q
هذه الحلقة هي مكملة لسلسلة حلقات ناقشت الوضع الاجتماعي في العراق خلال عام 2022 بموضوعات متعددة أهمها، أزمة الطلاق والعزوف عن الزواج وأزمة المثقف والثقافة وأزمة البطالة لدى الشباب وتصاعد حدة العنف المجتمعي. مازال العراق عالقاً في واقع الهشاشة، ويواجه حالة متزايدة من انعدام الاستقرار السياسي، والاضطرابات الاجتماعية...

عقد مركز الامام الشيرازي للدراسات والبحوث حلقته الحوارية الشهرية في ملتقى النبأ الاسبوعي تحت عنوان: (حالة الاصلاح الاجتماعي في العراق عام 2022.. وتحديات 2023)، بحضور عدد من الباحثين والمشاركين عبر المنصات الرقمية.

هذه الحلقة هي مكملة لسلسلة حلقات ناقشت الوضع الاجتماعي في العراق خلال عام 2022 بموضوعات متعددة أهمها، أزمة الطلاق والعزوف عن الزواج وأزمة المثقف والثقافة وأزمة البطالة لدى الشباب وتصاعد حدة العنف المجتمعي.

بعد مرور قرابة عقدين من الزمن على سقوط نظام صدام حسين عام 2003، بعد غزو خارجي بقيادة الولايات المتحدة الامريكية، مازال العراق عالقاً في واقع الهشاشة، ويواجه حالة متزايدة من انعدام الاستقرار السياسي، والاضطرابات الاجتماعية المتصاعدة، وفجوة متزايدة العمق ما بين الدولة والمواطن. واجه العراق عدد كبير من الأزمات والتحديات على جميع الأصعدة، الأمنية والسياسية والاجتماعية وحرب مفتوحة مع الإرهاب، وإستباحة غير مسبوقة لسيادته من قبل دول الجوار والغرب، يضاف اليها تراكم تأثيرات السياسات الاقتصادية الضعيفة، وغياب الاصلاحات، والعجز عن معالجة الفساد.

يعدّ الإصلاح الاجتماعي من الموضوعات الهامة، فهو يعني التغيير للأفضل، وتحقيق التقدم وتحديث المجتمع، وينبع هذا التغيير من احتياجات الناس، إذ يشير الإصلاح الاجتماعي إلى الحركة العامة، التي تحاول القضاء على المساوئ التي تنشأ من خلال وظائف النسق الاجتماعي أو أي جانب منه.

ويهدف الإصلاح الاجتماعي إلى تذويب الفوارق بين الطبقات، وتحقيق التكافؤ في الفرص، والمساواة أمام القانون، والعدالة في توزيع الانفاق العام، واشتراك جميع أفراد المجتمع في المسؤولية والتمتع بالحريات السياسية وغيرها، إذ يرتبط الإصلاح الاجتماعي بإجراء تصحيح في كيان الدستور والقوانين النافذة والأعراف الاجتماعية السائدة كلياً أو جزئياً، وقد يمتد مبدأ التعديل كآلية من آليات الإصلاح إلى كافة المجالات.

تسعى الأنظمة الديمقراطية والساعية إليها دوماً إلى تنقية دساتيرها وقوانينها من الشوائب والثغرات التي قد تلحق بها لسبب أو لآخر، وبما يكفل توائمها بصورة مستمرة مع التطورات والمستجدات على الساحة الدولية بوجه عام، والوطنية بوجه خاص، وتلجأ هذه الأنظمة إلى آليات الإصلاح المناسبة لكل متطلبات الإصلاح.

وإذا كانت الدولة هي التي تسعى لإصلاح النظام الاجتماعي فيجب أن يساند سعيها رغبة مواطنيها في الإصلاح وذلك بتخطيط استراتيجية شاملة الإصلاح لجميع القطاعات مثل الصناعة والزراعة والتجارة والصحة والتعليم وتشجيع الاستثمار، ويكون الإصلاح الاجتماعي في ظل النظام العالمي الجديد، فليس أمامها سوى ترسيخ المبادئ الاجتماعية لسائر طبقات المجتمع.

الإصلاح الاجتماعي يجب أن يكون من أولى أولويات عمل الحكومة العراقية خلال عام 2023 وما بعده ويجب ان تمتلك رؤيتها ومشروعها الخاص، لا الاعتماد فقط على المبادرات الفردية أو المجموعات المتباعدة من هنا وهناك، وأن تعلن عن برنامجها الاصلاحي ويكون واضحاً للجميع، وقابلا للتطبيق على ارض الواقع.

على الرغم من ان الثروة النفطية قد سمحت للعراق ببلوغ تصنيف البلدان المتوسطة الأعلى للدخل، إلا ان مؤسساته الاجتماعية والاقتصادية تشبه الى حد كبير الدول الفقيرة منخفضة الدخل، فبعد أن كان على سبيل المثال التعليم في العراق من أفضل الأنظمة التعليمية في الشرق الأوسط وشمال افريقيا في سبعينيات القرن الماضي، فأننا نجده اليوم خارج قائمة التصنيف تارة أو قريباً من نهاية القائمة.

كما أن معدل العراق بالمشاركة في الاقتصاد منخفض جداً، والاعتماد بشكل شبه كلي على الاقتصاد الريعي من بيع النفط دون تنمية وتطوير القطاع الخاص وتحقيق مشاركة مجتمعية اكبر في الجوانب الاقتصادية، وهذا ما جعل العراق يحقق أعلى نسب البطالة ومعدلات الفقر في دول المنطقة في العقود الثلاث الأخيرة، وبدون تحقيق إصلاحات جذرية في هذه القطاعات سيواجه البلد صعوبة متزايدة في بلوغ نمو مستدام والحفاظ على مستوى المعيشة فيه.

