q
تغيرات كثيرة ستشهدها البرازيل بعد الانتخابات الرئاسية الاخيرة التي فاز بها، اليميني المتطرّف جايير بولسونارو رئيساً للبرازيل بعد حصوله وكما نقلت بعض المصادر، في الدورة الثانية من الانتخابات على 55,7% من الأصوات مقابل 43,3% لمرشح اليسار فرناندو حدّاد، بحسب ما أعلنت المحكمة الانتخابية العليا...

تغيرات كثيرة ستشهدها البرازيل بعد الانتخابات الرئاسية الاخيرة التي فاز بها، اليميني المتطرّف جايير بولسونارو رئيساً للبرازيل بعد حصوله وكما نقلت بعض المصادر، في الدورة الثانية من الانتخابات على 55,7% من الأصوات مقابل 43,3% لمرشح اليسار فرناندو حدّاد، بحسب ما أعلنت المحكمة الانتخابية العليا. وسيتولى بولسونارو مهامه الرئاسية مطلع العام المقبل في بلد يعاني الكثير من المشكلات والازمات بسبب تفشي الفساد والجريمة، ويأتي الصعود المفاجئ لبولسونارو بسبب الرفض الشعبي لحزب العمال اليساري الذي حكم البرازيل 13 عاما من الخمسة عشر عاما الأخيرة وأطيح به قبل عامين وسط أسوأ ركود وأكبر فضيحة فساد ورشوة تشهدها البلاد. ويخشى كثير من البرازيليين من أن بولسونارو، الذي يبدي إعجابه بالدكتاتورية العسكرية التي حكمت البرازيل بين 1964 و1985 ويدافع عن تعذيبها للمعارضين اليساريين، سيسحق حقوق الإنسان والحريات المدنية ويقمع حرية التعبير.

وتعهد بولسونارو (63 عاما) والذي انتخب في البرلمان سبع مرات بشن حملة على الجريمة في المدن البرازيلية والمناطق الزراعية بمنح الشرطة المزيد من الحرية لإطلاق النار على المجرمين المسلحين وتخفيف قوانين اقتناء الأسلحة وهو ما سيسمح للبرازيليين بشراء أسلحة لمكافحة الجريمة. وشن ايضا اثناء حملته الانتخابية هجوما ضد الأفارقة، وهاجم المثليين، ووصف اللاجئين بالـ”حثالة”، وأبدى إعجابه بهتلر، أما أنصاره ومساعدوه فلهم تصريحاتهم التي تناقلتها وسائل الإعلام العالمية والتي لا تقل فاشية عن قائدهم بل تفوقه لأنهم أكثر صراحة.

وعلى الفور كان الرئيس الأمريكي دونالد ترمب في مقدمة المهنئين لبولسونارو، وسارع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتهنئة بولسونارو، الذي عجت مسيرات وتجمعات مؤيدي حملته الانتخابية بأعلام إسرائيل، والذي أعلن نيته زيارة الكيان قريبًا ونقل السفارة البرازيلية إلى القدس. وفي باقي أنحاء العالم ولا سيما أوروبا، لقت أصداء انتخاب بولسورانو ترحيبًا حارًا ودعوات للتعاون من قادة اليمين المتطرف والعنصريين.

الغرق في المجهول

وفي هذا الشأن دفع انتخاب أول رئيس يميني متطرف بعد أكثر من ثلاثين عاما على آخر نظام ديكتاتوري، البرازيل إلى المجهول وكشف الشروخ التي يعانيها هذا البلد العملاق في أميركا اللاتينية. وحصل بولسونارو الذي سيتولى مهامه في الأول من كانون الثاني/يناير 2019، على تفويض واضح من الناخبين في الاقتراع الذي حصد فيه أكثر من 55 بالمئة من الأصوات، متقدما على خصمه اليساري فرناندو حداد (45 بالمئة من الأصوات)، على أثر حملة قسمت البلاد إلى نصفين.

