشباب الذي يحتفل به في المغرب ويتزامن مع الذكرى الـ55 لميلاده. وبمناسبة الذكرى الخامسة والستين لثورة الملك والشعب أصدر عفوا عن 428 محكوما بينهم 22 سلفيا أدينوا في قضايا "التطرف والإرهاب"، لكنهم على استعداد للانضمام إلى برنامج "مصالحة" الذي يهدف إلى التأهيل الفكري لمعتقلين في قضايا إرهاب، وإعادة إدماجهم بالمجتمع.

اضف تعليق