q
دخلت الاحتجاجات الشعبية التي يشهدها العراق للمطالبة بإصلاح النظام السياسي ومحاربة الفساد وتغير الطبقة السياسية التي تحكم العراق منذ عام 2003 شهرها الثاني. حيث تواصلت الاعتصامات في بغداد وعدد من المدن الجنوبية كما واصلت المدارس والمؤسسات الحكومية إغلاق أبوابها، وشهدت الاحتجاجات التي انطلقت في...

دخلت الاحتجاجات الشعبية التي يشهدها العراق للمطالبة بإصلاح النظام السياسي ومحاربة الفساد وتغير الطبقة السياسية التي تحكم العراق منذ عام 2003 شهرها الثاني. حيث تواصلت الاعتصامات في بغداد وعدد من المدن الجنوبية كما واصلت المدارس والمؤسسات الحكومية إغلاق أبوابها، وشهدت الاحتجاجات التي انطلقت في الأول من تشرين الأول/أكتوبر الماضي أعمال عنف دامية أسفرت وبحسب بعض المصادر عن استشهاد اكثر 300 شخصًا وجرح الالاف من المتظاهرين وافراد القوى الامنية، هذه التظاهرات الشبابية وبحسب بعض المراقبين مختلفة عن سابقاتها وقد اجبرت القوى السياسية على الاعتراف بفشها والعمل على اعادة ترتيب اوراقها وتنفيذ مطالب الشارع العراقي، خصوصا بعد تأييد المرجعية الدينية في النجف الاشرف لهذه المطالب.

حيث اكتسبت الاحتجاجات زخما جديدا نتيجة دعم المرجعية الشيعية العليا في البلاد، وشكلت خطبة الجمعة الاخيرة الصادرة عن مكتب السيد السيستاني وكما نقلت بعض المصادر، انعطافه واضحة لصالح الشارع وانتقادا صريحا للسلطات العراقية. فبعد انتهاء الخطبة، شهدت المظاهرات مزيدا من المشاركة في المدن الجنوبية. هو ما اكدته ايضاً ممثلة الأمم المتحدة جينين هينيس بلاسخارت التي وأعلنت بعد لقائها السيد السيستاني في النجف، إن المرجعية أقرت خارطة الطريق تتضمن مراجعة قانون الانتخابات في غضون فترة معينة. وقالت بلاسخارت، إن السيستاني "يشعر بقلق لرؤية القوى السياسية غير جادة بما يكفي لتنفيذ إصلاحات مماثلة".

خطبة وتأييد

وفي هذا الشأن أعلن المرجع الديني الشيعي الأعلى في العراق آية الله السيد علي السيستاني، في خطبة الجمعة التي تلاها ممثله السيد أحمد الصافي في كربلاء أنه "إذا كان من بيدهم السلطة يظنون أن بإمكانهم التهرب من استحقاقات الإصلاح الحقيقي بالتسويف والمماطلة فإنهم واهمون". مضيفا "لن يكون ما بعد هذه الاحتجاجات كما كان قبلها في كل الأحوال، فليتنبهوا إلى ذلك".

وأكد السيستاني، أن "المواطنين لم يخرجوا إلى المظاهرات المطالبة بالإصلاح بهذه الصورة غير المسبوقة ولم يستمروا عليها طوال هذه المدة بكل ما تطلّب ذلك من ثمن فادح وتضحيات جسيمة، إلا لأنهم لم يجدوا غيرها طريقا للخلاص من الفساد". واعتبرت هذه الخطبة الأكثر وضوحا للمرجعية منذ انطلاق موجة الاحتجاجات التي بدأت مطلبية في الأول من تشرين الأول/أكتوبر الماضي. وتعد هذا انتقادا صريحا للسلطة الحاكمة.