والرائد السابق في الجيش الذي أكد بعد إعلان فوزه أنه يريد عند توليه مهامه في قصر بلانالتو في برازيليا "بناء برازيل عظيمة لنا جميعا"، سيكون عليه بذل جهود شاقة بعد حملة سعى خلالها بجد إلى إعادة تجميع بلد انقسم بعمق. وسيتولى بولسونارو الرئاسة لأربع سنوات خلفا للمحافظ ميشال تامر الذي تنتهي ولايته بتدن تاريخي لشعبيته. ويفترض أن يتوجه بولسونارو إلى برازيليا ليتحادث مع تامر وكذلك مع رئيس المحكمة العليا دياس توفولي ورئيس أركان الجيش الجنرال ادواردو فياس بواس.

وهذا النائب الذي لم يقدم سوى قانونين خلال 27 عاما أمضاها في البرلمان وعرف بخطبه النارية، سيتولى رئاسة بلد يضم 208 ملايين نسمة بدون أن يملك أي تجربة في السلطة، على غرار وزراء حكومته المقبلة. وتزداد فئات البرازيليين القلقين من المستقبل بعد تصريحاته العدائية خلال حملته والتي قال فيها إنه يريد أن يحكم "من أجل الأغلبية لا من أجل الأقلية" وعنى بذلك السود والنساء والمثليين وكذلك ناشطي اليسار والهنود وأعضاء حركة الفلاحين بلا أرض ومنظمات غير حكومية والمدافعين عن البيئة والصحافيين.

ويعتقد الأكثر تفاؤلا أن هذا المعجب بالحكم الديكتاتوري العسكري (1964-1985) سيتخلى عن خطابه القاسي خلال الحملة بعد توليه مهامه. لكن آخرين يتوقعون أن يحكم على أسس عقائدية أكثر منها براغماتية، ما يجعل البرازيل تعيش تحولا هائلا. وقال لياندرو غابياتي مدير المكتب الاستشاري "دومينيوم" في برازيليا "ما زالت هناك مخاطر. من الواضح من سوابقه وتصريحاته المثيرة للجدل أنه أثار الاهتمام". وأضاف "لكن يجب ألا يغيب عن بالنا أن البرازيل واحدة من أمتن الديموقراطيات في أميركا اللاتينية". لكن البرازيل في عهد بولسونارو ستكون تحت مراقبة الأسرة الدولية.

والقيادة التي ستتولى حكم ثامن اقتصاد في العالم مجهولة أيضا بوجود رئيس يعترف بعجزه الكامل في المجال. وقال غابياتي إنه بمساعدة باولو غيديس "سيعيد تنشيط الاقتصاد في أسرع وقت ممكن لأنه لن يكون لديه مهلة أكثر من ستة أشهر أو سنة". وأكد غيديس الذي سيعين وزيرا للمالية في حكومة بولسونارو المقبلة أن "البرازيل شهدت ثلاثين عاما من الإنفاق العام غير المنضبط (...) بناء على نموذج أفسد السياسة وأدى إلى زيادة الضرائب والدين مثل كرة ثلج". وأضاف أن "النموذج الاشتراكي الديموقراطي (...) سيء جدا ونحن رهائن نمو ضعيف".

ورأى غاسبار استرادا الخبير في الشؤون السياسية لأميركا اللاتينية أيضا أن بولسونارو "سيكون تحت ضغوط قوية جدا يقدم نتائج بسرعة كبيرة، لأنه استند إلى برنامج بالغ التطرف". وأضاف "على الصعيد الاقتصادي وعمليات الخصخصة، ستكون هناك ضغوط من الناخبين وكذلك أسواق المال" التي تنتظر الكثير وبسرعة. والنقطة المجهولة الأخرى هي معرفة ما إذا كان بولسونارو سيمتلك وسائل تطبيق سياسته. وقال استرادا إنه "سيواجه البرلمان الأكثر تشتتا في التاريخ". وأضاف أن الرئيس المقبل "سيغريه اتخاذ إجراءات قاسية جدا بدون المرور بالبرلمان" حيث سيواجه صعوبة كبيرة في تشكيل أغلبية. وتابع "سيواجه مطالب بسرعة كبيرة"، معبرا عن خشيته من "ارتكابه تجاوزات منذ بداية ولايته".