اكدت الدراسات السابقة للبنك الدولي عن العراق عام 2006 و2012 وما تلاها عن تضييع العراق فرص كبرى للإصلاح على الرغم من وجود التحليلات التشخيصية الدقيقة للمشاكل الاقتصادية والاجتماعية في البلاد، وهذا يعكس الواقع الفعلي الذي نعيشه بعدم وجود إرادة حقيقية للدولة العراقية للإصلاح على جميع الأصعدة حتى اللحظة إلا ما ندر في مواضع محددة فرضتها اللحظات الحرجة كاحتلال تنظيم داعش لمساحات شاسعة من البلاد عام 2014، أو الاستجابة لبعض المطالب الشعبية نتيجة الاحتجاجات الواسعة للعراقيين في تشرين الأول 2019 وما تلاها من تغييرات سياسية واجتماعية.

تشير اغلب المذكرات الصادرة عن البنك الدولي، الى انه من أجل تحسين مستويات المعيشة والأوضاع الاجتماعية، يتعين على العراق الانتقال من مرحلة الصراع الى مرحلة إعادة التأهيل، ومن هيمنة الدولة الى التوجه الى اقتصاد السوق ومن الاعتماد على النفط الى التنويع في الاقتصاد، ومن العزلة الدولية الى التكامل مع الدول الإقليمية والعالم، وتوفير فرص العمل واحتواء الطاقة البشرية الشبابية الكبيرة في العراق بالقطاع الخاص وحماية شريحة الفقراء التي تقدر بـ 25% من الشعب العراقي من خلال شبكات حماية اجتماعية حقيقية وقوية.

تُقدر أعداد الفقراء في البلاد بنحو 11 مليونا من بين 42 مليونا هم عدد سكان العراق.

وتفيد البيانات الرسمية بأن قرابة 3 ملايين عراقي يتلقون منحا مالية شهرية من الحكومة. وهم من أصل 9 ملايين يستحقون المساعدة ولا تستطيع الحكومة تقديمها لجميعهم بسبب ضعف المخصصات وعدم إقرار الموازنة العامة.

بالرغم عن التلكؤ وعدم الاستجابة لهذه التوصيات ألا ان الفرص لا زالت قائمة لتغيير النهج العام للدولة العراقية نحو الإصلاحات على جميع القطاعات، وهناك من الدراسات والتحليلات التشخيصية الدقيقة للمشكلات في العراق الكثير وهذا يعتبر التحدي الأكبر في عام 2023 وما بعده.

الخلاف بين مؤسسات الدولة والمجتمع والصدع الكبير

أخفق العقد الاجتماعي بين النخب الحاكمة والشعب في العراق في تلبية المطالب الاجتماعية، مما أدى إلى تأجيج الاستياء. وأدى التشتت السياسي المتزايد في البلاد إلى رفع حدة هذا الصراع على السلطة وحرص النخب على الحفاظ على الوضع الراهن مما وسع من الهوة بين النخب الحاكمة ودوائرها الانتخابية. وكمحصلة لذلك، تراكمت المظالم وبخاصة بين الشباب العراقي، وانتشرت الاضطرابات الاجتماعية، وبلغت ذروتها في إحتجاجات تشرين 2019، واشتملت مطالب المحتجين على التغيير الشامل وتحسين الخدمات العامة، مثل التعليم وتوفير الكهرباء والماء، والوظائف، وهذا ما سعت الحكومة العراقية حتى الآن الى الاستجابة له بشكل رئيسي من خلال توسيع فرص العمل في القطاع العام. ولكن مع تذبذب عائدات النفط وزيادة عدد السكان في العراق فان هذا النموذج وما يترتب عليه من توسع لاحق في فاتورة أجور الدولة، لم يعد مستداما.

تشير التركيبة السكانية السريعة التغير في العراق إلى أن التوازن السياسي للبلاد سيصبح أكثر هشاشة في السنوات القادمة. إذ يبلغ معدل بطالة الشباب في العراق 36 في المائة، وهي مشكلة خطيرة إذا ما أخذنا بنظر الاعتبار أن الشباب في التركيبة السكانية للعراق يشكلون واحدة من أعلى النسب في العالم.

يتعين على العراق تعزيز مؤسسات المساءلة الحالية لكي تكون قادرة على الاستجابة بفاعلية للمخاوف الشعبية حول الفساد. ويتوجب على هذه المؤسسات التركيز على التخفيف من مخاطر الفساد وتعزيز أداء الحكومة. وينبغي عليها أن تسعى إلى تحسين تجارب المواطن الفعلية مع الفساد والروتين والتعسف وإساءة استخدام السلطة وسواها من المشاكل عند الاستفادة من الخدمات العامة والتفاعل مع المسؤولين الحكوميين.

فالفساد والمضايقات البيروقراطية تلحق ضررا كبيراً بالمواطن ويمكن التصدي له من خلال أتمتة الخدمات مثل تقديم الخدمات الإلكترونية وآليات معالجة المظالم عبر الانترنت. ويمكن كذلك تحسين التصورات العامة عن الفساد من خلال إجراءات تؤكد استعداد القادة السياسيين لإصلاح الضرر، مثل الكشف العلني عن الاصول والدخل والافصاح عن الذمة المالية للمسؤولين الحكوميين. كما يستطيع العراق أن يعزز مشاركة المواطن والمساءلة الحكومية في تقديم الخدمات والبنى التحتية لأهميتها للمواطن.

