q
فاز الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، المنتهية ولايته بالانتخابات الرئاسة التركية، هذا الفوز المهم سيعطي إردوغان، مزيدا من الصلاحيات في إطار انتقال البلاد إلى نظام رئاسة تنفيذية لفترة جديدة مدتها خمس سنوات. ستمكنه من تحقيق جميع اهدافه وخططه التي رسمها سابقاً، وفي استفتاء جرى العام الماضي...

فاز الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، المنتهية ولايته بالانتخابات الرئاسة التركية، هذا الفوز المهم سيعطي إردوغان، مزيدا من الصلاحيات في إطار انتقال البلاد إلى نظام رئاسة تنفيذية لفترة جديدة مدتها خمس سنوات. ستمكنه من تحقيق جميع اهدافه وخططه التي رسمها سابقاً، وفي استفتاء جرى العام الماضي كما نقلت بعض المصادر، أيد الأتراك بأغلبية بسيطة الانتقال إلى نظام الرئاسة التنفيذية. وبموجب التعديلات الجديدة، سيتم إلغاء مكتب رئيس الوزراء وسيختار الرئيس أعضاء حكومته وسيرأس اجتماعات مجلس الوزراء. كما سيكون بوسعه تشكيل الوزارات وتنظيم عملها وإقالة الموظفين العموميين دون الحصول على موافقة البرلمان.

ويدخل مرسوم نشرته الجريدة الرسمية تعديلات على قوانين صدرت بين عامي 1924 و2017 وسينقل كل اختصاصات رئيس الوزراء ومجلس الوزراء إلى رئيس البلاد ومكتب الرئاسة. وتصدر الحكومة مراسيم دون الحصول على موافقة البرلمان منذ فرض حالة الطوارئ بعد محاولة انقلاب في يوليو تموز 2016.

وتنافس في الانتخابات الرئاسية، التي سمح للمشاركة فيها لـ 56 مليونا و322 ألفا و632 ناخبا، 6 مرشحين، أبرزهم الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان، عن “تحالف الشعب” (يضم حزبي العدالة والتنمية والحركة القومية)، والمرشح عن حزب “الشعب الجمهوري” المعارض محرم إنجه، ومرشح حزب “الشعوب الديمقراطي” صلاح الدين دميرطاش. ومن المتنافسين أيضا، مرشحة حزب “إيي” ميرال أقشنر، ومرشح حزب “السعادة” تمل قرة ملا أوغلو، ومرشح حزب “الوطن” دوغو بيرنجك، الذين تمكنوا من الترشح بعد جمع 100 ألف توقيع من ناخبيهم (شرط لمرشحي الأحزاب خارج البرلمان). بينما تنافس في الانتخابات البرلمانية، مرشحو كل من أحزاب “العدالة والتنمية” و”الشعب الجمهوري” و”الشعوب الديمقراطي” و”الدعوة الحرة” و”إيي” و”الحركة القومية” و”السعادة” و”وطن”.

سلطات جديدة

وفي هذا الشأن حصل الرئيس التركي رجب طيب إردوغان على سلطات تنفيذية واسعة بعد فوزه في انتخابات مهمة منحت حزبه العدالة والتنمية وحلفائه القوميين كذلك أغلبية برلمانية. وأقر محرم إنجه المنافس الرئيسي لإردوغان من حزب الشعب الجمهوري بهزيمته لكنه وصف الانتخابات بأنها ”غير عادلة“ وقال إن النظام الرئاسي الذي يبدأ العمل به الآن ”خطير جدا“ لأنه يقود إلى حكم الفرد. ويعد إردوغان أكثر زعماء تركيا الحديثة شعبية لكنه كان في الوقت نفسه سببا في انقسام الآراء حوله. وقد تعهد بعدم التراجع عن مبادرته لقيادة تحول تركيا، التي تشهد استقطابا حادا وتنتمي لحلف شمال الأطلسي والمرشحة، ولو من الناحية النظرية، للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.

وفاز إردوغان (64 عاما) بولاء ملايين الأتراك المتدينين من أبناء الطبقة العاملة بفضل سنوات من النمو الاقتصادي المرتفع والإشراف على رصف طرق وإقامة جسور وإنشاء مستشفيات ومدارس. لكن منتقديه، وبينهم جماعات حقوقية، يتهمونه بهدم استقلال القضاء وحرية الإعلام. وشهدت حملة شنها بعد محاولة انقلاب فاشلة عام 2016 احتجاز نحو 160 ألف شخص منهم مدرسون وصحفيون وقضاة. وأعلن إردوغان وحزبه العدالة والتنمية النصر في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية متفوقين على المعارضة التي اكتسبت زخما كبيرا في الأسابيع الأخيرة وبدا أنها قادرة على إحداث مفاجأة.

