q
تتواصل الاتهامات والاحكام القضائية ضد رئيس وزراء باكستان السابق نواز شريف، المتهم في قضايا فساد أمرت بفتحها المحكمة العليا في البلاد عندما عزلته من منصبه في وقت سابق. هذه الاتهامات والأحكام القضائية الصادرة بحسب بعض المراقبين، ربما ستكون لها تأثيرات سلبية وبعيدة المدى على الحزب الحاكم، الذي يلقى المزيد من المتاعب والصعاب بسبب الاقتتال الداخلي بين كبار الزعماء

تتواصل الاتهامات والاحكام القضائية ضد رئيس وزراء باكستان السابق نواز شريف، المتهم في قضايا فساد أمرت بفتحها المحكمة العليا في البلاد عندما عزلته من منصبه في وقت سابق. هذه الاتهامات والأحكام القضائية الصادرة بحسب بعض المراقبين، ربما ستكون لها تأثيرات سلبية وبعيدة المدى على الحزب الحاكم، الذي يلقى المزيد من المتاعب والصعاب بسبب الاقتتال الداخلي بين كبار الزعماء. كما انها ستؤثر سلبا على الحياة السياسية في البلاد وقد تكون سببا في خلق صراع داخلي خطير.

وأصبح الصراعات بين الأحزاب السياسية المتنافسة في البلاد كما نقلت بعض المصادر، قاعدة أساسية في سبيل تحقيق المصالح وإقصاء الخصوم، وتسببت الاتهامات ضد مؤسسات الدولة، بما في ذلك الجيش والاستخبارات والقضاء بالتآمر للإطاحة برئيس الوزراء الأسبق، في العواصف الشديدة داخل المجتمع الباكستاني. وأوضح المتحدث الرسمي باسم الجيش الباكستاني أن الجيش لم يكن القوة المحركة لاستبعاد نواز شريف وأن الإشاعات حول دور الجيش في الاستيلاء على البلاد هي محض هراء.

وأصر المسؤول العسكري قائلا: «لا ينبغي بالأساس الحديث عن فرض الأحكام العرفية في البلاد، إننا منشغلون في تأدية واجباتنا على النحو المنصوص عليه في الدستور». وكانت المخاوف من تدخل الجيش قد تعززت عندما صرح وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون، عقب اجتماعه مع نظيره الباكستاني خواجة آصف، أن الإدارة الأميركية معنية تماما باستقرار الأوضاع في الحكومة الباكستانية.

ومن دون إضاعة المزيد من الوقت، بدأت وسائل الإعلام الباكستانية في تذكير الجمهور بالأيام والشهور التي سبقت انقلاب أكتوبر (تشرين الأول) لعام 1999، عندما أرسلت حكومة نواز شريف وقتذاك المبعوث الخاص، شاهباز شريف، إلى واشنطن، في خضم التوترات مع قيادة الجيش، للاجتماع مع المسؤولين الأميركيين هناك وإطلاعهم على التهديدات التي تواجه الحكومة في إسلام آباد من جانب كبار قادة الجيش. وفي ذلك الوقت أيضا، أعرب المسؤولون في الإدارة الأميركية عن قلقهم حيال استقرار الحكومة الباكستانية، في أعقاب ذلك أعلن الجيش الباكستاني عن التزامه بالحكم المدني الدستوري في البلاد.

وفي تلك الأوضاع، فإن المصاعب الاقتصادية تمثل عبئا ثقيلا للغاية على الشعب. ولقد فشلت الحكومة في خفض الارتفاع الكبير في الأسعار ومعدل التضخم آخذ في الارتفاع. والاتهامات المقدمة لمحكمة مكتب المحاسبة الوطني مرتبطة بممتلكات في لندن تملكها الأسرة كشفت عنها تسريبات أوراق بنما عام 2016.

ووصف حلفاء شريف، الذي شغل منصب رئيس الوزراء مرتين وسبق أن أطيح به في انقلاب عسكري عام 1999، المحاكمة بأنها ثأر سياسي ولمحوا لتدخل من عناصر في الجيش القوي. وعزلت المحكمة العليا شريف من منصبه في يوليو تموز بسبب عدم كشفه عن مصادر دخل سنوي قيمته عشرة آلاف دولار وهو راتب ينفي رئيس الوزراء السابق تلقيه.

تواجه مريم ابنة شريف وزوجها محمد صفدر أيضا دعوى أمام محكمة تابعة لمكتب المحاسبة الوطني. ويؤكد الجميع براءتهم. وبدأت الاتهامات الموجهة للعائلة بعد تسرب ما يعرف بأوراق بنما في 2016 ويبدو أنها أظهرت امتلاك مريم وأخويها شركات في الخارج مسجلة في الجزر العذراء البريطانية استخدموها لشراء شقق باهظة الثمن في لندن.

عقاب مدى الحياة

وفيما يخص اخر تطورات هذه القضية قضت المحكمة العليا في باكستان بعدم أهلية رئيس الوزراء السابق نواز شريف لشغل أي منصب رسمي مدى الحياة، فيما تستمر محاكمته في قضية فساد وقبل الانتخابات العامة المقرر إجراؤها هذا العام. واستقال شريف (67 عاما) في يوليو تموز بعد أن قضت المحكمة العليا بعدم أهليته لمنصب رئيس الوزراء بسبب عدم إعلانه عن أحد مصادر دخله، لكن السياسي المخضرم لا يزال يحتفظ بقبضته على حزب الرابطة الإسلامية-جناح نواز شريف الحاكم.