يمكن للدولة أن تدرك أن طريقة تقديم الخدمات ومدى عدالتها أمر له أهميته فيما يتعلق على الأقل بشرعية الدولة. إن إعطاء الاولوية للاستثمارات التي تم تحديدها كأولويات عليا للمواطن وتضمينها آليات تدعم المساءلة والمشاركة ومعالجة المظالم يمكن أن يساعد في تحسين العلاقة بين المواطن والدولة.

مع كل أزمة تظهر فرصة للإصلاح. ولكن طريق العراق نحو الاصلاح صعباً وغير مؤكد.

لذلك يجب البدء بإجراء تحوُّل اقتصادي هادف، مصحوبًا بسياسة مالية، متأنية ومنضبطة، تهدف إلى بناء هوامش احتياطيات مالية وقائية، وخفض درجة الاعتماد على النفط، وإعادة توجيه مسار الإنفاق نحو الاستثمارات ذات الأولوية وتلبية الاحتياجات الاجتماعية. كما أن توخّي الدّقة في ضبط ومواءمة موازنة 2023 مع هذا التحوُّل يُعتبر خطوةً حاسمة في المحافظة على المكاسب التي تتحقق جرَّاء الجهود التي بُذلت في الآونة الأخيرة على صعيد السياسات. وإلى جانب ذلك، ستكون الإصلاحات الهيكلية الحاسمة توجُّهًا بالغ الأهمية نحو تحسين الظروف الاجتماعية والاقتصادية، وتعزِّز تطوير القطاع الخاص باعتباره المُحرّك الرئيسي للنمو والتشغيل.

وسائل الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي

فاقمت المؤسسات الإعلامية في العراق وهي الأكثر من بين دول المنطقة المشاكل الاجتماعية والسياسية، في العراق حاليا تبث 57 قناة تلفزيونية عراقية مرخصة، إضافة إلى 152 وسيلة إذاعية، وأكثر من 60 مكتبا خارجيا لقنوات موجهة إلى العراق، بحسب هيئة الاعلام والاتصالات، وتنقسم بين مملوك للأحزاب، أو رجال أعمال.

ملكية تلك القنوات ومصادر تمويلها، إضافة إلى انعدام الرقابة، فرضت واقعا إعلاميا في العراق يفتقر للمساحة الوسطية، وهو ما وضعها إما في خانة إيران وما يعرف بمحور "المقاومة"، وإما في جانب الإعلام الغربي والعربي وهو غالبا الإعلام العائد إلى الجهات السنية، وهو ما أثر على مستوى انعدام الخطاب الوطني وتكريس الطائفية، والانشغال بالمصالح السياسية.

بالمقابل، تخفي الوسائل الإعلامية مصادر تمويلها وتعرّف نفسها بأنها ربحية، لكن مصدر صحفي طلب عدم الإفصاح عن اسمه لدواع أمنية وفي تصريح لموقع الجزيرة نت، قال إن "القنوات في العراق وحتى التي تعود ملكيتها إلى مستثمرين، تمول من خلال المال السياسي والكسب غير المشروع الذي تديره المليشيات المسلحة".

وشرح الصحفي ذلك بالقول، إن "الإعلام في العراق ينقسم إلى سني وشيعي، يمول من قبل الأحزاب السياسية من خلال الوزارات والهيئات التي تتاح لها نظرا لطبيعة النظام السياسي الذي يعتمد المحاصصة وفق الاستحقاقات الانتخابية والتفاهمات، فضلا عن ما تحصل عليه من دعم خارجي".

كما تمارس معظم القنوات الإعلامية خطاب خادش للحياء ومروّج لشخصيات تتعمد نشر التفاهة والانحلال ساهمت مواقع التواصل الاجتماعي بانتشارها لتحقيق أعلى نسب للمشاهدة دون الاكتراث لرسالة الاعلام الإيجابية بدعم القضايا الهامة والاساسية للشعب العراقي، كما أن انعكاسات ذلك نراها كبيرة ومؤثرة من ازدياد حالات العنف والتحرش وحوادث الاغتصاب وادمان المخدرات والمشاكل الاسرية وازدياد حالات الطلاق بشكل واضح وخطير.

آثار عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي

المجتمع العراقي اصبح أشد ضعفاً وتفككاً بسبب ما يعانيه من انقسامات بنيوية، وبسبب ارتفاع معدلات الفقر واعداد العاطلين ومنتظري الإعانات، وما يعانيه العراق من عدم استقرار سياسي وصل في بعض الاحيان الى انسداد سياسي تام، انتقل ذلك الى الأوساط المجتمعية وعزز الانقسام والضعف، والمعطيات والواقع يشير الى ان المجتمع هو امتداد للمؤسسة السياسية والعكس صحيح.

إن الحروب المتتالية التي شهدتها البلاد منذ 4 عقود تسببت في ارتفاع الفقر. كما أن منظومة إدارة الحكم لم تتمكن حتى الآن من مراجعة آثار تلك الحروب ومعالجتها، وهو ما أدى إلى نتائج سلبية على المجتمع منها العنف وانتشار المخدرات والتراجع الأمني والاقتصادي.