وقال إردوغان في كلمة أمام تجمع من أنصاره المبتهجين الملوحين بالأعلام ”من المستحيل بالنسبة لنا التراجع عما حققناه لبلدنا فيما يتعلق بالديمقراطية والاقتصاد“. وبعد فرز جميع الأصوات فعليا حصل إردوغان على 53 بالمئة من الأصوات مقابل 31 بالمئة لإنجه فيما حصل حزب العدالة والتنمية الذي ينتمي إليه على 42.5 في المئة في الانتخابات البرلمانية وتلقى دفعة بحصول حلفائه القوميين، وبخلاف التوقعات، على 11 في المئة.

وكانت نسبة الإقبال على التصويت في الانتخابات مرتفعة إذ بلغت نحو 87 في المئة مما دفع المجلس الأعلى للانتخابات إلى وصفها بأنها ”صحية“.

تؤذن نتيجة الانتخابات بتطبيق نظام رئاسي قوي جديد أيدته أغلبية بسيطة في استفتاء عام 2017. وبموجب النظام الجديد، يتم إلغاء منصب رئيس الوزراء ويصبح بوسع الرئيس إصدار مراسيم لتشكيل وزارات وإقالة موظفين حكوميين دون الحاجة لموافقة البرلمان. وحصل حزبه الشعب الجمهوري العلماني على 23 بالمئة في البرلمان الجديد في حين حصل حزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد على 12 بالمئة متجاوزا مستوى عشرة بالمئة المطلوب لدخول البرلمان.

ويقول منتقدون إن الدعاية الانتخابية تمت في أجواء غير نزيهة مع هيمنة إردوغان على التغطية الإعلامية قبل التصويت وتخصيص وقت قليل لتغطية حملات خصومه. وخاض صلاح الدين دمرداش أحد منافسي إردوغان ورئيس حزب الشعبوب الديمقراطي، الانتخابات الرئاسية من السجن إذ أنه معتقل بتهم تتعلق بالإرهاب ينفي ارتكابها. ويواجه في حالة إدانته السجن 142 عاما. وجرت الانتخابات في ظل حالة الطوارئ المعلنة منذ محاولة الانقلاب عام 2016 والتي قتل فيها 240 شخصا على الأقل. وقال إردوغان إنه سينهي حالة الطوارئ قريبا.

ويتخذ حزب الحركة القومية موقفا متشددا من الأكراد مما يقلل من احتمال أن يخفف إردوغان حملته الأمنية في منطقة جنوب شرق تركيا التي تقطنها أغلبية كردية وفي سوريا والعراق حيث تقاتل القوات التركية مسلحين أكرادا. وتخلت الليرة التركية والأسهم عن مكاسبها السابقة وقال اقتصاديون إن الغموض يكتنف الفترة المقبلة. وقالت المفوضية الأوروبية إنها تأمل ”أن تظل تركيا تحت قيادة الرئيس إردوغان شريكا ملتزما للاتحاد الأوروبي في قضايا رئيسية ذات اهتمام مشترك مثل الهجرة والأمن والاستقرار الإقليمي ومحاربة الإرهاب“. وتعثرت المساعي الذي تبذلها تركيا منذ سنوات للانضمام للاتحاد الأوروبي وسط خلافات على مجموعة من القضايا منها سجل حقوق الانسان خاصة من الحملة الأمنية التي أعقبت محاولة الانقلاب.

وقالت ألمانيا أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي والتي تضم جالية تركية كبيرة إنها تتوقع علاقات بناءة. وقالت كذلك إن أربعة ألمان اعتقلوا في تركيا أثناء الانتخابات يوم الأحد ولم تذكر السبب. وأطلق سراح أحدهم. وذكرت وكالة الأناضول الحكومية للأنباء أن النتائج غير الرسمية تشير إلى أن ائتلاف حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية اليميني سيشغل 343 مقعدا في البرلمان التركي المؤلف من 600 مقعد على أن يكون 293 مقعدا من نصيب حزب العدالة والتنمية و50 مقعدا للقوميين. وسيحصل حزب الشعب الجمهوري الذي يمثل المعارضة الرئيسية على 146 مقعدا وسيشغل حزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد 67 مقعدا وسيحصل الحزب الصالح على 44 مقعدا.

