q
فتح الاتفاق الأخير بين الولايات المتحدة الامريكية وتركيا حول مدينة منبج الاستراتيجية ملف العلاقات المتوترة بين البلدين الى الواجهة من جديد، اذ يعد الاتفاق الذي اعلن عنه في السابع من يونيو حزيران الجاري مبادرة قد تعيد انقرة الى حلف واشنطن في سوريا بعدما نجحت روسيا وايران في اجتذابها مستغلتين التواترات التي حصلت بعد محاولة الانقلاب الفاشلة واتهام تركيا للولايات المتحدة بحماية منفذي الانقلاب...

فتح الاتفاق الأخير بين الولايات المتحدة الامريكية وتركيا حول مدينة منبج الاستراتيجية ملف العلاقات المتوترة بين البلدين الى الواجهة من جديد، اذ يعد الاتفاق الذي اعلن عنه في السابع من يونيو حزيران الجاري مبادرة قد تعيد انقرة الى حلف واشنطن في سوريا بعدما نجحت روسيا وايران في اجتذابها مستغلتين التواترات التي حصلت بعد محاولة الانقلاب الفاشلة واتهام تركيا للولايات المتحدة بحماية منفذي الانقلاب.

واعلن وزير الخارجية التركي الأربعاء الماضي ان تطبيق خارطة الطريق بين واشنطن وانقرة حول مدينة منبج السورية الاستراتيجية سيسمح ب"اعادة بناء الثقة" بين الحليفين، المختلفين على عدة ملفات. واوضح مولود تشاوش اوغلو في حديث لوكالة فرانس برس "تطبيق خارطة الطريق سيساعدنا على اعادة بناء الثقة المتبادلة بين حليفين".

وابدى حذرا مؤكدا ان "واشنطن لم تف بوعودها سابقا". وقال ان خارطة الطريق "يجب ان تطبق والا فان الثقة ستنهار".

واضاف خلال وجوده في مدينة انطاليا (جنوب) حيث اطلق حملته تمهيدا لانتخابات 24 حزيران/يونيو التشريعية "لكنني اعتقد ان الولايات المتحدة ادركت انها مسألة اساسية".

جذور التوتر

ومدينة منبج ذات الغالبية السكانية العربية تقع على بعد 30 كلم من الحدود التركية وهي حاليا تحت سيطرة وحدات حماية الشعب الكردية التي تعتبرها انقرة "ارهابية" لكنها حليفة واشنطن لمحاربة تنظيم داعش.

وطردت قوات سوريا الديموقراطية، التي تشكل الوحدات الكردية عمودها الفقري، في آب/أغسطس 2016 التنظيم الارهابي من منبج بعد معارك عنيفة وبغطاء جوي من التحالف الدولي بقيادة واشنطن.

والدعم الاميركي لهذه القوات ساهم في توتير العلاقات مع تركيا التي تعتبر وحدات حماية الشعب الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني الذي تصنفه انقرة "ارهابيا" وايضا واشنطن والاتحاد الاوروبي.

وهددت تركيا مرارا بمهاجمة منبج حيث تنتشر قوات اميركية وفرنسية من التحالف الدولي ضد داعش.

لكن خلال لقاء في واشنطن الاثنين اتفق تشاوش اوغلو ونظيره الاميركي مايك بومبيو على "خارطة طريق" مشتركة لضمان امن منبج واستقرارها.

تنصل امريكي عن الاكراد

وأعلنت واشنطن في وقت سابق أن مدينة عفرين السورية الخاضعة لسيطرة تنظيم حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD)، ليست ضمن نطاق عمليات التحالف الدولي الذي تقوده في سوريا.

وهذا التطور المفاجئ في الموقف الأمريكي _ في حينه بداية عام 2018_ أثار تساؤلات حول سبب تراجع واشنطن عن دعم أكراد سوريا في عفرين، في ظل الحديث عن تسليم أسلحة نوعية للقوات الكردية هناك، لا سيما مضادات طائرات، رغم النفي الرسمي من "وحدات حماية الشعب الكردي".

وأثيرت تكهنات عدة حول السبب الذي دفع الولايات المتحدة الأمريكية إلى الإعلان بأن عفرين ليست ضمن نطاق عمليات التحالف، بالتزامن مع تجهيز تركيا لبدء عملية عسكرية كبيرة في المدينة السورية.

وتقول تركيا إن عفرين بالنسبة لها تعد تهديدا على أمن الحدود التركية، حيث تمثل مركزا لتغذية الهجمات داخل تركيا، وفق ما قالته الحكومة التركية.

الثقة المفقودة

وقال تشاوش اوغلو ان "هدف خارطة الطريق هو اخراج وحدات حماية الشعب الكردية وحزب العمال الكردستاني من منبج ثم سنعمل مع الولايات المتحدة لوضع اطار امني وسنقرر معا الجهة التي ستتولى ادارة المدينة".

وقال مسؤول كبير في الخارجية الاميركية للصحافيين الثلاثاء الماضي انه "اطار سياسي واسع يجب التفاوض بشأن تفاصيله" وسيطبق "مرحلة تلو اخرى وفقا للتطورات على الارض".