ارتفاع نسبة الفقر في المجتمع العراقي واتساع آفة الفساد والجريمة المنظمة والمخدرات، "إذ يتم استغلال الفئات الهشة والفقيرة في ترويجها"، لذا هناك ضرورة ملّحة بفرض القانون واعتماد السياسات التنموية ضمن برامج كبيرة وواقعية توفر الحياة الكريمة للعراقيين تستهدف بالدرجة الأولى الفئات الفقيرة والمسحوقة.

غياب مبدأ المواطنة والهوية غير الواضحة للفرد العراقي وتفضيل الهويات والانتماءات الفرعية (دين – مذهب – قومية – عشيرة..) على الهوية الوطنية العراقية الجامعة هو من أبرز سمات المجتمع العراقي في العقدين الأخيرين، واستطاعت المؤسسة السياسية التحكم بهذه الجزئية في كثير من الأحيان مقابل اضعاف مؤسسات الدولة وخلق البديل لها ضمن نظام المحاصصة السياسية واضعاف سيادة القانون.

وتمتلك الأحزاب السياسية هيئات اقتصادية تقوم بالسيطرة على المشاريع في الوزارات التابعة لها وإحالتها لرجال أعمال تابعين لهم، مما أضاع على العراق أكثر من 190 مليار دولار منذ العام 2003 وحتى الآن، عبر المشاريع التي لم تنجز بلغت 7055 مشروعا، يبقى هذا هو التحدي الأعظم أمام أي حكومة عراقية ترفع راية مكافحة الفساد.

توصيات:

المرجعية الدينية ودورها في حالة الإصلاح الاجتماعي، حيث ينتظر منها دور أكبر واكثر فاعلية في مواجهة التحديات باعتبارها الاب الروحي للمجتمع.

السلطة التشريعية ودورها في حالة مواجهة المخاطر من خلال دعم التشريعات.

ولفتح باب المداخلات والحوار تم طرح السؤالين الآتيين:

س1/ ما هي المعوقات التي أدت الى عرقلة سير الإصلاح الاجتماعي في 2022؟

س2/ ما هي المخاطر التي يمكن ان تواجه المجتمع العراقي، وكيف يمكن استثمار الفرص في سنة 2023؟

المداخلات:

الشيخ مرتضى معاش، باحث في الفكر الإسلامي المعاصر:

الإصلاح هو في جدلية مستمرة مع الفساد، فهناك عملية تدافع بين الإصلاح والفساد، واذا ما استطاع الإصلاح ان يدفع الفساد ويحجم من دوره سيكون له قدرة على التغيير وتحقيق التقدم الاجتماعي، ولكن الفساد في كثير من الأحيان هو الاقدر على تحجيم الإصلاح نتيجة الاستقالة الاجتماعية، فالإصلاح هو حقيقة اجتماعية وليس قضية سياسية او اقتصادية بل هي مبادرة مجتمعية تعبر عن روح المجتمع وحقيقته وقدرته على تحسين وتغيير نفسه، والحكومة هي مجرد رافعة تساعد المجتمع، ولكنها في نفس الوقت قد تقوض كل الإصلاح الاجتماعي وتؤدي الى تحطيم الحركة الاجتماعية.

من اهم الأمور التي لاحظناها في عام 2022 هي استمرار وتكرس قضية مركزية الدولة، هذه المركزية من اهم العوامل التي أدت الى تقويض الإصلاح الاجتماعي في المدن وفي القرى وفي كافة المناطق، فالنظام المركزي يؤدي الى تكريس نظام الوصاية من قبل النخب الحاكمة والسلطوية وايضاً من قبل اقطاعيات هي ريعية تؤدي الى ان يكون المجتمع مجرد خاضع ومستسلم لهذه النخب، وبالنتيجة تؤدي الى غياب المبادرة الاجتماعية.

فالمركزية مترسخة في أساس الدولة العراقية، وتؤدي الى تكريس الفساد بقوة، والمشكلة الأساسية عند الحكومات الأمنية والعقائد السياسية المتصلبة دائما ترى في المركزية هي الحل وتخاف ان تفلت منها الأمور وتقع بيد الشعب وهو وهم كبير تعيشه النخب السلطوية. مع ان اللامركزية قد تكون من اهم المتغيرات التي قد تعيد تشكيل معادلة الإصلاح المجتمعي مقابل الفساد.

لكن المجتمع العراقي والطاقة الكامنة في داخلها قوية جداً وهي يمكن ان تجرف أي نظام استبدادي ولكن هذه المركزية التي هي ارث لمئات السنين لا زالت تقمع حركة المجتمع وتجعله غير قادر على حركة الإصلاح.

والمتغيرات الأخرى التي لاحظناها هو الخضوع المجتمعي واليأس المجتمعي للواقع السياسي الموجود وبالنتيجة استسلم الشعب لهذا الامر وضاع في هذه المعمعة.

كذلك أدى هذا الامر الى الانفتاح المنفلت للمجتمع على كافة الأمور، من خلال الانفتاح الاستهلاكي والثقافي والقيمي والاخلاقي بحيث تم وضع الحسن والقبيح في سلة واحدة ويعتبر البعض ان هذا الانفتاح المنفلت هو الحل لمشكلته وأزماته، وهذا احد الأوهام التي يعيشها بعض فئات المجتمع، وهذا الانفتاح المنفلت أدى الى زعزعة القيم البنيوية التي تعتبر الحصن المنيع لتماسك المجتمع، وبالنتيجة الدخول في دائرة الضياع القيمي والاستسلام للتفكيك الحداثوي الذي تمر به كافة المجتمعات العالمية بسبب الاعصار التكنولوجي والاستهلاكي.