ودعت منظمة "هيومن رايتس ووتش" إلى "حماية الحقوق الديموقراطية" في البرازيل بعد انتخاب بولسونارو. وقال مديرها للأميركيتين خوسيه ميغيل فيفانكو إن "البرازيل لديها قضاة مستقلين ومدعين ملتزمين وصحافيين شجعاناً ومجتمعاً مدنياً حياً". وأضاف "سنتحد معهم لمواجهة أي محاولة لتقليص الحقوق الديموقراطية والمؤسسات التي بنتها البرازيل بالآلام في العقود الثلاثة الأخيرة".

لكن في واشنطن أعلن البيت الأبيض أنّ الرئيس دونالد ترامب اتّصل ببولسونارو لتهنئته. وقالت المتحدثة باسم الرئاسة الأميركية سارة ساندرز إنّ "الرّجلين عبّرا عن التزامهما القوي العمل سويّاً لتحسين حياة شعبي الولايات المتحدة والبرازيل، وبوصفهما زعيمين إقليميين، حياة شعوب الأميركيتين". وانتخاب بولسونارو لقي ترحيبا من قبل قادة آخرين لليمين القومي في العالم. فقد صرح ماتيو سالفيني زعيم اليمين المتطرف في إيطاليا والرجل القوي في حكومة روما حاليا أن "المواطنين في البرازيل أيضا طردوا اليسار! أداء جيد للرئيس بولسونارو والصداقة بين شعبينا وحكومتينا ستكون أقوى". وأضاف "بعد سنوات من الخطب غير المجدية، سأطلب أن يرسلوا لنا إلى إيطاليا الإرهابي الأحمر باتيستي" الذي وعد بولسونارو خلال حملته الانتخابية بتسليمه. بحسب فرانس برس.

وسيزاري باتيستي (63 عاما) ناشط يساري متطرف سابق يعتبره القضاء الإيطالي إرهابيا. وقد حكم عليه في 1993 بالسجن المؤبد في إيطاليا لأربع جرائم قتل والمشاركة في القتل في نهاية سبعينات القرن الماضي. وقد أكد براءته مرات عدة ويعيش في البرازيل منذ 2004 حيث يتمتع بدعم شخصيات سياسية وفنانين. من جهته، تمنت زعيمة اليمين المتطرف في فرنسا مارين لوبن "حظا موفقا" لبولسونارو الذي قالت إن عليه "تحسين الوضع الاقتصادي والأمني والديموقراطي السيء في البرازيل". ورأت أن "البرازيليين عاقبوا للتو الفساد المستشري والإجرام المخيف اللذين ازدهرا في عهد حكومات اليسار المتطرف".

الدستور والكتاب المقدس

من جانب اخر تعهد الرئيس المنتخب جايير بولسونارو بحكم البرازيل بـ"الكتاب المقدس والدستور" و"تغيير مصير" البلاد. وهاجم بولسونارو في خطاب الفوز اليسار، لكنه أكد بالمقابل على دفاعه عن "الدستور والديمقراطية والحرية". من جانبه أقر فرناندو حداد بهزيمته متعهدا بقيادة المعارضة للدفاع عن الحقوق المدنية والسياسية للبرازيليين. وتعهد الكابتن السابق في الجيش بأن يحكم البلاد "متبعا الكتاب المقدس والدستور". وأردف في خطاب بث مباشرة على صفحته على موقع فيس بوك واتسم بنبرة عسكرية وتوجه تقسيمي "لا يمكننا الاستمرار في مغازلة الاشتراكية والشيوعية والشعبوية وتطرف اليسار".

