q
تطورات جديدة تشهدها فرنسا مع استمرار تظاهرات اصحاب السترات الصفراء، التي شهدت بعض اعمال العنف والتخريب هذه التطورات اثارت مخاوف الكثير داخل وخارج فرنسا، خصوصا وان الحكومة الفرنسية قد توعدت باستخدام القوة من اجل تطبيق القانون، وهو ما قد يسهم في خلق حالة من عدم الاستقرار الأمني...

تطورات جديدة تشهدها فرنسا مع استمرار تظاهرات اصحاب السترات الصفراء، التي شهدت بعض اعمال العنف والتخريب هذه التطورات اثارت مخاوف الكثير داخل وخارج فرنسا، خصوصا وان الحكومة الفرنسية قد توعدت باستخدام القوة من اجل تطبيق القانون، وهو ما قد يسهم في خلق حالة من عدم الاستقرار الامني في هذا البلد الاوروبي المهم، وبعد أسابيع من الاحتجاجات كل سبت في كل أنحاء البلاد التي تخلل بعضها أعمال عنف، أعلن ماكرون مزيدا من التنازلات، من بينها زيادة 100 يورو لخمسة ملايين يتقاضون الحد الأدنى من الأجر وإلغاء ضريبة مقررة على رواتب المتقاعدين.

فبعد أسبوع جديد تراجع فيه زخم تظاهرات حركة "السترات الصفراء" المناهضة للحكومة، دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وكما نقلت بعض المصادر، إلى "اعادة ارساء النظام"، فيما أبدت الحكومة استعداداً لمزيد من الحزم. وقال ماكرون إن "الوقت الآن قد حان للهدوء والنظام والانسجام"، مضيفاً أن "بلادنا بحاجة لذلك (...) يجب ردم الانقسامات". ووعد ماكرون "بإجراءات قضائية قاسية" مستقبلا بحقّ "السترات الصفراء".

وقبل أيام من عيد الميلاد، كان تحرّك "السترات الصفراء" باهتاً بالمقارنة مع الأيام الماضية، ولم تحصل مواجهات وعنف مع قوات الأمن كما جرى في الاسابيع الفائتة. ومع ذلك، استنكر رئيس السلطة التنفيذية إدوار فيليب "تطرّف" الحركة وعنفها "الذي لا يصدق". ويشير هنا الى هرب ثلاثة رجال شرطة على دراجاتهم النارية بعد تعرضهم للرشق بالحجارة في الشانزيليزيه من قبل مجموعة متظاهرين، وهي حادثة أثارت غضبا كبيرا.

وأظهر شريط مصور للحادثة أحد رجال الشرطة وهو يوجه سلاحه على المتظاهرين قبل أن يهرب مع زملائه. وجرى فتح تحقيق بشأن "عنف مقصود" ضدّ الشرطة. ويقصد فيليب أيضاً اداء عشرات من "السترات الصفراء" على الهواء أغنية للكوميدي ديودونيه أمبالا أمبالا، المدان عام 2017 بمعاداة السامية، وكذلك مشهد قطع رأس دمية لماكرون من قبل بعض المحتجين في منطقة شارانت (غرب).

وفي إشارة إلى حزم الحكومة ضدّ "السترات الصفراء"، جرى التحقيق مع أحد مؤسسيها إريك درويه. وسيحاكم درويه في ما بعد، وطلبت المحكمة منعه من الظهور في العاصمة إلى حين محاكمته، وفق ما قال مصدر قضائي. ودعا درويه على صفحته على فيسبوك التي اقامها في تشرين الأول/أكتوبر إلى تحرّك وطني ضدّ رفع أسعار الوقود، وتفاعل الآلاف مع منشوره الذي كان أحد الدوافع إلى التحرك الوطني الأول في 17 تشرين الثاني/نوفمبر. وتبدو معركة الحكومة مع "السترات الصفراء" مؤجلة، بينما وعد هؤلاء باستعادة زخمهم بعد رأس السنة. واعتبر وزير الداخلية أن ما يجري "معالجة حقيقية للحركة"، مضيفا أن "البلاد بحاجة للهدوء والنظام والسلام عشية احتفالات رأس السنة". وسجلت بعض الحوادث عند بعض تقاطعات الطرق السريعة في الجنوب على هامش التحركات.

