q
يبدو أن أزمة كورونا لن تحدث فقط تغييرا جذريا في الأوضاع الصحية والاقتصادية والسياسية للعالم، بل إنها تفسد ود العلاقات بين القوى العالمية الكبرى، إذ فجرت أزمة كورونا حربا وتهافتا غير مسبوقين بين دول غربية على استيراد الكمامات، وأجهزة التنفس الصناعي لمواجهة المرض، بل واتهمت دول دولا أخرى...

دفع تفشي فيروس كورونا بلدان العالم العاجزة عن إنتاج الأقنعة بنفسها بكميات كافية إلى البحث عن مليارات الأقنعة، متوجهة بصورة رئيسية إلى آسيا، وسقطت مع شدة المنافسة قواعد النزاهة التي يفترض أن تحكم المبادلات الاقتصادية العالمية.

فبين أمريكيين "يخطفون" شحنة من الأقنعة الواقية متجهة إلى فرنسا بالمزايدة على سعرها على مدرج مطار صيني، وفرنسيين أو تشيكيين "يستولون" على رزم من هذه المعدات الثمينة، يجري سباق لا يرحم للحصول على أقنعة في ظل اشتداد الكفاح على جميع الأصعدة لمنع تفشي وباء كورونا.

بعد الحديث عن عدم فائدة الأقنعة الواقية حين لا يكون من يضعها مصابا بفيروس كورونا المستجد، تغير الخطاب الرسمي في عدة دول هذا الأسبوع ما يمكن أن يثير التباسا لدى العموم، التحول الأبرز في الموقف جاء من الولايات المتحدة الجمعة بعدما أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن السلطات الصحية باتت تنصح الآن الأميركيين بوضع الأقنعة الواقية حين يخرجون من منازلهم.

منذ بدء انتشار الوباء، دأبت منظمة الصحة العالمية والعديد من الحكومات على القول إن الأقنعة يجب أن يستخدمها فقط المعالجون الطبيون والمرضى والأشخاص المحيطون بهم مباشرة، قائلين إنهم يستندون في هذا الرأي إلى معطيات علمية.

لكن بالنسبة إلى مؤيدي ارتداء القناع بشكل عام، فان هذا الخطاب كان يهدف بشكل خاص لتجنب أن يسارع الناس للاستحواذ على الأقنعة المخصصة للطواقم الطبية والممرضين والممرضات ما يؤدي الى تفاقم النقص القائم أساسا، ومن آسيا، حيث يستخدم القناع الواقي تقليديا، أثار التردد الغربي استغرابا.

مع تفشي فيروس كورونا المستجد حول العالم، باتت الكمامات الطبية واحدة من أكثر السلع أهمية لدى معظم الدول، لدرجة أن الحصول عليها أصبح بمثابة "حرب" بين كبرى العواصم، وتواجه الولايات المتحدة اتهامات بـ"القرصنة"، في أعقاب تحويلها وجهة شحنات من الكمامات كانت في طريقها إلى دول عدة، في وقت يتسابق به العالم لتأمين احتياجاته من المعدات الطبية لمواجهة تداعيات الوباء.

فكما يبدو أن أزمة وباء كورونا لن تحدث فقط تغييرا جذريا في الأوضاع الصحية والاقتصادية والسياسية للعالم، بل إنها تفسد ود العلاقات بين القوى العالمية الكبرى.

إذ فجرت أزمة كورونا "حربا" وتهافتا غير مسبوقين بين دول غربية على استيراد الكمامات، وأجهزة التنفس الصناعي لمواجهة المرض، بل واتهمت دول دولا أخرى بالاستيلاء على شحنات معدات طبية كانت موجهة إليها.

المفارقة أن أطراف هذه الحرب الجديدة لطالما تغنوا بتقديم المساعدات الإنسانية للدول الفقيرة والمنكوبة في أوقات الأزمات، واليوم بدأت هذه الدول تكشف عن وجهها القبيح وتنزع قناعها لتظهر على حقيقتها.

الولايات المتحدة تستولي على شحنة كمامات كانت موجهة إلى فرنسا من الصين بعد تغيير وجهة الطائرة من خلال عرض أموال أكثر كقيمة للشحنة، ألمانيا تتهم الولايات المتحدة بالاستيلاء على شحنة كمامات كانت قادمة إليها، والتشيك تصادر شحنة كمامات كانت متوجهة إلى إيطاليا، والأخيرة تصادر شحنة كمامات كانت متجهة إلى تونس..وتركيا تستولي على شحنة أجهزة تنفس كانت متجهة إلى إسبانيا.

حرب الكمامات العالمية على قدر ما يبدو المصطلح غريبا عن المعتاد كدعابة ما، الا أنه لم يعد مزحة بل باتت وقائعه تترجم نفسها على أرض الواقع لدى الدول الأكثر تأثرا بنكبة فيروس كورونا المستجد والذي يواصل مسيرة حصاده اليومي من الموت والمرض بالاف الوفيات وأضعافها من الإصابات حول العالم.

لكن المثير للغرابة أكثر أن أطراف النزاع والخصوم في هذه الحرب دول عظمى لطالما تغنت بأدوارها البطولية في حل الأزمات العالمية وقدمت نفسها على أنها صاحبة الأيادي البيضاء بتقديم المساعدات الإنسانية للدول الفقيرة والمنكوبة وها هي اليوم في تعاملها مع أزمة كورونا تخلط أوراقها من جديد وتغير صورتها النمطية.

قرصنة حديثة

اتهمت الولايات المتحدة باعتراض مسار شحنة تحمل 200 ألف كمامة، كانت متجهة إلى ألمانيا، وتحويلها لاستخدامها الخاص، في خطوة أدينت بوصفها "قرصنة حديثة"، وقالت حكومة محليّة لولاية ألمانية إنّ شحنة كمامات مصنّعة في الولايات المتحدة، صُودرت في بانكوك، وأضافت إنّ شحنة كمامات الوقاية من طراز FFP2، كانت بالأساس لصالح شرطة برلين، لكنّها لم تصل إلى وجهتها المرجوّة.

