q
لا تزال قضية خروج بريطانيا من عضوية الاتحاد الاوروبي وأزمة بريكست من اهم القضايا، خصوصا وان بريطانيا تعيش اليوم حرب انتخابية مبكرة تمهيدا لحسم هذا الملف المعقد الذي اثار قلق ومخاوف الشارع البريطاني، حيث أظهر استطلاع للرأي أجرته شركة إبسوس موري أن نصف مواطني المملكة المتحدة يعتقدون أن بلادهم...

لاتزال قضية خروج بريطانيا من عضوية الاتحاد الاوروبي وأزمة بريكست من اهم القضايا، خصوصا وان بريطانيا تعيش اليوم حرب انتخابية مبكرة تمهيدا لحسم هذا الملف المعقد الذي اثار قلق ومخاوف الشارع البريطاني، حيث أظهر استطلاع للرأي أجرته شركة إبسوس موري أن نصف مواطني المملكة المتحدة يعتقدون أن بلادهم قد لا تكون موجودة بشكلها الحالي خلال عقد من الزمن. وأدى استفتاء عام 2016، وافق فيه البريطانيون على مغادرة الاتحاد الأوروبي، بنسبة 52 في المئة مقابل معارضة 48 بالمئة، إلى خلخلة الروابط التي تجمع إنجلترا واسكتلندا وويلز وأيرلندا الشمالية داخل كيان المملكة المتحدة حيث صوتت اسكتلندا وأيرلندا الشمالية لصالح البقاء بينما صوتت إنجلترا وويلز للمغادرة.

وأظهر استطلاع إبسوس موري أن 50 في المئة يعتقدون أن المملكة المتحدة لن تكون موجودة خلال عشر سنوات ارتفاعا من 43 في المئة عام 2014. وقال 29 في المئة فحسب إنها ستكون موجودة على هيئتها الحالية خلال عقد نزولا من 45 في المئة عام 2014. وعلى المدى الأقصر، أحاط الغموض بمصير الاتحاد الذي تتشكل منه المملكة المتحدة، ويرجع تاريخه إلى معاهدة الاتحاد عام 1707، إذ قال 42 في المئة إن المملكة المتحدة ستظل موجودة خلال خمس سنوات مقبلة وقال 44 في المئة إنها لن تبقى.

أصوات عديدة وكما نقلت بعض المصادر، تناولت ما يجري في بريطانيا بسبب أزمة بريكست، بشيء من الخوف والقلق على استقرار المملكة الأقوى في أوروبا، حيث تعالت الأصوات الموجهة للأحزاب المتنافسة، بضرورة الحذر من تلاعبهم السياسي على مستقبل بريطانيا، التي بات الوضع فيها مقلقا إلى حد كبير، وسط توقعات شعبية بأن تشهد المملكة المتحدة التي تضم بجانب انجلترا كل من إيرلندا واسكتلندا وويلز، تفككا خلال السنوات العشر المقبلة.

ومع استمرار أزمة بريكست تشهد المملكة المتحدة خلافا داخليا، حيث ترفض اسكتلندا الخروج من الاتحاد الأوروبي، وطالبت بإجراء استفتاء على حق تقرير مصيرها، كما تتطلع ويلز لتكون دولة مستقلة تستفيد من الامتيازات التي يمنحها وجودها في الاتحاد الأوروبي، بينما الوضع داخل انجلترا نفسها، يشهد عواصف رعدية سياسية أدت للإطاحة بثلاثة رؤساء حكومات خلال ثلاث سنوات فقط.

قطاع كبير من المحللين البريطانيين، توافقوا بشكل على أن الانتخابات المقبلة لن تحل أزمة البريكست، ولن تضمن لبريطانيا الطلاق الآمن من بروكسل، وحسب وصف ديفيد هيرش الكاتب السياسي بصحيفة "الجارديان": فإن نجاح جونسون في إجراء انتخابات مبكرة، لا يعني بالضرورة أنه نجح في خلق برلمان ذا أغلبية يدعم خطته للخروج من الاتحاد الأوروبي. ووصف هيرش ما قام به جونسون: بأنه كان نجاحا في كسر حالة الجمود التي تعيشيها البلاد من سنوات بشأن بريكسيت، مشيرا: إلى أن النجاح الحقيقي لجونسون هو الحصول على الأغلبية البرلمانية التي تمكنه من تمرير اتفاق "بريكست" بدون عوائق، متوقعا عدم استطاعة جونسون تحقيق هذه الأغلبية، وهو ما يعيد إنتاج نفس البرلمان السابق، الذي رفض أكثر من مرة المسودة المقترحة من الحكومة، ومن ثم سوف تتكرر المشكلة تباعا.