ومن نتائج ذلك بروز ظاهرة الاكتئاب المجتمعي العام الذي أدى الى طغيان الاستهلاك السلعي وإنتاج امراض جسدية ونفسية خطيرة نتيجة لهوس التسلّع المادي والمعلوماتي. بالإضافة الى تزايد حالة الانعزال الاجتماعي وطغيان السلوك الفردي على حساب الحالة الاجتماعية وكراهية الانسان والفرد لقضية التعاون مع الآخرين وتكرس سلوكيات غياب الاحترام الذي نلاحظه في الشارع والمجتمعات، وغياب حالة التطور الاجتماعي الايجابي مع صعود التطور المادي والتكنلوجي والانغماس في شبكات التواصل الرقمية وتهميش الحركة الاجتماعية الفاعلة على ارض الواقع.

اما المخاطر في سنة 2022 فتتمثل في غياب الحلول في مسألة البطالة المستمرة في ظل المركزية التي تمنع القطاع الخاص من الاستثمار والمساهمة في حل مشكلة البطالة، هذه الازمة تؤدي الى تزايد حالة العزوف عن الزواج وتزايد حالات الطلاق والعنوسة، وهذه الظواهر لها اثار كبيرة في تزعزع الحالة النفسية والتفكك الاجتماعي. كما انها قد تتسبب في تزعزع النمو الديموغرافي والسكاني على المدى البعيد".

الدكتور قحطان حسين طاهر، باحث في مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية:

الإصلاح الاجتماعي في العراق مرتبط بمجالات أخرى مثل الإصلاح السياسي والاقتصادي والقانوني وبالتالي لا يمكن فك هذه الجزئية عن عموم الأوضاع السائدة بالبلد، وبخصوص الإصلاح الاجتماعي فإن أي برنامج يتم تبنيه ويضع امامه هدف اصلاح اجتماعي حقيقي يجب ان لا يتضمن شعارات فقط وانما يجب ان يستند الى رؤيا واضحة وهذه الرؤيا تترجم الى برنامج طموح والبرنامج يجب ان يكون موضوع بشكل مهني وعلمي ومدروس يتضمن الوسائل والاليات والاهداف، ولحد هذه اللحظة لم نرى برنامج إصلاحي بهذا المعنى يتضمن كل هذه التفاصيل، وما طرح من برامج إصلاحية هي مجرد شعارات ليس الا وتطرح في وسائل الاعلام ولكن على ارض الواقع لانجد لها وجود وبالتالي غابت عن الساحة العراقية البرامج الإصلاحية، وان اصلاح المجتمع يستند على تحسين أوضاع الفرد على مستوى السياسة والتعليم والاقتصاد وكذلك على مستوى ضبط السلوك وهذه هي أدوات الإصلاح الاجتماعي وبالتأكيد ان هذه الالية اذا ما تمت واذا ما تحققت سوف تنعكس ايجابياً على أوضاع المجتمع العراقي بشكل عام تؤدي بالنتيجة الى اثار إيجابية على السلوك الاجتماعي العام، وبداية الإصلاح من خلال بلورة إرادة سياسية من خلال السلطة والسلطة هي التي يعول عليها تحقيق الإصلاح الاجتماعي لأنها تمتلك الوسائل والأدوات الناجحة التي تمكنها من تحقيق الاصلاح، وماعدا السلطة كل المساعي والمبادرات التي تتبنى الإصلاح الاجتماعي سوف لن تنجح النجاح المطلوب بالتنسيق مع هذه الوحدات الاجتماعية والسلطة لان السلطة هي التي تمتلك المؤهلات، وان اول البرامج التي يجب التركيز عليها في حال تحقيق الإصلاح الاجتماعي هو الفقر وهو الافة التي تعتبر المدخل والباب لانحرافات السلوك الاجتماعي لانه يولد الاجرام وتدني في مستوى الاخلاق ويولد سلوكيات غريبة تلحق ضرر فادح بالقيم والعادات والتقاليد فمعالجة الفقر هي يجب ان تتم وفق برنامج ممنهج قابل للتطبيق وفق رؤيا معدة مسبقة من مختصين.

اما الامر الثاني فهو مكافحة الجريمة واذا ما انتشرت في مجتمع سوف يتحول هذا المجتمع الى شريعة الغاب، القوي هو الذي يسيطر على الضعيف والضعيف هو الذي يكون الخاسر الأكبر، وثالثاً هو تحسين مستوى التعليم وهذا المهم لان الانسان الجاهل سوف يكون انسان طالح في المجتمع ولا يصدر منه سوى الشيء النزير من السلوك القويم، ايضاً من الأمور التي يجب ان تكون في هذا البرنامج وهو تنظيم الاسرة والملاحظ غياب هذه الرؤيا عن مؤسسات الدولة وصحيح هناك اهتمام بشرائح لكن هذا الاهتمام غير كافي ولا يلبي الطموح، وكذلك معالجة السلوكيات والأعراف العشائرية الخاطئة وهذه السلوكيات التي أصبحت مصدر خطير لتهديد السلم الأهلي بل حتى سلم الدولة بشكل عام وأصبحت تنافس سلطة الدولة في مناطق معينة".