ورجّح وزير داخلية ولاية برلين، أندرياس جيزل، أن تكون الكمامات قد حوّلت إلى الولايات المتحدة، وكانت الشركة المصنّعة للكمامات وأقنعة الوقاية "3 أم"، وهي شركة أمريكية، قد مُنعت من تصدير منتجاتها الطبية إلى دول أخرى بموجب قانون يعود إلى حقبة الحرب الكورية، استحضره الرئيس دونالد ترامب.

وقال ترامب الجمعة إنّه سيلجأ إلى تفعيل "قانون الإنتاج الدفاعي" لعام 1950، ليحثّ الشركات الأمريكية على إنتاج المزيد من اللوازم الطبيّة لتلبية الطلب المحلّي، وأعلن ترامب في المؤتمر الصحافي اليومي لخليّة مكافحة فيروس كورونا في البيت الأبيض: "نحتاج إلى هذه البضائع على الفور للاستخدام المحلي. يجب أن نحصل عليها".

وقال إن السلطات الأمريكية احتجزت ما يقارب 200 ألف قناع تنفس من طراز N95، و130 ألف كمامة جراحية و600 ألف قفاز، من دون أن يحدّد مكان مصادرتها، وقال جيزل إن تحويل مسار شحنة الكمامات بعيداً عن مسارها إلى برلين يرقى إلى "فعل قرصنة حديثة"، وحثّ إدارة ترامب على الالتزام بقواعد التجارة الدولية.

وقال الوزير مخاطباً الرئيس الأمريكي "هذه ليست طريقة للتعامل مع شركائك عبر الأطلسي، حتى في أوقات الأزمات العالمية، لا يجب أن تلجأ إلى أساليب الغرب الأمريكي المتوحّش"، مضاربات وتتوافق تصاريح جيزل مع ما عبّر عنه مسؤولون أوروبيون آخرون، اشتكوا من ممارسات الولايات المتحدة في شراء اللوازم واعتراض مسارها، ويقول قادة محليون في فرنسا مثلاً، إنّهم يجاهدون لتأمين امدادات طبيّة، لأنّ المشترين الأمريكيين يزايدون على شرائها ويرفعون أثمانها.

وشبّهت رئيسة إقليم إيل دو فرانس، فاليري بيكريس، التدافع على شراء الكمامات بحملات "صيد الكنوز". وقالت: "وجدتُ مخزون كمامات متاحاً، لكّن الأمريكيين - لا أتحدث عن الحكومة الأمريكية - زايدوا علينا، وعرضوا دفع ثلاثة أضعاف السعر مسبقاً"، ومع تفاقم جائحة كورونا، ازداد الطلب على الإمدادات الطبية الحيوية، مثل الكمامات وأقنعة الوقاية وأجهزة التنفس، في كلّ أنحاء العالم، وأعلنت "منظمة الصحّة العالميّة"، مطلع هذا الأسبوع، أنّها تفكّر بتغيير توجيهاتها بشأن ضرورة ارتداء الكمامات في الأماكن العامة.

وفي الوقت الحاضر، تقول المنظمة إنّ الكمامات لا توفّر الوقاية الكافية من العدوى بما يبرّر استخدامها على نطاق واسع. لكنّ بعض البلدان ارتأى اتخاذ إجراءات معاكسة، ومن ضمنها الولايات المتحدة.

وأعلن ترامب أمس أنّ "مراكز مكافحة الأمراض" ستبدأ بنصح الأمريكيين بتغطية وجوههم بأقمشة غير طبيّة للحدّ من انتشار الفيروس، وسجلّت الولايات المتحدة حتى الآن 273 ألف إصابة بفيروس كوفيد -19، وهو أعلى رقم إصابات في العالم.

وطال الوباء، حتى الآن، أكثر من مليون شخص حول العالم، وتسبّب بوفاة ما يقارب من 60 ألف شخص، بحسب آخر الاحصائيات.

وقالت شركة صناعة المعدات الطبيّة الأمريكية "3 أم" إنّ إدارة ترامب طلبت منها وقف تصدير كمامات N95 إلى كندا وأمريكا اللاتينية، وحذّرت الشركة من أنّ هذا الطلب سيكون له "انعكاسات إنسانيّة خطيرة"، وقد يحفّز الدول الأخرى على المعاملة بالمثل.

وقالت الشركة إنّها تصنّع نحو مئة مليون كمامة من طراز N95 في الشهر، ثلثها يصنّع في الولايات المتحدة، والباقي في الخارج، وقال الرئيس ترامب إنّه لجأ إلى "قانون الإنتاج الدفاعي" بهدف "توجيه ضربة قاسية لشركة "3 أم" من دون أن يقدّم توضيحات إضافيّة، وقد صدر القانون المشار إليه عام 1950 ويسمح للرئيس الأمريكي بأن يجبر الشركات على إنتاج السلع لصالح الدفاع الوطني، من جهته، قال رئيس الوزراء الكندي، جاستن ترودو، في مؤتمر صحافي أمس، إنّه "سيكون من الخطأ خلق عوائق وخفض التبادل التجاري".

مزايدة في الأسعار واختلاس و"حرب" على الأقنعة

أفاد الأسبوع الجاري رؤساء مناطق فرنسية أن عملاء أمريكيين غير معروفي الهوية قاموا بشراء شحنة من الأقنعة الواقية طلبتها فرنسا من الصين مباشرة على مدرج مطارات صينية، ومنهم رئيس منطقة بروفانس-آلب-كوت دازور (جنوب) رونو موزولييه، والذي قال: "هناك بلد أجنبي دفع ثلاث مرات ثمن الشحنة على مدرج المطار". ومنهم أيضا رئيسة منطقة إيل-دو-فرانس (باريس وضواحيها) فاليري بيكريس، والتي أكدت: "انتزع منا أمريكيون شحنة أوصينا عليها بالمزايدة على سعرها".

رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو يعرب عن "قلقه الكبير"، من جهتها، أكدت الحكومة الفرنسية أنها تقوم بضمان أمان إمداداتها نافية أن تكون لديها "تفاصيل" حول مزايدة أمريكية، إذ نفت إدارة دونالد ترامب ذلك. لكن المزايدين قد يكونون جهات خاصة أو ولايات فدرالية.

وتجري المنافسة على صعيد العالم أجمع. وأعرب رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو الخميس عن "قلقه الكبير" وطلب فتح تحقيق إثر معلومات أوردتها إذاعة "راديو كندا" وأفادت أن شحنة من الأقنعة تم شراؤها من الصين لمنطقة كيبيك سلمت منها كمية أدنى من المتفق عليها بعدما أعيد بيع قسم منها "إلى المزايد الأعلى" أي الولايات المتحدة.

وأوضحت شركة "بولوريه لوجستيكس" للنقل واللوجستيات العاملة أيضا في الصين: "هناك توتر شديد حول هذه البضائع نتيجة حاجات آنية للدول لا تلقى استجابة سريعة"، البروفسور في جامعة واشنطن كريستوفر يوكينز قال إن "أسواق الإمدادات لكوفيد-19 تنهار" والضحيتان هما "المنافسة والشفافية".

أما الباحث جان سيلفيستر مونغرونييه من معهد "توماس مور" الفرنسي البلجيكي فأشار إلى أن "الولايات في حالة تسابق لا بل تنافس في ما بينها، هذا ما يعرف في الفلسفة السياسية بـ’الحالة الطبيعية‘"، ومن مواصفاتها "استشراء انعدام الأمان بين الأمم، وصولا إلى حالة فوضى في حال تفكك النظام العام الدولي".

وروى النائب الأوكراني أندريي موتوفيلوفيتس الذي توجه إلى الصين في مارس/آذار لمواكبة شحنة طبية، على صفحته على فيس بوك أنه شهد منافسة "مخيفة للحصول على معدات طبية". وكتب: "قناصلنا الذين يتوجهون إلى مصانع (صينية) يلتقون هناك زملاء لهم من دول أخرى (روسيا والولايات المتحدة وفرنسا) يريدون الاستحصال على طلباتنا. دفعنا ثمن طلباتنا مسبقا عبر تحويل مالي ولدينا عقود موقعة. أما هم، فيملكون المزيد من المال نقدا. إننا نتقاتل على كل شحنة".

وقال رئيس منطقة بروفانس-آلب-كوت دازور رونو موزولييه إن "التوتر على أشده" في المطارات الصينية وفي محيط المصانع والمواقع اللوجستية"، مضيفا "اللصوص كثيرون وبأشكال وأنواع مختلفة".

وفي الصين لا يملك سوى قلة من المنتجين تراخيص للتصدير. والذين لا يملكون مثل هذه التراخيص يمرون عبر شركات تجارية لتصدير إنتاجهم، ما يؤدي إلى وجود الكثير من الوسطاء، وتتسابق العديد من الجهات من دول ومناطق وهيئات خاصة ووسطاء في كل أنحاء العالم، محاولة الالتفاف على بعضها البعض لوضع اليد على هذه المعدات الثمينة، ويبرر هذا الهدف اللجوء أحيانا إلى أجهزة الاستخبارات.

عملية سرية للموساد من أجل الظفر بمعدات لكشف الإصابة بالفيروس؟

أوردت صحيفة "لو فيغارو" الفرنسية بهذا الصدد أن جهاز الموساد الإسرائيلي قام خلال مارس/آذار بعملية سرية للاستحصال على معدات لكشف الإصابة بالفيروس في بلد لم يتم تحديده.

وكتبت أستاذة القانون العام لورانس فوليو في مقالة نشرتها صحيفة "لوموند" الفرنسية أن "الظرف الحالي يملي التفاوض المباشر والصفقات الثنائية، وهي أدوات مفيدة في الأوضاع الصحية الطارئة، لكنها غالبا ما تقترن كما يمكن توقعه بالمحسوبية واختلاس الأموال والفواتير الملغومة"، وأشارت رئيسة منطقة إيل-دو-فرانس فاليري بيكريس: "الأمريكيون يدفعون نقدا وبدون التدقيق، وهذا يمكن حكما أن يكون أكثر إغراء لجهات كل ما تسعى إليه هو إتمام صفقات على حساب معاناة العالم أجمع".

وصرح رئيس الوزراء السلوفاكي السابق بيتر بيليغريني لشبكة "تي إيه 3" التلفزيونية في 15 مارس/آذار أن بلاده أوصت على ملايين الأقنعة الواقية من أوكرانيا كان من المقرر دفع ثمنها نقدا. وتابع: "كنا نعد حقيبة تحتوي على 1,2 مليون يورو. وكان من المفترض أن نستقل رحلة حكومية خاصة للذهاب وتسلم الأقنعة. لكن وسيطا ألمانيا وصل قبلنا وزايد على السعر واشتراها"، وتحصل مثل هذه الأحداث أحيانا داخل الاتحاد الأوروبي حيث حظرت عدة دول أعضاء تصدير معدات طبية أو قامت بعمليات مصادرة، مثل فرنسا.

وأوردت مجلة "ليكسبريس" أن فرنسا صادرت على أراضيها في 5 مارس/آذار أقنعة واقية لشركة "مولنليكي" السويدية للمعدات الطبية، كانت موجهة إلى إسبانيا وإيطاليا.