استراحة رأس السنة

وفي هذا الشأن السلطات الفرنسية "اليقظة" وتبدي "تصميما" على بسط النظام في مواجهة "تشدد" قسم من محتجي السترات الصفراء، آملة في استراحة من هذه الاحتجاجات لمناسبة عيدي الميلاد وراس السنة. وقالت الرئاسة الفرنسية ردا على سؤال بشأن قلق محتمل في مواجهة غضب محتجي السترات الصفراء، الحركة التي انطلقت في 17 تشرين الثاني/نوفمبر وتبقى في الاذهان حتى ان خفت حدتها قبل الاعياد، "ان الحكومة والسلطة التنفيذية تلزمان اليقظة".

وأضافت الرئاسة "نحن دائما نلزم اليقظة ذاتها من أجل أن يقضي الفرنسيون الاعياد في ظروف حسنة"، موضحة ان الرئيس ايمانويل ماكرون "يتابع باستمرار" وهو "يمضي عيد الميلاد مع أسرته في اجازة لبضعة ايام ليرتاح". وأعلن الرئيس الفرنسي في 10 كانون الاول/ديسمبر سلسلة من الاجراءات للرد على حركة الاحتجاج التي تجند فيها فرنسيون متواضعو الحال منذ أكثر من شهر ضد السياسة الاجتماعية والضريبية للحكومة، لتهدئة الغضب. وقبل خصوصا التراجع عن ضريبة على المحروقات وأعلن الغاء الضريبة على ساعات العمل الاضافية وزيادة مئة يورو شهريا لمن يحصلون على الأجر الادنى.

وذكر رئيس الوزراء ادوار فيليب "كنا أعلنا عددا من الاجراءات ستطبق ابتداء من الأول من كانون الثاني/يناير 2019". وأضاف أنه سيتم تنظيم "نقاش واسع حتى يتمكن مجمل الفرنسيين، بمن فيهم من يرون أنهم ظلوا سنوات طويلة أدنى تمثيلا وأبعد عن النقاش العام، من التعبير عن تطلعاتهم". بيد أنه قال أن "هذا النقاش وكذلك عمل مؤسساتنا، يتطلبان عودة النظام" وأن "تتوقف الاستفزازات" مشيرا الى "تلك التصريحات المطبوعة أحيانا بمعاداة السامية وذلك العنف وتلك الرغبة في التحطيم ومهاجمة قوات الأمن عمدا". وتدارك "أنا لا أخلط بين من يتظاهرون بهذه الطريقة ومن يعبرون سلميا عن مطالب". لكن "مع استمرار هذه الحركة فانها تترجم الى تشدد عنيف جدا". وجاءت تصريحات رئيس الوزراء بعد اجتماعه بشرطيين تم التعرض لهم في جادة الشانزيليزيه من محتجين دفعوا الدراجة النارية لأحد الشرطيين ورموا مقذوفات عليهم ما اضطر أحدهم الى أن يشهر مسدسه للحظات. بحسب فرانس برس.

وندد الكثير من عناصر حركة الاحتجاج بتلك التجاوزات ودعوا الى تفادي "خلطها" مع حركتهم ضد رفع الضرائب وتراجع القدرة الشرائية. ورغم تلك الأحداث فان فترة استراحة ترتسم لمناسبة عيد الميلاد بعد أكثر من ستة أسابيع من التوتر. وبحسب شرطة مقاطعة بوش-دو-رون فان (جنوب شرق) فانه لم يشاهد أي من عناصر "السترات الصفراء" حول مرسيليا و"سجلت فقط بعض التجمعات المتفرقة" قرب افينيون "بدون تاثير على حركة السير". وأكد متحدثون محليون باسم الحركة أنهم لم يبرمجوا اي تحرك في 24 كانون الأول/ديسمبر. ومع ذلك وجب الحذر فهناك بضع دعوات ليوم تعبئة جديد على مواقع التواصل الاجتماعي في بوردو (جنوب غرب) حيث من المقرر تنظيم "تجمع احتفالي" لمناسبة الأعياد.

احتجاجات وحوادث

وفقدت احتجاجات (السترات الصفراء) المعارضة للحكومة في فرنسا زخمها، لكنها تسببت في تعطيل المرور في أنحاء البلاد، وهو ما أدى إلى وفاة عاشر شخص منذ بداية الحركة الشهر الماضي. وقالت السلطات إن حجم المشاركة في شوارع باريس ومدن أخرى كان أقل من الأسابيع الماضية. ولم يتم الإبلاغ عن أضرار أو اشتباكات بين الشرطة والمحتجين. وقالت وزارة الداخلية إن عدد المتظاهرين وصل إلى 23 ألفا و800 شخص، بينهم أقل من ألف في باريس. ويقل هذا العدد عن العدد الذي شارك في الوقت ذاته قبل أسبوع، عندما وصل عدد المحتجين في الشوارع إلى 33 ألفا و500 بينهم 2200 متظاهر في باريس.