معركة انتخابية

سعى رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إلى القاء اللوم على زعيم المعارضة في الفشل في تنفيذ بريكست، مع تصعيد الرجلين حملتهما الانتخابية في اليوم الذي كان من المقرر أن تخرج فيه بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وازدادت شعبية جونسون في استطلاعات الرأي قبل الانتخابات التي ستجري في 12 كانون الأول/ديسمبر، إلا أن تبعات عدم وفائه بوعده بالخروج من الاتحاد الأوروبي "باتفاق أو بدونه" في 31 تشرين الأول/أكتوبر قد تؤثر على شعبيته.

وقال زعيم المحافظين في بيان "اليوم كان يجب أن يكون اليوم الذي يتحقق فيه بريكست ونخرج اخيراً من الاتحاد الأوروبي". واضاف "ورغم الاتفاق العظيم الجديد الذي توصلت إليه مع الاتحاد الأوروبي، إلا أن (زعيم حزب العمال) جيرمي كوربن رفض السماح بحدوث ذلك - وأصر على المزيد من الاضطراب والتأخير والغموض الذي يؤثر على الأسر والشركات". وتنفس المؤيدون للبقاء في الاتحاد الأوروبي الصعداء بعد منح بريطانيا تمديدا جديداً لتجنب كابوس خروج بريطانيا من الاتحاد وقت عيد الهالوين، بعد أن توقع الكثيرون حدوث فوضى واضطرابات عقب الخروج.

ورغم تعهد جونسون بالخروج من الاتحاد في الموعد المحدد، إلا أنه أجبر على الطلب من الاتحاد الأوروبي تأجيل بريكست حتى 31 كانون الثاني/يناير بعد أن رفض مجلس العموم المصادقة على شروط الخروج التي توصل إليها مع بروكسل. بدوره أنحى كوربن باللائمة كليا على جونسون، وسخر من تصريحاته السابقة. وقال "لقد قال جونسون أنه يفضل الموت على تأخير موعد بريكست بعد هذا اليوم، ولكنه اخفق، وهذا الاخفاق بسببه هو وحده. لا يمكنك أن تثق بأية كلمة يقولها".

سيهيمن الموعد الرابع لبريكست في 31 كانون الثاني/يناير بلا شك على الحملة الانتخابية في ثالث انتخابات عامة ستجري في بريطانيا خلال أربع سنوات، والأولى التي ستجري في كانون الأول/ديسمبر منذ 1923. إلا أن كوربن يسعى إلى تحويل النقاش إلى قضيتين محليتين هما الرعاية الصحية والاجتماعية والتعليم. وبعد أكثر من ثلاث سنوات على الاستفتاء الذي يقسّم بريطانيا بشكل متزايد، لا يزال حزب العمال منقسم على نفسه بشأن بريكست.

وبشأن حملته الانتخابية قال كوربن "سندع الناس يقررون ما إذا كانوا سيغادرون (الاتحاد الأوروبي) باتفاق معقول، أو يبقون. المسألة ليست معقده". واضاف "ونحن حكومة العمال، سننفذ ما يقرره الناس". إلا أنه رفض الاجابة عن سؤال مباشر حول ما إذا كان سيصوت على اتفاق جونسون الجديد أم أنه سيصوت لاتفاقه الخاص أو لصالح البقاء في أوروبا في استفتاء ثان. وقال "الموضوع لا يتعلق بي شخصيا، الأمير لا يتعلق بفرد على هذه المنصة، هذه ليست انتخابات رئاسية".

وفي محاولة للانتقال عن موضوع بريكست، تعهد كوربن بتبني اجندة ستكون الاكثر "جذرية" التي تشهدها بريطانيا، حيث سيسلم "الثروة والسلطة إلى أيدي الكثيرين" ويقضي على الفقر ويخفض أجور المساكن، ويلغي الرسوم الجامعية، ويوفر العلاج الطبي المجاني. وقال عدد من قادة الأعمال أن خطط حزب العمال بإعادة تأميم قطاعات رئيسية مثل السكك الحديدية، ستكلف على الأقل 196 مليار جنيه استرليني (254 مليار دولار، 227 مليار يورو).