كما وضعت الجمهورية التشيكية يدها على شحنة أقنعة كان من المفترض أن يسلم قسم منها لإيطاليا، وأكدت سلطات براغ أن عملية المصادرة تقررت "بناء على شبهات حول عمليات غير قانونية وأنشطة إجرامية" لكنها تعهدت بإرسال "كمية موازية من المعدات بأسرع ما يمكن" إلى إيطاليا، وفق ما أكدت السفارة التشيكية في باريس.

منظمة الصحة العالمية تنصح بعدم ارتداء الكمامات إلا في حالات معينة.. فما هي؟

تمسكت منظمة الصحة العالمية، بتوصيتها حول عدم ارتداء الكمامة إلا في حال إصابة الشخص بفيروس كورونا المستجد أو في حال رعايته لشخص مصاب.

وقال المدير التنفيذي للمنظمة، مايك ريان: "لا يوجد دليل محدد يثبت أن ارتداء الكمامات في أماكن التجمعات يحمل منفعة محتملة، في الحقيقة، فإن بعض الأدلة أثبتت العكس في حال عدم استخدام الكمامات أو لبسها بالطريقة الصحيحة"، على حد تعبيره.

وأضاف المدير التنفيذي للمنظمة قائلا إن العالم يعاني "نقصا حادا" في الكمامات والمعدات الطبية الأخرى، وتابع قائلا: "الأشخاص الأكثر تعرضا للخطر من الفيروس هم العاملون في القطاع الصحي في الخطوط الأمامية، فهم عرضة للفيروس في كل ثانية كل يوم، وفكرة عدم امتلاكهم كمامات مرعبة".

من جانبها، قالت المتخصصة في الأوبئة والأمراض المعدية في المنظمة، ماريا فان كيرخوف، إن المنظمة لا توصي بارتداء الكمامات إلا في حالة الشخص المصاب الذي يقوم بذلك كـ"إجراء احترازي لمنع انتشار المرض"، وأشارت كيرخوف إلى أن المنظمة توصي بارتداء الكمامات للأشخاص المصابين في المنزل أو أولئك الذين يعتنون بأشخاص مصابين في بيوتهم.

تحوّل في مواقف عدة دول من وضع الأقنعة الواقية للحد من انتشار كورونا

قال البروفسور كي شينغ المتخصص في الصحة العامة في جامعة برمنغهام (انكلترا) والمؤيد لوضع القناع لوكالة فرانس برس "هناك تغير فعلي في الولايات المتحدة، ومنظمة الصحة العالمية تقوم بمراجعة توصياتها".

وقال رئيس المركز الصيني لضبط ومراقبة الأمراض غاو فو في 27 آذار/مارس في مجلة "ساينس" إن "الخطأ الكبير في الولايات المتحدة وأوروبا، برأيي، هو أن الناس لا يضعون الأقنعة الواقية"، وفي هذا السياق، تغير الخطاب الرسمي في كل مكان تقريبا في الأيام الماضية في مواجهة سوء الفهم المتزايد لدى عموم الناس وتكثفت مواقف الأطباء المؤيدين لارتداء القناع.

العامل الآخر هو الفرضية القائلة بان فيروس كورونا المستجد يمكن أن ينتقل عبر الهواء، أي من خلال جزئيات هوائية حيوية متولدة مباشرةً من زفير الأشخاص المصابين، لكن هذه الفرضية لا تزال موضع تكهنات كثيرة ولم تثبت علميا بعد.

إلا أنه في الولايات المتحدة فقد تحدث مدير معهد الأمراض المعدية أنطوني فاوتشي، العضو في فريق عمل البيت الأبيض حول فيروس كورونا المستجد والذي يجتمع ساعة يومياً مع ترامب، لقناة فوكس نيوز عن معطيات تشير إلى أن "الفيروس يمكنه في الواقع الانتقال بين الأشخاص الذين يقومون بمجرد التحدث وليس فقط حين يسعلون أو يعطسون".

واذا ثبت ذلك فان طريقة الانتشار هذه يمكن أن تفسر معدلات العدوى العالية جدا للفيروس الذي يمكن أن ينقله أيضا مرضى لا تظهر عليهم أية عوارض.

واستنادا الى هذا الاحتمال، أوصت السلطات الصحية الأميركية بوضع الأقنعة، وكان رئيس بلدية نيويورك بيل دي بلازيو استبق هذه التوصية حين طلب الخميس من سكان الولاية أن يغطوا وجوههم حين يخرجوا من منازلهم، وقال ان ذلك يمكن أن يتم عبر وضع "وشاح أو عصابات رأس أو شيء تصنعونه انتم".

ولتجنب التهافت على شراء الأقنعة الطبية، يجري تشجيع وضع هذه الكمامات المصنعة منزليا أو من القماش في مختلف أنحاء العالم، ويؤكد العلماء الذين يشجعون على ذلك أنها تؤدي الى تجنب إصابة آخرين الى جانب حماية من يضعها.

وقال البروفسور شينغ لوكالة فرانس برس "الكثير من الناس يعتقدون أن وضع قناع يحميهم من الإصابة، لكنه بالواقع يتيح لهم خفض مصادر العدوى"، وأوضح "هذا الأمر سيعطي نتائج اذا وضع كل الناس القناع وفي بعض الحالات يكون القناع البسيط جدا كافيا لأن قطعة كماش فقط كفيلة بوقف الرذاذ" الذي يحتوي الفيروس الصادر عن مريض، مضيفا في معرض حديثه عن القناع "ليس مثاليا، لكنه أفضل من لا شيء".