الدكتور منير الدعمي، نقيب الأكاديميين في كربلاء:

"عندما تشكلت العملية السياسية بعد 2003 ارتكزت على عدم تكافؤ الفرص ولاحظنا ان كل الفرص تعطى على اساسات سياسية وامور أخرى لم تكن بالحسبان، لذلك ان هذا الغبن الذي شعر به المواطن والفرد بالذات الفرد الذي لديه إمكانيات وعنده قدرات ولكن لاتسنح له الفرصة، وادى الى الكثير من المشاكل والتي أصبحت مشاكل مزمنة حتى وصلت الى خروج الخريجين والاوائل بمظاهرات وأصبحت الحقوق لا تعطى عن طريق التكافؤ بل عن طريق القوة، وان من أسباب عدم التكافؤ الاجتماعي هي عدم رؤية الدولة والدولة ليس لديها رغبة في الإصلاح وبنيت من 2003 على أساس بناء سلطة وليس على أساس بناء دولة وهذه هي المشكلة الأساسية، وكل مجموعة كانت تأتي من اجل بناء سلطة وتبحث عن الوسائل الأقرب لبقائها وحتى التعيينات التي تحدث في العراق هي تعيينات سياسية لامتصاص حالة الغضب الجماهيري وهي حمل للدولة لان التعيينات الكثيرة تستنزف الموازنة بشكل كبير لانها غير مدروسة وليس هناك أي شيء في العالم كلها متبنيات مثل هذه التي تحدث في العراق لذلك ليس لدينا اصلاح اجتماعي في الحقيقة، وفي العراق بدل ان نصلح بدأت تظهر لدينا المشاكل وواحدة من هذه المشاكل هي المخدرات ولم يكن المجتمع العراقي يعرف المخدرات نتيجة للخلل الاجتماعي والديني والسياسي وكذلك نتيجة لخلل المنظومة التربوية والتسرب من المدارس، والمشكلة الثانية التي واجهتنا هي مشكلة تغير المناخ التي اثرت تأثيرا سلبيا على سلوك الافراد لذلك حدثت هجرة جماعية ونقلوا معهم عاداتهم وثقافاتهم وتقاليدهم وتحركت هذه المجتمعات وهذا سبب مشكلة داخل هذا الصراع الاجتماعي وهذه ستكون مشاكل كبرى سوف نواجهها بالمستقبل المنظور".

الدكتور حميد الهلالي:

كل المنظومات السياسية والاجتماعية والاقتصادية تعتمد على المنظومة الاجتماعية، والاشكال الأساسي الذي استندت عليه العملية السياسية بعد 2003 هو عدم تكافؤ الفرص، فالفرص كانت تعطى حسب سياقات سياسية، لذلك الغبن الذي شعر به المواطن خصوصا الكفاءات الذين لم يحصلوا على فرصة أدى الى إيجاد مشاكل مزمنة واندلاع الاحتجاجات العارمة خصوصا التي قام بها الخريجون، فأصبحت الفرص لاتعطى عن طريق التكافؤ بل عن طريق القوة، فلم يكن هناك حقوق مضمونة، والاهم من ذلك في موضوع الإصلاح الاجتماعي هو غياب رؤية الدولة التي بنيت على رؤية مشروع سلطة، فكانت القوى السياسية الباحثة عن السلطة تستغل التعيينات سياسيا من اجل تقوية حضورها الانتخابي وكذلك استيعاب غضب الجمهور فتحولت التعيينات غير المدروسة الى عبء كبير على موازنة الدولة. ومع غياب الإصلاح تولدت أزمات جديدة مثل المخدرات نتيجة للخلل التربوي والاجتماعي والتعليمي الذي أصبح يخرّج الينا أشخاصا غير مؤهلين. والمشكلة الأخرى هي ازمة تغير المناخ التي اخذت تؤثر على سلوك الافراد حيث تحصل هجرات جماعية تنتج مشكلات اجتماعية. وكل اصلاح يبدأ من اصلاح القانون، فاذا لم يحترم القانون غابت هيبة الدولة تحت سيطرة العشيرة.

لذلك نحن نحتاج في عام 2023 الى حلول بعيدة المدى وليس حلول وقتية عبر استشراف المستقبل من خلال خطة خمسية او خطط بعيدة المدى.

المحامي صلاح الجشعمي، باحث قانوني في مؤسسة مصباح الحسين:

"ان الإصلاح الاجتماعي يعني زراعة القيم والمبادئ لدى الافراد وهو كذلك بناء العلاقات بين افراد المجتمع، وان التحديات الإصلاحية في عام 2022 في العراق هي فقدان الرؤيا ولا يوجد لدى السلطة او الدولة رؤيا محددة لهذه المخاطر، وكذلك فقدان الخطة الستراتيجية لعملية الإصلاح الاجتماعي لدى الفاعل المهم وهو الدولة ووجود خطط استراتيجية لدى فاعلين اخرين مثل المؤسسات الدينية او مؤسسات المجتمع المدني التي لديها رؤيا وخطط في عملية الإصلاح الاجتماعي، وان المعوقات التي تواجه الإصلاح الاجتماعي اهمها هي المعوقات اقتصادية كونها تخلق علاقات بين افراد المجتمع العراقي، وان مشكلة العراق هو الاقتصاد الريعي والاقتصاد الريعي يجعل المجتمعات مغلقة وهو طامة كبرى وحبل متين ومعوق مهم في عملية الإصلاح الاجتماعي، وان المخاطر المستقبلية تتمحور في ان 40% من سكان العراق حسب وزارة التخطيط تتراوح أعمارهم من 16 الى 18 سنة فهذا رقم مرعب وان هؤلاء مبادئهم وثقافتهم مستوحاة من التواصل الاجتماعي وهذه من المخاطر المستقبلية القادمة".