وحذر جونسون من أن خطط حزب العمال ستؤدي إلى "كارثة اقتصادية" بينما تعهد ب"الاستثمار بشكل هائل" في الخدمات الصحية الحكومية والتعليم. إلا أن دراسة نشرها المعهد القومي للبحوث الاقتصادية والاجتماعية أشارت إلى أن اتفاق جونسون للبريكست يمكن أن يؤدي إلى خسارة بريطانيا 70 مليار دولار خلال عشر سنوات. وأعلن نحو 60 نائبا أنهم لن يترشحوا في الانتخابات المقبلة، من بينهم العديد من الجانب الأكثر اعتدالاً من حزب المحافظين. ومن بينهم وزيرة الحكومة نيكي مورغان، التي قالت إن قرارها يعود إلى الاساءة التي واجهتها بسبب قرارها الخروج من البرلمان بعد تسع سنوات. بحسب فرانس برس.

وتسببت الانقسامات بشأن بريكست أحيانا في خطاب مسموم من جميع الأطراف، بينما تصاعدت تهديدات القتل ضد النواب والاساءات على مواقع التواصل الاجتماعي في السنوات الأخيرة. وتحدثت مورغان عن "التأثير الواضح على عائلتي وغيرها من التضحيات والاساءات بسبب قيامها بعملها كنائبة معاصرة". أما النائبة كارولين سبيلمان التي ستتقاعد، فقد حذرت من "الاساءات على الانترنت التي تشبه الغرب المتوحش". وخرج نحو 86 نائبا في كل انتخابات عامة في الفترة بين 1979 و2015، بحسب فيليب كاولي استاذ السياسة في جامعة كوين ماري في لندن.

من جانب اخر نفى رئيس وزراء بريطانيا بوريس جونسون أن يكون قد لمس جسد صحفية بطريقة غير لائقة قبل 20 عاما وقال إن ما يهم الرأي العام أكثر من ذلك هو أن يسمع عن خططه المتعلقة بالخدمات العامة. وكتبت الكاتبة الصحفية شارلوت إدواردز في صحيفة صنداي تايمز تقول إن جونسون تحسس جسدها خلال غداء في عام 1999 عندما كان رئيسا لتحرير مجلة ذا سبكتاتور. وكتبت ”تحت المائدة.. شعرت بيد جونسون على فخذي وكان يضغط عليه“. وقالت إدواردز إنها أسرت بذلك إلى امرأة أخرى كانت تجلس بجوار جونسون من الناحية الأخرى. وأضافت أن المرأة قالت لها إن جونسون تحسسها أيضا.

وردا على سؤال في مقابلة تلفزيونية عما إذا كان لمس فخذها بطريقة غير لائقة كما قالت رد جونسون ”لا“. وعند سؤاله بعد ذلك عما إذا كانت قد اختلقت الرواية قال جونسون ”أقول ما قلته وأعتقد أن ما يريد أن يسمعه الناس هو ما نفعله من أجلهم ومن أجل البلاد ومن أجل الاستثمار في سبل توحيدها“. وقالت سلطة لندن الكبرى، وهي الحكومة المحلية للعاصمة ويديرها حزب العمال المعارض في وقت سابق، إنها أحالت جونسون إلى هيئة الرقابة في الشرطة لاحتمال التحقيق معه حول مزاعم بارتكاب تجاوزات تتعلق بسيدة أعمال أمريكية عندما كان رئيس بلدية لندن. وتأتي تلك الإحالة بعد مزاعم نشرتها لأول مرة صنداي تايمز وأفادت بأن جونسون تقاعس عندما كان رئيس بلدية لندن عن كشف علاقته الشخصية الوثيقة بسيدة الأعمال جنيفر أركوري التي تعمل في مجال التكنولوجيا والتي تلقت آلاف الجنيهات الإسترلينية من مخصصات الأعمال العامة كما شاركت في رحلات تجارية رسمية.

استفتاء جديد

الى جانب ذلك شارك مئات الآلاف من البريطانيين في مسيرة للمطالبة باستفتاء جديد حول الخروج من الاتحاد الأوروبي (بريكست) قائلين إن آراءهم تقابل بالتجاهل. ولوح المتظاهرون، الذين سافر بعضهم ساعات للوصول إلى العاصمة من أنحاء مختلفة في المملكة المتحدة، بأعلام الاتحاد الأوروبي تحت سماء صافية حاملين لافتات أبدعوا في كتابتها.