وجددت المرجعية العليا تأكيدها أن "معركة الإصلاح التي يخوضها الشعب العراقي الكريم إنما هي معركة وطنية تخصه وحده ولا يجوز السماح بأن يتدخل فيها أي طرف خارجي". وكان السيد السيستاني التقى رئيسة بعثة الأمم المتحدة في العراق جينين هينيس بلاسخارت، التي طرحت خارطة طريق حظيت بموافقته، مقسمة على مراحل، تدعو إلى وضع حد فوري للعنف، والقيام بإصلاحات ذات طابع انتخابي، واتخاذ تدابير لمكافحة الفساد في غضون أسبوعين، تتبعها تعديلات دستورية وتشريعات بنيوية في غضون ثلاثة أشهر. بحسب فرانس برس.

ودعا السيد علي السيستاني إلى الإسراع بتشريع قانون جديد للانتخابات يعيد للمواطن ثقته بالعملية السياسية دون تحيز للأحزاب، محذراً من أن التدخل الخارجي في الشأن العراقي قد يحول البلاد لـ«ساحة لتصفية الحسابات». ولفت إلى أنه رغم مرور مدة زمنية على انطلاق الاحتجاجات التي وصفها بـ«الطريق المشرِّفة»، إلا أنه لم يتحقق إلى اليوم على أرض الواقع من مطالب المحتجين ما يستحق الاهتمام به.

وفي هذا السياق، اعتبرت المرجعية في خطبتها أن "إرادة الشعب تتمثل في نتيجة الاقتراع السري العام إذا أُجري بصورة عادلة ونزيهة"، داعياً إلى الإسراع في إقرار قانون جديد لمفوضية جديدة للانتخابات تكون حيادية وتحظى بالمصداقية دون تدخل خارجي؛ لما لها من مخاطر تحول البلد لساحة لتصفية الحسابات يكون الخاسر الأكبر هو الشعب. وأضاف، أن هذا القانون الجديد يجب أن يمنح فرصة حقيقية لتغيير القوى التي حكمت البلد خلال السنوات الماضية، وأن إقرار قانون لا يمنح مثل هذه الفرصة للناخبين لن يكون مقبولا ولا جدوى منه.

اجتماع ومطالب

الى جانب ذلك أكدت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق جينين هينيس بلاسخارت في أن على الساسة العراقيين "تولّي المسؤولية" للاستجابة إلى مطالب المتظاهرين. وقالت بلاسخارت إن على المسؤولين "تولّي المسؤولية لتحقيق ما يراد تحقيقه. هم منتخبون من الشعب، وهم مسؤولون أمامه".

وطرحت الأمم المتحدة خارطة طريق، حظيت بموافقة المرجع الديني الشيعي الأعلى في البلاد آية الله العظمى السيد علي السيستاني، مقسمة على مراحل، تدعو إلى وضع حد فوري للعنف، والقيام بإصلاح انتخابي، واتخاذ تدابير لمكافحة الفساد في غضون أسبوعين، تتبعها تعديلات دستورية وتشريعات بنيوية في غضون ثلاثة أشهر. وناقشت بلاسخارت الخطة الأممية مع زعماء الكتل النيابية على هامش جلسة برلمانية، وقالت لهم "لقد حان الوقت الآن للتحرك، وإلا فإن أي زخم سيضيع، سيضيع في وقت يطالب فيه الكثير من العراقيين بنتائج ملموسة".

وأضافت بلاسخارت أن "هناك الكثير على المحك هنا. ثقة الجمهور في أدنى مستوياتها على الإطلاق". وتابعت أن " لا يوجد شيء أكثر ضرراً من المبالغة في الوعود وقلة الأداء". وعينت بلاسخارت (46 عاماً) العام الماضي رئيسةً لبعثة الأمم المتحدة لدى العراق، بعدما خدمت كوزيرة للدفاع في هولندا بين العامين 2012 و2017. واعتبر المتظاهرون المحتشدون في ساحة التحرير الرمزية في وسط بغداد، إن لقاءها بالسيستاني أعطى زخماً للاحتجاجات. وسبق أن التقت بلاسخارت بالمحتجين في التحرير الشهر الماضي، واستقلت عجلة الـ"توك توك" التي أصبحت رمزاً للاحتجاجات من خلال عملها في نقل المصابين والجرحى. بحسب فرانس برس.