وأزال قرار المحكمة اللبس بشأن منع شريف من شغل المناصب العامة مدى الحياة أم لفترة محدودة. وقال محام كبير إن الحكم جاء بناء على بند في الدستور استخدم من قبل لعزل نواب من مناصبهم. ووصف شريف وأسرته قضية الفساد التي يحاكم فيها بأنها مؤامرة وألمحوا إلى تدخل الجيش لكن معارضيهم يشيدون بالقضية قائلين إنها مثال نادر على محاسبة الأثرياء وأصحاب النفوذ في باكستان. وينفي الجيش أي دور له في الاتهامات.

وقالت وزيرة الإعلام مريم أورانزيب للصحفيين إن أشخاصا مجهولين ”دون أسماء أو وجوه“ تدخلوا لتدبير إنهاء مسيرة شريف السياسية وإسقاط الحزب الحاكم. وأضافت ”اليوم يقضون بعدم أهليته مدى الحياة. لكن شعب باكستان هو من سيقرر إن كان عدم أهلية رئيس الوزراء المنتخب سيستمر يوما واحدا أم مدى الحياة“. ويمثل شريف حاليا أمام محكمة في إسلام اباد في تهم تتعلق بأملاك لأسرته في لندن وهو إجراء أمرت به المحكمة العليا في يوليو الماضي قد يؤدي إلى سجنه إذا أدين. بحسب رويترز.

وكان شريف تولى منصب رئيس الوزراء ثلاث مرات وأطيح به في كل مرة، فقد أقيل في 1993 بأمر رئاسي وأزيح في انقلاب عسكري في 1999، سجن في أعقابه ثم تم نفيه إلى أن عاد بعد تنحي برويز مشرف عن السلطة، ثم اضطر لتقديم استقالته في 2017 بسبب تحقيق الفساد.

من جانب اخر قال مسؤولون إن هيئة مكافحة الفساد الباكستانية ألقت القبض على زوج ابنة رئيس وزراء باكستان المخلوع نواز شريف في مطار إسلام اباد عند عودته من لندن في واقعة نادرة لاعتقال سياسي باكستاني بارز. وعضو البرلمان محمد صفدر متزوج من مريم ابنة شريف وتم اعتقاله لعدم مثوله أمام جلسات سابقة لمحكمة مكتب المساءلة الوطني فيما يتعلق بمزاعم فساد نابعة من تحقيق في ثروة أسرة شريف.

وكانت المحكمة العليا قضت بعزل شريف من منصبه وأمرت المحكمة بأن يجري مكتب المساءلة الوطني تحقيقا موسعا ومحاكمة لأفراد بعائلة شريف. وأبلغت المحكمة العليا محاكم مكتب المساءلة الوطني بأن المحاكمة يجب أن تستكمل في غضون ستة أشهر. وكانت محاكم مكتب المساءلة الوطني توصف في الماضي بأنها ضعيفة لأن نادرا ما كانت تدين السياسيين الأغنياء والأقوياء.

رئاسة الوزراء

في السياق ذاته اقترب شقيق رئيس الوزراء الباكستاني المقال نواز شريف خطوة من تولي رئاسة الوزراء بعدما تم اختياره زعيما للحزب الحاكم. وتاتي ترقية شهباز شريف بعدما أقالت المحكمة العليا العام الماضي شقيقه الأكبر نواز اثر اتهامات بالفساد قبل أن تمنعه من الاستمرار في قيادة حزبه "الرابطة الإسلامية الباكستانية- جناح نواز".

وأثار تحرك القضاء مخاوف جديدة من نشوب نزاع سياسي داخلي في صفوف الحزب قبل الانتخابات التي من المتوقع أن تجري هذا العام وسط تنامي نفوذ مريم شريف، ابنة نواز، داخل الحزب خلال الأشهر الأخيرة. لكن الحزب عبر عن وحدة صفوفه عبر انتخابه شهباز فيما تم تعيين نواز مرشدا للحزب "مدى الحياة". وقال نواز وسط تصفيق الحضور خلال اجتماع في لاهور "أقترح اسم محمد شهباز شريف".

وفي وقت لاحق، كتبت مريم تغريدة على موقع "تويتر" هنأت فيها عمها. ويعتبر كثيرون أن الفضل يعود إلى شهباز، الرئيس الحالي لحكومة ولاية البنجاب التي تعد معقل نفوذ الاسرة، في سلسة الانتصارات التي حققها الحزب في الانتخابات التكميلية منذ ازاحة شقيقه من رئاسة الوزراء. وطرح نواز شريف اسم شقيقه خلفا له بعد وقت قصير من إقالته في تموز/يوليو الماضي. بحسب فرانس برس.

لكنه عين شاهد خاقان عباسي كرئيس وزراء مؤقت مشيرا إلى أن على شقيقه أن يُنتخب أولا كعضو في البرلمان الوطني قبل توليه رئاسة الوزراء. ويواجه الشقيق الأصغر لنواز طريقا شائكا. وتماشيا مع قرار المحكمة ، سيتعين على جميع مرشحي حزب "الرابطة الإسلامية الباكستانية- جناح نواز"الترشح بشكل مستقل لأن نواز اختارهم.

ورغم قرارات المحكمة ضد الحزب، يرجح أن يبقى قوة رئيسية في الانتخابات بعدما هزم خصومه في انتخابات تكميلية جرت بشكل متتابع. ونفت أسرة شريف وأنصارها مرارا الاتهامات الموجهة إليها بالفساد مشيرة إلى أن نواز ضحية مؤامرة تقودها المؤسسة العسكرية الواسعة النفوذ.

اضف تعليق