في ألمانيا، شجع معهد روبرت كوخ، المؤسسة المرجعية للصحة العامة، المواطنين الجمعة على ارتداء أقنعة مصنوعة منزليا في الأماكن العامة، وقال رئيس المعهد لوثار فيلير إنه "لا يوجد دليل علمي حتى الآن" على أنها تحد من انتشار الفيروس، لكن ذلك "يبدو معقولاً".

وشاطرته وجهة النظر هذه أكاديمية الطب في فرنسا التي قالت الجمعة إن وضع القناع يجب ان يكون إلزاميا حين يخرج الناس من منازلهم خلال اجراءات العزل وحتى بعد انتهاء العمل بها، كذبة من أجل المصلحة العامة؟، الحكومة الفرنسية نفسها عمدت الى تغيير موقفها عبر الإعلان عن صنع أقنعة "بديلة" غير تلك الطبية منها.

وقال المسؤول الثاني في وزارة الصحة البروفسور جيروم سالومون الجمعة "نشجع الناس اذا رغبوا، بوضع هذه الأقنعة البديلة التي يجري انتاجها"، أكدت المذيعة التلفزيونية الشهيرة مارينا كارير وهي طبيبة ايضا، أن التعليقات الرسمية حول عدم جدوى الأقنعة يمكن أن تصل إلى "كذبة" لكن "من أجل قضية جيدة" أي حجزها لمقدمي الرعاية الطبية، ويجري التداول على الانترنت بمعلومات حول طريقة صنع الأقنعة وفي بعض الأحيان تكون صادرة عن مستشفيات أو مؤسسات علمية.

أخيرا في أوروبا الشرقية فان الأقنعة إلزامية، على سبيل المثال في الجمهورية التشيكية وسلوفينيا والنمسا عند الدخول الى السوبرماركت، من جهتها، لا تزال منظمة الصحة العالمية متمسكة بموقفها الأساسي خشية أن يعطي الاستخدام المعمم للقناع "شعورا خاطئا بالأمان" ويجعل الناس ينسون التدابير الأساسية التي لا غنى عنها للحماية من الفيروس وهي التباعد الإجتماعي وغسل اليدين، لكن مديرها تيدروس أدهانوم غيبريسوس أقر الأربعاء بان المنظمة لا تزال "تقيم الاستخدام المحتمل للقناع الواقي بطريقة أوسع نطاقا"، وقال "إن الوباء في تطور والأدلة وآراءنا أيضا".

أظهرت دراسة نشرت الجمعة في مجلة "نايتشر" أيضا أن وضع الأقنعة الواقية المخصصة للعمليات الجراحية يخفض كمية فيروس كورونا المستجد التي ينشرها مرضى في الهواء، وتم إجراء التجربة على فيروسات أخرى، وقال الدكتور روبرت بيل من معهد فرنسيس كريك في لندن إن "هذه الدراسة تقدم مستوى عال من الأدلة لصالح ارتداء القناع"، مضيفا "يجب على مسؤولي القطاع الصحي أن يأخذوا علما بذلك على الفور".

فرض وضع الكمامات داخل متاجر السوبر ماركت

قال المستشار النمساوي زيباستيان كورتس إن بلاده ستطالب المتسوقين بوضع الكمامات في متاجر السوبر ماركت في محاولة لإبطاء انتشار فيروس كورونا الذي لا يزال سريعا جدا، وأغلقت النمسا المدارس والمطاعم والحانات والمسارح وغيرها من أماكن التجمع، بما في ذلك المتاجر التي تبيع سلعا غير حيوية، وطالبت الناس بالبقاء في منازلهم والعمل منها إذا أمكن، وسجلت النمسا 108 وفيات وأكثر من 9000 إصابة، وهو عدد أقل من جارتيها إيطاليا وسويسرا وضمن قدرات نظامها الصحي حتى الآن، لكن كورتس قال خلال مؤتمر صحفي إن وحدات الرعاية المركزة ربما لن تبقى قادرة على استيعاب المصابين بحلول منتصف أبريل نيسان، وأضاف، في إشارة إلى المستشفيات، ”لا يمكن للكثيرين أن يتخيلوا ما قد نواجهه في غضون أسابيع، لكن الحقيقة هي أن هذا هو الهدوء الذي يسبق العاصفة. وحتى تعلموا حجم الرعب الذي قد تسببه هذه العاصفة، يمكنكم النظر إلى جارتنا إيطاليا“، في إشارة إلى عدم قدرة مستشفياتها على التعامل مع العدد الكبير من حالات الإصابة والوفاة يوميا.

وقال كورتس ”اعتبارا من هذه اللحظة، سيتم تسليم هذه الكمامات أمام متاجر السوبر ماركت، وسيكون من الضروري ارتداءها داخل هذه المتاجر“، مضيفا أن الهدف على المدى المتوسط هو أن يضعها الناس في الأماكن العامة بشكل عام أيضا.

وتابع قائلا إنه في حين أن الكمامات لن تحمي مرتديها من العدوى، فإنها ستمنعهم من العطس أو السعال على الآخرين، وهو ما قد يسبب إصابتهم، غير أن منظمة الصحة العالمية أبدت شكوكا في مثل هذه الإجراءات.

وقال مايك ريان، كبير خبراء الطوارئ في منظمة الصحة العالمية، في مؤتمر صحفي يوم الاثنين ”لا يوجد دليل محدد يشير إلى أن ارتداء السكان للكمامات له أي فائدة خاصة“، مشيرا إلى أنه لم يكن على علم بالتدبير النمساوي على وجه التحديد، وأضاف ”في الواقع، هناك بعض الأدلة التي تشير إلى العكس عند سوء الاستخدام أو (عدم) ارتداء الكمامة بشكل صحيح أو تثبيتها بشكل صحيح أو خلعها“.