وبولسونارو الذي أثار قلق شريحة واسعة من المواطنين خلال الحملة الانتخابية بسبب إبدائه علانية إعجابه بالنظام العسكري الديكتاتوري الذي حكم البلاد سابقاً، حرص في خطاب النصر على طمأنتهم بأنه سيدافع عن "الدستور والديموقراطية والحرية". وأضاف "هذا ليس وعدا من حزب ولا كلاما هباء من رجل. هذا قسم أمام الله". بالمقابل طالب فرناندو حداد، مرشح حزب العمال، إثر تأكد هزيمته بأن "يتم احترام أكثر من 45 مليون ناخب" صوتوا له في الدورة الثانية، وذلك بعدما كان بولسونارو قد توعد خلال الحملة الانتخابية معارضيه "بالسجن أو المنفى" إذا ما فاز بالرئاسة. بحسب فرانس برس.

وقال مرشح حزب العمال في خطاب الإقرار بالهزيمة إنه حصل على "أكثر من 45 مليون صوت"، مطالبا بأن "يتم احترام هذه الشريحة الواسعة من الشعب البرازيلي". وأضاف في الخطاب الذي ألقاه أمام أنصاره في ساو باولو بأن "الحقوق المدنية والسياسية والعمالية والاجتماعية هي الآن على المحك"، مشددا على أن فوز مرشح اليمين المتطرف بالرئاسة "يحملنا مسؤولية تمثيل معارضة تضع مصالح الأمة فوق كل اعتبار". وامتنع الرئيس السابق لبلدية ساو باولو في خطابه عن تهنئة بولسونارو على فوزه بالرئاسة، كما أنه لم يأت على ذكر الرئيس الأسبق لويس إيناسيو لولا دا سيلفا الذي يقضي عقوبة بالسجن منعته من الترشح لهذه الانتخابات مما دفع بالحزب لترشيح حداد بدلا منه.

اول احتجاج

من جانب اخر دانت حنان عشراوي، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية قرار الرئيس البرازيلي المنتخب جاير بولسونارو نقل سفارة بلده من تل أبيب إلى القدس، معتبرة أنه "خطوة استفزازية غير قانونية، في إطار خرق للقانون الدولي". وقالت عشراوي "هذه خطوات استفزازية وغير قانونية لن تؤدي إلا لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة"، معتبرة أن "قرار البرازيل يأتي في إطار الاصطفاف الشعبوي والفاشي والعنصري نحو خرق القانون الدولي".

وبعد وقت قصير من فوزه بالانتخابات، صرح الرئيس البرازيلي أنه ينوي نقل سفارة بلده في إسرائيل من تل أبيب إلى القدس "قريبا". وكتب بولسونارو على "تويتر": "كما سبق أن أعلنا خلال الحملة الانتخابية، نعتزم نقل سفارة البرازيل من تل أبيب إلى القدس"، مضيفا أن "إسرائيل دولة تتمتع بالسيادة وعلينا أن نحترم ذلك تماما".

وفي حال نفذ الرئيس المنتخب ذلك، ستكون البرازيل ثالث دولة تنقل سفارتها إلى القدس بعد غواتيمالا والولايات المتحدة، التي أثار قرارها المخالف لعقود من الدبلوماسية الأميركية، غضب الفلسطينيين وعدد من دول العالم. وقد وجه رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو التهنئة لرئيس البرازيل المننتخب جايير بولسونارو . وقال رئيس الوزراء نتنياهو قبل قليل : " أهنئ صديقي الرئيس البرازيلي ، المنتخب جايير بولسونارو على اعتزامه نقل السفارة البرازيلية إلى أورشليم . هذه هي خطوة وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قرار الرئيس البرازيلي المنتخب جاير بولسونارو بشأن نقل سفارة بلاده في إسرائيل من تل أبيب إلى القدس بأنه "قرار تاريخي". وإذا تم تأكيد نقل السفارة، فسيكون القرار بمثابة تمزق فيما يتعلق بالتقليد الدبلوماسي الذي حافظت عليه البرازيل لسنوات في الصراع الفسطيني-الإسرائيلي. وتقيم البرازيل علاقات دبلوماسية مع إسرائيل منذ عام 1949 واعترفت بدولة فلسطين في عام 2010.

اضف تعليق