q

إعلان كوريا الشمالية نجاح تجربتها الجديدة لاختبار أخطر سلاح نووي والذي يتمثل بتفجير القنبلة هيدروجينية والتي أدت لزلزال بلغت قوته 6.5 درجات. أثار حالة من الخوف والقلق العالمي لخطورة هذا السلاح خصوصا وان هذه التجربة الاستفزازية دفعت خصوم بيونغ يانغ، لتصعيد لهجة التهديدات الامر الذي قد يسهم بحدوث حرب كارثية يصعب التنبؤ بنتائجها، خصوصا وان التهديد الكوري الشمالي وكما نقلت بعض المصادر، لم يعد يقتصر على أسلحة تكتيكية كلاسيكية بل بات يشمل ترسانة قوية من الأسلحة النووية والصواريخ الباليستية القادرة على حمل رؤوس نووية. ودائرة الاستهداف باتت أوسع الآن ولم تعد تهدد جارتها الكورية الجنوبية واليابان فحسب بل باتت تشمل حتى الشواطئ الغربية للولايات المتحدة الامريكية، التي اصبح لديها اليوم والبتعاون مع حلفائها، قوات عسكرية ضخمة في المنطقة وهو ما يزيد التوترات ويوسع احتمالات حصول مواجهة عسكرية.

والقنبلة الهدروجينية التي اعلنت كوريا الشمالية عن امتلاكها، سلاح نووي ينتج طاقة حرارية عالية ناجمة عن انشطار نووي ابتدائي يولد اندماجا نوويا بين عناصر الهدروجين، بما يزيد من شدة الانفجار إلى أضعاف ما تولده القنابل أو الرؤوس النووية التي يقتصر انفجارها على الانشطار الابتدائي للنواة. ويتلخص مبدأ هذه القنابل في تحفيز الاندماج النووي بين نظائر الهدروجين المشعة وأهمها التريتيوم، والديوتيريوم حيث ينبثق عن اتحادهما الهيليوم بنيترون زائد المعروف بالهيليوم الثقيل.

والقنبلة الهدروجينية، التي تقاس شدتها بالميغا طن، الذي يعادل انفجار مليون طن من مادة "تي ان تي"، صنعت للمرة الأولى في الولايات المتحدة سنة 1952، وفي الاتحاد السوفييتي سنة 1953، قبل أن تحصل عليها مجموعة ضيقة من دول العالم في مراحل لاحقة هي بريطانيا والصين وفرنسا وباكستان والهند وغيرها.

وكشفت كوريا الشمالية أن القنبلة الهيدروجينية يمكن تحميلها على الصاروخ البالستي العابر للقارات الذي باتت تمتلكه، مشيرة إلى أن مكوناتها صنعت 100% في البلاد، وتسببت اختباراتها في حدوث زلزال شدته 6.3 درجات بالقرب من الموقع الرئيسي الكوري الشمالي للاختبارات؛ على أن قوتها التدميرية تقدر بنحو ألفي ضعف القنبلتين النوويتين اللتين ألقيتا على هيروشيما وناكازاكي في اليابان، إبان الحرب العالمية الثانية. وخلفت التجربة ردود افعال دولية مختلفة بلغت درجة التهديد بالرد العسكري. كما قال الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، إنه سينظر في "إمكانية مهاجمة" كوريا الشمالية على خلفية إجراء التجربة؛ فيما دخلت دول غربية أخرى على خط التنديد بالاختبار النووي المثير، منها فرنسا وتركيا وألمانيا وكندا وبريطانيا.

تهديد 2 مليون إنسان

ماذا سيحدث إذا سقطت القنبلة الهيدروجينية التي أعلنت عنها كوريا الشمالية قبل يومين على جارتها الجنوبية؟ ببساطة وبشكل قطعي، سيلقى نحو 2 مليون شخص حتفهم.. لكن هذه ليست النتيجة الوحيدة. القنبلة النووية التي سقطت على مدينة هيروشيما اليابانية في أغسطس/آب 1945، كانت تزن 15 ألف طن، وقد تسبَّبَت في مقتلِ 135 ألف شخص. أما في السيناريو الكوري الجنوبي، إذا سقطت القنبلة ذاتها، فأي مبنى في محيط 500 قدم (نحو 152 متراً) من بؤرة الانفجار سوف يتفتَّت.

