q
غير احتجاز بريطانيا ناقلة إيرانية من الحسابات الدبلوماسية بعد أسابيع حاولت فيها الدول الأوروبية الحليفة لواشنطن أن تبدو محايدة بعد رفضها لقرار ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي. وعلى الرغم من أن الدول الأوروبية لم تحذو حذو واشنطن في فرض عقوبات على إيران...

قضية السفينة الإيرانية المحتجزة من قبل البحرية البريطانية في مضيق جبل طارق، للاشتباه بأنها تخرق عقوبات فرضها الاتحاد الأوروبي بنقل نفط إلى سوريا. ما تزال محط اهتمام متزايد، خصوصا وان المواجهة بين إيران والغرب كما نقلت بعض المصادر قد اتخذت منحى آخر. حيث أشار مسؤولون إيرانيون منذ ذلك الحين إلى أن بلادهم قد ترد بعرقلة الملاحة البريطانية. واستدعت إيران بعدها السفير البريطاني للاحتجاج على ما وصفته بأنه "نوع من القرصنة". وكتب رضائي على حسابه بموقع تويتر: "إذا لم تفرج بريطانيا عن الناقلة الإيرانية، فمن واجب السلطات الإيرانية أن تحتجز ناقلة بريطانية".

وهددت إيران في أعقاب احتجاز ناقلة النفط التابعة لها باحتجاز ناقلة بريطانية، في حال لم تفرج لندن عن ناقلة النفط المحتجزة، قبل أن تكشف بريطانيا عن محاولة إيرانية عبر 3 قوارب لإعاقة مرور ناقلة نفط تابعة لها في مضيق هرمز. يذكر أن هذه الحادثة أتت في وقت تشهد فيه منطقة الخليج تصاعدا في التوترات بين إيران وأمريكا، اقترب من حد الوصول إلى مواجهة عسكرية، إذ قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إنه أوقف شن ضربات عسكرية على 3 مواقع إيرانية قبل 10 دقائق من تنفيذها.

وغير احتجاز بريطانيا ناقلة إيرانية من الحسابات الدبلوماسية بعد أسابيع حاولت فيها الدول الأوروبية الحليفة لواشنطن أن تبدو محايدة بعد رفضها لقرار ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي. وعلى الرغم من أن الدول الأوروبية لم تحذو حذو واشنطن في فرض عقوبات على إيران فإن هناك عقوبات مفروضة بالفعل من الاتحاد الأوروبي تمنع بيع النفط لسوريا حليفة طهران. هذه التطورات دفعت لندن التي اكدت انها لا تنوي تخصيص مرافقة أمنية لكل سفينة تجارية بريطانية تمر بمضيق هرمز الى رفع مستوى أمن السفن إلى الدرجة (3)، وهي أعلى درجة، وذلك بالنسبة للسفن التي ترفع علم بريطانيا في المياه الإيرانية.

وقال مصدر امني بريطاني ”سنكون حازمين في الدفاع عن المصالح البحرية البريطانية في الخليج لكن لا نسعى مطلقا لتصعيد الموقف مع إيران“. وأكد وزير الخارجية البريطاني، جيرمي هانت، أن بلاده ستطلق سراح ناقلة النفط الإيرانية المحتجزة، في حال قدمت إيران ضمانات بعدم ذهابها إلى سوريا. وقال هانت إنه أبلغ نظيره الإيراني، جواد ظريف، أن بلاده مستعدة للبدء بعملية الإفراج عن ناقلة النفط "Grace 1" المحتجزة في جبل طارق، في حال قدمت طهران ضمانات بعدم ذهابها إلى سوريا، وفقا لما نشره هانت عبر صفحته الرسمية على موقع تويتر. وأشار نائب وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، قبل أيام إلى أن ناقلة النفط لم تكن متجهة إلى سوريا، مشيرا إلى أن الموانئ السورية غير قادرة على استيعاب ناقلة بهذا الحجم.

تهديدات ومخاوف

قالت بريطانيا إن ثلاث سفن إيرانية حاولت اعتراض سبيل ناقلة مملوكة لها لدى مرورها عبر مضيق هرمز، الذي يتحكم في تدفق النفط من الشرق الأوسط للعالم، لكنها انسحبت بعد تحذيرات من سفينة تابعة للبحرية الملكية البريطانية. مسار ناقلة النفط البريطانية بريتيش هيريتدج والتي حاولت ثلاث سفن إيرانية اعتراض سبيلها في مضيق هرمز. وبعد أسبوع من احتجاز بريطانيا ناقلة إيرانية بتهمة انتهاك عقوبات مفروضة على سوريا، قالت لندن إن اعتراض الناقلة (بريتيش هيريتدج) التي تشغلها شركة بي.بي النفطية وقع في مضيق هرمز.