من جانبه اعتبر قائد بعثة حلف شمال الأطلسي في العراق الجنرال داني فورتين، في ختام مهمته التي استمرت عاماً كاملاً، أن أعمال العنف التي شهدتها الاحتجاجات المناهضة للحكومة "مأساة مطلقة". وقال الجنرال الكندي الذي يرأس بعثة تضم مستشارين ومدربين إن حلف "الاطلسي يواصل حض الحكومة العراقية على ضبط النفس، خلال أحداث الأسابيع الماضية والتي كانت مأساة مطلقة". وتقدم البعثة التي تأسست قبل عام المشورة والتدريب للقوات العراقية، في ثلاثة معاهد عسكرية، غير أن فورتين لفت إلى أنها لم تكن مفوضة بتدريب القوات على مكافحة التظاهرات والشغب.

اضراب عام

في السياق ذاته شهدت العديد من مدن العراق إضرابا عاما أعاد الزخم إلى الحراك الاحتجاجي المتواصل منذ أسابيع للمطالبة بإصلاح النظام وتدفق العراقيون مجددا إلى شوارع العاصمة بغداد وعدد من مدن الجنوب. وأصبحت الاعتصامات تكتيكا أسبوعيا متبعا في الاحتجاجات التي انطلقت في الأول من تشرين الأول/أكتوبر للمطالبة بمكافحة الفساد وتأمين فرص عمل وتغيير الطبقة السياسية الحاكمة.

وخرج الآلاف الأحد إلى الشوارع بعد دعوات من ناشطين إلى الإضراب العام. وتوقف العمل في غالبية مدن جنوب العراق من البصرة وصولا إلى الكوت والنجف والديوانية والحلة والناصرية، حيث أغلقت الدوائر الحكومية والمدراس، وأقدم المتظاهرون في مدينة البصرة الغنية بالنفط، على حرق إطارات لقطع الطرق ومنع الموظفين من الوصول إلى عملهم.

وأعلنت الحكومات المحلية في محافظات بينها بابل وواسط وذي قار، الأحد عطلة رسمية. وفي مدينة الحلة، حيث أغلقت الدوائر والمدارس، وخرج آلاف بينهم طلبة وموظفون حكوميون للاعتصام أمام مبنى مجلس المحافظة في وسط المدينة، وقال المحامي والناشط المدني حسان الطوفان إن "التظاهرات تمثل تصديا للفساد والعمل من أجل الخلاص من الظلم". "سنواصل التظاهر حتى إرغام الحكومة على الاستقالة" وأكد "سنواصل التظاهر والإضراب العام مع كل العراقيين حتى إرغام الحكومة على الاستقالة". بحسب فرانس برس.

في غضون ذلك، احتشد آلاف المتظاهرين في ساحة التحرير الرمزية وساحة الخلاني القريبة وعند جسر السنك، فيما فرضت قوات الأمن إجراءات مشددة حول مواقع التجمع. وعاد المتظاهرون للاعتصام عند جسر السنك الحيوي، بعدما تراجعت القوات الأمنية التي كانت منعت تقدمهم إليه قبل أسبوعين. ويحتشد المتظاهرون منذ أسابيع في ساحة التحرير المركزية ببغداد، مطالبين بإصلاح النظام وتغيير الطبقة السياسية الحاكمة التي يعتبرون أنها تعيث فسادا في البلاد منذ 16 عاما. وكانوا قد تمكنوا من السيطرة على أربعة جسور حيوية تربط ضفتي نهر دجلة وتصل شرق بغداد بغربها، حيث المنطقة الخضراء التي تضم المقار الحكومية والسفارات الأجنبية.

اضف تعليق