مرحلة حكم الفرد

الى جانب ذلك أقر المرشح الخاسر في الانتخابات الرئاسية التركية، محرم إنجه، بفوز رجب طيب أردوغان بفترة رئاسية جديدة. ولكنه حذر مما سماه "فترة مقبلة خطيرة من حكم الرجل الواحد"، ودعا أردوغان ليكون رئيس جميع الأتراك. وتعهد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالإسراع في تنفيذ برنامجه الذي يتضمن إصلاحات سياسية واسعة النطاق.

وقال إنجه: "لقد عشنا انتخابات ستؤثر في ديمقراطيتنا وفي حياتنا اليومية مستقبلا". وأضاف: هذه الانتخابات كانت منذ طريقة الإعلان عنها، وإعلان نتائجها، وإدارتها، انتخابات غير منصفة". وحسب الإصلاحات المرتقب تطبيقها، فإن الرئيس التركي سوف يتمتع بصلاحيات واسعة تغير نظام الحكم البرلماني إلى رئاسي، يُلغى معه منصب رئيس الوزراء. وسوف تقتصر مهمة البرلمان على التشريع والمراقبة.

وتشمل صلاحيات أرودغان، في فترة رئاسته الثانية، تعيين كبار المسؤولين العامين بما فيهم الوزراء ونواب الرئيس وسلطة التدخل في النظام القضائي وفرض حالة الطوارئ. وفي خطاب الفوز قال أردوغان إن القضاء سيكون أكثر استقلالا. وتعهد "بمزيد من الحسم" في مواجهة من وصفهم بالإرهابيين. ويخشى المعارضون من أن يكون للتغييرات السياسية، التي أقرت في استفتاء شعبي العام الماضي، آثار سلبية تؤدي إلى نظام حكم سلطوي. ويتهم المنتقدون أردوغان بكبح الحريات المدنية بما في ذلك حرية الإعلام.

وتعيش تركيا في حالة طوارئ منذ محاولة الانقلاب الفاشلة في شهر يوليو/تموز عام 2016. ومنذ ذلك الوقت فُصل107 آلاف موظف عسكري من وظائفهم. ويجري احتجاز أكثر من 50 ألف شخص انتظارا للمحاكمات بعد محاولة الانقلاب. ولا يزال أكثر من 50 ألف شخص محتجزين.

من جهة اخرى أعلن زعيم الحزب المعارض الرئيسي في تركيا أنه لن يهنئ الرئيس رجب طيب اردوغان على فوزه في الانتخابات واصفا إياه بـ"الدكتاتور" وبانه يدير نظام الرجل الواحد. واختار كمال كيليشدار اوغلو رئيس حزب الشعب الجمهوري (اشتراكي ديموقراطي) محرم اينجه ليخوض الانتخابات في مواجهة اردوغان. وحصل اينجه على نسبة بلغت 30,6% من الأصوات الا انها لم تكن كافية للانتقال الى دورة ثانية من الانتخابات. وفي اول تصريحات له منذ اعلان فوز اردوغان، حذر كيليشدار اوغلو من السلطات الجديدة التي ستمنح للرئيس بموجب التغيرات الدستورية التي اصبحت سارية.

وقال "لا يمكنك ان تهنئ شخصا يضع الاجهزة التنفيذية والقضائية والتشريعية في يده. لا تستطيع تهنئة رجل يدافع عن نظام الرجل الواحد. نهنئه على ماذا؟؟" واضاف "اذا قال شخص انه سيترشح على اساس نظام الرجل الواحد حتى النهاية، لماذا اهنئ دكتاتورا؟". وسيتم بعد هذه الانتخابات الانتقال من نظام برلماني الى آخر رئاسي يتمتع فيه اردوغان بصلاحيات واسعة. ولكن وسط مؤشرات على توتر بعد الانتخابات داخل حزب الشعب الجمهوري، رفض كيليشدار اوغلو التلميحات بأن عليه الاستقالة وربما تسليم رئاسة الحزب الى اينجه الذي يتمتع بالكاريزما.

وأكد كيليشدار اوغلو ان "الخاسر" في الانتخابات هو حزب العدالة والتنمية الحاكم بعد تراجع الاصوات التي حصل عليها في الانتخابات البرلمانية، الا انه لم ينتقد حزبه رغم تدني نسبة الاصوات التي حصل عليها. وانتقد كيليشدار اوغلو "الضغوط والرشى والتهديدات" خلال الحملة الانتخابية وفي الوقت ذاته اقر بعدم رصد عمليات تزوير في عملية الاقتراع نفسها. واضاف ان "المعركة لم تكن في ظروف متكافئة".