فرنسا تطلب "أكثر من مليار" كمامة واقية من الصين

أعلن وزير الصحة الفرنسي اوليفييه فيران السبت أنّ فرنسا طلبت من الصين تزويدها بـ"أكثر من مليار" كمامة واقية لمواجهة تفشي فيروس كورونا المستجد، وأشار الوزير خلال مؤتمر صحافي إلى "إقامة جسر جوي وثيق ومكثف بين فرنسا والصين بشكل يسهل دخول الكمامات الواقية إلى أراضينا"، مذكراً بأنّ بلاده بحاجة إلى 40 مليون كمامة اسبوعيا.

وأوضح الوزير أن فرنسا تنتج أسبوعيا ثمانية ملايين كمامة، مشيرا إلى أن المخزون لن يكفي، وأكد رئيس الوزراء إدوار فيليب أن "هناك طريقة أخرى للتعامل مع حجم الطلب الكبير وهي أن نحاول تصنيع منتجات جديدة، استخدام غنى الشركات الفرنسية وابتكارها على صعيد الأقمشة والورق من أجل صناعة كمامات جديدة تلائم استعمالات معيّنة".

ولفت الى أن هذه الكمامات لن تكون مخصصة للاستعمال الطبي بل لاستخدامها من قبل أشخاص عاديين يريدون حماية أنفسهم، وقال رئيس الوزراء إن "24 شركة وطنية للانتاج حددت أنواع الكمامات التي تريد تصنيعها، وهي قادرة على إنتاج نحو نصف مليون كمامة يوميا في الأيام المقبلة، ونحو مليون كمامة يوميا في نيسان/أبريل، بعضها يمكن استعماله أكثر من مرة ويمكن غسلها خمس مرات على الأقل".

السعودية تصادر 5 ملايين كمامة مخزنة لبيعها لاحقا بسعر أعلى

صادرت السلطات السعودية أكثر من خمسة ملايين كمامة خلال اسبوع جرى تخزينها لبيعها لاحقا بسعر أعلى، في وقت تتزايد أعداد ضحايا وباء كوفيد-19 في المملكة التي سجلت 4 وفيات وأكثر من 1200 إصابة.

وضبطت الفرق الرقابية في وزارة التجارة في حائل شمال الرياض مليون و168 ألف كمامة مخزّنة لدى شخص أجنبي كان ينوي بيعها في وقت لاحق، حسبما أفادت وكالة الأنباء الحكومية، وقامت السلطات بحجز الكمامات وإعادة وضعها في الأسواق بمنطقة حائل، وفي جدة، عثرت فرق التفتيش الحكومية الأربعاء على أربعة ملايين و310 آلاف كمامة مخزنة، وتم حجز الكميات "وإعادة توزيعها على الأسواق، وإيقاع العقوبات اللازمة بحق المنشأة وإحالتهم للجهات المختصة لتطبيق العقوبات النظامية بحقها"، بحسب الوكالة.

وفرضت السعودية التي يزورها ملايين المسلمين سنويا لأداء العمرة ومناسك الحج، إجراءات وقائية صارمة للحد من انتشار الفيروس تشمل منع التجمعات بما في ذلك صلاة الجماعة ومناسك العمرة، والحد من التنقل، وإغلاق المدارس والمراكز التجارية الكبرى، وتعليق الرحلات الجوية، وتوفي أربعة أشخاص في السعودية جراء الفيروس بينما أصيب 1203 أشخاص تعافى منهم 37، وهناك طلب كبير على الكمامات في كل أنحاء العالم للاستخدام الطبي وللحد من انتشار الفيروس الذي تسبّب بوفاة أكثر من 30 ألف شخص.

أكبر منتج قفازات في العالم يتوقع عجزا مع تصاعد حرب كورونا

تتوقع شركة توب جلوف الماليزية، التي تصنع واحدا من كل خمسة قفازات عالميا، عجزا في منتجها مع ارتفاع الطلب من أوروبا والولايات المتحدة بسبب اتساع نطاق تفشي فيروس كورونا بما يفوق طاقتها، وقال رئيس مجلس الإدارة التنفيذي ليم وي تشاي لرويترز بالهاتف إن الشركة مددت فترات التسليم لمواجهة زيادة الطلب.

وقال ليم إن الشركة تلقت طلبيات في الأسابيع القليلة الماضية من أوروبا والولايات المتحدة بصفة أساسية تصل لمثلي طاقتها تقريبا. وتستطيع توب جلوف إنتاج 200 ألف قفاز من المطاط الطبيعي والصناعي يوميا، ويبلغ عدد حالات الإصابة بفيروس كورونا عالميا أكثر من 600 ألف في 202 دولة ومنطقة. وتقدمت الولايات المتحدة على الصين من حيث عدد الإصابات. ومازالت أوروبا تسجل أكبر عدد من الوفيات، وتابع ليم ”بالطبع ثمة عجز. يزيدون الطلبيات بنسبة 100 بالمئة ويمكننا زيادتها 20 بالمئة فقط، لذا ثمة عجز بين 50 و80 بالمئة“، وتابع أن زخم المشتريات الاستثنائية قد يستمر لثلاثة أشهر أخرى لكن من المنتظر أن يظل الطلب قويا لمدة تصل إلى تسعة أشهر حتى مع بدء تباطؤ الطلب قليلا من آسيا، ولمواجهة هذا الوضع، عدلت الشركة فترة التسليم من 30 يوما لتصل إلى 150 يوما، وقال ليم إن الشركة تعمل على ضمان حصول جميع العملاء على حصة عادلة من القفزات الإضافية التي يجري تسليمها، وأضاف أنها تضيف أجهزة تصنيع جديدة كل أسبوع ويمكنها زيادة الإنتاج بما يصل إلى 30 بالمئة.