وقال متحدث باسم الحكومة البريطانية في بيان ”السفينة الحربية مونتروز اضطرت للتمركز بين السفن الإيرانية وبريتيش هيريتدج ووجهت تحذيرات شفهية للسفن الإيرانية التي ابتعدت حينها“. وحثت بريطانيا السلطات الإيرانية على ”تهدئة الوضع في المنطقة“. ورفض وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف التقرير البريطاني ونقلت وكالة فارس للأنباء عنه وصفه للمزاعم الواردة فيه بأنها ”هراء“.

وقال مرشح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لرئاسة الأركان المشتركة للكونجرس إن ما حدث كان محاولة فيما يبدو من قطع بحرية صغيرة ”للاستيلاء“ على سفينة تجارية بريطانية. وأضاف الجنرال مارك ميلي قائد الأركان الحالي للجيش الأمريكي والمرشح لقيادة الأركان المشتركة أن حرية الملاحة مبدأ أساسي وأن مرافقة قطع بحرية عسكرية للسفن التجارية هو أمر محل بحث مع الحلفاء وسيشهد تطورات خلال الأسابيع المقبلة.

وتتهم الولايات المتحدة إيران بالوقوف وراء سلسلة من الهجمات التي استهدفت الملاحة منذ منتصف مايو أيار في أهم شريان ملاحي لقطاع النفط في العالم، وهي اتهامات ترفضها طهران، لكنها أثارت مخاوف من اندلاع حرب بين الخصمين القديمين بعد أن أسقطت إيران طائرة مسيرة أمريكية مما دفع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإصدار أمر بضربات جوية ردا على ذلك ليلغيها قبل التنفيذ بدقائق.

وقال جون ألترمان مدير برنامج الشرق الأوسط في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية ”أتوقع أن يواصل الإيرانيون تحين الفرص للمضايقة والعرقلة دون الانزلاق إلى حرب“. وقال قائد عسكري إيراني كبير إن بريطانيا والولايات المتحدة ستندمان على احتجاز الناقلة الإيرانية. بحسب رويترز.

وقالت القيادة المركزية الأمريكية إن تهديد حرية الملاحة الدولية يستلزم حلا دوليا. وقال الكابتن بيل أوربان المتحدث باسم القيادة المركزية الأمريكية في بيان ”إن الاقتصاد العالمي يعتمد على التدفق الحر للتجارة ويتعين على كل الدول حماية وصيانة هذا العنصر الحيوي للازدهار العالمي“. وأقصت العقوبات الأمريكية إيران عمليا من أسواق النفط الرئيسية مما حرمها من مصدر الدخل الرئيسي لها ومن الفوائد الاقتصادية التي كانت تحصل عليها مقابل تحجيم برنامجها النووي، وتقول الجمهورية الإسلامية إنها لن تعود إلى الامتثال التام بالاتفاق إلا بعد رفع العقوبات وعودة واشنطن إلى الاتفاق.

مواكبة الناقلات

من جانب اخر تناقش الولايات المتحدة وحلفاؤها خططا لتأمين مواكبة لناقلات النفط في الخليج، وفق ما أعلن جنرال أميركي كبير وذلك بعد تهديد سفن عسكرية إيرانية ناقلة بريطانية. وقال الجنرال مارك مايلي المرشح لتولي رئاسة هيئة الأركان الاميركية المشتركة أمام مجلس الشيوخ إن للولايات المتحدة "دورا حاسما" في ضمان حرية الملاحة في الخليج، وإن واشنطن تسعى لتشكيل تحالف "بشأن تأمين مواكبة عسكرية وبحرية للشحن التجاري"، مضيفا "أعتقد أن ذلك سيتبلور في الاسبوعين المقبلين".

ومايلي، الذي يشغل حاليا منصب رئيس أركان الجيش، أكد تعليقات لرئيس هيئة الاركان المشتركة الحالي جون دانفورد في وقت سابق. وقال دانفورد للصحافيين إن البنتاغون يعمل لتحديد شركاء محتملين في محاولة لحماية حركة الملاحة في مضيق هرمز وباب المندب على جانبي شبه الجزيرة العربية، حيث يمر معظم النفط الخام في العالم. وجاءت تعليقات مايلي بعد إعلان لندن أن قوارب ايرانية مسلحة حاولت اعاقة مرور ناقلة نفط بريطانية في تصعيد دراماتيكي في الخليج. ونفى الحرس الثوري الايراني التورط في الحادث، لكنه حذّر كلا من الولايات المتحدة وبريطانيا بأنهما "ستندمان بشدة" على احتجاز بريطانيا لناقلة نفط تحمل نفطا ايرانيا قبالة جبل طارق.