ودون الاشارة الى الاتفاق التركي-الاميركي اعلنت قوات حماية الشعب الكردية الثلاثاء الماضي "سحب آخر مستشاريها العسكريين" المكلفين تدريب المقاتلين المحليين المناهضين لداعش.

وعلق تشاوش اوغلو على انسحاب الوحدات الكردية قائلا: "لست واثقا من انهم ينسحبون" مؤكدا انه علم بنبأ الانسحاب من الصحافة. واضاف "في الماضي قالت الولايات المتحدة لنا ان (وحدات حماية الشعب) انسحبت لكن الامر لم يكن صحيحا. حاليا لا اعلم اذا كانت المعلومة صحيحة ام لا".

وتعارض تركيا التي تحارب حزب العمال الكردستاني على اراضيها، انتشار قوات كردية سورية على حدودها ونفذت عمليتين عسكريتين شمال سوريا لطردها منها منذ 2016. والعملية الاخيرة شنت في كانون الثاني/يناير 2018 بهدف طرد مقاتلي وحدات حماية الشعب من عفرين.

مذذاك تتحدث انقرة عن احتمال شن عمليات عسكرية جديدة للقضاء نهائيا على حزب العمال الكردستاني واتباعه خصوصا شمال العراق.

واكد الوزير التركي "سنقضي على وحدات حماية الشعب اينما كانت. انها منظمة ارهابية، اما ان تلقي السلاح او ان يتم القضاء عليها".

اتفاق ثنائي غير مقبول

ورد مجلس منبج العسكري المتحالف مع قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة في شمال سوريا يوم الأربعاء على الاتفاق التركي الأمريكي معلنا رفضه أي انتشار للجيش التركي هناك.

وأضاف المتحدث شرفان درويش أن المجلس لم يبلغ رسميا بعد بآليات خريطة الطريق التركية الأمريكية بشأن منبج التي أعلنت يوم الاثنين لكنه أضاف أن المجلس قادر على حفظ أمن منبج وحدودها ضد أي تهديدات خارجية.

وذكر درويش إن المجلس بانتظار زيارات لمسؤولين رفيعي المستوى في التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة لإبلاغه بالتفاصيل والتشاور وإجراء مناقشات. بحسب وكالة رويترز.

ويتناقض رفض مجلس منبج العسكري مع ما قالت وحدات حماية الشعب يوم الثلاثاء إن مستشاريها العسكريين سيغادرون المدينة، اذ قال مجلس منبج العسكري إن سحب المستشارين سيتم في غضون الأيام القليلة المقبلة.

نقطة الخلاف

وتشعر تركيا بالغضب لدعم الولايات المتحدة لقوة تهيمن عليها وحدات حماية الشعب في شمال سوريا وتعهدت هذا العام بطرد المقاتلين الأكراد من منبج مما أثار احتمال حدوث مواجهة مع القوات الأمريكية المتمركزة معها.

وتخشى وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) منذ وقت طويل أن تصبح منبج نقطة ساخنة في سوريا مع وقوع اشتباك بين القوات المدعومة من الولايات المتحدة والتي طهرت المدينة من مقاتلي داعش وبين القوات التركية.

كما تدهورت العلاقات بين أنقرة وواشنطن بسبب عدة عوامل من بينها نقل السفارة الامريكية الى القدس والحكم الذي صدر في نيويورك في مايو أيار على مسؤول تنفيذي سابق في بنك حكومي تركي بالسجن 32 شهرا لمشاركته في برنامج للتهرب من العقوبات المفروضة على إيران وهي قضية وصفتها تركيا بأنها هجوم سياسي.

مشتريات الأسلحة

وأثارت تركيا أيضا حالة من عدم الارتياح في واشنطن بقرارها شراء صواريخ (إس-400) أرض/جو من روسيا وتعرضت لانتقادات بسبب اعتقال القس الأمريكي آندرو برونسون في اتهامات بالإرهاب.

ويواجه برونسون حكما بالسجن لمدة تصل إلى 35 عاما في اتهامات بصلته بشبكة تتهمها أنقرة بتدبير محاولة انقلاب عام 2016. ونفى القس الاتهامات أمام محكمة تركية هذا الشهر.

وأقرت لجنة تابعة لمجلس الشيوخ الأمريكي الأسبوع الماضي نسختها من مشروع قانون يتعلق بسياسة الدفاع وتبلغ قيمته 716 مليار دولار ويشمل إجراء لمنع تركيا من شراء طائرات لوكهيد، مشيرة إلى قضية برونسون وصفقة الصواريخ الروسية.

بيد أن تشاووش أوغلو قال إن بلاده ستلبي احتياجاتها من مصدر آخر إذا لم تسمح الولايات المتحدة لها بشراء الطائرات، مضيفا أن من غير المرجح أن تتراجع واشنطن عن الصفقة.

وتركيا لديها خطط لشراء أكثر من مئة طائرة إف-35. وفي العام الماضي دفعت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) لشركة لوكهيد 3.7 مليار دولار كدفعة مقدمة لإنتاج 50 طائرة مخصصة لعملاء غير أمريكيين من بينهم أنقرة.

اضف تعليق