وكذلك أي شخص في محيط ميلٍ واحد (1.6 كيلومتر) سيُصاب بحروقٍ من الدرجة الثالثة. وسيلقى 620 ألف شخص حتفهم على الفور، ويزيد العدد في الأسابيع والشهور التالية نتيجةً للتعرُّض للإشعاع. ولكن فيما يتعلق بالتجربة الكورية الشمالية، فإنه من حجم الهزة الزلزالية الناجمة عن الاختبار الأخير، والتي تزيد على 4 آلاف قدم تحت سطح الأرض، يقول مُحلِّلون كوريون جنوبيون إن حجم الانفجار يشير إلى أن القنبلة قد تزن 50 ألف طن، بحسب صحيفة التلغراف البريطانية.

وأفاد تقريرٌ نُشِرَ في صحيفة تشوسون إلبو الكورية الجنوبية بأن انفجار سلاحٍ كهذا فوق سيول قد يؤدي إلى مقتلِ 2 مليون شخص، بينما سيتسبَّب النبض الكهرومغناطيسي في شلِّ الأجهزة الإلكترونية كافة. لكن الصحيفة أشارت إلى أن حكومة كوريا الجنوبية لطالما قلَّلَت من شأنِ قوة أسلحة كوريا الشمالية النووية، بينما أفادت كلٌ من الولايات المتحدة والصين واليابان بأن اختبار الأحد الماضي 3 سبتمبر/أيلول 2017 يصل حجمه إلى 100 ألف طن. بحسب هاف بوست عربي.

وسيتسبَّب انفجارٌ بهذا الحجم على سيول في "تبخير" المنشآت كافة التي تبعد 1200 قدم (نحو 366 متراً) عن بؤرة الانفجار. ويطرح التقرير أن المباني الموجودة في محيط 1.5 ميل (2.4 كيلومتر)، ستحترق، بينما سيُصاب أي شيءٍ في محيط 7 أميال (11.2 كيلومتر) بأضرارٍ بالغة. وعلاوة على ذلك، أضاف التقرير أن أي شخصٍ في محيط 2.5 ميل (4 كيلومترات) من بؤرة الانفجار سيُصاب بحروقٍ من الدرجةِ الثالثة، و"لن ينجو أي كائنٍ حيٍّ من كارثةٍ كهذه". وستشهد منطقةٌ، يبلغ محيطها أكثر من 2.5 ميل، في العاصمة سيول دماراً كاملاً، مع اندلاع حرائق عبر 11 ميلاً (17.7 كيلومتر) في جميع الاتجاهات.

كوريا الجنوبية تتعهد

من جانب اخر أعلنت البحرية الكورية الجنوبية أنها أجرت، مناورات ضخمة بالذخيرة الحية؛ لتحذير بيونغ يانغ من الإقدام على أي استفزاز في البحر، وذلك بعد يومين على التجربة النووية السادسة والأقوى على الإطلاق للنظام الستاليني. وقال الكابتن شوي يونغ-شان قائد المجموعة الحربية البحرية الـ13، في بيان، إنه "إذا قام العدو بأي استفزاز فوق سطح الماء أو تحت الماء، فسنردُّ فوراً بدفنهم في البحر".

وأوضح البيان أن المناورات جرت في بحر الشرق (الذي تطلق عليه طوكيو اسم بحر اليابان) وشاركت فيها قطع بحرية عدة، بينها خصوصاً الفرقاطة "غانغوون" البالغة زنتها 2500 طن، وسفينة دورية زنتها 1000 طن، وسفن قاذفة لصواريخ موجَّهة زنة الواحدة منها 400 طن. واختبرت كوريا الشمالية، قنبلة نووية قالت إنها قنبلة هيدروجينية مصغرة يمكن تحميلها على صاروخ باليستي؛ ما أثار تنديداً دولياً قوياً.

وأجرت سيول مناورات عسكرية بالذخيرة الحية، شملت إطلاق صواريخ باليستية، في محاكاة لهجوم على موقع للتجارب النووية بكوريا الشمالية. وقالت رئاسة الأركان المشتركة في سيول، إن الصواريخ الباليستية أصابت أهدافها في بحر الشرق، الاسم الذي تطلقه كوريا الجنوبية على بحر اليابان. وأضافت أن التدريبات "أُجريت كتحذير قوي" للشمال.

ونقلت وكالة الأنباء الكورية الجنوبية (يونهاب)، عن رئيس الأركان المشتركة، أن مدى الأهداف التي شملتها المناورات يعادل مدى موقع بونغيي-ري للتجارب النووية في شمال شرقي كوريا الشمالية. كما أعلنت وزارة الدفاع الكورية الجنوبية أنها تعزز من دفاعاتها الوطنية، عبر عدة وسائل، من بينها نشر المزيد من الأنظمة الأميركية الدفاعية المضادة للصواريخ، المعروفة باسم "ثاد". بحسب فرانس برس.