وأغلق الحشد مناطق واسعة من وسط لندن عندما وقف آلاف المتظاهرين في انتظار بدء المسيرة عند هايد بارك بينما وصل آخرون إلى مقر البرلمان. وقالت هانا بارتون (56 عاما) التي تعمل بعصر التفاح والتي جاءت إلى لندن من وسط انجلترا ولفت جسمها بعلم الاتحاد الأوروبي ”أنا غاضبة بشدة لأننا لا نجد من يسمعنا. جميع الاستطلاعات تقريبا تظهر أن الناس الآن يريدون البقاء في الاتحاد الأوروبي. نحن نشعر بأننا لا صوت لنا“. ومضت تقول ”هذه كارثة وطنية ننتظر حدوثها وسوف تدمر الاقتصاد“.

وبعد مناقشات شاقة استمرت أكثر من ثلاث سنوات ما زال الغموض يشوب كيفية أو موعد الخروج من الاتحاد الأوروبي أو ما إذا كان هذه العملية ستحدث أصلا مع محاولة رئيس الوزراء بوريس جونسون إجازة اتفاقه الخاص بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وتخطيطه لإيجاد مخرج من أعمق أزمة شهدتها البلاد منذ جيل. وحمل كثير من المتظاهرين لافتات بعضها يشبه خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بانتخاب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة.

وارتدى البعض أزياء خاصة وجعلت تلك الأزياء مجموعة من المتظاهرين تبدو كفواكه وخضروات. وكانت هناك أيضا دمى لسياسيين مثل جونسون ومستشاره الرئيسي دومينيك كامنجز. وعندما قطع المشاركون في المسيرة مسافة في لندن أطلق البعض أصوات صفير وانفجروا في الصياح ”أوقفوا بريكست“. وعزفت فرقة موسيقية لحنا وغنى حشد نشيد الاتحاد الأوروبي. بحسب رويترز.

وقال جيمس مكجوري مدير حملة تصويت الشعب التي تنظم المسيرة إنه يجب على الحكومة الاهتمام بغضب مؤيدي الاتحاد الأوروبي وإجراء استفتاء آخر بشأن الخروج من الاتحاد. وقال إن ”هذا الاتفاق الجديد لا يماثل ما تم التعهد به للشعب ولذلك فمن الصواب أن الشعب يستحق فرصة أخرى ليقول رأيه. ”ولا يمكن أن يكون هناك تعبير عن تغيير إرادة الشعب أفضل من خروج مئات الآلاف إلى الشوارع للمطالبة بالاستماع لهم في الوقت الذي يتخذ فيه الساسة داخل البرلمان قرارا سيؤثر علينا لأجيال“.

على صعيد متصل نشرت الحكومة البريطانية على مضض تصورا لأسوأ التوقعات إذا انفصلت البلاد عن الاتحاد الأوروبي دون اتفاق وقالت إنها قد تشهد تشابكات على طرق التجارة مع أوروبا وتعطل إمدادات الأدوية والأغذية الطازجة في الوقت الذي تنتشر فيه احتجاجات في مختلف أنحاء بريطانيا. وتمثل التوقعات الواردة في تقرير بعنوان ”عملية المطرقة الصفراء“. ونشرت هذه التصورات بناء على طلب نواب اتهموا حكومة جونسون بإخفاء التداعيات المدمرة للانفصال عن الاتحاد الأوروبي دون اتفاق وربما تزيد من حدة تبادل الاتهامات على الساحة السياسية.

ورجحت الوثيقة أن يكون الاستعداد محدودا على المستوى الشعبي ومستوى قطاع الأعمال للانفصال دون اتفاق لأسباب منها التشوش السياسي. ومن المحتمل أن تضطر الشاحنات في البداية للانتظار فترة تصل إلى يومين ونصف اليوم لعبور القنال الإنجليزي. وقال ”ستقل إمدادات أنواع معينة من الأغذية الطازجة. وثمة خطر أن يحدث إقبال بدافع الخوف على الشراء ما يتسبب في اضطراب الإمدادات الغذائية أو تفاقم هذا الاضطراب... وستحدث احتجاجات واحتجاجات مضادة في مختلف أنحاء بريطانيا“.

وقالت الحكومة إن الوثيقة المسماة عملية المطرقة الصفراء تكشف عن أسوأ التوقعات فقط وإنها اضطرت للاستعداد لكل الحالات الطارئة. وقال حزب العمال المعارض إن الوثائق تؤكد المخاطر الشديدة التي ستصاحب الخروج دون اتفاق وطالب بالدعوة لانعقاد البرلمان الموقوف لفحص تلك الوثائق واتخاذ القرارات الضرورية لمنع الانفصال دون اتفاق. وتقول الوثيقة إن تدفق حركة السير عبر القنال الإنجليزي قد تقل بما يصل إلى 60 في المئة في اليوم الأول. وقد تصل أسوأ فترة اضطرابات إلى ثلاثة أشهر.