وكانت السلطات توقعت خروج مسيرة في مدينة فيرساي التي توجد فيها قلعة ترمز إلى سلطة الدولة وتعد أحد أهم المزارات السياحية في أوروبا. لكن القليل من متظاهري (السترات الصفراء) توجهوا إلى المدينة الملكية السابقة. ولقي رجل حتفه في جنوب البلاد عندما اصطدمت سيارته بشاحنة عند حواجز على الطريق أقامها محتجو (السترات الصفراء) ليرتفع بذلك عدد الوفيات المرتبطة بالمظاهرات المناهضة للحكومة إلى عشرة. وأطلقت الشرطة القنابل المسيلة للدموع على المتظاهرين الذين احتشدوا بالقرب من فيلا مانويل ماكرون شمال فرنسا. بحسب رويترز.

وفي باريس ألقت الشرطة القبض على 109 متظاهرين جرى احتجاز سبعة منهم. وقبل ثلاثة أسابيع تحولت الاحتجاجات في باريس إلى أحد أسوأ الاضطرابات في العاصمة منذ عام 1968. وأُحرقت سيارات وحُطمت نوافذ بنوك ومكاتب شركات تأمين وتعرضت الشوارع للتخريب. ولقي معظم القتلى العشرة الذين سقطوا في الاحتجاجات حتفهم في حوادث طرق.

كما احتل محتجو ”السترات الصفراء“ أكشاك دفع رسوم العبور على الطرق السريعة وأحرقوا بعضها، مما تسبب في فوضى بقطاع النقل الفرنسي. وقالت شركة (فنسي أوتوروت)، وهي أكبر مشغل للطرق في فرنسا، إن مظاهرات اندلعت عند نحو 40 موقعا في شبكتها وإن عددا من نقاط التقاطع على الطرق السريعة تعرض لأضرار بالغة وخصوصا في مدن سياحية مثل أفينيون وأورانج وبربينيان وأجدي.

مكافأة استثنائية

صادقت الجمعية العامة الفرنسية على امكانية أن تدفع الشركات مكافأة استثنائية معفاة من الضرائب للموظفين الذي يتقاضون حتى 3600 يورو، وهي إحدى التدابير الطارئة استجابة لحركة "السترات الصفراء". وأقر هذا التدبير بغالبية كبيرة استجابة لقرار الحكومة تشجيع الشركات على منح حتى 31 آذار/مارس، هذه المكافأة المعفاة من الضرائب بالكامل حتى ألف يورو ويستفيد منها الموظفون الذين يتقاضون أقل بثلاث مرات من الحدّ الأدنى للأجور أي أن يصل إلى 4563 يورو مجمل دخلهم قبل الضرائب والاقتطاعات في العام 2019.

وكان الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ردّ في وقت سابق على المتظاهرين المحتجين على زيادة الضريبة على الوقود بالقول "أنتم على حق"، وذلك بعد أن جمع التماس ضد الضريبة 1,15 مليون توقيع عبر الانترنت بعد الاحتجاجات العنيفة لحركة "السترات الصفراء". ووصف ماكرون الالتماس الذي يورد عدة طرق لمحاربة التلوث الناتج عن الوقود الأحفوري من دون الحاجة الى زيادة الضرائب بأنه "تشريع المواطنين".

وكتب ماكرون متوجها الى المليون شخص وأكثر الذين وقعوا الالتماس على "تشاينج دوت أورغ" بالقول "تلقيت رسالتكم، وأنا أجيب عليها بشكل مباشر، أنتم على حق". وذكّر الموقعين بأن حكومته ألغت الضريبة، وأن لا زيادة في أسعار الوقود او الكهرباء خلال فصل الشتاء. ويمكن لربّ العمل أن يقرر بشأن منح هذه المكافأة حتى 31 كانون الثاني/يناير. واعتبرت وزيرة العمل مورييل بينيكو أن هذه المكافأة "لا تحلّ كل المشاكل، بالطبع، لكن يستفيد منها أكثر الموظفين تواضعاً". بحسب رويترز.

وفيما أكد ماكرون أن خفض استهلاك الوقود الأحفوري الذي يساهم بالتغير المناخي هو ضرورة، أضاف أنه "لا يجب أن يتعارض حل مشكلات العالم مع حل مشكلات نهاية الشهر"، في اشارة الى غضب حركة "السترات الصفراء" حول كلفة المعيشة في فرنسا وصعوبة تأمين الاحتياجات الأساسية.

اضف تعليق