"ان مفردة الإصلاح دائما مرتبطة بمفردة البناء والتقويم وكل شيء معطل او مهدوم تأتي عليه مفردة الإصلاح لبنائه، وعبر عن هذا الامر الامام الحسين (عليه السلام) بقوله " اني لم اخرج اشرا ولا بطرا ولا ظالما ولا مفسدا انما خرجت لطلب الإصلاح في امة جدي"، والإصلاح هو اصلاح المجتمع لان البناء المجتمعي انهدم في تلك الفترة، وان البناء المجتمعي هو الأساس ولكن في عام 2022 شاهدنا الأداء السياسي تنطبق عليه الاية الكريمة "وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الأرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ"، وان فساد المجتمع وهدم قيمه يقع على عاتق كل هؤلاء الذين يعتبرون نفسهم مصلحين، وان ضمن العوامل التي اثرت على هدم المجتمع هي عامل الفقر والمخدرات والبطالة وأزمة السكن والامية وقلة الخدمات وغيرها وهي بالتالي اثرت في قيم المجتمع والإصلاح المجتمعي".

الباحث عدنان الصالحي، مدير مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية:

"ليس هناك مشروع إصلاحي اجتماعي واضح في العراق من قبل الحكومة، وهناك مشاريع بسيطة جغرافية محددة بمناطق يتبناها اشخاص، وهناك شروط لقضية الإصلاح هو شخصية العامل فيه ومشروعه، والمشروع يجب ان تكون أهدافه لا تمت للظلم والفساد او الطغيان، وشخصية الشخص يجب ان تكون حقيقة في تجسيد الواقع عندما يطلب الإصلاح، وان اكثر مشكلة تواجه المجتمع العراقي هي غياب العدالة والمواطن العراقي يشعر بالظلم في وظيفته وفي التقاضي والسياسة وحتى داخل الاسرة، وهناك ديكتاتوريات مستشرية في القضاء، اذن هناك غياب للعدالة الاجتماعية في كل مفاصلها في العراق وفي السياسة في اجل وضوحها، ونحتاج في العراق لتصدي كل الجهات لموضوع الإصلاح ولكن عندما تكون في ذاتها عادلة".

الباحث حامد الجبوري، باحث في مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية:

"يجب معالجة الأسباب التي أدت الى ظهور الاعراض في المجتمع، ونحن لا نذهب الى الأسباب الحقيقية التي تكون خارج المشاكل، وان السبب الرئيسي والعامل الرئيسي يتعلق بالعامل الديني وان قضية سقوط الموصل ليست ببعيدة واثبت العامل الديني دوره في ذلك بجدارة لكنه للأسف جاء من الحلقة الأخيرة ولم يبدأ من البداية وكان من الأولى حل المشكلة من البداية، لذلك أتصور ان العامل الديني هو السبب الرئيسي من المشاكل الاجتماعية التي يعاني منها العراق".

الدكتور حسين السرحان، باحث في مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية:

"هناك مساحة مشتركة بين النظام السياسي والنظام الاقتصادي والنظام الاجتماعي، وهذه الثلاث أنظمة تؤثر وتتأثر من خلالها وهذه المساحة المشتركة تتضمن العدالة والانصاف والمساواة والتمكين سيادة القانون وتكافؤ الفرص والشفافية وديمقراطية الحكم، وان هذه العناصر بالمراحل المشتركة تؤثر على النظام السياسي وتجعل كل منهما يؤثر في الاخر لذلك يجب ان نفهم النظام الاجتماعي ان مكانه واهميته يؤثر ويتأثر بالنظام السياسي كذلك في النظام الاقتصادي وهي من بديهيات النظام الاجتماعي السياسي، وهذا النظام الاجتماعي كالنظام الاقتصادي والسياسي فيه فواعل ومستجدات وكذلك فيه متغيرات وقوى مؤثرة، وعادة الإصلاح ينتج لان توازنات القوى الاجتماعية بالداخل والأطراف المؤثرة بالنظام الاجتماعي هي المهمة لاستقرار المجتمع لان هدف النظام السياسي وهدف النظام الاقتصادي وهدف النظام الاجتماعي هو الوصول لرفاهية الفرد، وان رفاهية الفرد لا تتحقق الا من خلال العامل الأول والاساسي بعد العوامل والحاجات الفسجلية هو حاجة الامن وان الامن لا يتحقق الا بتحقيق الامن المجتمعي والامن الأهلي، وللمحافظة على هذا الشيء يجب ضبط توازنات القوى الاجتماعية في الداخل، وهو هذا الهدف من الإصلاح هو ضبط حركة المؤثرين او الفاعلين باتجاه هدف أساسي هو ضمان الامن والسلم المجتمعي والأهلي، وان النظام الاجتماعي يستند على منظومة قيمية وان هذه المنظومة جزء منها منظومة أخلاقية ويستند على نظام تعليمي ويستند على سياسيات وإجراءات خاصة بالتنشئة السياسية والاجتماعية وهذه الإجراءات هي السياسية وان من يقوم بهذه الإجراءات هو النظام السياسي، لذلك ان القائم والمسؤول الأول عن الإصلاح المجتمعي هو النظام السياسي".