السيناريوهات المحتملة في هذا الصدد

منع الخروج بلا اتفاق

صوت أعضاء البرلمان أكثر من مرة لإظهار معارضتهم للخروج بلا اتفاق، وستحاول أحزاب المعارضة وبعض الأعضاء المحافظين تمرير تشريع للحيلولة دون الخروج بلا اتفاقن كن القرار بتعليق البرلمان في التاسع من سبتمبر يعني أن أمامهم وقتا قصيرا للغاية، ويتوجب عليهم في البداية السيطرة على جدول أعمال البرلمان. ومن المتوقع أن يجري تصويت على ذلك اليوم الثلاثاء، وعندئذ سيشرعون في محاولة تمرير قانون جديد - لحث الحكومة على أن تطلب من الاتحاد الأوروبي إرجاء موعد الخروج حتى 31 يناير/كانون الثاني 2020.

تصويت على سحب الثقة

وإذا فشل هذا المسار التشريعي، فمن المحتمل أن نشهد جدولا للتصويت لسحب الثقة من الحكومة. وكان زعيم حزب العمال جيريمي كوربين قد أعلن في وقت سابق عزمه الإقدام على تلك الخطوةـ وإذا ما حظي مقترح سحب الثقة بتصويت عدد أكبر من النواب، فستكون هناك فرصة سانحة مدتها 14 يوما أمام الحكومة الراهنة -أو أية حكومة بديلة برئيس وزراء جديد- لكي تحظى بثقة النواب.

وحال تعيين حكومة جديدة عبر تلك الطريقة، فقد تسعى هذه الحكومة إلى إرجاء موعد الخروج من الاتحاد الأوروبي - ربما لإجراء انتخابات عامة أو إجراء استفتاء آخرـ وإذا لم يفز أحد بثقة النواب، فسيكون بإمكان بوريس جونسون كرئيس وزراء اختيار موعد إجراء الانتخابات العامة بعد 31 أكتوبر/تشرين الأول، أي بعد وقوع الخروج من الاتحاد الأوروبي.

انتخابات مبكرة

أما إذا صادف المسار التشريعي نجاحا وتمكن أعضاء البرلمان من تمرير قانون لمنع الخروج بلا اتفاق، فقد يسعى رئيس الوزراء إلى إجراء انتخابات مبكرة، ويحتاج رئيس الوزراء دعم ثلثي أعضاء البرلمان لإجراء انتخابات لكن الاتفاق الراهن الذي تفاوضت عليه تيريزا ماي وحكومتها قوبل بالرفض عدة مرات في مجلس العموم - وقال بوريس جونسون إن هذا الاتفاق منتهي الصلاحية، وتأمل الحكومة الجديدة أن تتمكن من تأمين اتفاق جديد مع الاتحاد الأوروبي - أو نسخة معدلة من الاتفاق الموجود بدون ما يعرف بـ "شبكة الأمان" الخاصة بايرلندا (باكستوب)، والتي تعارضها الحكومة.

والباكستوب هو تدبير يستهدف منع أي احتمال لقيام نقاط حدودية أو نقاط تفتيش بين ايرلندا الشمالية وجمهورية ايرلندا، وعلى الرغم من تصريحات للاتحاد الأوروبي بإمكانية النظر في أي مقترحات بريطانية جديدة، فإن الاتحاد أكد مِرارا أن الباكستوب هو جزء حاسم من الاتفاق.

إرجاء الخروج من الاتحاد الأوروبي

وحتى لو نجح معارضو الخروج بلا اتفاق في دفع الحكومة إلى طلب إرجاء لعملية الخروج، فإن المملكة المتحدة لن يكون في مقدورها اتخاذ قرار الإرجاء بشكل أحادي الجانب؛ إذ يتطلب القرار موافقة إجماعية من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، وقد كان ممكنا في السابق الموافقة على تمديدات، وكان ممكنا إقناع الدول الأخرى حال ظنها أن البديل هو خروج بلا اتفاق.

إلغاء البريكست

وثمة خيار قانوني يتمثل في إلغاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست) كلية، عبر إلغاء المادة 50، لكن من الواضح أن هذا الخيار غير مطروح للنقاش في ظل الحكومة الراهنة، ومن ثم فإن هذا المَخرج من غير المحتمل التفكير فيه إلا في ظل حكومة أخرى.

اضف تعليق