وأبلغ الرئيس الأميركي دونالد ترامب، نظيره الكوري الجنوبي مون جاي-إن، أن واشنطن عازمة على الموافقة على بيع سيول أسلحة بقيمة "عدة مليارات من الدولارات"، كما اتفق الرئيسان على إلغاء سقف القدرة الصاروخية لكوريا الجنوبية والتي كانت تمنع سيول من حيازة أي صاروخ باليستي يزيد وزن رأسه الحربي عن 500 كيلوغرام. وكانت بيونغ يانغ، التي أجرت في يوليو/تموز تجربتي إطلاق صواريخ باليستية تضع على ما يبدو إجزاء كبيرة من الأراضي الأميركية في مرماها، أكدت أن تجربتها النووية السادسة والأقوى على الإطلاق "شكلت نجاحاً تاماً". وحذرت واشنطن بيونغ يانغ من أنها لن تتوانى عن شن "هجوم عسكري واسع" في مواجهة أي تهديد من كوريا الشمالية.

من جانبها قالت كوريا الشمالية إنها وجهت ”هدية“ للولايات المتحدة وإن المزيد في الطريق. وكان هان تاي سونج سفير جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية لدى الأمم المتحدة في جنيف يلقي كلمة أمام مؤتمر عن نزع السلاح ترعاه الأمم المتحدة بعد يومين من إجراء بلاده سادس وأكبر تجربة نووية لها.

وقال هان للمؤتمر في جنيف ”إجراءات الدفاع عن النفس التي تتخذها بلادي جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية في الفترة الأخيرة هي هدية موجهة للولايات المتحدة دون غيرها“. وأضاف ”الولايات المتحدة ستتلقى المزيد من الهدايا من بلادي طالما تعتمد على استفزازات متهورة ومحاولات لا طائل منها للضغط على جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية“.

الطريق الدبلوماسي

في السياق ذاته اعتبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أن أسلوب فرض العقوبات على كوريا الشمالية بسبب استفزازاتها النووية غير فعّال، معلّلاً ذلك بأن الكوريين سيأكلون العشب ولن يتخلوا عن تجاربهم النووية. وأضاف بوتين خلال مؤتمر صحفي، نقلته قناة "روسيا اليوم"، على هامش اجتماعات قمة "بريكس" في مدينة شيامن الصينية، أن كوريا الشمالية لن تمتنع عن تطوير برنامجها النووي ما لم تشعر بالسلام والاستقرار.

واعتبر الرئيس الروسي أن تصعيد الوضع العسكري (في شبه الجزيرة الكورية) قد يؤدي إلى كارثة بالعالم كله؛ "لذا لا طريق لحل الأزمة الكورية إلا الطريق السلمي الدبلوماسي". وقارن بوتين بين الأزمة في كوريا والوضع في العراق عام 2003 عندما اجتاحت بريطانيا والولايات المتحدة البلاد بدعوى تطوير بغداد للسلاح النووي. وقال في ذلك: "امتنع صدام حسين عن إنتاج السلاح الكيماوي، لكنه قُتل هو وأقاربه، ودُمِّر العراق بحجة إنتاج السلاح الكيماوي.. وكوريا الشمالية لم تنسَ ذلك".

في المقابل، أقرّ بوتين باعتبار بلاده تصرفات بيونغ يانغ استفزازية، وقال: "نعتبر تصرفات كوريا الشمالية استفزازية، لكن لا يمكننا أن ننسى أسباب تلك التصرفات"، دون مزيد من التوضيح. وتابع: "من السذاجة وضع روسيا على نفس لائحة العقوبات مع كوريا الشمالية وإيران، ومن ثم الطلب منها الانضمام إلى مسألة فرض عقوبات على بيونغ يانغ".

وعلى الرغم من إعلان بيونغ يانغ نجاحها في تفجير قنبلة هيدروجينية، وفي إطلاق صاروخ باليستي عابر للقارات يوليو/تموز الماضي، شدّد بوتين على عدم امتلاك كوريا الشمالية قنابل نووية أو صواريخ متوسطة المدى. وفي معرض ردّه على سؤال عن نهاية وشيكة لتنظيم داعش الإرهابي، قال الرئيس الروسي إن "الحديث عن هزيمة ساحقة للتنظيم ممكن فقط بعد هزيمتهم في مدينة دير الزور شرق سوريا".

اضف تعليق