من الأزياء الراقية إلى الكمامات

قالت مجموعة شانيل للأزياء الراقية إنها ستبدأ إنتاج كمامات لتساعد في تعزيز الإمدادات في فرنسا مع انتشار فيروس كورونا في أرجاء البلاد، وتعكف المجموعة على صناعة النماذج الأولية وستبدأ في الإنتاج بمجرد الحصول على موافقة السلطات الفرنسية، وقالت شانيل في بيان ”نحشد قوة العمل والشركاء اليوم... لإنتاج كمامات وقمصان واقية“.

وقال وزير الصحة الفرنسي أوليفييه فيران يوم السبت إن الحكومة طلبت توريد أكثر من مليار كمامة، معظمها من الصين، خلال الأسابيع والشهور المقبلة، وذكر أن بلاده تستخدم 40 مليون كمامة أسبوعيا. واشتكى الأطباء والعاملون في دور رعاية المرضى والشرطة من نقص الكمامات، وقالت شانيل أيضا إنها لن تسرح أيا من موظفيها، البالغ عددهم 4500 موظف، مؤقتا برغم التراجع الحاد في النشاط الاقتصادي.

من ملابس الجيش إلى الكمامات

تخضع في اليمن المناطق الواقعة تحت سيطرة المتمردين الحوثيين المؤيدين لطهران، لحصار من قبل تحالف عسكري داعم للحكومة تقوده السعودية منذ آذار/مارس 2015. ومطار صنعاء ممنوع عن العمل منذ 2016، ولا يستقبل سوى طائرات الامم المتحدة والمنظمات الانسانيةن وفيما أن الدول المجاورة بدأت تتّخذ إجراءات صارمة للحد من انتشار كوفيد-19، وبينها إغلاق المتاجر والمساجد وأماكن الترفيه، يبدو اليمن منذ خمس سنوات وكأنه يخضع لحجر إجباري، وقتل في البلد الفقير منذ بدء عمليات التحالف آلاف المدنيين، فيما يعاني من انهيار تام في قطاعه الصحي، ومن نقص حاد في الأدوية والمياه النظيفة، ومن انتشار للأمراض كالكوليرا الذي تسبّب بوقاة مئات، في وقت يواجه ملايين من سكانه خطر المجاعة.

ومصنع الغزل والنسيج في صنعاء هو الأقدم في اليمن، وقد تأسس في العام 1967 بمساعدة حكومية صينية، وكان ينتج كافة أنواع القماش وبينها ملابس القوات المسلحة اليمنية وملابس الممرضات، إلى أن توقف عن العمل في 2005 بسبب خلافات ونقص في التمويل ما حرم اليمن مما كان يعرف باسم "الذهب الأبيض".

وعاد العمل في بعض أجزاء قسم الخياطة في 2018، لكن الحياة عادت فعلا لهذا القسم يوم الاثنين الماضي حين دخلته النساء اليمنيات وبدأن العمل على خياطة الكمامات، وفي القاعة الضيقة، جلست النساء خلف آلات الخياطة في صفين متساويين، يلتقطن قطع القماش البيضاء الواحدة تلو الاخرى بقفازاتهن ويمررنها من تحت إبرة الآلة فوق مكتب خشبي، وقال رئيس مجلس إدارة المصنع عبد الإله شيبان إنّ "انتاج الكمامات في الحقيقة ليس وليد فكرة، بل وليد حاجة، وهو جعلنا نفكر بأن نصنع أي منتج بالامكانيات المتوفرة لدينا"، وأوضح "طوّعنا قدراتنا من إنتاج أعمال خياطة مختلفة إلى إنتاج كمامات".

والنساء في المصنع، الذي تعرّض في 2015 لهجمات جوية، لسن موظفات بل مواطنات من سكان العاصمة دعين للمشاركة في العمل على صناعة الكمامات، وهن يتلقين مبلغا ماليا لقاء كل قطعة ينتجونها.

وينتج المصنع حاليا مئات الكمامات يوميا، لكن شيبان يطمح لأن يشغّل في الأيام المقبلة 80 آلة خياطة في آن واحد، صباحا ومساء، بهدف صناعة ما بين 8 إلى 10 آلف قطعة في اليوم الواحد، مشيرا إلى ان هناك "طلبا كبيرا" على الكمامات.

والثلاثاء، تحدّثت منظمة الصحة العالمية في مؤتمر صحافي في صنعاء عن استعدادات جارية في عدة مستشفيات في اليمن للتعامل مع الفيروس على الرغم من قلة الامكانيات، مشيرة إلى وجود نقص في الكمامات والقفازات الطبية لكنّها ذكرت انّها "تعمل على جلب المزيد"، وهناك محاولات في صنعاء ومناطق أخرى لتوفير معقم للأيدي محلي الصنع.

وكان المتمردون الحوثيون أغلقوا في وقت سابق من الشهر الحالي المدارس، وعلّقوا حركة الطيران أمام طائرات الأمم المتحدة والمنظمات الانسانية، خشية وصول فيروس كورونا المستجد، كما أن الحكومة المعترف بها علقت حركة الطيران في مدينة عدن الجنوبية، مقرّها المؤقت، ويرى المجلس النروجي للاجئين أن وصول الفيروس إلى دول تشهد حروبا كاليمن وسوريا قد يؤدي إلى "مذبحة"، وبالنسبة إلى عبد الباسط الغرباني، مدير قسم الخياطة في مصنع النسيج في صنعاء، فإن الوقت الحالي هو للتضامن، وأوضح "صمدنا أمام الحروب، ونحن قادرون أن نصمد أمام هذا الوباء أيضا وأن نتغلب عليه"، مضيفا "علينا أن نتكاتف جميعا".

