q
بين حين وآخر، تقع أسلحة دولة ما في قبضة دولة مواجهة لها. وإن استطاعت الأخيرة تهريب السلاح قبل تدميره من الجهة التي تمتلكه، ستكون قد حصلت على كنز بالغ القيمة. فالتقنية التي أنفق عليها الكثير من الاستثمارات والعمل والجهد لسنوات، أصبحت بين يدي طرف آخر يستطيع تفكيكها وإعادة صنعها وربما تطويرها...

تعتمد جميع المعدات العسكرية الحديثة على أشباه الموصلات في أدائها، مثل السفن، المدرّعات، منصّات إطلاق الصواريخ، الصواريخ، الطائرات المقاتلة، الطائرات بلا طيار... فعلى سبيل المثال، تحتوي منصّة إطلاق صاروخ «جافلن» على 250 شريحة إلكترونية. عملياً، كل المعدات تحوي شرائح إلكترونية ما عدا الرصاص.

لذا، فإن ضمان الحصول على الشرائح أمر بالغ الأهمية بالنسبة إلى القوى العسكرية الكبرى. وهذه العملية تستحوذ على أهمية استثنائية عند اندلاع الحروب ليصبح النموّ الاقتصادي محفّزاً بالنشاط الإنتاجي الحربي، لكن المشكلة أن الحروب قد تكون فرصة لاقتصادات أخرى عدوّة أو صديقة، تعمل على سرقة التكنولوجيا المتوافرة في التجهيزات العسكرية من أجل إعادة إنتاجها. وهذا الأمر مرتبط بمدى قابلية الشرائح الإلكترونية للنسخ والتقليد.

بين حين وآخر، تقع أسلحة دولة ما في قبضة دولة مواجهة لها. وإن استطاعت الأخيرة تهريب السلاح قبل تدميره من الجهة التي تمتلكه، ستكون قد حصلت على كنز بالغ القيمة. فالتقنية التي أنفق عليها الكثير من الاستثمارات والعمل والجهد لسنوات، أصبحت بين يدي طرف آخر يستطيع تفكيكها وإعادة صنعها وربما تطويرها. وتكثر الأمثال على ذلك، مثل اتهام الولايات المتحدة، الصين وإيران باستنساخ معدات عسكرية حساسة خاصة بها. لكن، وبمعزل عمن يسرق من، السؤال الأهم، كيف تُسرق التقنية؟ في عام 2021 قالت «وكالة مشاريع الأبحاث الدفاعية المتقدمة» التي يطلق عليها اسم «DARPA»، وهي وكالة بحث وتطوير تابعة لوزارة دفاع الولايات المتحدة، مسؤولة عن تطوير التقنيات الحديثة لاستخدامها من قبل الجيش الأميركي، إن غالبية معدات بلادها العسكرية تستخدم تصميم «FPGA» الإلكتروني (الذي بطبيعته يسمح بالوصول إلى برمجته)، وإنها توصلت إلى اتفاق مع «إنتل» الأميركية، يدعى مشروع «SAHARA» الرامي إلى تغيير تصميم الأجهزة الإلكترونية إلى نوع محسّن من تصميم «ASIC»، يدعى «Structured ASIC» (من شبه المستحيل الوصول إلى برمجيّته وتقليده) في غالبية المعدات العسكرية الأميركية المنتجة والتي لم تُصنع بعد، بالإضافة إلى صناعة كل الشرائح التي يحتاجها الجيش داخل البلاد.

«إنتل» هي الشركة المصنعة الوحيدة لأشباه الموصلات المتقدّمة داخل الولايات المتحدة. وبحسب مدير البرامج في مكتب تكنولوجيا النظم الدقيقة في «DARPA»، سيرج ليف، فإن مشروع «SAHARA» يهدف إلى إضافة عوامل أمان تمنع النسخ والتقليد. وستنشئ «إنتل» قدرات تصنيع محلية لـ«Structured ASIC» ضمن شرائح قياس 10 نانومترات الخاصة بهم. وبالتعاون مع جامعة «فلوريدا» و«تكساس إيه آند إم» وجامعة «ماريلاند»، ستطوّر «إنتل» تقنيات الإجراءات الأمنية المضادة التي تعزّز حماية البيانات والملكية الفكرية من الهندسة العكسية، أو التفكيك الصناعي. عملياً، إن نموذج «Structured ASIC» صُمم خصيصاً لمعالجة أوجه القصور في «FPGA». وبالإضافة إلى ميزة الأمان، تتطلب الأجهزة المصنوعة بهذا التصميم الجديد كمية طاقة أقل بكثير، وهذا يعني فترة عمل أطول للمعدات العسكرية في ساحات المعارك.

اضف تعليق