الى جانب ذلك قال الرئيس الإيراني حسن روحاني إن بريطانيا ستواجه ”عواقب“ لاحتجازها ناقلة نفط إيرانية. ونقلت وكالة تسنيم شبه الرسمية عن روحاني قوله بعد اجتماع لمجلس لوزراء ”أنت (بريطانيا) من بدأ انعدام الأمن وستدركين العواقب لاحقا“. وأضاف روحاني ”أصبحتم يائسون إلى درجة أنكم عندما ترغب إحدى ناقلاتكم في التحرك في المنطقة يتعين عليكم إحضار الفرقاطات (لمرافقتها) لأنكم خائفون. ثم تقومون بمثل هذه الأفعال (الاحتجاز)؟ يتعين عليكم بدلا من ذلك أن تضمنوا سلامة الملاحة“. وقال روحاني كذلك إن زيادة تخصيب اليورانيوم في إيران ستنتج وقودا لمحطات الطاقة وستخدم أهدافا سلمية أخرى، وأنها تأتي في إطار عمل الاتفاق النووي المبرم مع قوى عالمية في 2015. وكان روحاني يتحدث بعد يوم من اتهام قوى أوروبية لإيران بأنها ”تقوم بأعمال تتعارض مع التزاماتها“ بموجب الاتفاق النووي ودعوتها لاجتماع عاجل لأطراف الاتفاق. بحسب رويترز.

وقال روحاني ”أنتم (الأوروبيون) لا يتعين عليكم القلق من إيران، اهتمامكم يجب أن ينصب على الولايات المتحدة التي انتهكت هذا الالتزام برمته وقوضت التعهدات الدولية“. وأطراف الاتفاق المتبقية بعد انسحاب الولايات المتحدة منه العام الماضي هي بريطانيا وألمانيا وفرنسا وروسيا والصين وإيران.

حرب اقتصادية

تظهر بيانات الشحن أن سعة الناقلة تبلغ 300 ألف طن وأنها ترفع علم بنما وتشغلها شركة (آي شيبس ماندجمنت) التي تتخذ من سنغافورة مقرا لها. واتهمت إيران إدارة ترامب بشن ”حرب اقتصادية“ عليها من خلال حملة لوقف جميع صادراتها النفطية، وذلك في أعقاب انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الذي قال ترامب إن به ثغرات خطيرة لصالح طهران.

وقالت مصادر في صناعة النفط إن صادرات الخام الإيراني بلغت حوالي 300 ألف برميل يوميا أو أقل في أواخر يونيو حزيران، وهو جزء ضئيل مقارنة بأكثر من 2.5 مليون برميل كانت إيران تشحنها يوميا في أبريل نيسان 2018، أي قبل شهر من انسحاب ترامب من الاتفاق النووي. وتعهدت إيران بالتحرر شيئا فشيئا من القيود التي يفرضها الاتفاق على قدرتها على تخصيب اليورانيوم إلى أن يصبح بمقدورها بيع هذه الكمية من النفط مرة أخرى. وتقول طهران إن هذا هو أقل ما يمكن أن تتوقعه من الاتفاق الذي يعرض عليها مكاسب اقتصادية مقابل تقييد قدراتها النووية.

وتصاعدت المخاوف من اندلاع حرب بعدما أدت المواجهة بين الولايات المتحدة وإيران إلى شن هجمات على ناقلات نفط في الخليج وإسقاط إيران لطائرة استطلاع عسكرية أمريكية مسيرة وإلى التخطيط لتوجيه ضربات جوية أمريكية لإيران ألغاها ترامب في اللحظات الأخيرة. وترفض إيران الدخول في مفاوضات حول فرض قيود أكثر صرامة على نشاطها النووي وسلوكها على الصعيد الإقليمي.

وتحظر أوروبا شحنات النفط إلى سوريا منذ عام 2011 لكنها لم تحتجز من قبل ناقلة في البحر بموجب تلك العقوبات. وعلى خلاف الولايات المتحدة لم تفرض أوروبا عقوبات موسعة على إيران. وقالت حكومة جبل طارق في بيان إن لديها أسبابا وجيهة تدعوها للاعتقاد بأن الناقلة (جريس 1) تحمل شحنة من النفط الخام إلى مصفاة بانياس في سوريا. وقال فابيان بيكاردو رئيس وزراء جبل طارق ”تلك المصفاة مملوكة لكيان خاضع لعقوبات يفرضها الاتحاد الأوروبي على سوريا“. وأضاف ”بموافقة مني، سعت هيئة الميناء وسلطات إنفاذ القانون لإشراك مشاة البحرية الملكية في تنفيذ هذه العملية“.بحسب رويترز.

وقالت إسبانيا إن حكومة جبل طارق احتجزت الناقلة العملاقة (جريس 1) بناء على طلب من الولايات المتحدة لبريطانيا، وإن العملية جرت على ما يبدو في مياه إسبانية. وجرى توثيق تحميل (جريس 1) بزيت الوقود في ميناء البصرة في العراق في ديسمبر كانون الأول، رغم أن الميناء العراقي لم يسجل توقفها به، وكانت أنظمة التتبع بها مغلقة. وعاودت الناقلة الظهور بالقرب من ميناء بندر عسلوية الإيراني وهي محملة بالكامل. وقال مصدر في المخابرات إن الناقلة ربما قطعت الرحلة حول أفريقيا لتجنب المرور من قناة السويس إذ أن الناقلات العملاقة من هذا النوع عليها أن تفرغ حمولتها ثم تحملها مجددا بعد العبور مما كان سيعرضها لاحتمال الاحتجاز.

اضف تعليق