عمال يعزلون أنفسهم في مصنع لإنتاج الكمامات

يقوم عمال مصنع في تونس بإنتاج 50 ألف كمامة يوميا وأدوات طبية أخرى، مساهمة منهم في جهود الوقاية من فيروس كورونا، بعد أن اختاروا عزل أنفسهم في مكان عملهم، وعزل هؤلاء العمال، وعددهم 150 غالبيتهم من النساء، أنفسهم في مصنع كونسوميد في تونس لمدة شهر، وقال مديرهم حمزة العويني لبي بي سي إن الحس الوطني هو دافعهم حيث يخوض بلدهم معركة ضد فيروس كورونا.

وتقول الموظفة خولة ربحي إنها تفتقد أسرتها بشدة، ولكن أجواء البهجة والتشجيع التي يوفرها زملاؤها تعوضها نوعا ما عن ذلك، وقالت ربحي، وهي مسؤولة خط الإنتاج، لبي بي سي إن زوجي وابنتي البالغة من العمر 16عاما، يدعماني ويشجعاني.

ويصدر المصنع عادة أجهزة الوقاية، ولكنه يركز حاليا على إنتاج ما يكفي القطاع الصحي في تونس، ويوجد في تونس، التي تخضع للإغلاق منذ الأحد، 227 حالة إصابة مؤكدة بفيروس كورونا وقد توفي 6 مرضى في الأسبوع الماضي.

ومن بين الذين انتقلوا للإقامة في المصنع، الواقع في منطقة ريفية جنوب العاصمة، منذ أسبوع طهاة وطبيب وصيدلي، وهناك أماكن نوم منفصلة لـ110 امرأة 40 رجلا، كما توجد مواد غذائية تكفي لمدة شهر، وقالت ربحي لبي بي سي "لدينا أماكن مخصصة لممارسة كل أنواع الأنشطة مثل الرقص للنساء، وكرة القدم والسلة للرجال".

وأضافت قائلة "الإنترنت متوفر لدينا، ونتحدث بالفيديو مع أسرنا في غير أوقات العمل"، وتقول إن المصنع يعمل من 6.30 صباحا وحتى 22.30 مساء يوميا، في نوبتي عمل، ويغطي الرجال بشكل رئيسي النوبة المسائية.

حماية الأطباء، وحول فترة العزل التي بدأت قبل 8 أيام، يقول العويني مازالت هناك "مشاعر إيجابية" من الجميع، وقال إن العاملين شعروا بالحاجة للعزل في المصنع، لأنه لو انتشر الفيروس بينهم فلن يكونوا قادرين على الوفاء باحتياجات الأطباء في البلاد، وقال لبرنامج فوكس أون أفريكا في بي بي سي "إذا لم نعمل، فلن تتوفر الحماية للأطباء من الفيروس"، وأضاف قائلا "أحاول عمل كل ما بوسعي لبلادي والمستشفيات والجيش والشرطة والجميع".

وتقول ربحي إن إحساس العاملين بأهمية رسالتهم يمنحهم الأمل، ولكنها لم تخف إحساسهم بالقلق إزاء جهود احتواء كوفيد 19، وأضافت قائلة "إنني أنظر كيف تناضل الحكومات في أوروبا وغيرها، ولا أستطيع منع نفسي من التساؤل كيف سيتعامل بلد مثل تونس مع هذا الأمر".

من ينبغي أن يضع كمامة.. وهل تمنع الكمامات الإصابة بفيروس كورونا؟

يرتدي الكثير من الناس في أنحاء آسيا كمامات محاولين حماية أنفسهم من مرض كوفيد-19 الناجم عن الإصابة بفيروس كورونا المستجد. أما في أوروبا والولايات المتحدة فنجد أن ارتداء الكمامات أقل شيوعا، لكن يتساءل الكثيرون: هل ينبغي أن يرتدوا الكمامات أثناء الوباء؟

* ما تنصح به منظمة الصحة العالمية هو أنك إذا كنت تتمتع بصحة جيدة فإنك بحاجة لوضع الكمامة فقط في حالتين:

- إذا كنت تعتني بشخص مصاب بكوفيد-19 أو يشتبه بأنه مصاب بالمرض.

- إذا كنت تسعل أو تعطس أو تشتبه في أنك مصاب بكوفيد-19.

* فائدة الكمامات هي التقاط الرذاذ الذي ينشره السعال والعطس والأنفاس، وهي طرق الانتقال الرئيسية لفيروس كورونا المستجد.

* هناك نوعان رئيسيان من الكمامات:

تلك التي يستخدمها الجراحون، وهي عبارة عن شرائط قماشية يتم ارتداؤها على الأنف والفم، وكمامات تكون أكثر التصاقا بالوجه وتوصف أحيانا بأقنعة التنفس.

* النوع الثاني من الكمامات، مثل إن95، يوفر حماية جيدة لكن غير كاملة من الرذاذ المعدي، بينما يمنح النوع الأكثر تطورا، إن99، حماية أفضل إلا أن البعض يجد التنفس من خلالها عسيرا.

* التصنيف (إن) مرتبط بنسبة الجزيئات التي يبلغ قطرها 0.3 ميكرون على الأقل التي صُممت الكمامة لمنعها. وكمامات إن95 توقف 95 بالمئة من تلك الجزيئات بينما توقف كمامات إن99 99 بالمئة منها.

* بعض الكمامات مزودة بصمام في المقدمة ليساعد على منع تكثف البلل المصاحب للزفير على الجهة الداخلية للكمامة الذي يجعلها رطبة وأكثر عرضة للاختراق من الفيروس.

* ارتداء الكمامات فعال فقط إذا كان مصحوبا بغسل اليدين مرارا وعدم لمس الوجه.

* يجب أن تغطي الكمامة فمك وأنفك دون أي ثغرات بينها وبين الوجه.

* تجنب قدر الإمكان لمس الكمامة.

* عندما تصبح الكمامة رطبة، بدلها بأخرى جديدة. لا ترتدي الكمامات المخصصة للاستخدام مرة واحدة مجددا.

اضف تعليق