وفي تعليق لم يعجب بعض المتابعين على وسائل التواصل الاجتماعي، قال كيليشدار اوغلو ان اينجه كان "اقل من التوقعات". وفي وقت لاحق ، كتب اينجه على تويتر انه سيزور جميع محافظات تركيا ال81 "لقاء ومعانقة وشكر "كل شخص ... ابتداء من المحافظات التي لم اتمكن من زيارتها قبل الانتخابات". ولا يعرف ما اذا كانت هذه الخطوة منسقة مع كيليشدار اوغلو. وكان اينجه نافس كمال كيليشدار اوغلو في مناسبتين سابقتين على زعامة الحزب الا انه لم يحقق الفوز. ويتولى كيليشدار اوغلو زعامة الحزب منذ 2010. بحسب فرانس برس.

وينتقد باستمرار الرئيس التركي خصوصا بسبب حملات التطهير الواسعة في تركيا منذ الانقلاب الفاشل في تموز/يوليو 2016. وبين أكثر من 77 ألف شخص سجنوا منذ محاولة الانقلاب، هناك نائب من حزب الشعب الجمهوري هو انيس بربر اوغلو، الذي دين بسبب كشفه عن معلومات سرية لصحيفة "جمهورييت".

العالم وفوز إردوغان

في السياق ذاته هنأت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بفوزه في الانتخابات الرئاسية معبرة عن أملها في أن يواصل البلدان العمل معا فيما يتعلق بالأمن والتجارة والوضع في سوريا. وقال بيان ”رئيسة الوزراء أكدت أهمية العلاقات الثنائية... وعبرت عن رغبتها في مواصلة العمل، بالشراكة مع الرئيس إردوغان وحكومته، على الأولويات المشتركة بما في ذلك التعاون الأمني والتجارة والاستثمار والوضع في سوريا ودعم التسوية السياسية في قبرص“.

من جانب اخر قال مكتب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن الرئيس هنأ نظيره التركي رجب طيب إردوغان بعد حصوله على سلطات تنفيذية واسعة بفوزه في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية. وقال مصدر من قصر الإليزيه ”الرئيس الفرنسي هنأ رجب طيب إردوغان وتمنى للشعب التركي النجاح في التنمية الاقتصادية والاجتماعية ببلادهم وفي الأداء الديمقراطي لمؤسساتهم“. وأضاف المصدر أن ماكرون أكد على أهمية إجراء حوار أكثر هدوءا بين تركيا والاتحاد الأوروبي.

من جانب اخر ذكر مكتب المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في بيان أنها هنأت الرئيس التركي رجب طيب إردوغان على فوزه بالانتخابات وشددت على أن بلادها تريد أن تعمد تركيا إلى التعددية وتعزيز المشاركة الديمقراطية. وقالت ميركل إن تركيا أظهرت مسؤولية كبيرة في التعامل مع الاضطرابات في الشرق الأوسط وما نجم عنها من تدفقات المهاجرين. وكتبت لإردوغان تقول ”كل الأسباب تجعلنا نرغب أن نكون شريكا لتركيا مستقرة وتعددية تعمد إلى تعزيز المشاركة الديمقراطية وحماية سيادة القانون“.

وهنأ الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، نظيره رجب طيب أردوغان على إعادة انتخابه، قائلا إن نتيجة الانتخابات دليلي على "شخصية أردوغان القوية وعلى السند الشعبي الكبير له". وعبر الرئيس الروسي عن استعداده لمواصلة "العمل المشترك والحوار مع أردوغان". وقالت المفوضية الأوروبية إنها "تأمل تبقى تركيا بزعامة أردوغان شريكا للاتحاد الأوروبي ملتزما في القضايا الكبرى من بينها الهجرة والأمن والاستقرار في المنطقة ومحاربة الإرهاب". وهنأت الخارجية الصينية أردوغان بالفوز بفترة رئاسية جديدة، وقال المتحدث باسم الوزارة، غانغ شوانغ، إن "الصين تريد العمل مع تركيا من أجل دفع التعاون الاستراتيجي بينهما قدما خدمة لمصلحة الشعبين والبلدين".

وعبر الرئيس الإيراني، حسن روحاني، عن "تهانيه الحارة" للرئيس أردوغان، وقال إنه "يأمل أن تتطور العلاقات الثنائية بين البلدين المبنية على أسس تاريخية ودينية وحسن الجوار واحترام متبادل". ودعا روحاني إلى التعاون بين تركيا وإيران "للتعامل مع التطورات في المنطقة وفي العالم الإسلامي، وتحسين الظروف لحل الأزمات ودعم السلم والاستقرار ورفاهية شعوب المنطقة".

اضف تعليق