"الانسان بطبعه كائن اجتماعي، والانسان والمجتمع وحدة واحدة احدهما يكمل الاخر لا يمكن التفرقة بينهم، والإصلاح الاجتماعي ركيزة أساسية يرتكز عليها تنظيم المجتمعات وهو ما جاء به اكثر الديانات واكثر النظريات لكل علماء الاجتماع يقولون ان تنظيم المجتمعات يأتي من الإصلاح الاجتماعي، والمجتمع يكون ناجحاً اذا ما صلحت جميع مكوناته الاجتماعية والسياسية والاجتماعية، والإصلاح الاجتماعي يرتكز على مرتكزين الأول هو القاعدة او القواعد الإصلاحية للمجتمع، والثاني هو وجود القائد الإصلاحي لتطبيق هذه القوانين او القواعد، وعراق اليوم يعيش مخاض عسير ولا توجد فيه قوانين اجتماعية ولا توجد فيه قيادة اجتماعية لان النظام السياسي يعتبر قائد اجتماعي وليس بإمكانه خلق او تكوين قوانين اجتماعية لكي يطبقها يحتاج الى قائد اجتماعي بغض النظر سواء كان نظام او شخصية حتى ولو كانت مؤسسات، الامر الاخر غياب منظومة العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص بين أبناء المجتمع فهناك كثير من الطبقات تعيش حالة الرفاهية والترف وهناك طبقات مسحوقة مما ولد حالة صراع بين أبناء المجتمع الواحد، وان الإصلاح الاجتماعي لا يؤتي دفعة واحدة لأنه يأتي على شكل مراحل ومراتب وترتيبات".

الدكتور أسعد كاظم شبيب، باحث في مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية:

يوم بعد اخر تشهد البلدان العربية ومنها العراق تحديات كبيرة وتأثيرات جسيمة لتداعيات العولمة والتطور الحاصل في تكنولوجيا المعلومات ومن ذلك وسائط التواصل الاجتماعي خصوصا على المستوى الاجتماعي فبرزت في السنوات الأخيرة تحديات كبيرة على مختلف الشرائح الاجتماعية ومن ذلك تأثيرها على الاسر والعوائل العراقية حيث برزت نسب شاذة من حالات الطلاق على سبيل المثال وكذلك الإدمان على المخدرات وجرائم القتل، فعليه ان هذه الظواهر حتى مع عام2023 لا تزال تمثل تهديدا حقيقا للمجتمع من هنا نحتاج الى بلورة مشروع إصلاحي حقيقي على المستويات الاجتماعية يعالج هذه الظواهر، يكون متأصلا مع قيم المجتمع ومتطلعا الى معطيات الحداثة والتطور الحاصل في العالم، كما يحتاج أي مشروع إصلاحي للمجتمع ان يطالع الأسباب او البنى الأساسية للمجتمع وسد الثغرات الداعية الى ذلك ومنها مشاكل البطالة والتطرف والادمان على المخدرات وما الى ذلك.

الباحث حسن كاظم السباعي:

لا يمكن فصل الإصلاح الاجتماعي عن الإصلاح السياسي أو الاقتصادي، كما لا يمكن أيضا أن نسلب استقلاليته بزعم انه تابع للإصلاح السياسي أو الاقتصادي. فحينما نريد أن يكون المجتمع صالحا فلا بد من تهيئة الأرضية له من خلال المناخ السياسي والاقتصادي في نفس الوقت على المجتمع أن يكون مستعدا لتلقي هذا الإصلاح.

وعليه فإن المعوقات التي أدت إلى عرقلة سير الإصلاح الاجتماعي في العام المنصرم قد حصلت من جانبين؛ أزمة توفير المناخ السياسي أو المعيشي المناسب وكذلك أزمة الأهلية أو الكفاءة المطلوبة لدى المجتمع نفسه. على سبيل المثال؛ إن وجود بعض الجرائم أو حالات الارتشاء أو بعض المشاكل الأخلاقية أو ازدياد نسبة الطلاق أو ما أشبه لا يمكن نسبتها إلى أزمة في قوانين الدولة أو عدم تطبيق القانون أو الاستقرار الأمني والسياسي أو ظروف المعيشة فحسب، وإنما هنالك خلل في وجود وازع لدى الفرد والمجتمع حيث إن وجود هذا الوازع هو الذي يحول دون حدوث تلك المظاهر والحالات.

وعليه من أجل أن تكون السنة الجديدة سنة استثمار فرص؛ فإن من بين جميع الحلول يبدو أن التثقيف هو الطريقة الأكثر تأثيرا لمواجهة تلك الحالات، عن طريق إشاعة ثقافة تحمل المسؤولية والحثّ على إثارة الوازع الذاتي، ويمكن ذلك مثلا من خلال بناء المؤسسات الثقافية: الإعلامية أو التربوية أو التعليمية، واستخدام المنابر الإعلامية ومنصات الإعلان لتلقين المجتمع كيف ينتهج نهج الإصلاح ويتطبع بمكارم الأخلاق.

وكما يتأثر المجتمع بالدعايات التجارية فيتنافس للوصول إلى آخر التقنيات في عالم الالكترونيات والجوالات أو حتى الملبوسات والمأكولات، كذلك يمكنه أن يتنافس في تطبيق مناهج الإصلاح الاجتماعي في مختلف المجالات كالأسرة والأخلاق والإدارة.

* مركز الامام الشيرازي للدراسات والبحوث/2002–Ⓒ2023
http://shrsc.com

اضف تعليق